ليلة القدر تعد من أعظم الليالي في شهر رمضان المبارك، حيث يتنزل فيها القرآن الكريم، وتكتسب أهميتها من العديد من الفضائل التي تميزها عن باقي ليالي الشهر الكريم، ومنها:

1- نزول القرآن الكريم فيها: ليلة القدر هي الليلة التي أنزل فيها القرآن الكريم، كما ورد في قوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة: 185].

2- عجز الإنسان عن إدراك قدرها: لم يتمكن الإنسان من إدراك مدى عظمة هذه الليلة، كما ورد في قوله تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ} [القدر: 2]. فقد بيّن الله عز وجل في هذه الآية أن قدرة العقل البشري لا تصل إلى معرفة قيمتها الكاملة.

3- تفوقها على ألف شهر: ليلة القدر أفضل من ألف شهر، قال تعالى: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 3]. هذا يدل على أن العبادة في هذه الليلة لها من الأجر ما يفوق عبادة أكثر من 83 سنة.

4- تنزّل الملائكة فيها: في هذه الليلة، تتنزل الملائكة، بما في ذلك الروح (جبريل عليه السلام)، لتحيط بالمؤمنين في صلاتهم ودعائهم، كما قال تعالى: {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ} [القدر: 4].

5- سلامها وطمأنينتها: ليلة القدر لا تشوبها شرور، فهي ليلة سلام وراحة إلى أن يطلع الفجر، كما ورد في قوله تعالى: {سَلاَمٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ الْفَجْرِ} [القدر: 5].

سبب تسمية ليلة القدر

تعددت الآراء حول سبب تسمية هذه الليلة بـ "ليلة القدر"، ومن أبرز هذه الآراء:

1. نزول كتاب قدير: نزل في هذه الليلة كتاب الله العزيز، وهو القرآن الكريم، على النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك من خلال ملك قدير، لتهدي أمة ذات قدر عظيم.

2. القدر بمعنى الضيق: تُسمى بهذا الاسم نظرًا لكثرة الملائكة التي تتنزل فيها، مما يخلق جوًا من التزاحم والضيق في الأرض بسبب كثرتهم، كما في قوله تعالى: {وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} [الطلاق: 7].

3. القدر بمعنى التعظيم: ليلة القدر سُميت بهذا الاسم لأنّها ليلة عظيمة ومقدسة، كما ورد في القرآن الكريم: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} [الأنعام: 91].

4. التقدير الإلهي: في هذه الليلة، يُقدّر كل أمر في حياة الإنسان من رزق وأجل وموت وما شابه، كما قال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان: 3-4].

5. القدرة على العبادة: بما أن المؤمن يضاعف عبادته في هذه الليلة، فإنّه يصبح ذا قدر عظيم عند الله.

وقت ليلة القدر

تتواجد ليلة القدر في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، ويحثنا النبي صلى الله عليه وسلم على تحريها في هذه الأيام، وخاصة في الليالي الوترية (21، 23، 25، 27، 29). في الحديث الشريف: "تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان"، مما يدل على أهمية استغلال هذه الليالي.

الله تعالى لم يحدد وقت ليلة القدر بدقة ليشجع المسلمين على الاجتهاد في العبادة طوال العشر الأواخر، ولذا تبقى ليلة القدر مغمورة بالغموض لتدفع المؤمنين إلى بذل أقصى جهودهم في العبادة.

أحاديث ثابتة عن ليلة القدر

- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن هذا الشهر قد حضركم وفيه ليلة خير من ألف شهر، من حرمها فقد حرم الخير كله" [رواه ابن ماجه].

- وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف في العشر الأواخر من رمضان" [رواه البخاري].

- عن النبي صلى الله عليه وسلم أيضًا قال: "كم مضى من الشهر؟" فقالوا: "مضى اثنان وعشرون يومًا وبقي ثمان"، فقال: "لا بل مضى اثنان وعشرون وبقي سبع، التمسوها في السبع الباقية" [رواه مسلم].

ليلة القدر هي من أعظم ليالي السنة، فهي فرصة عظيمة للمؤمن ليتقرب إلى الله تعالى بالطاعات والدعاء، إذ إن الأجر فيها مضاعف بما لا يمكن تخيله. لذا، يجب على المسلم أن يستغل هذه الليالي المباركة في العبادة والذكر والدعاء.