هل بالغ غوارديولا في أفكاره التكتيكية أمام الريال؟

2025-02-12 23:54:25 أخبار اليوم - متابعات

  

اتفقت الصحافة الإسبانية والإنجليزية على أن فوز ريال مدريد على مانشستر سيتي في ذهاب دور الـ16 من «دوري أبطال أوروبا» 3 - 2 كان مثيراً وقوياً.

وفي الوقت الذي أشادت فيه الصحافة الإسبانية ببراعة الفريق الملكي وروح البطل التي أظهرها، تناولت الصحافة الإنجليزية الخسارة من خلال التركيز على الأخطاء الدفاعية، والتحديات التكتيكية، وأثر القرارات التحكيمية.

الصحافة الإسبانية كانت في غاية الإعجاب بأداء ريال مدريد، حيث أبرزت صحيفة «ماركا»، الأكثر انتشاراً في إسبانيا، الروح القتالية التي أظهرها الفريق طوال المباراة. وركزت على قدرة ريال مدريد على العودة مرتين في اللقاء رغم التقدم المستمر لمانشستر سيتي، مؤكدة أن ذلك يعكس العقلية القوية للفريق.

وأشادت «ماركا» بالنجم الإنجليزي جود بيلينغهام، الذي سجل هدفاً حاسماً في اللحظات الأخيرة من المباراة، وعدّته أنه كان «رجل اللحظة». الصحيفة أيضاً أكدت البراعة التكتيكية للمدرب كارلو أنشيلوتي الذي نجح في توجيه لاعبيه والحفاظ على هدوئهم رغم ضغط المباراة، معتبرة أن التبديلات التي أجراها كانت حاسمة في قلب المباراة لصالح الريال.

أما «آس» فقد وصفت المباراة بأنها «معركة العمالقة»، مشيرة إلى أن ريال مدريد قد أظهر من جديد السبب الذي يجعله ملك «دوري أبطال أوروبا». الصحيفة عدّت أن هدف التعادل الذي سجله الفرنسي كيليان مبابي كان نقطة التحول في المباراة، مما منح الفريق دفعة كبيرة للقتال حتى النهاية. ورغم المعاناة الدفاعية التي واجهها الفريق في التعامل مع الضغط العالي لمانشستر سيتي، أكدت «آس» أن شخصية ريال مدريد وروح البطل كانتا حاسمتين في حسم النتيجة لصالحهم.

وتناولت «إل باييس» المباراة من زاوية تكتيكية بحتة، حيث أشارت إلى البراعة التي أظهرها أنشيلوتي في إدارة المباراة، خاصة في التحكم بالضغط الذي فرضه سيتي. الصحيفة أشادت أيضاً بأداء فينيسيوس جونيور الذي كان له دور كبير في الهجوم، بفضل سرعته ومهاراته التي شكلت تهديداً دائماً لدفاع مانشستر سيتي.

من جهتها، تناولت «موندو ديبورتيفو» -وهي صحيفة تميل عادة إلى تغطية أخبار برشلونة- المباراة من زاوية مثيرة للجدل، حيث أشارت إلى بعض القرارات التحكيمية التي عدّتها مثيرة للجدل. وتحديداً، تحدثت عن ركلة الجزاء التي طالب بها لاعبو مانشستر سيتي ولم تُحتسب، مما جعل الصحيفة تفتح باب النقاش حول تأثير هذه اللقطة على سير المباراة. ورغم ذلك، أكدت الصحيفة أن ريال مدريد قدّم أداءً قوياً واستحق الفوز، مع تسليط الضوء على أهمية مباراة الإياب في «سانتياغو برنابيو».

في المقابل، تناولت الصحافة الإنجليزية هزيمة مانشستر سيتي بطريقة مختلفة، حيث ركزت على الأخطاء الدفاعية التي كان لها تأثير كبير في الخسارة. صحيفة «الغارديان» أكدت أن مانشستر سيتي ما زال يواجه عقبة كبيرة في «دوري الأبطال» رغم تفوّقه المحلي، مشيرة إلى أن الأخطاء الدفاعية التي ارتكبها الفريق كانت سبباً مباشراً في تلقّي الهدفَيْن بعد التقدم. كما طرحت الصحيفة تساؤلات حول ما إذا كان غوارديولا قد بالغ في التفكير التكتيكي، وهو انتقاد طالما وُجّه إليه في المباريات الأوروبية الكبرى.

