2025-03-16
تصعيد عسكري أمريكي يهز صنعاء وصعدة وذمار.. وترامب يتوعد الحوثيين برد "قاسٍ" وسط صمت دولي وتساؤلات يمنية عن غياب الدعم لاستعادة العاصمة
بعد أكثر من عشر سنوات من الصراع في اليمن، لا يزال الحديث عن الحسم العسكري يتكرر دون أن يجد طريقه إلى التنفيذ. وبين وعود الحكومة الشرعية التي لم تتحقق، وتحفظات التحالف المستمرة التي تعيق التقدم، وحشد مليشيا الحوثي الإرهابية الذي لا يتوقف، يبقى الحسم العسكري مجرد شعار يُرفع دون تطبيق على أرض الواقع.
واقع المعركة..
رغم التصريحات المتكررة من قيادات الجيش الوطني بشأن الحسم العسكري، يظل الواقع مغايرًا؛ فمليشيا الحوثي الإرهابية هي التي تشن الهجمات، بينما يقتصر دور القوات الحكومية على الدفاع.
يعود رئيس هيئة الأركان، صغير بن عزيز، ليؤكد من جديد أن الخيار العسكري هو الحل الوحيد، لكن السؤال الذي يطرح نفسه: من يملك قرار الحسم الفعلي، الجيش الوطني أم التحالف بقيادة السعودية؟
من جانبه، شدد وزير الدفاع اليمني، الفريق الركن محسن الداعري، على جاهزية القوات المسلحة لخوض معركة حاسمة، مؤكدًا أن "الحرب قادمة لا محالة".
وفي حديثه لـ"العين الإخبارية"، أوضح الداعري أن الهدن الموقعة لم تردع مليشيا الحوثي عن استمرار خروقاتها، مما جعل اليمن عالقًا في حالة "لا حرب ولا سلام" منذ أكثر من ثلاث سنوات.
الجاهزية العسكرية.. استعداد بلا تنفيذ؟
وفقًا لوزير الدفاع، تسيطر القوات الحكومية على أكثر من 75% من الأراضي اليمنية، لكنها تظل ملتزمة بالاتفاقات الدولية، رغم إدراكها لاستعداد مليشيا الحوثي لجولة جديدة من القتال.
وأكد أن الجيش في حالة تأهب تام، مع وضع استراتيجيات وخطط عسكرية لمواجهة أي تصعيد، إلى جانب استمرار برامج التدريب والتأهيل. كما أشار إلى جاهزية القوات والمراكز العسكرية، إلا أن الحكومة الشرعية لا ترغب في أن تكون البادئة بخرق الوضع القائم، رغم استعدادها الكامل للرد إذا فرضت الحرب عليها.
تحديات الجيش الوطني.. تعدد القوى والانقسامات
يواجه الجيش الوطني تحديات معقدة، أبرزها ارتهان قرار السلم والحرب للتحالف السعودي الإماراتي، وتعدد التشكيلات المسلحة ذات الولاءات المختلفة، إلى جانب فشل جهود توحيد القوات تحت قيادة وزارتي الدفاع والداخلية.
وأوضح الداعري أن الجيش لا يسعى لوجود فصائل مسلحة خارج نطاقه، لكن ظروف الحرب فرضت واقعًا جديدًا. وأكد أن اللجنة العسكرية قطعت شوطًا كبيرًا في توحيد القوات عبر غرفة عمليات مشتركة قادرة على إدارة أي عملية عسكرية عند الحاجة.
الضغوط الدولية والمتغيرات الإقليمية
في ظل التصعيد المستمر، تزداد الضغوط الدولية لمنع اندلاع معركة جديدة، حيث تسعى الأمم المتحدة والتحالف إلى الحفاظ على الهدنة رغم انتهاكات مليشيا الحوثي الإرهابية.
على الجانب الآخر، تلقي المتغيرات الإقليمية والدولية بظلالها على المشهد اليمني، لا سيما مع إعادة إدارة ترامب تصنيف مليشيا الحوثي كمنظمة إرهابية أجنبية. فهل ترى الحكومة الشرعية في ذلك فرصة لقلب الموازين لصالحها؟ في حين يرى مراقبون أنه مجرد إجراء بيروقراطي؟"
- تحركات جديدة
يقول المحلل العسكري الرائد مصطفى القحفة: "التصريحات الأخيرة لرئيس هيئة الأركان العامة، الفريق الركن صغير بن عزيز، تأتي في مسار التحركات الجديدة للمليشيا الحوثية التي صعّدت في عملياتها الهجومية على مواقع الجيش في جبهات المحافظات الثلاث، الأكثر سخونة، مأرب والجوف وتعز".
وأضاف في حديثه لقناة بلقيس: "مليشيا الحوثي في تصعيداتها الأخيرة، وارتباطها المتواصل بإيران، وعدم دخولها في المسار السياسي في ظل الهدنة، التي عشناها لسنوات، لم تأتِ بجديد إلا أنها تعنّتت، وما زالت تتعنّت، وترفض المسار السياسي، ولهذا كان تصريح رئيس هيئة الأركان العامة في محلها، وأكد فيه على الاستعداد والجهوزية، والتحضيرات العسكرية للمعركة الحاسمة".
