تشهد محافظة مأرب حالة من الاستياء المتصاعد في أوساط المعلمين، جراء عدم صرف رواتبهم لشهر أبريل، على الرغم من التوجيهات الرسمية الصادرة من مكتب التربية والتعليم بالمحافظة. وبينما يُعتبر المعلم حجر الزاوية في بناء الأجيال وصنع الحضارة، يجد نفسه اليوم محاصرًا بفقر الرواتب وغياب التقدير لجهوده.

ووجّه المعلمون نداءات استغاثة عبر «أخبار اليوم» إلى الجهات المعنية، محذرين من تداعيات تجاهل بعض المدارس الأهلية للتوجيهات الرسمية، ما يزيد من معاناتهم ويُضعف أداءهم داخل الفصول الدراسية. وأكدوا أن قلة من المدارس التزمت بصرف الرواتب، بينما الأغلبية ما تزال تساهم في تفاقم الأزمة برواتب هزيلة لا تعكس قيمة العمل العظيم الذي يقومون به.

«أخبار اليوم» سلطت الضوء على هذه القضية الملحة، والتقت بعدد من المعلمين والمعلمات الذين شددوا على أن المعلمين يستحقون الدعم والمساندة، لأن مستقبل الأجيال يعتمد على استقرارهم وكرامتهم.

العسل: دعوة عاجلة لحماية حقوق المعلمين والطلاب من استغلال «تجار التعليم»

أطلق الأستاذ حسان العسل نداءً عاجلًا إلى نقابة المعلمين ومكتب التربية، محذرًا من «ذبح المعلم» بساطور الغلاء والاستغلال من قبل تجار المدارس الأهلية.

وفي تصريحاته لـ«أخبار اليوم» انتقد العسل صمت وعجز النقابة عن معالجة هذه القضايا، قائلًا: «كيف ترخصون المعلم وهو من كان السبب وراء تربعكم على كراسيكم؟ فلولا المعلم لم تجلسوا عليها». وأكد ضرورة الحفاظ على كرامة المعلمين وتوفير متطلبات الحياة الكريمة لهم ولأسرهم.

كما دعا أولياء الأمور إلى «اتقوا الله في أموالكم وأطفالكم»، مشيرًا إلى أنهم يسهمون في تغذية جيوب تجار التعليم الذين لم يوفروا أبسط مقومات التعليم الحديث. وتحدث عن غياب المعامل والتطبيق العملي في المناهج، محذرًا من عواقب دفع الأموال مقابل جهود تعليمية تفتقر للمصداقية.

المسوري: تجاهل توجيهات صرف الرواتب يكرس الإحباط واليأس

عبّر الأستاذ عبده المسوري عن استيائه من تصرفات بعض مديري المدارس الأهلية في مأرب، مشيرًا إلى تجاهل توجيهات السلطة المحلية المتعلقة بصرف راتب أبريل. وأكد أن هذا التجاهل لا يمثل مجرد تأخير مالي، بل يعكس عدم احترام للجهود المبذولة لتحسين التعليم وتقدير دور المعلم.

وأوضح المسوري لـ«أخبار اليوم» أن المعلمين يمثلون العمود الفقري لأي نظام تعليمي ناجح، محذرًا من حالة الإحباط واليأس التي يعانون منها بسبب شعورهم بالتهميش. وأضاف: «عبارة “المعلمون موتى” تعكس بعمق حالة الإهمال والتجاهل التي نواجهها».

وأكد أهمية تقديم حوافز جديدة للمعلمين، واعتبر حرمانهم من حقوقهم الأساسية كالأجور بمثابة «ضرب الحياة في قلوبهم». وشدد على أن هذه ليست قضية فردية، بل مشكلة هيكلية تتطلب إعادة النظر في إدارة التعليم، وتنفيذ نهج يضع مصلحة التعليم والمعلمين في مقدمة الأولويات.

معلمة: صرخة احتجاج على تجاهل كرامة المعلم

أعربت الأستاذة أم الخطاب، المتخصصة في اللغة الإنجليزية، عن قلقها العميق إزاء الوضع الراهن، مؤكدة ضرورة احترام مكانة المعلم.

