2025-04-24
صواريخ الحوثيين المضطربة تتهاوى فوق منازل اليمنيين تحت غطاء الغارات الأمريكية
في خضم استعداد مليشيا الحوثي الإرهابية لإشعال فتيل معارك طاحنة في الداخل، سعيًا لترسيخ مكاسب ميدانية، وتكثيف حشودها العسكرية نحو مختلف الجبهات، وإطلاق مناوشات خبيثة في مأرب وغيرها، باغتها الهجوم الأمريكي الكاسح والمستمر منذ منتصف مارس الماضي، ليقلب طاولات حسابات المليشيا رأسًا على عقب.
هذا التصعيد الأمريكي جاء عقب استئناف مليشيا الحوثي لمزاعمهم البائسة حول "إسناد قطاع غزة" بعد انهيار الهدنة الهشة بين حماس والكيان الإسرائيلي، وتوقف عملية تبادل الأسرى المتعثرة، واستئناف إسرائيل حربها الإبادية الوحشية ضد سكان غزة، في ظل لهجة تصعيدية حازمة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاه مليشيا الحوثي وإيران.
ورغم أن الحملة العسكرية الأمريكية المستمرة ضد مليشيا الحوثي الإرهابية منذ ثلاثة أسابيع لم تضعف قدراتهم العسكرية بشكل ملحوظ حتى الآن، فإن استمرار تدفق الأسلحة الأمريكية إلى المنطقة، وتقديرات المسؤولين الأمريكيين باستمرار الحملة العسكرية لمدة ستة أشهر، مؤشرات توحي بأن مليشيا الحوثي سيواجهون حرب استنزاف ستؤثر بشكل تدريجي على قدراتهم العسكرية، وقد بدأت مؤشرات ذلك تظهر فعلا، فوتيرة الهجمات الحوثية على الاحتلال الإسرائيلي تتراجع تدريجيا وإن كان ذلك ببطء، ومعظمها باتت تعتمد على الطائرات المسيرة بدلا من الصواريخ، كما أن هجماتهم في البحر الأحمر باتت تقتصر على استهداف القطع الحربية الأمريكية فقط، بحسب زعمهم، في حين يتم تجنب السفن التجارية، بخلاف ما كان عليه الحال سابقا.
- لعبة النملة والفيل: صراع قوى غير متكافئ
ويرى مسؤولون أمريكيون أن الهدف من الهجمات على مواقع مليشيا الحوثي الإرهابية هو ردعهم وكبح جماح تهديداتهم للملاحة الدولية في البحر الأحمر، وليس الإطاحة بحكمهم المتهاوي في المناطق اليمنية التي يسيطرون عليها بقوة السلاح. لكن مهما بلغت حدة الضربات الأمريكية ضد المليشيا، فإنها لن تنجح في اقتلاع سلطتهم من جذورها، لأن ذلك يتطلب تدخلًا عسكريًا بريًا واسع النطاق، ولعل هذا ما يغذي غطرسة مليشيا الحوثيين ويشجعها على الاستمرار في تهديد الملاحة في البحر الأحمر وإطلاق صواريخ وطائرات مسيرة نحو الاحتلال الإسرائيلي، رغم اعتراض معظمها قبل بلوغ أهدافها. وبما أن ترامب لا يولي إسقاط سلطة مليشيا الحوثي أولوية قصوى، فإن ذلك يمنحهم شعورًا زائفًا بالأمان مهما اشتدت وطأة الضربات الأمريكية.
وكتعبير مجازي بليغ، يمكن وصف المواجهات بين أمريكا ومليشيا الحوثي بـ"لعبة النملة والفيل"، بدلًا من التشبيه المبتذل بـ"لعبة القط والفأر". ففي "لعبة النملة والفيل"، يبرز التفوق العسكري والتقني الساحق لأمريكا (الفيل الجبار)، مقابل بساطة الإمكانيات وضعف التسليح لدى مليشيا الحوثيين (النملة الحقيرة). ورغم هذا التفاوت الهائل، فإن النملة، بصغر حجمها وقدرتها الخبيثة على التسلل والتخفي، تستطيع إزعاج الفيل وإرباكه، إذ يشعر بلسعتها المؤذية دون أن يتمكن من رؤيتها ليوجه لها الضربة القاضية.