وتابع: "تصريحات بن عزيز تعتبر إشارة للجيش الوطني لمواصلة التدريب ورفع المعنويات، والاستعداد الكامل لكافة التحضيرات العسكرية".
- تصريحات متزامنة
يقول المحلل السياسي، أحمد عايض لقناة بلقيس: "تصريحات رئيس هيئة الأركان جاءت خلال هذه المرحلة المتزامنة مع لقاء عقده وزير الدفاع اليمني مع السفير الأمريكي ومع الملحق العسكري الأمريكي، الذي أكد لهما أن الإدارة الأمريكية تؤكد على أن قرار إدراج المليشيا الحوثية ضمن قوائم الإرهاب العالمية يتمثل في التطبيق الفعلي على أرض الواقع، ودعم القوات المسلحة اليمنية بالقدرات العسكرية".
وأضاف: "الملحق العسكري الأمريكي أكد لهما أيضا أنه لا يمكن إلا أن تعود سيادة كل الأراضي اليمنية تحت سلطة الشرعية اليمنية".
وتابع: “على الصعيد ذاته، أيضا عقد، يوم أمس، وزير الدفاع لقاء مماثلا مع السفير الهندي، وتطرّقوا إلى احتياجات المستشفيات العسكرية في اليمن للأجهزة الطبية الحديثة".
وأردف: "عندما نربط حديث رئيس الأركان مع ما تحدث به وزير الدفاع اليمني، سواء مع الجانب الأمريكي أو مع الجانب الهندي، نكتشف أن ثمة استعدادات من الجانب اليمني، خاصة وأن الظروف الحالية تختلف جملة وتفصيلا عن الظروف التي كانت خلال السنوات الماضية، ولذلك الجميع ينظر إلى أن ثمة عملا عسكريا قادما، لكن الترتيبات تجري بين كل الأطراف المحلية والدولية".
وزاد: "لا يمكن القول إن مشاركة القوات اليمنية منفردة؛ بعيدة عن التحالف، أو عن الدعم الدّولي سيكون مجديا، ولكن الأولى والأجدى عقد التشاور، واستعدادات من جميع الأطراف لتكون النتيجة ذات جدوى كبيرة لاستعادة الشرعية على بقايا المساحات الجغرافية في الجمهورية اليمنية".
- قناعة محلية ودولية
يقول المحلل السياسي، الدكتور فارس البيل لقناة بلقيس: "هنالك فارق بين القناعة وبين الموقف، يُتخذ الموقف بناءً على ارتباطات دولية وارتباطات المصالح وفقا للسياسة الدّولية، وما إلى ذلك والكثير من الانساق التي تتفرّع في إطار السياسة".
وأضاف: "لكل دولة مصالحها، ولكل سلطة كثير من التفريعات والارتباطات، وبالتالي القناعة الشعبية الداخلية، وقناعة حتى السلطة، وقناعة الشرعية، تؤمن تماما بأن الحسم العسكري هو النتيجة النهائية للخلاص من مليشيا الحوثي، ومعها كثير من الدِّول الوسيطة والمجتمع الدولي".
وتابع: "في المرحلة الأخيرة، كانت هنالك رغبة أو ضعف تصوّر لدى الكثير من الدول في أن مليشيا الحوثي يمكن أن تنتقل إلى مربَّع السياسة، ليس حبا في مليشيا الحوثي إنما المسألة كانت ترتبط بطبيعة الصراع في المنطقة، وطبيعة ارتباط مليشيا الحوثي بإيران".
وأردف: "الآن، تغيَّرت النّظرة لدى كثير من الأطراف الدولية في أن الوصول إلى الحالة العسكرية هو الأجدى للخلاص من مليشيا الحوثي؛ باعتبارها أصبحت ضررا خارجيا، وخطرا عابرا للحدود، ولم تعد مشكلة يمنية - يمنية بدرجة أساسية".
وزاد: "مثل هذه التصريحات تأتي بالتزامن مع تطوّر هذه الرؤية، ومع نضوج هذه الرغبة الدولية في الوصول إلى قرار الحسم العسكري بالنسبة لمليشيا الحوثي".
وقال: "أعتقد أن هذه النقاطة مهمة يمكن أن تلتقطها الشرعية بكثير من الإعداد، وكثير من التجهيز العسكري، للوصول إلى هذه النقطة".
وبين الوعود المتكررة للحسم العسكري، والواقع الميداني الذي يشير إلى استمرار الجمود، يظل مصير اليمن مرهونًا بالقرار السياسي أكثر من كونه مسألة جاهزية عسكرية. فبدون إرادة حقيقية لحسم المعركة، ستبقى التصريحات والتهديدات مجرد كلمات في انتظار التنفيذ الفعلي.
حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد
وزير الدفاع في حوار مع “العين الإخبارية”: حربٌ لم ينطفئ لهيبها، وهدنٌ مكسورة، وسلامٌ يُغتال قبل أن يولد.. هنا اليمن.. هنا تُسرق أحلام شعب بقبضة مليشيا لا تعرف إلا لغة الدم.. وهنا قوات شرعية تقف كالطود الأشم، وشعبٌ يقس مشاهدة المزيد