أما «ذا صن» فقد وصفت الهزيمة بأنها كابوس مستمر لغوارديولا في مدريد، مشيرة إلى الأداء الباهت لإرلينغ هالاند الذي لم يكن له تأثير يُذكر في المباراة. الصحيفة أيضاً سلّطت الضوء على الأخطاء الدفاعية التي أهدت ريال مدريد الفوز، مشيرة إلى أن قرار التحكيم الذي لم يحتسب ركلة جزاء لصالح السيتي قد أثار استياء الجماهير، لكنه لم يكن العامل الوحيد في الخسارة.

بينما قدّمت «ذا إندبندنت» تحليلاً متوازناً، حيث أشادت بالنهج الهجومي لمانشستر سيتي، لكنها أكدت أن خبرة ريال مدريد كانت العامل الحاسم في التفوق على الفريق الإنجليزي. الصحيفة تناولت أيضاً التحديات التي واجهها دفاع السيتي في التصدي لهجمات الريال السريعة، مشيرة إلى أن الخطأ الدفاعي كان حاسماً في لحظات المباراة الحاسمة.

أما «توك سبورت» فقد تطرّقت إلى الأداء الدفاعي المتراجع لمانشستر سيتي، مشيرة إلى أن الفريق لم يكن بالصلابة نفسها التي اعتاد عليها في المباريات السابقة. كما ناقشت الشبكة القرارات التكتيكية التي اتخذها غوارديولا، مشيرة إلى أن سيتي بحاجة إلى تعديل أسلوبه في مباراة الإياب إذا أراد العودة في النتيجة.

وفي «ذا تايمز»، تم تأكيد أن مانشستر سيتي لا يزال يمتلك فرصة للعودة في مباراة الإياب في «سانتياغو برنابيو»، ولكن يجب عليه معالجة نقاط الضعف التي ظهرت في المباراة. الصحيفة شددت على أهمية إصلاح الأخطاء الدفاعية والتحسينات التكتيكية لضمان تحقيق نتيجة إيجابية في لقاء الإياب.

وبدا مدرب ريال مدريد في معظم فترات هذا الموسم متمسكاً بـ«أسطوانة التضحية»، التي ربما باتت «مشروخة»، فطالب لاعبيه ببذل مزيد من الجهد والتضحية بأنفسهم في سبيل تحقيق المجد... خلال ليلة شديدة البرودة في مانشستر بإنجلترا؛ ووجدوا الطريق في النهاية.

ليس هناك الكثير مما يحدث في هذه البطولة يفاجئ أنشيلوتي؛ بطل أوروبا مرتين لاعباً و5 مرات مدرباً، لكن طريقة فوزهم على مانشستر سيتي بنتيجة 3 - 2 بدت كأنها إلهام للمدرب المدريدي.

النشوة بهدف الفوز الذي سجله جود بيلينغهام في الوقت بدل الضائع (جعلت كيليان مبابي، الذي كان قد استبدل للتو، يقفز من على مقاعد البدلاء لينطلق إلى أرض الملعب وينضم إلى الاحتفالات) كانت على مستوى قد يستدعي (عادةً) الحذر من أنشيلوتي، لكنه في هذه المناسبة انضم إلى لاعبيه في الإشادة بالأداء والنتيجة التي استحقها.

وقال في المؤتمر الصحافي الذي أعقب المباراة: «لم أكن أعتقد أن هذا الفريق قادر على تقديم مثل هذه التضحية كما فعلوا الليلة... لقد ظهر أنه يمكنك تحقيق التوازن مع هذا الفريق. يمكنك ذلك بالتضحية. اليوم ضحى الجميع».

هناك خطر من المبالغة عندما يكون هناك هدفان متأخران، سجل الثاني منهما البديل جود بيلينغهام في الوقت بدل الضائع، ليحول الريال تأخره 2 - 1 إلى فوز 3 - 2. هناك بالتأكيد خطر في قراءة كثير من الأمور في الفوز على السيتي، عندما يكون بطل الدوري الإنجليزي الممتاز، كما يعترف مدربه بيب غوارديولا، غير واثق بنفسه بعد أشهر مؤلمة.

