2025-06-19
صراع "طهران وتل أبيب": هل يتراجع الإمداد العسكري الإيراني للحوثيين؟
تكشف شهادات صادمة وتقارير حقوقية عن تصاعد ممنهج في حملات الاختطاف التي تنفذها مليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران، مستهدفة كل من لا ينتمي إليها. هذه العمليات، التي تتم بإشراف أجهزة المخابرات الحوثية، تحولت إلى أداة للقهر والابتزاز المالي، مخلفة وراءها مجتمعاً ممزقاً وعائلات منكوبة.
تصعيد ضد المدنيين: "كل من لا ينتمي لها هو هدف لها"
يؤكد المدير التنفيذي للمركز الأمريكي للعدالة (ACJ)، عبد الرحمن برمان، أن مليشيا الحوثي "لا تستثني أحدًا في حملات الاختطاف"، وأن "كل من لا ينتمي لها هو هدف لها".
وأشار برمان إلى أن عمليات الاختطاف تتم بشكل ممنهج ومنظم، وتستهدف بشكل خاص الناشطين، مقدمي الخدمات الاجتماعية، الصحفيين، والعاملين في المنظمات الإنسانية. ويقدم مثالاً حيّاً على ذلك باختطاف طالبة من كلية الإعلام بجامعة الحديدة، مما يؤكد اتساع دائرة الاستهداف لتشمل شرائح المجتمع المختلفة.
ويوضح برمان أن الهدف من هذه الممارسات هو "قهر الناس، إسكات الأصوات المعارضة، ونشر الرعب لإخضاع المجتمع بالكامل". فالدوافع الحوثية، بحسب برمان، سياسية ومذهبية، وكل معارض أو غير منتمٍ لها هو "هدف مشروع للاختطاف".
ابتزاز مالي وتعذيب منهجي: وجه آخر للجرائم
لا تقتصر جرائم الاختطاف على التصفية السياسية، بل تتعداها لتشمل الابتزاز المالي. يرصد المركز الأمريكي للعدالة حالات عديدة أخذت فيها مليشيا الحوثي مبالغ طائلة، مستهدفة التجار ورؤوس الأموال لدوافع اقتصادية بحتة.
يطال الابتزاز حتى المختطفين داخل السجون، حيث تبتز المليشيا أسرهم للحصول على أموال مقابل الإفراج، أو تستغل سماسرة للتواصل مع الأهالي بطرق احتيالية. ويشير برمان إلى أن المليشيا تعمل على "كل الأساليب القذرة الاستغلالية والاستعلائية" لضمان عدم وجود أي معارضة.
ويصف برمان وضع المختطفين بأنه "سيئ جداً"، مشيرًا إلى ممارسة التعذيب النفسي والجسدي بشكل واسع. معظم أماكن الاحتجاز غير صحية، ويعاني أغلب المفرج عنهم من إعاقات وحالات نفسية، وأمراض مزمنة وخطيرة. للأسف، توفي كثير من المعتقلين بعد أيام قليلة من خروجهم، ومئات لقوا حتفهم داخل السجون بسبب التعذيب.
صرخة الأمهات: ألم وخذلان ونضال مستمر
في تأكيد على عمق المأساة، عبرت رئيسة رابطة أمهات المختطفين، أمة السلام الحاج، عن حجم الألم والخذلان الذي يعيشه أهالي المختطفين.
وأكدت أن الرابطة لم تتوقف عن النضال لأجل أبنائهم رغم الصمت الرسمي وضعف التفاعل، مشيرة إلى أن الملف ما يزال حيًا بجهود الأمهات، لكن الاستجابة من الجهات المعنية دون المستوى.
أسماء الراعي، عضوة رابطة أمهات المختطفين، أكدت أن ملف المختطفين إنساني بحت، وشددت على ضرورة عدم تسييسه. وانتقدت تعنت الحوثي وتجاهله للقوانين، كما لم تعفُ الحكومة الشرعية من مسؤوليتها لعدم إيلائها الملف الأهمية المطلوبة.
وانتقدت الراعي الخذلان الشديد من الأمم المتحدة لعدم ضغطها الكافي على الأطراف، ودعت إلى محاكمة وجبر ضرر المختطفين وتعويضهم ودمجهم في المجتمع.
شهادات من الحديدة: معاناة لا تُصدق
مسؤولة الرصد لرابطة أمهات المختطفين بالحديدة قدمت شهادات صادمة عن معاناة المختطفين من التعذيب الجسدي والنفسي، الإهمال الصحي، والتجويع. وروت أن أسرًا تناشد لتوفير الطعام لأبنائهم في سجن الحديدة، مشيرة إلى أن السجون تفتقر للتهوية والتبريد.
وأكدت أن هناك مختطفين يحملون أوامر إفراج منذ سنوات لم يتم تنفيذها، وأن المليشيا تصدر أحكام إعدام انتقامية، إضافة إلى وجود محتجزين بدون ملفات رسمية، وآخرين ماتوا وتم إنكار وجودهم.
كما تشير إلى تصاعد وتيرة الاختطافات منذ مطلع عام 2025، خصوصاً مع بداية القصف الأمريكي، حيث شنت مليشيا الحوثي حملات اختطافات واسعة طالت أبناء الحديدة بمختلف الأعمار. وتعبر عن قلقها الشديد من تنفيذ أحكام الإعدام بحق المختطفين، خاصة بعد وصول أخبار عن الحكم بالإعدام على ثلاثة أشخاص بتهمة "التعاون مع أمريكا"، وتخشى أن يلقوا نفس مصير التسعة الذين تم إعدامهم بمحاكمات باطلة.