لا شك أن المواجهات بين الطرفين غير متكافئة على الإطلاق، فأمريكا هي القوة العظمى المهيمنة على سائر القارات، بينما مليشيا الحوثي كيان طائفي ضئيل العدد والعتاد، يفتقر إلى مقومات الدولة والجيش النظامي، ولا يملكون أصولًا أو بنية تحتية عسكرية ضخمة يمكن لقصفها أن يشل قدراتهم بشكل دائم ويجبرهم على الاستسلام الذليل. علاوة على ذلك، فقد طوروا أساليب تمويه وإخفاء معقدة لأسلحتهم المحدودة، مما جعل "بنك الأهداف" الأمريكي محدودًا ويصعب استنزافه بسرعة.
ولذلك، فإن واشنطن حتى وإن قررت توسيع حملتها العسكرية ضد مليشيا الحوثي، ستجد نفسها أمام فراغ في "بنك الأهداف"، فلا معسكرات دائمة، ولا مصانع سلاح متقدمة، ولا منظومات ثابتة يمكن استهدافها بسهولة. فكل ما لدى مليشيا الحوثي من أسلحة نوعية يستخدمونها لتهديد الملاحة في البحر الأحمر أو استهداف الاحتلال الإسرائيلي، هي كميات محدودة يمكن الاستمرار في نقلها وإخفائها في أماكن متفرقة، لأنها لو كانت بكميات كبيرة، كما لدى الجيوش النظامية، لكان من المستحيل الاستمرار في نقلها وإخفائها أو حفر أنفاق في مناطق نائية تتسع لها جميعًا.
وبالتالي، فإن بساطة الإمكانيات العسكرية لمليشيا الحوثي وسرعة نقلها وإخفائها تضع واشنطن أمام نوع غير تقليدي من الحروب، لا يشبه حروب الجيوش النظامية، ولا ينطبق عليه وصف "حرب العصابات" بشكل كامل، بل هي أمام عدو شبحي، هيكله القيادي واسع ومتشعب وقليل الأهمية (فجميع القيادات الحوثية ليست بأهمية زعيم المليشيا عبد الملك الحوثي، واغتيالها لن يؤثر على تماسك المليشيا)، ولا تملك المليشيا قدرات عسكرية تدميرية كبيرة، ولكن كميات محدودة من الأسلحة المخزنة في أماكن متفرقة موزعة في مساحات واسعة تتخللها تضاريس معقدة، وهي أسلحة تمكنها فقط من الاستعراض والإيذاء وتسجيل حضور إعلامي، دون القدرة على إلحاق أضرار ملموسة بالخصم، أو التأثير النوعي في الصراعات أو في موازين القوى، باستثناء القدرة على تهديد السفن التجارية أو حتى إغلاق مضيق باب المندب الحيوي تمامًا، وهي مهمة يمكن لعصابات قراصنة تحقيقها.
هذه التعقيدات الميدانية ستجعل تأثير الهجمات الأمريكية على مليشيا الحوثي بطيئًا للغاية، وسيتطلب الأمر عدة أشهر من الرصد والاستطلاع والمتابعة الدقيقة لتحركات بعض القيادات الحوثية ولحركة نقل الأسلحة أو تحديد مصادر إطلاقها، مما يرفع كلفة الهجمات ويطيل أمدها، لكن هذا لن يمنع واشنطن من الاستمرار في شن ضربات جوية ضد مليشيا الحوثي قبل إجبارهم على الاستسلام ووقف تهديداتهم للملاحة في البحر الأحمر أو تهديد حلفاء واشنطن في المنطقة.
وفي المقابل، سيواصل الحوثيون تحديهم للولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي، ليس انطلاقًا من القوة، بل لأنهم يرون أن مثل هذه المواجهات قليلة التكلفة بالنسبة لهم، مقارنة بالمكاسب الدعائية والسياسية الهائلة التي يمكن أن يجنونها. فوضعهم البنيوي يتحول في خطابهم المضلل إلى بطولة زائفة، إذ يتوارون خلف ضعفهم أمام أكبر قوة عسكرية في العالم، لكن ذلك يصورهم أمام أتباعهم المغرر بهم، وربما بعض خصومهم، بأنهم أقوياء، ويواجهون أبرز القوى الإقليمية والدولية.