وفي تصريحها لـ«أخبار اليوم» قالت: «رسالتي كجرح سقط في واد تغص حافاته بالأعداء، ينزف صراخًا لكن الصرخة ترددها الجدران خائنة». وأضافت أن صمتها يُفسَّر بالتجاهل، مشيرة إلى أن «ما من حرف سيغير واقعًا معلبًا بطبقات من الصمم».

وأكدت أنها لن تستمر في التدريس العام المقبل إذا استمرت الإهانة لكرامة المعلم: «لن أغامر بالانضمام إلى مدرسة تحول رسالتنا إلى روتين بلا روح». وختمت بالقول: «سأمضي إلى حيث يسمع صوتي دون خوف، حيث يقدر عطائي دون انتقاص».

المشرع: رواتب منخفضة وضغوط إدارية وغياب التأهيل

أوضح الأستاذ محمد المشرع، أحد معلمي المدارس الأهلية، أن أبرز التحديات تتمثل في الرواتب المنخفضة التي لا تكفي لتلبية الاحتياجات الأساسية.

وقال المشرع لـ«أخبار اليوم» إن بيئة العمل في كثير من المدارس تفتقر للتجهيزات والموارد التعليمية، مشيرًا إلى الضغوط الإدارية لتحقيق نتائج دون دعم حقيقي.

كما أشار إلى ضعف فرص التأهيل والتدريب، وتحدث عن الأوضاع الاقتصادية والسياسية المتدهورة التي تزيد الأزمات وتضعف قدرة المعلمين على تقديم تعليم جيد. وطالب الجهات المعنية بالتدخل العاجل لتحسين الأوضاع.

العمري: ضرورة تكاتف المعلمين وحملة لمقاطعة المدارس المخالفة

أكد الأستاذ محمد العمري، أستاذ اللغة الإنجليزية، على أهمية وعي المعلمين بحقوقهم.

وقال في حديثه لـ«أخبار اليوم»: «المعلم يمتلك الفطنة للمطالبة بحقه، لكن ذلك يحدث في أوقات محدودة فقط».

وشدد على ضرورة تكاتف جميع المعلمين مع بداية العام الدراسي، واقترح إطلاق حملة أو هاشتاج «عدم التدريس» في المدارس التي ترفض منح الحقوق، قائلًا إن ذلك سيكون كافيًا لإجبارها على الالتزام دون الحاجة لتدخل رسمي مباشر.

«أم الشهيد»: دعوة لتطبيق حقوق المعلم ومحاسبة المدارس الأهلية

أعربت الأستاذة «أم الشهيد» عن استيائها من أوضاع المعلمين، مناشدة وزارة التربية والتعليم بالالتزام بتطبيق الحقوق وليس الاكتفاء بالقرارات المكتوبة.

وقالت لـ«أخبار اليوم»: «إذا وُضعت ضوابط صارمة على المدارس الأهلية، لكان الالتزام أسهل وتجاوزنا العديد من المشاكل». ووجهت رسالة حادة لمديري المدارس، محذرة من استغلال المعلمين والطلاب بشكل مفرط.

وتساءلت بمرارة: «أين دور مكتب التربية؟ لماذا هذا الخذلان؟». وطالبت باستعادة هيبة مكتب التربية وقراراته، مشددة على ضرورة حماية حقوق المعلمين والطلاب على حد سواء.

هناء: مكتب التربية تركنا نواجه الاستغلال وحدنا

أكدت الأستاذة هناء، مشرفة في إحدى المدارس الأهلية، أن المعلمين يواجهون تحديات كبيرة.

وقالت لـ«أخبار اليوم»: «تعبنا كثير والغلط ليس في المدارس فقط، بل التربية نفسها راضية على بهذلتنا وتركتنا نواجه المدراء».

وأشارت إلى الظروف المعيشية الصعبة وارتفاع الأسعار، ما يضطر المعلمين للبحث عن مصادر دخل إضافية. كما عبّرت عن خيبة أملها في مكتب التربية الذي لم يتخذ أي إجراءات حقيقية، قائلة: «العام الماضي صاحوا واعترضوا، لكن مكتب التربية لم يعمل شيئًا».

وأضافت: «خسر المعلم الذي عارض هذه الظروف عمله، والتربية تعلم أنها أخذت نصيبها من المدارس الخاصة وتركت المعلم في الشارع».