مسؤولية مهملة: الحكومة والأمم المتحدة على المحك
يؤكد الصحفي والمختطف السابق عصام بلغيث أن ملف المختطفين مهمل بسبب عرقلة المليشيا الحوثية التي ترفض المفاوضات، وتريد بقاء هذا الملف كأداة سياسية ودرع بشري. ويحمل بلغيث مكتب المبعوث الأممي مسؤولية كبيرة لـ"تماهيه مع أطروحات وأفكار المليشيا"، مؤكداً قدرته على الضغط للإفراج عنهم.
في رده على سؤال حول الخطوات الملموسة لضمان سلامة المختطفين، يقول الشيخ هادي الهيج، مسؤول الحكومة لمفاوضات الأسرى والمختطفين، إن الحكومة "تبلغ الأمم المتحدة والصليب الأحمر" بالانتهاكات، وقد أنشأت "هيئة للأسرى والمختطفين مهمتها حقوقية".
وعن الجمود في ملف المختطفين، ينفي الهيج وجود جمود في التفاوض، مؤكداً استمرار التواصل مع الأمم المتحدة والوسطاء المحليين. ويعزو التعنت إلى مليشيا الحوثي "لأنهم سيسوه ونحن نحاول إخراجه إلى الجانب الإنساني". ويؤكد أن "المطروح هو الكل مقابل الكل" في المفاوضات.
قصة صغير فارع: عقد من الجحيم والتعذيب
تتجسد وحشية مليشيا الحوثي الإرهابية في قصة المعلم صغير فارع (50 عاماً)، الذي يقبع في سجونها منذ أكثر من عشر سنوات.
بدأت مأساته في عام 2015 عندما اختطفته مليشيا الحوثي عند نقطة تفتيش، وتعرض للضرب المبرح والتكبيل. تنقل الأستاذ صغير بين سجون سرية، منها الأمن القومي وشبام وكوكبان، حيث واجه صنوفاً لا تصدق من التعذيب المنهجي: العزلة التامة في الظلام، الصعق بالكهرباء، الضرب بالكابلات، الحرمان من الطعام، تهديدات بالقتل، الحرق والتعليق. أدت هذه الممارسات إلى كسور وإصابات بالغة في جسده.
في 31 ديسمبر 2021، أصدرت محكمة حوثية غير قانونية حكماً بإعدام الأستاذ صغير، دون أي محاكمة عادلة. ورغم توثيق منظمات حقوق الإنسان لحالته، تنكر مليشيا الحوثي وجوده في سجونها. ويناشد أقارب الأستاذ صغير كافة الجهات الفاعلة لإنقاذ حياته ووقف هذه الانتهاكات.
الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين: رصد وتوثيق ومناشدة دولية(200 حالة اختطاف منذ بداية العام 2025، أغلبهم من صعدة والحديدة)
وعن الوضع الحالي للسجناء والمختطفين في سجون مليشيا الحوثي قال رئيس الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين رضوان مسعود بأنه لا يزال سيئاً للغاية. ويشير إلى استمرار التعذيب، الحرمان من الرعاية الصحية، وظروف الاحتجاز السيئة، ورفض الزيارات.
وعن توقف عمليات تبادل الأسرى، يرى مسعود أن "تعنت مليشيا الحوثي هو السبب الرئيسي... لان الحوثي يتعامل مع الملف بعقلية مليشاوية وليس من منطلق انساني كما ان الحوثي يعتبر السجون شركات استثمار مالية وذلك من خلال حوالات الاسرى والمختطفين".
وفيما يخص التعذيب النفسي، يؤكد مسعود رصد الهيئة لعدة أشكال منه، أبرزها الإخفاء القسري ومنع التواصل مع الأهل والزيارات، مما أثر سلباً على الضحايا وذويهم نفسياً وصحياً.
أما عن تصاعد الاختطافات، فيشير مسعود إلى رصد أكثر من 200 حالة اختطاف منذ بداية العام 2025، أغلبهم من صعدة والحديدة، وتركزت على النشطاء والصحفيين والإعلاميين والمثقفين.
ويوضح مسعود أن دور الهيئة يتركز على "الرصد والتوثيق، تنظيم فعاليات المناصرة والحماية، والتشبيك مع المنظمات المحلية والدولية"، بالإضافة إلى المساهمة في "ترتيب أوضاعهم المالية عبر الجهات المعنية".
وفي رسالته للمجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية، يناشدهم "القيام بواجبهم الأخلاقي والإنساني في مناصرة وحماية الضحايا والضغط على جماعة الحوثي للإفراج عن المختطفين".
حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد
وزير الدفاع في حوار مع “العين الإخبارية”: حربٌ لم ينطفئ لهيبها، وهدنٌ مكسورة، وسلامٌ يُغتال قبل أن يولد.. هنا اليمن.. هنا تُسرق أحلام شعب بقبضة مليشيا لا تعرف إلا لغة الدم.. وهنا قوات شرعية تقف كالطود الأشم، وشعبٌ يقس مشاهدة المزيد