وهذا النوع من المواجهات العسكرية يعزز نشوة الشعور بالقوة الزائفة لدى مليشيا الحوثي، لأنها تمنحهم حجمًا أكبر من حجمهم الحقيقي، ويعتقدون أن ذلك سيمنحهم شرعية محلية وإقليمية عبر تقديمهم كطرف إقليمي مناهض للاحتلال الإسرائيلي وللهيمنة الأمريكية، وسيزيد شعبيتهم المزعومة في الداخل، وتوظيف تلك الشعبية في الصراع المحلي من خلال الاستمرار في عملية الحشد والتجنيد والتعبئة القتالية والطائفية، بذريعة مواجهة أمريكا والكيان الإسرائيلي.
- مأزق كبير وتصعيد مدروس: حافة الهاوية الحوثية
تحرص مليشيا الحوثيين على أن تكون هجماتها ضد الاحتلال الإسرائيلي أو على القطع العسكرية الأمريكية في البحر الأحمر غير مركزة وبلا تأثير يذكر، حتى لا يكون رد الفعل عليها عنيفًا، تجنبًا لسيناريوهات غير مرغوبة. لكن الحملة العسكرية الأمريكية التي دشنها دونالد ترامب ضد مليشيا الحوثي توحي بأن الأمور وصلت إلى مرحلة لم تعد تقبل فيها واشنطن بسياسة عض الأصابع، وأن التصعيد الرمزي لمليشيا الحوثيين لم يعد يُنظر إليه كتحرك تضامني محدود، بل كجزء من تهديد إستراتيجي يهدد مصالحها الحيوية في المنطقة، ويمنح إيران ورقة ضغط إضافية في صراع النفوذ الإقليمي المحتدم.
وفي ضوء ذلك، باتت الضربات الأمريكية ضد مليشيا الحوثي أكثر انتظامًا واستهدافا لمواقع نوعية، في محاولة جادة لتقليص قدرات المليشيا العسكرية، وردعهم عن الاستمرار في هذه العمليات الرمزية التي باتت، من وجهة نظر واشنطن، تمهيدًا لتكتيكات قد تكون أكثر جرأة وخطورة مستقبلًا. غير أن مليشيا الحوثيين، التي تجيد اللعب على حافة الهاوية بمهارة خبيثة، لا تزال تراهن على هامش المناورة المتاح لها في ظل توازنات إقليمية معقدة، إذ توظف خطاب "نصرة فلسطين" المضلل لتبرير هجماتها، دون أن تتورط في مواجهة شاملة قد تُفقدها مكاسبها الهشة في الداخل اليمني أو تعيد ترتيب أولويات خصومها المحليين.
لكن ما قد لا يدركه الحوثيون حاليًا هو أن استمرار الضربات الأمريكية، ولو بوتيرة متقطعة، سيراكم خسائرهم على المدى المتوسط والبعيد إلى مستويات لا يتوقعونها حاليًا، لاعتقادهم الزائف بأنهم قادرون على امتصاص أثر تلك الضربات، نظرًا لاكتسابهم مناعة زائفة ضد الغارات الجوية منذ بدء عملية "عاصفة الحزم" بقيادة السعودية، وذلك لعدم إدراكهم بأن التكتيك الأمريكي، وفق المؤشرات الأولية، لا يقوم فقط على الردع اللحظي، بل على إستراتيجية إنهاك وتآكل بطيء لقدرات الحوثيين، سواء فيما يتعلق باستهداف مخازن الأسلحة ومنظومات إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة، أو استهداف القيادات وتجمعات المقاتلين.
من المبكر إجراء تقييم دقيق لحجم الخسائر التي تتكبدها المليشيا الحوثية حاليًا أو التي ستتكبدها مستقبلًا، لأن ذلك مرهون بمدى استمرارية الهجمات الأمريكية ونوعيتها. فبعض الضربات تطال مواقع جديدة ونائية، بعيدًا عن خارطة الأهداف التقليدية التي سبق أن تكرر قصفها منذ مارس 2015، مما يشير إلى فعالية استخباراتية متقدمة، ويُظهر أن بنك الأهداف الأمريكي في طور التوسع، وهو ما يقلق الحوثيين بشدة، ويجعلهم في موقف حرج للغاية. فالمواجهة تستلزم عقد اجتماعات للقيادات وإخراج أسلحة من بعض المخابئ لاستخدامها في شن هجمات، لكن المراقبة الدقيقة ستجعل كل ذلك عرضة لخطر القصف المميت.
