ناشيونال إنترست": اتفاق ستوكهولم الفاشل أنقذ الحوثيين وواشنطن دعمت صعودهم

2025-04-09 23:40:36 أخبار اليوم - متابعات

   

كشف تحقيق نشرته صحيفة "ناشيونال إنترست" الأمريكية عن علاقات خفية بين المنظمات الأممية وتدخلاتها التي عززت نفوذ مليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران.

 وأشار التحقيق إلى الدور البارز الذي لعبته واشنطن في تمكين المليشيا من التوسع الميداني نتيجة لقرارات وضغوط خاطئة مارستها على حلفاء الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، مؤكدًا أن الفرصة الحالية سانحة لتصحيح هذا الخطأ.

وطالب التحقيق المجتمع الدولي بتحمل "مسؤولياته التاريخية في تمكين صعود المليشيا الحوثية خلال الصراع اليمني المستمر منذ عقد". فبينما شكل الدعم الإيراني المستمر، عبر شحنات الأسلحة والتدريب، الركيزة الأساسية للقدرات العسكرية الحوثية، ساهمت السياسات الدولية المتضاربة بشكل لا يقل خطورة في تعزيز نفوذ هذه المليشيا.

وأكد التحقيق أن المساعدات الإنسانية تحولت إلى "شريان حياة للنظام الحوثي"، بينما حولته الدبلوماسية الغربية المترددة من جماعة متمردة إلى قوة إقليمية تهدد الملاحة الدولية اليوم. ولفت إلى أنه في عام 2016، لم ينصب التركيز الدولي على انتهاكات مليشيا الحوثي الإرهابية، بل على ما وصفته منظمات دولية غير حكومية بـ"أسوأ أزمة إنسانية من صنع الإنسان".

وتطرق التحقيق إلى أن مليشيا الحوثي "استغلت صورًا لأطفال يمنيين يعانون من سوء التغذية في حملات جمع التبرعات التي نظمتها منظمات مثل "ميرسي كور" و"أوكسفام"، مشيرًا إلى أن الأخيرة صرحت بإنفاق ثلث إيراداتها عام 2019 على نفقات غير برامجية تشمل التكاليف الإدارية والتسويقية. وفي خضم هذا الاهتمام الدولي، استغلت الحركة الحوثية الوضع لتعزيز نفوذها، مما منح قيادتها شرعية سياسية لم تكن تتمتع بها من قبل، مستشهدًا بجلوسها مع الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا على طاولة مفاوضات واحدة، مما عزز "مكانتها السياسية أكثر من الانتصارات العسكرية وحدها". بل إن الحركة أعلنت في يوليو 2016 عن تشكيل مجلس سياسي رسمي لإدارة شمال اليمن، في خطوة عززت من ادعائها بالشرعية.

ووفقًا للتحقيق الأمريكي، مثل نموذج المساعدات الإنسانية الدولية أحد المصادر المالية غير المباشرة للحركة الحوثية، حيث أصبح يشكل أحد أكبر المكونات الفردية في الناتج المحلي الإجمالي لليمن. وجدد التحقيق التأكيد على أن قيادة المليشيا الحوثية المدعومة من إيران "لم تكتف بتحصيل الرسوم العابرة التي تفرضها مليشياتها على المساعدات، بل عززت نفوذها المحلي عبر السيطرة على شبكات توزيع المساعدات الإنسانية، مما أكسبها ولاءً مجتمعيًا في المناطق الخاضعة لسيطرتها". وفي المقابل، وجد المزارعون والتجار المحليون أنفسهم عاجزين عن منافسة تدفق المساعدات الغذائية المجانية، مما دفع بهم إلى الفقر وتآكل القاعدة الإنتاجية المحلية، ليتحول اليمن إلى سوق يعتمد بشكل شبه كامل على الاستيراد والمساعدات الخارجية.

