خلص تقرير حديث صادر عن لجنة تحقيق دولية تابعة للأمم المتحدة إلى أن الهجمات الإسرائيلية على المواقع الثقافية والدينية والتعليمية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وخصوصًا في قطاع غزة، ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

وأوضحت اللجنة، التي درست عشرات الحالات، أن القوات الإسرائيلية نفّذت عمليات هدم ممنهجة باستخدام المتفجرات والجرافات، استهدفت فيها مواقع ذات طابع ثقافي وديني، من بينها كنائس ومساجد ومتاحف ومبانٍ تاريخية، رغم علمها المسبق بأهميتها التراثية. وأشارت إلى أن "توجيه هجمات متعمدة ضد مبانٍ مخصصة للدين والمعالم التاريخية وتدمير الممتلكات بشكل واسع، من دون مبرر عسكري، يُعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي".

وشمل التقرير توثيقًا لتدمير أكثر من نصف المواقع الثقافية والدينية في غزة، في إطار ما وصفته اللجنة بـ"عدوان واسع النطاق يستهدف البنية التحتية والهوية الثقافية للشعب الفلسطيني". ومن أبرز المواقع المتضررة، كنيسة القديس بورفيريوس – ثالث أقدم كنيسة في العالم – التي أسفر قصفها في أكتوبر 2023 عن مقتل 19 مدنيًا، وقصر الباشا الأثري الذي تعود جذوره إلى القرن الرابع عشر، إضافة إلى المسجد العمري الكبير – أكبر مساجد القطاع، وأول متحف أثري في غزة، الذي تم نهبه وتجريفه.

وفي تصريح لموقع The Art Newspaper، قال جهاد ياسين، المدير العام لوزارة السياحة والآثار الفلسطينية، إن تدمير التراث الثقافي "جريمة بموجب القانون الدولي"، مشيرًا إلى أن الوزارة سجلت تضرر 226 موقعًا ثقافيًا من أصل 316 في غزة حتى فبراير 2025.

التقرير تطرق أيضًا إلى الأوضاع المتدهورة في الضفة الغربية، حيث تتعمد إسرائيل، وفق ما ورد، عرقلة وصول الفرق الفلسطينية إلى العديد من المواقع. كما نددت اللجنة بسياسات الاستيطان، التي تشمل بناء مستوطنات فوق مواقع تراثية فلسطينية، والتنقيب الأثري من قبل إسرائيل وتحويل تلك المواقع إلى مرافق سياحية، في خطوة اعتبرتها اللجنة "غير قانونية وتنتهك السيادة الثقافية للفلسطينيين".

من جانبه، عبّر ألون أراد، عالِم الآثار والرئيس التنفيذي لمنظمة "إيميك شافيه" الإسرائيلية، عن قلقه من "تسييس التراث" في ظل حكومة بنيامين نتنياهو، داعيًا إلى التراجع عن هذه الممارسات، واعتماد توصيات اللجنة، والتقيد بالقانون الإنساني الدولي، بما في ذلك وقف جميع المشاريع الأثرية والتنموية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وختم التقرير بتأكيد أن حماية التراث الثقافي في فلسطين "مسؤولية جماعية"، داعيًا المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لوقف الاعتداءات وتوفير الحماية القانونية للمواقع التراثية التي تُعد جزءًا من التراث الإنساني العالمي.