أما الضربات الأمريكية التي تُنفذ ضد مواقع عسكرية تقليدية سبق أن استُهدِفت مرارًا، أو تلك التي تصيب مدنيين أبرياء، فإنها لا تحقق لواشنطن أي مردود عسكري حقيقي، بل تمنح مليشيا الحوثيين فرصة لإعادة تدوير خطاب المظلومية الكاذب، واستغلال مشاهد الضحايا في تعزيز شعبيتها المزعومة وحشد مزيد من المقاتلين المغرر بهم إلى جبهات الداخل، في سياق الحرص الخبيث على عدم تضرر التوازنات الداخلية جراء الضربات الأمريكية.
لكن ماذا لو استمر التصعيد الوقح من جانب مليشيا الحوثي، واكتشفت واشنطن بعد أسابيع أن هجماتها لم تؤثر على قدراتهم العسكرية بشكل حاسم؟ من المتوقع في هذه الحالة أن تلجأ واشنطن إلى تنفيذ عملية عسكرية برية بالتنسيق مع السعودية ودولة الإمارات والحكومة اليمنية الشرعية، وتزويد الجيش اليمني والتشكيلات الأخرى بأسلحة حديثة ومتطورة، والإطباق على مناطق سيطرة مليشيا الحوثيين من جميع المحاور. وفي هذه الحالة فقط يمكن الإطاحة بسلطة الحوثيين والقضاء عليهم نهائيًا، أما الضربات الجوية وحدها، فحتى وإن أضعفتهم عسكريًا، لكنها لن توقف تهديداتهم للملاحة في البحر الأحمر ولدول الجوار، فضلًا عن استمرار خطرهم الداخلي، الذي لن يزول إلا بزوالهم.
- مليشيا الحوثي وإنكار الخسائر: تكتيك التضليل والمراوغة
رغم التصريحات الأمريكية بشأن الخسائر العسكرية الفادحة لمليشيا الحوثي، والزعم بقتل قيادات بارزة، فإن مليشيا الحوثي لم ينفوا تلك المزاعم أو يثبتوها، ويتكتمون تمامًا على خسائرهم، باستثناء الحديث عن أعداد الضحايا المدنيين الأبرياء.
وتكشف ردود أفعال مليشيا الحوثي إزاء الضربات الأمريكية عن مزيج خبيث من الإنكار الإعلامي، والتكيف العسكري الحذر، والاستغلال السياسي البائس. فالمليشيا تحرص على التقليل من حجم الخسائر التي تتكبدها، متبنية خطاب "الصمود والتصدي" الأجوف، ومعتبرة الضربات "عدوانًا أمريكيًا سافرًا" يبرر لها استمرار ما تصفه بـ"المعركة المقدسة" في مواجهة الهيمنة الغربية.
لكن خلف هذا الخطاب التعبوي الكاذب، تظهر مؤشرات واضحة على أن المليشيا بدأت تعيد تموضع قواتها المنهكة، وتخفض من وتيرة هجماتها البحرية أو الهجمات ضد إسرائيل، وتتخذ إجراءات أمنية مشددة داخل المناطق الحساسة، وتكثف من عمليات اعتقال مواطنين أبرياء بتهمة التخابر أو التجسس لصالح أمريكا وإسرائيل، خصوصًا في المناطق السكنية التي تتعرض فيها منازل قيادات حوثية للضربات الأمريكية، ما يعني أنها تتعامل بجدية مع التهديدات، حتى وإن أنكرت ذلك إعلاميًا، كما تعمد إلى استخدام تكتيك "الضربات الرمزية" لإبقاء جذوة التصعيد مشتعلة، دون الانزلاق إلى مواجهة مباشرة تستنزفها سريعًا في توقيت غير مناسب.