وبعد عامين من المفاوضات "العقيمة" تحت مظلة الأمم المتحدة، شن التحالف في سبتمبر 2018 هجومًا بريًا واسعًا لاستعادة ميناء الحديدة الاستراتيجي، المنفذ الذي كان يمر عبره 80% من المساعدات الإنسانية والمصدر الرئيسي لتمويل المليشيا. إلا أنه "عندما أوشكت القوات اليمنية-السعودية-الإماراتية على حسم المعركة، تدخل المبعوث الأممي مارتن غريفيث بعملية وساطة عاجلة، نجحت في دفع الأطراف إلى توقيع اتفاق ستوكهولم المثير للجدل في ديسمبر 2018". لكن الاتفاق بقي حبرًا على ورق، واستمرت الاشتباكات، وخرج الحوثيون وحدهم كالمستفيد الأكبر، حيث منحهم شرعية دبلوماسية غير مسبوقة ورسخ وجودهم كفاعل رئيسي. وفي فبراير 2021، شنت الحركة الحوثية هجومًا واسع النطاق استهدف محافظة مأرب، المعقل الأخير للحكومة اليمنية، تزامنًا مع إعلان إدارة بايدن عن مراجعة سياستها تجاه الصراع وانتقادها للضربات الجوية السعودية-الإماراتية وإعلانها وقف الدعم الأمريكي الرسمي للتحالف. وتصاعدت التطورات السياسية بإلغاء الرئيس بايدن في مارس 2021 تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية، في خطوة فُسرت كمقدمة لدفع الأطراف نحو مفاوضات جديدة. وعلى الأرض، استغلت المليشيا الحوثية هذا التحول السياسي وشنت هجمات مكثفة أجبرت القوات المدعومة سعوديًا وإماراتيًا على الانسحاب من ثلاث جبهات استراتيجية: الحديدة ومأرب وتعز، حيث سيطرت مليشيا الحوثي بسرعة على مواقع عسكرية حيوية.

واعتبر التحقيق أن التطورات المتسارعة، والناتجة عن قرارات الإدارة الأمريكية في فترات حساسة، دفعت المليشيا الحوثية إلى رفع سقف مطالبها على طاولة المفاوضات، مما زاد المشهد تعقيدًا، وهي "الحسابات الخاطئة" لإدارة بايدن التي يدفع المجتمع الدولي والشعب اليمني ثمنها.

وأشار إلى أن جولات المفاوضات الأممية المتعاقبة لم تحقق تقدمًا محدودًا، مما كشف عن تعقيدات المشهد اليمني المتشابك، وزاد من وتيرة "الضغط الدولي على السعودية لإنهاء تدخلها العسكري، ما أدى إلى توقيع اتفاق تاريخي مع إيران في مارس 2023 برعاية صينية". وقد مثل هذا الاتفاق السعودي-الإيراني تحولًا جيوسياسيًا بارزًا، إلا أنه لم يفدِ إلى تسوية سريعة للأزمة اليمنية، إذ ظلت المليشيا الحوثية تتمسك بمكاسبها العسكرية وتصر على شروطها الخاصة في أي مفاوضات سلام. ومنذ أكتوبر 2023، تصاعدت التهديدات الحوثية للملاحة الدولية بشكل غير مسبوق، حيث استهدفت المليشيا ممرات الشحن الحيوية في البحر الأحمر بعمليات قرصنة منهجية وأطلقت صواريخ باليستية تجاه إسرائيل دون أي محاسبة دولية جدية.

وحذر التحقيق من أن هذه المليشيا الإرهابية أصبحت قوة "إقليمية خطيرة" بعد أن كانت "كيانًا محليًا" قبل أقل من عقد، مرجعًا ذلك إلى "التمويل غير المباشر عبر شبكات المساعدات الإنسانية" واستغلال "اتفاقات وقف إطلاق النار الأممية كغطاء للتوسع العسكري"، بالإضافة إلى "الشرعية السياسية التي منحتها إياها الدبلوماسية الدولية" والتي مكنتها من الجلوس كند للحكومة الشرعية.

واختتمت الصحيفة التحقيق بتحميل المجتمع الدولي "مسؤولية تاريخية عن هذا الواقع المأساوي، بعد أن ساهم، عن قصد أو غير قصد، في تعزيز نفوذ جماعة استبدادية احتجزت الشعب اليمني رهينة منذ انقلابها عام 2014". وأكدت أن المسؤولية تكمن في الاستفادة الواسعة من "الضربات الجوية الحالية" التي تتلقاها مليشيا الحوثي من القوات الأمريكية وتعزيزها بـ"العمليات البرية التي تنفذها القوات المعادية لمليشيا الحوثي"، باعتبارها "الفرصة الأخيرة لتصحيح هذا المسار المشؤوم". وأشارت إلى أن نجاح هذه الجهود مرهون بشرط واحد: "ألا تكرر الأمم المتحدة خطأها الفادح بإعلان وقف إطلاق نار جديد يمنح المليشيا المهلة التي تحتاجها لإعادة تجميع صفوفها".

           

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
استعدادات الحكومة للحسم العسكري: وزير الدفاع يكشف خطط المواجهة مع الحوثيين

وزير الدفاع في حوار مع “العين الإخبارية”: حربٌ لم ينطفئ لهيبها، وهدنٌ مكسورة، وسلامٌ يُغتال قبل أن يولد.. هنا اليمن.. هنا تُسرق أحلام شعب بقبضة مليشيا لا تعرف إلا لغة الدم.. وهنا قوات شرعية تقف كالطود الأشم، وشعبٌ يقس مشاهدة المزيد