الزكاة في خدمة المجهود الحربي: الحوثيون يُصدرون تعديلات "مُفصّلة" على قانون الزكاة

2025-02-16 02:58:32 أخبار اليوم - متابعات

   

في خطوةٍ صادمةٍ تتنافى مع أحكام الشريعة الإسلامية وقواعد الفقه، أقدمت ميليشيا الحوثي الانقلابية على تعديل قانون الزكاة بشكلٍ "مُفصّل" يخدم مصالحها المالية، ويُشرعن عمليات النهب والجبايات غير المشروعة.

وتأتي هذه التعديلات في سياق سعي مليشيا الحوثي الإرهابية المحموم لجمع الأموال بشتى الطرق، لتمويل حربها العبثية، وتعزيز قبضتها على السلطة، وتوسيع نفوذها، ضاربةً عرض الحائط بكل القيم والمبادئ الإنسانية والأخلاقية.

وتُعد هذه التغييرات بمثابة "انقلاب" على قانون الزكاة المعمول به، واستحداثٍ يتناقض مع الدستور اليمني، ويُخالف الأعراف والتقاليد الاجتماعية.

وتشير مصادر مطلعة إلى أن هذه التعديلات تهدف إلى:

 إضفاء "شرعية" دينية على الجبايات غير المشروعة: تسعى المليشيا من خلال هذه التعديلات إلى تبرير عمليات النهب والابتزاز التي تُمارسها بحق المواطنين تحت غطاء "الزكاة".

 توجيه أموال الزكاة لتمويل المجهود الحربي: بدلاً من أن تُصرف أموال الزكاة على الفقراء والمساكين، يتم توجيهها لتمويل أنشطة المليشيا العسكرية، وشراء الأسلحة والمرتزقة.

 إثراء قادة المليشيا على حساب الشعب: تُساهم هذه التعديلات في إثراء قادة المليشيا، الذين يستولون على جزء كبير من أموال الزكاة، ويُحولونها إلى حساباتهم الشخصية.

وتأتي هذه الخطوة في ظل ظروف اقتصادية وإنسانية بالغة الصعوبة يعيشها اليمنيون، حيث يعاني الملايين من الفقر والجوع والمرض، جراء الحرب التي أشعلتها المليشيا.

وتُثير هذه التعديلات استياءً واسعاً في الأوساط الشعبية، التي تعتبرها بمثابة استغلال للدين، وتلاعب بمشاعر الناس، وتعميقاً للأزمة الإنسانية في البلاد."

يقول المحامي "عبد الرقيب الحيدري": "ما تقوم به هيئة الزكاة الحوثية ليست جباية للزكاة المشروعة، التي تنفذ في العالم الإسلامي، إن ما قامت به ومارسته هو تشريع جديد مخالف لما أنزله الله على خاتم الأنبياء محمد".

وأضاف لموقع "بلقيس": "تعديلات مليشيا الحوثي لقانون الزكاة غير صادرة من سلطة تشريعية تمثل الشعب، وتستمد نصوصه من شرع الله، لكنه تشريع جديد أضيف له بند الدائنون والمدينون في الوعاء الزكوي".

وتابع: "معناه أن المُزكي يخرج زكاته بما هو ملكه، وكذلك الدين الذي عليه، في المقابل على الشخص الذي أقرض المزكي أيضاً وجوب إخراج الزكاة عن ذلك المبلغ، باعتباره داخل ضمن بند المدين".

بدوره، يقول الباحث الأكاديمي في أصول الفقه "عبد الجبار الطيّب": "هذه التعديلات تخالف أركان وشروط زكاة الأموال وعروض التجارة، وفي مقدمتها شرط الملكية، وأن يحول عليها الحول، تمنع جواز تكرار الزكاة على نفس المال، بحسب القواعد الفقهية والدينية الصحيحة، التي نصت على ذلك".