- كيف ستتأثر موازين القوى الهشة في اليمن؟
رغم أن الضربات الأمريكية موجهة بشكل أساسي لردع مليشيا الحوثي في البحر الأحمر، فإن تداعياتها الأوسع ستؤثر حتمًا في التوازنات المحلية الهشة في اليمن، خصوصًا إذا استمرت مدة زمنية طويلة وكانت فعالة وأوصلت الحوثيين إلى حافة الانهيار الكامل.
ذلك أنه في حال تم إضعاف مليشيا الحوثي عسكريًا، حتى وإن كان بشكل تدريجي، يعني بالضرورة خلق فرص حقيقية لخصومهم المحليين، سواء الحكومة الشرعية المعترف بها أو التشكيلات العسكرية المدعومة من التحالف العربي، لإعادة تموضعهم في الخارطة الميدانية، أو التقدم الحثيث صوب العاصمة صنعاء والإطاحة بسلطة الحوثيين الانقلابية، خصوصًا إذا بدأ الإنهاك يظهر على بنية المليشيا القتالية وقدرتها على السيطرة الميدانية.
غير أن العقبة الكبرى أمام أي تحرك فاعل لخصوم مليشيا الحوثي تبقى مرتبطة بالموقف السعودي المتردد، الذي ما يزال يتسم بالتحفظ والتردد، إن لم نقل العجز الصارخ، في التعامل مع لحظة التحول الحاسمة. ذلك أن السعودية، المنغمسة في ترتيبات إقليمية أكثر هدوءًا وتنقصها الرؤية الإستراتيجية الواضحة، تواصل دعمها الشكلي للسلطة اليمنية الشرعية، لكنها تكبلها بشروط سياسية وتحالفات هشة فتبدو فاقدة للمبادرة، مما يجعل خصوم مليشيا الحوثي في الداخل غير قادرين على استثمار لحظة الضعف والوهن التي تلوح في أفق المليشيا الحوثية.
ومع ذلك، فإن المشهد اليمني ليس جامدًا تمامًا في ظل حالة الغليان الشعبي المتصاعد من القبضة الأمنية الحديدية لمليشيا الحوثي وفساد السلطة الشرعية وعجز السعودية المخزي. فأي تحولات أو متغيرات كبيرة قد تدفع باتجاهين متناقضين: إما ظهور مقاومة شعبية عارمة أو قوى يمنية صاعدة لا تنتظر الضوء الأخضر من أحد، وتتجاوز الهيمنة السعودية البالية، وتفرض واقعًا جديدًا على الأرض، وتتسبب بانشقاقات داخل بنية السلطة الشرعية أو تشكل تحالفات عسكرية غير تقليدية، وبالتالي إجبار السعودية على الانخراط القسري في معركة الحسم.
وفي الاتجاه الآخر، قد تتطور الأمور نحو اندفاع السعودية نفسها في موجة تصعيد جديدة إذا تبين لها أن مسار الصراع على وشك الحسم والخروج من بين يديها، في حال وصلت تقديراتها إلى أن الحوثيين باتوا في حالة ضعف تجعل كلفة الإطاحة بسلطتهم منخفضة وغير دموية.
أخيرا، صحيح أن الهجمات الأمريكية قد لا تحسم الحرب، لكنها ستهز التوازنات الهشة في اليمن، وقد تكون الشرارة التي تعيد ترتيب أوراق الحرب، وتحريك الملف اليمني بعد جمود طويل.
وإذا لم تتحرك القوى المحلية والإقليمية المعنية لاستثمار لحظة التحول وعدم إهدارها كما هو معتاد في فرص سابقة، فإنها قد تفوّت فرصة نادرة لإعادة التوازن الإقليمي في واحدة من أكثر الجبهات تعقيدا في المنطقة.
حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد
وزير الدفاع في حوار مع “العين الإخبارية”: حربٌ لم ينطفئ لهيبها، وهدنٌ مكسورة، وسلامٌ يُغتال قبل أن يولد.. هنا اليمن.. هنا تُسرق أحلام شعب بقبضة مليشيا لا تعرف إلا لغة الدم.. وهنا قوات شرعية تقف كالطود الأشم، وشعبٌ يقس مشاهدة المزيد