تفاهمات الخارج وارتباك الداخل: كيف تهدد التفاهمات الدولية والمراوحة المحلية مشروع اليمن الوطني؟

2025-04-10 00:51:30 أخبار اليوم / تقرير / خاص

 

   

بينما تتوالى المؤشرات حول وجود تفاهمات إيرانية–أمريكية تجري برعاية سلطنة عُمان، تتصاعد مخاوف داخلية حقيقية من أن يكون اليمن مجددًا ساحةً لصفقات إقليمية ودولية، يُعقد فيها مصير البلاد بعيدًا عن إرادة شعبها.

وفي الوقت ذاته، تلوح في الأفق بوادر تهدئة عسكرية – عبر وقف محتمل للضربات الجوية الأمريكية ضد مواقع مليشيا الحوثي الإرهابية – دون أن تحقق الشرعية أي مكاسب عسكرية أو سياسية على الأرض. هذا السيناريو إن حدث، فلن يكون مجرد توقف تكتيكي، بل سيكون تحولًا استراتيجيًا يهدد بوأد المشروع الوطني اليمني الذي ما زال هشًا، ويعاني من غياب القيادة الحاسمة.

أولًا: ماذا يعني توقف القصف الأمريكي؟

1. هدنة غير معلنة تخدم مليشيا الحوثي:

  سيُفهم التوقف باعتباره انحيازًا غير مباشر، ويمنح المليشيات فرصة لإعادة الانتشار وترميم الخسائر الميدانية.

2. مكسب سياسي ودعائي:

  ستستخدم المليشيا ذلك كدليل على "صمودها"، لتكريس شرعيتها الزائفة داخليًا وخارجيًا.

3. تقوية الموقف التفاوضي لمليشيا الحوثي:

  سيمكّنهم التوقف من فرض رؤيتهم التفاوضية من موقع قوة، مدعومين برعاية إقليمية.

4. انكشاف غياب تأثير الشرعية:

  سيعكس التفاهم بين واشنطن وطهران – إن جرى دون مشاورة الحكومة اليمنية – ضعف حضور الشرعية كلاعب في تحديد مستقبل اليمن.

ثانيًا: التداعيات المباشرة على مشروع التحرير واستعادة الدولة:

1. تحييد القضية اليمنية من بعدها الوطني:

  تتحول القضية إلى ملف دولي تُديره قوى خارجية، ويغيب فيها صوت الداخل وحق تقرير المصير.

2. إطالة أمد الحرب وتجميد مسار التحرير:

  التهدئة الميدانية غير المقترنة بحل سياسي حقيقي ستكرّس وضعًا هشًا، وتمنح المليشيا مزيدًا من الوقت لتقوية نفوذها.

3. إضعاف الثقة الشعبية بالشرعية:

  بقاء الحكومة صامتة، أو عالقة في ردود الأفعال، يعزز شعور المواطنين بأن لا قيادة سياسية حقيقية تمثلهم.

4. خلق واقع "ما بعد الدولة":

  مع استمرار أداء الحكومة بهذا الشكل، تتكرس صورة اليمن كبلد بلا مركز سيادي، تُدار شؤونه بمزيج من الخارج والميليشيا.

ثالثًا: أداء الشرعية... حين يصبح الضعف تهديدًا وجوديًا

1. سوء الإدارة وفقدان المبادرة:

  فشل القيادة في استثمار المتغيرات الإقليمية أو الرد على التحولات الدولية، يُفقدها شرعيتها السياسية قبل القانونية.

2. تفكك القرار داخل مجلس القيادة:

  التناقضات الحادة بين مكونات المجلس، وغياب رؤية موحدة، ينسف أي فرصة لتشكيل موقف وطني جامع.

3. الارتهان للضغوط الخارجية:

  الميل المستمر نحو انتظار التوجيهات الإقليمية، أو التفاهمات الدولية، يجعل من الشرعية تابعًا لا قائداً.

4. العجز عن إدارة الموارد والمعركة:

  الشرعية لم تفشل فقط في الحسم العسكري، بل أيضًا في توجيه الموارد المتاحة نحو بناء جيش قوي أو اقتصاد مقاوم.

رابعًا: خيارات الداخل اليمني الوطني... بين الانتظار والمبادرة

في حال استمرار التفاهمات الدولية، وتواطؤ بعض القوى الإقليمية، وتجميد أي تحرك فعلي من القيادة الشرعية، فإن الداخل الوطني – المتمثل في القوى السياسية والمجتمعية والجيش – لم يعد يمتلك رفاهية الانتظار.

1. استعادة القرار الوطني:

  تكوين جبهة وطنية جامعة تمثل الإرادة الشعبية وتعمل على استعادة زمام المبادرة من القيادة الغائبة.

2. تمكين الجيش وتحريك الجبهات:

  دعم الجيش والمقاومة ميدانيًا ومعنويًا، والضغط لتوفير التمويل والتسليح اللازم، والانتقال من الدفاع إلى الهجوم.

3. فضح التفاهمات الكارثية:

  يجب على الإعلام الوطني والمجتمع المدني تفكيك التفاهمات الإقليمية والدولية التي تشرعن بقاء مليشيا الحوثي.

4. محاسبة الأداء الرسمي:

  الدفع باتجاه آلية رقابية وطنية تتابع أين تذهب الموارد، ولماذا تعثرت المعركة، ومن يُعيق التحرير.

5. الدعوة لتقشف رسمي وإعادة توجيه الموارد:

  إنهاء النفقات الباذخة للقيادات السياسية، وتوجيه الموازنات لدعم المعركة والميدان.

وختاما :

ربما لا يوقف القصف الأمريكي وحده مشروع تحرير اليمن، لكنه قد يكون القشة الأخيرة إذا تزامن مع استمرار أداء الشرعية على ما هو عليه.

في لحظة مفصلية كهذه، السكوت تواطؤ، والتردد خيانة، والانتظار انتحار سياسي.

إن لم تتحرك القيادة، فعلى الداخل الوطني أن ينهض، لا لإنقاذ الشرعية، بل لإنقاذ اليمن من أن يُحسم مصيره في دهاليز مسقط، أو عواصم القرار الكبرى.

إنها لحظة الحقيقة... فإما أن نكون، أو نُختزل في بند من بنود تفاهمات الآخرين

          

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
استعدادات الحكومة للحسم العسكري: وزير الدفاع يكشف خطط المواجهة مع الحوثيين

وزير الدفاع في حوار مع “العين الإخبارية”: حربٌ لم ينطفئ لهيبها، وهدنٌ مكسورة، وسلامٌ يُغتال قبل أن يولد.. هنا اليمن.. هنا تُسرق أحلام شعب بقبضة مليشيا لا تعرف إلا لغة الدم.. وهنا قوات شرعية تقف كالطود الأشم، وشعبٌ يقس مشاهدة المزيد