- واجبات غير شرعية

ليس هذا فحسب، إذْ أقرَّت التشريعات الحوثية وجوب دفع زكاة الأموال والأنشطة التجارية خارج مناطق سيطرتها لسلطاتها، أي أن التجار الذين يزاولون أعمالاً في المناطق الواقعة تحت سيطرة السلطة الشرعية ملزمون بدفع الزكاة لمليشيا الحوثي، بالرغم أنهم يدفعون زكاة تلك الأعمال للسلطات هناك.

مؤسسات تجارية تزاول أنشطتها، في صنعاء وبعض المحافظات المحررة، اشتكى مُلاكها من جور حملات النهب الحوثية؛ بقولهم لموقع "بلقيس": "أدخلوا واستحدثوا تشريعات جديدة على قانون الزكاة، يريدون منّا أن نزكي مرتين على الفروع التي في محافظات الشرعية، هذه سياستهم لجباية رؤوس الأموال".

أدت الإجراءات المستحدثة على التشريعات الزكوية إلى "مضاعفة الخسائر المالية، وإفلاس معظم المنشآت المتوسطة والصغيرة، وهجرة رأس المال الوطني خارج البلاد، وهو ما خلق حالة من الركود على مستوى السوق المحلي، وتسبب بكارثة الانهيار الاقتصادي في البلاد"؛ وفقاً للخبير الاقتصادي محمد الصراري في حديثه لموقع "بلقيس".

ومررت هيئة الزكاة الحوثية قانونها المستحدث عبر برلمان صنعاء غير الشرعي، قبل نحو 7 أعوام؛ جبت خلالها واختلست أموالاً طائلة مستمرة إلى اليوم.

واجه القانون انتقادات لاذعة من رجال دين وباحثين في المجال القانوني. بقولهم لموقع "بلقيس": "باطل شرعاً وقانوناً، ومخالف لتشريع خاتم الأنبياء، يجب رفضه بكل مسمياته ونصوصه".

لكن، المليشيا سعت إلى فرضه بالغطرسة والبطش وقوة السلاح؛ محاولةً إضفاء شرعية دينية وقانونية عليه.

-وظيفة الهيئة

بعد أن ألغت مصلحة الواجبات وعطّلت مهامها، التي كانت إيراداتها مُدمجة ضمن موازنة السلطة المحلية، تُصرف كنفقات تشغيلية، أو لحساب مشاريع خدمية، أنشأت مليشيا الحوثي هيئة الزكاة في العام 2018، وأوكلت لها وظيفة تحصيل الإيرادات الزكوية، في صنعاء وباقي المناطق الخاضعة لسيطرتها، وحوّلتها إلى أحد أهم مصادر تمويل أنشطتها المعادية لليمنيين.

يقول "هيثم الشامي" -أحد موظفي الهيئة- لموقع "بلقيس": "الغرض من تأسيس كيان مستقل بالزكاة هو تصحيح وضع مصارفها، الذي كان مخالفاً للشريعة الإسلامية في الفترات السابقة".

تستخدم المليشيا الانقلابية الجانب الديني غطاءً لممارسة الجبايات اللا مشروعة، ووسيلة لاستغلال أموال الخيرين ونهبها كسلوك وفكر متجذر لمشروعها الطائفي.

فيما تُسوٌّق المغالطات لعامة الناس؛ متدثرة بمشاريع الوهم الخيرية، التي تدّعي أنها ممولة من مصارف الزكاة، لكن الشواهد الحقيقية تثبت عكس ذلك.

النهب باسم الزكاة نهج حوثي لا يتوقف، والسكوت عنه يعني تكريس سلطة الجباية القسرية على الشعب اليمني.

                        

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
استعدادات الحكومة للحسم العسكري: وزير الدفاع يكشف خطط المواجهة مع الحوثيين

وزير الدفاع في حوار مع “العين الإخبارية”: حربٌ لم ينطفئ لهيبها، وهدنٌ مكسورة، وسلامٌ يُغتال قبل أن يولد.. هنا اليمن.. هنا تُسرق أحلام شعب بقبضة مليشيا لا تعرف إلا لغة الدم.. وهنا قوات شرعية تقف كالطود الأشم، وشعبٌ يقس مشاهدة المزيد