تحدّث تقرير لوكالة “بلومبيرغ”، عن توترات بدأت تطفو على السطح بين إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وتل أبيب على خلفية دخول واشنطن في مفاوضات مباشرة مع حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، بهدف التوصّل إلى تفاهم يشمل الإفراج عن عدد من الأسرى في القطاع، بينهم مواطن أمريكي.

وقالت بلومبيرغ في هذا السياق، إنّ عددا من قيادات الكيان المحتل “أعربوا عن استيائهم بهدوء، قائلين إنّ حماس منظمة إرهابية لا يمكن الوثوق بكلامها أو أخذه على محمل الجد”، وذلك عقب الكشف عن تفاصيل المحادثات بين المبعوث الأمريكي لشؤون الأسرى آدم بوهلر، وممثلي حركة حماس.

أول علامة على الخلاف

المبعوث الأمريكي بوهلر أقرّ بوجود توترات سياسية بين واشنطن وتل أبيب، حيث صرّح في مقابلة صحفية الأحد الماضي بأنّ “إسرائيل أثارت بعض المخاوف”، مضيفا أنه “من المفيد سماع ما تريده حماس وما تقدّمه”.

لكن أبرز ما جاء على لسان بوهلر في المقابلة قوله: “نحن لسنا عملاء لإسرائيل، لدينا مصالح محددة”، والذي يترجم -وفق محلّلين- موقفا حازما من قبل إدارة ترامب تجاه حكومة نتنياهو، ويعكس طبيعة الخلاف وأبعاده بين الحليفين التقليديين.

 ويصف تقرير بلومبيرغ التوتّر والاحتكاك الحاصل بين بوهلر ومسؤولي الكيان بشأن التفاوض المباشر مع حركة حماس، المصنّفة على قائمة الإرهاب الأمريكية بكونه “أول علامة على الخلاف”.

ويفسّر التقرير الخلاف بين حكومة نتنياهو وإدارة ترامب، بحذر مسؤولي الكيان المحتل، من “تحركات الرئيس الأمريكي غير المتوقعة”، على غرار قراره “إجراء محادثات سلام مباشرة مع روسيا، والذي فاجأ حلفاءه الأوروبيين”.

وكان مسؤولو حكومة الاحتلال قد أكّدوا في عدة مناسبات سابقة، أنّ حركة حماس كانت تبدي “تشددا خلال المفاوضات، مستفيدة من الخلافات بين مواقف تل أبيب ومواقف إدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن”.

انتقادات “إسرائيلية”

وعبّر وزير الزراعة في حكومة نتنياهو آفي ديختر وعضو مجلس الأمني المصغر “الكابينت”، عن انتقادات علنية للمبعوث الأمريكي في تصريحات لإذاعة الكيان، نتيجة عدم تنسيق واشنطن مع “الإسرائيليين”، بشأن المفاوضات مع المقاومة الفلسطينية.

وقال ديختر: ” هذا الإجراء، حتى وإن كانت النوايا وراءه طيبة للغاية، فإنّ تنفيذه سيئ للغاية، ويثير مشاكل كبيرة، إنه أمر خطير جدا عندما تقوم بخطوات دون علم ودون تنسيق مع الجانب الإسرائيلي”.

من جانبه، ردّ بوهلر في تصريح لإعلام الكيان بتأكيد أنّ “العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل متينة، وليست مهددة”.

تطمينات بوهلر أعقبها تصريح من وزير مالية الاحتلال تسلئيل سموتريتش قال فيه إنّ “إسرائيل منسقة بنسبة 100٪ مع الإدارة الأمريكية”، وذلك عقب عودته من لقاء مع وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت.

في حواراته مع إعلام الكيان، أوضح المبعوث الأمريكي أنّ المفاوضات المباشرة مع حماس لم تقتصر على الأسرى الأمريكيين الأحياء وجثث 4 أسرى قُتلوا خلال الحرب على غزة، مشيرا إلى أنّ الهدف “هو إعادة جميع الأسرى.

وأضاف أنّ “حماس عرضت إعادتهم جميعا مقابل هدنة لمدة تتراوح بين 10 و15 عامًا وإلقاء السلاح”.

من جانبه، علّق وزير الزراعة في حكومة نتنياهو “آفي ديختر”، معتبرا أنّ كلام بوهلر “يدل على السذاجة، وأنّ المبعوث الأمريكي ليس لديه سوى القليل من الفهم للمنطقة أو حماس”.

وأضاف: “من يعتقد أنّ حماس ستنزع سلاحها لا يعرفها ولا يعرف أيديولوجيتها”.

وكانت حركة حماس قد أبدت مرونة بشأن إدارة قطاع غزة، لكنها رفضت التنازل عن سلاحها.

ويتزامن هذا التوتر والخلاف بين واشنطن وتل أبيب، مع مشاركة فريق تفاوض “إسرائيلي” في جولة جديدة من المحادثات غير المباشرة مع المقاومة، بإشراف الوسطاء القطريين والمصريين والأمريكيين، ومن المتوقع أن ينضم ستيف ويتكوف مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط، إلى جولة المفاوضات.

وفي الوقت نفسه، تلوح حكومة نتنياهو بالاستعداد لاستئناف الحرب على القطاع، على الرغم من رفض أغلب “الإسرائيليين” العودة إلى القتال، وتمسكهم بإعطاء الأولوية لإعادة الرهائن الـ59 المتبقين، والذين يُعتقد أنّ 24 منهم على الأقل على قيد الحياة.

وكانت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار التي استمرت 42 يوما قد انتهت قبل أكثر من أسبوع، والتي شهدت إطلاق سراح نحو 33 أسرا من غزة، مقابل إطلاق سراح نحو 2000 أسير فلسطيني وزيادة المساعدات التي تدخل غزة.

ومنذ ذلك الحين تعثّرت الجهود الرامية إلى إطلاق المرحلة الثانية، بسبب محاولات نتنياهو التنصل من الاتفاق، ومنع دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.