لكن أنشيلوتي شعر أن فريقه قد وضع علامة فارقة بعد فترة عصيبة مر بها. في الأسبوع الماضي، بعد الهزيمة 1 - 0 على ملعب إسبانيول، قال للاعبيه في ملعب التدريبات، إن عليهم العمل بجدية أكبر خارج ملعبهم. وقبل التعادل 1 - 1 مع أتلتيكو مدريد يوم السبت الماضي، قال للصحافيين إن نجاح الفريق هذا الموسم سيعتمد على «الجهد الجماعي»، مضيفاً: «وهذا يشمل رباعي الهجوم».

كان ذلك هو السؤال الكبير بشأن هذا الفريق المدريدي منذ اللحظة التي أضاف فيها مبابي إلى مجموعة تضم بالفعل بيلينغهام ورودريغو وفينيسيوس جونيور. لقد نجح هذا الأمر بشكل جيد بما فيه الكفاية ليقودهم إلى صدارة الدوري الإسباني، ولكن في كثير من الأحيان أمام خصوم من المستوى العالي (على الأخص في الهزائم القاتلة أمام برشلونة في الدوري الإسباني 4 - 0 والسوبر الإسباني 5 - 2، وأمام ليفربول في دوري أبطال أوروبا 2 - 0) كان الافتقار إلى التنظيم والصرامة في الاستحواذ على الكرة مصدر قلق.

قد يكون من السخاء وصف السيتي بأنه منافس من الدرجة الأولى في الوقت الحالي، لكن كانت لديه الجودة التي جعلت الأوقات صعبة على ريال مدريد الليلة الماضية. على الرغم من أنه كان في المركز الثاني لفترات طويلة، وعلى الرغم من الخاتمة الدراماتيكية، فإنه لم يبدُ فريقاً سهل المنال، فقد دفع غوارديولا بتشكيلة ذات خبرة كبيرة.

مما أثار إعجاب أنشيلوتي الطريقة التي التزم بها لاعبوه بمهامهم؛ فردياً وجماعياً.

هذه الأمور نسبية... نحن لا نتحدث عن فريق يلعب مثل أتليتكو مدريد بقيادة دييغو سيميوني أو ليفربول بقيادة يورغن كلوب في ذروة قوته. كانت هناك لحظة في أواخر الشوط الأول، عندما كان فريقه متأخراً بهدف إيرلينغ هالاند في الدقيقة الـ19، أعرب فيها مدرب ريال مدريد عن استيائه من مبابي لفشله في الضغط على الخصم، وفي لحظة أخرى بدا محبطاً من فينيسيوس... لكنه في معظم الأحيان كان سعيداً بأداء لاعبيه.

عندما يتعلق الأمر بكلمة «التضحية»، فإن رودريغو يستحق الذكر، حيث قدم أداءً رائعاً في مركز الجناح الأيمن الذي تطلب منه عملاً دفاعياً أكثر مما كان يتمنى. وبالمثل بيلينغهام، الذي اضطر إلى كبح جماح بعض غرائزه الهجومية هذا الموسم من أجل استيعاب مبابي في الأمام.

وسلط أنشيلوتي الضوء على إسهامات رباعي خط الدفاع، الذي ضم (في غياب داني كارفاخال المصاب وأنطونيو روديغر وإيدر ميليتاو ودافيد ألابا) لاعبين اثنين من خط الوسط: فيديريكو فالفيردي في مركز الظهير الأيمن، وأوريليان تشواميني في قلب الدفاع، وشاباً يبلغ من العمر 21 عاماً هو راوول أسينسيو الذي لم يبدأ سوى مباراتين فقط في دوري الأبطال سابقاً. وقد كان محقاً في إبراز الأداء «المذهل» الذي قدمه تشواميني الذي تعرض لانتقادات كثيرة في مركز غير مألوف.

ومع ذلك، فقد بدت المباراة كأن فيها دفاعين مؤقتين ضعيفين. كانت المباريات ذات الأهداف العالية سمة مميزة عندما التقى الفريقان في مرحلة خروج المغلوب بدوري أبطال أوروبا؛ 4 - 3 و4 - 0 كلتاهما للسيتي، و3 - 3 من بين المواجهات الست السابقة، ومع استنزاف دفاعَي الفريقين، كان الهجوم دائماً يهدد باحتلال الصدارة.

