حكم البراءة للصحفي أحمد ماهر.. انتصارٌ مشروطٌ وسط عراقيل الإفراج

2025-01-06 07:34:30 أخبار اليوم/ المصدر أونلاين

   

في 25 ديسمبر 2024، أصدرت محكمة الاستئناف في العاصمة المؤقتة عدن، حكمًا ببراءة الصحفي أحمد ماهر من جميع التهم وأمرت بالإفراج الفوري عنه، ونصّ الحكم على أن التهم الموجهة إليه "لا أساس لها من الصحة".

أعطى الحكم أسرة أحمد والمجتمع الصحفي بصيص أمل بانتهاء معاناته، تلك المعاناة التي لم تبدأ في هذا التاريخ، بل قبل ذلك بعدة سنوات، حين وجد نفسه محاصرًا بين قمع سياسي وانتقام من قلمه وهدفاً للتهديد ومحاولات الاختطاف على خلفية نشاطه وكتاباته الناقدة لسياسات المجلس الانتقالي الجنوبي المسيطر على المدينة.

وبجرأة قلمه وظهوره الإعلامي، حوّل أحمد الحاصل على الماجستير في الصحافة، كتاباته إلى مرآة تكشف واقع الظلم والانتهاكات، إلا أنه دفع ثمنًا باهظًا لهذه الجرأة، حيث بدأ بتلقي تهديدات متكررة ومحاولات اعتقال.

وفي أغسطس 2019، بعد سيطرة المجلس الانتقالي على العاصمة المؤقتة بشكل نهائي، غادر أحمد متوجهًا إلى تعز ثم الرياض بعد تلقيه تحذيرات بوجود أوامر اعتقال بحقه، وأمضى سنوات في المنفى، على أمل أن تتحسن الأوضاع.

وحين خطط أحمد في يوليو 2021، لإقامة حفل زفافه في مدينة تعز بعيدا عن موطنه الأصلي في عدن، لم يكن يدرك أن زفافه البسيط ذاك سيصبح مقدمة لقصة معاناة طويلة مليئة بالاضطهاد.

مع تشكيل مجلس القيادة الرئاسي في أبريل 2022، عاد إلى عدن طامحًا للاستقرار في مسقط رأسه، لكن عودته حملت له الأسوأ، ففي 6 أغسطس من العام نفسه، اعتقلته قوات المجلس الانتقالي مع شقيقه مياس من منزلهما بعد اقتحامه.

تقول مصادر حقوقية وصحفية عدة إن الشقيقين تعرضا لتعذيب جسدي ونفسي مروع داخل السجون، بما في ذلك الإعدام الوهمي وتعليق أجسادهما لساعات، فيما بلغت الانتهاكات ذروتها بنشر "اعترافات" قسرية لهما، مما أثار إدانات محلية ودولية واسعة.

وفيما أفرج عن شقيقه بعد ذلك، ظل أحمد قابعًا في السجن، بينما تعرضت عائلته للابتزاز المادي والتهديد، حيث استولى المعتقلون على سيارة والدهـ.

ورغم مناشدات المنظمات الحقوقية والمعنية بالصحافة، استمرت محاكمته بتهم ملفقة، مع عرقلة إحضاره إلى الجلسات لأكثر من ١٧ مرة بذرائع مختلفة، منها خلافات بين قيادة سجن بئر أحمد التابع للانتقالي ووزارة الداخلية، على خلفية مطالب باعتمادات مالية من قبل الوزارة لإدارة السجن.

في 28 مايو 2024، أصدرت المحكمة الجزائية في عدن حكمًا بالسجن أربع سنوات على أحمد، متهمة إياه بنشر معلومات مضللة وتزوير وثائق، ورغم غياب الأدلة الكافية، ظلت قضيته تراوح مكانها، فيما نددت نقابة الصحفيين اليمنيين والاتحاد الدولي ومنظمات حقوقية عدة بالحكم واعتبرته مسيساً يستهدف أحمد لنشاطه الصحفي.

لكن الانتقالي استمر في خطف أحمد، ورغم قرار البراءة الصادر أواخر الشهر الماضي، ما زالت العراقيل مستمرة، وأحمد ماهر قيد الاحتجاز، تقول مصادر حقوقية مطلعة تحدثت لـ"المصدر أونلاين" إن الإفراج عنه يسير ببطء ويواجه عراقيل إدارية، وإن أقرباءه يعملون على استكمال الإجراءات اللازمة لإطلاق سراحه.

وأشارت المصادر إلى أن النيابة الجزائية قد تقدم طعنًا في الحكم الاستئنافي، مما يعني إحالة القضية إلى الدائرة الجزائية في المحكمة العليا للفصل النهائي فيها، وفي حال الطعن، يمكن الإفراج عن أحمد بضمانة تجارية تضمن حضوره جلسات المحكمة العليا.

قضية أحمد ماهر أثارت جدلًا واسعًا في الأوساط الصحفية والإعلامية والقانونية، وسط مطالبات بضمان حقوق الصحفيين وحمايتهم من القمع.

واعتُبر الحكم ببراءته انتصارًا مؤقتًا للعدالة، لكن تأجيل الإفراج عنه يسلط الضوء على الحاجة لتعزيز سيادة القانون وضمان عدم استغلال السلطة ضد الأصوات الحرة.

               

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
رئيس منظمة الأسرى: الحوثيون حوّلوا السجون إلى "شركات استثمارية" ويُفشلون المفاوضات

في سجون مليشيا الحوثي الإرهابية، يتحول الأمل إلى يأس، والحياة إلى عذاب، حيث يتعرض آلاف الأبرياء لأبشع أنواع التعذيب والانتهاكات. تقرير جديد يكشف عن حجم الكارثة الإنسانية التي يعاني منها الأسرى والمختطفون في اليمن، حيث مشاهدة المزيد