قال غوارديولا بعد ذلك إن هذه المباراة كانت أفضل مباراة لعبها ريال مدريد أمام فريقه السيتي. ومرة أخرى، فإن تحفظ السيتي الموجود الآن يجعل من الصعب قياس الأداء، لكن ريال مدريد كانت لديه 20 محاولة على المرمى، أكثر من أي فريق زائر في «ملعب الاتحاد» منذ وصول غوارديولا في عام 2016. لقد صنعوا وأضاعوا عدداً من الفرص المحققة قبل وقت طويل من تسجيل مبابي هدف التعادل، حيث تابع تمريرة داني سيبايوس ثم سدد بساقه.

لعب سيبايوس، الذي بدأ المباراة في دوري الأبطال للمرة السابعة فقط، بشكل جيد في وسط الملعب، لكنه أفسد سجله باعتراضه فيل فودن الذي حصل على ركلة جزاء للسيتي قبل 10 دقائق من نهاية المباراة. هدد هالاند مرمى تيبو كورتوا للمرة الثانية في المباراة، وبدا أن بطل أوروبا سيضطر إلى العودة من الخلف في مباراة الإياب على ملعب الـ«برنابيو» يوم الأربعاء المقبل.

لكن توالت موجات الهجمات المدريدية، واستُنزف السيتي في وسط الملعب، وازداد الضغط على دفاعات السيتي. شارك كل من بيلينغهام وفينيسيوس بشكل بارز في هدف التعادل الثاني الذي سجله إبراهيم دياز بعد دقيقتين من نزوله من على مقاعد البدلاء أمام النادي الذي قضى فيه أواخر مراهقته.

اشتم بيلينغهام وفينيسيوس وآخرون رائحة الذعر. مرة أخرى كان السيتي في حالة من الفوضى، لكن تمريرة ساذجة من ماتيو كوفاسيتش كانت ستصبح غير ذات أهمية لولا أن فينيسيوس كان يقظاً وحاسماً في التفوق على ريكو لويس في الكرة. من هناك، أظهر اللاعب البرازيلي وعياً كبيراً ليمرر الكرة إلى بيلينغهام، الذي انطلق بها وسددها من مسافة قريبة من خط المرمى.

الاحتفالات التي أعقبت ذلك كانت لحظة كبيرة لفريق ريال مدريد الشاب. لقد فاز معظمهم بدوري أبطال أوروبا (باستثناء مبابي حتى الآن) لكن منذ فوز الموسم الماضي في «ويمبلي»، فقدوا خبرة توني كروس (المعتزل) وناتشو (يلعب الآن في السعودية) بينما أصيب كل من كارفاخال وروديغر وإيدر ميليتاو وألابا، واقتصر دور لوكا مودريتش، البالغ من العمر 39 عاماً، على المشاركة في وقت متأخر هنا.

إنه فريق من نوع مختلف عن الفريق الذي كان يتمتع بخبرة كبيرة والذي فاز بلقب دوري أبطال أوروبا 4 مرات، ولكن، بالإضافة إلى الوجود الدائم لمودريتش و(على الرغم من أنه سيغيب عن بقية الموسم بسبب الإصابة) كارفاخال، فهناك تشابه في الحاجة إلى خط هجومي من كل النجوم للعمل بجد داخل وخارج الملعب.

في ذلك الحين، كما هي الحال الآن، بدا الأمر كما لو أن ريال مدريد قد يتراجع إذا ما واجه فريقاً أكثر نشاطاً وحيوية وتنظيماً في المراحل الأخيرة من البطولة. لكن حتى لو كان التوازن بين الجهد والإلهام في بعض الأحيان مفقوداً، فقد وجدوا دائماً الطريق؛ كما فعلوا مرة أخرى في هذه المناسبة، مما جعلهم مرشحين بقوة للتأهل إلى دور الـ16.

وقال أنشيلوتي: «لقد أثبتنا أن الأمور ممكنة إذا قدمنا التضحيات... عندما يُظهر الجميع مستوى جيداً من التضحية، فإن مستوى الفريق يظهر للجميع. هذه هي الطريق الصحيحة

 

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
استعدادات الحكومة للحسم العسكري: وزير الدفاع يكشف خطط المواجهة مع الحوثيين

وزير الدفاع في حوار مع “العين الإخبارية”: حربٌ لم ينطفئ لهيبها، وهدنٌ مكسورة، وسلامٌ يُغتال قبل أن يولد.. هنا اليمن.. هنا تُسرق أحلام شعب بقبضة مليشيا لا تعرف إلا لغة الدم.. وهنا قوات شرعية تقف كالطود الأشم، وشعبٌ يقس مشاهدة المزيد