في مشهد يتكرر سنويًا، حولت مليشيا الحوثي الإرهابية ذكرى عاشوراء، التي تصادف العاشر من محرم، إلى موسم للتعبئة الطائفية والتجنيد العسكري، مصحوبًا بحملات جباية مالية قسرية، وسط رفض شعبي واسع في المناطق الخاضعة لسيطرتها.

وكشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» عن توجيهات حوثية صدرت إلى مشرفي المليشيا ومسؤولي الأحياء والدوائر الحكومية في صنعاء ومدن أخرى، لتكثيف الفعاليات الطائفية وتنظيم دورات قتالية بالتزامن مع إحياء المناسبة، في إطار ما وصفته المصادر بـ"أكبر حملة تعبئة خلال العام".

تعبئة طائفية وتجهيز دفعات مقاتلين

وشهدت الأيام الماضية تنظيم عشرات الندوات والدورات والأمسيات في صنعاء ومناطق أخرى، تخلل بعضها تخريج دفعات جديدة من المجندين – معظمهم من القُصّر والشباب – استعدادًا للزج بهم في جبهات القتال، في ظل تسارع برامج التجنيد المدعومة من ما تُعرف بـ"اللجنة العليا للاحتفالات".

جبايات قسرية تستهدف الأسواق والقطاع التجاري

وفي موازاة ذلك، شنّ مشرفو المليشيا، مدعومين بمسلحين وآليات، حملات على الأسواق التجارية في عدد من أحياء صنعاء، منها عنقاد، السنينة، المقالح، هائل، وحزيز، لفرض إتاوات بحجة تمويل فعاليات عاشوراء. وأكد تجار محليون أن تلك الحملات رافقها تهديد بالإغلاق والاعتقال لكل من يرفض الدفع.

من عاشوراء إلى "الولاية": تكريس الولاء لإيران

تأتي هذه الأنشطة بعد أسابيع من الاحتفالات الضخمة التي نظمتها المليشيا بمناسبة ما تسميه "عيد الغدير" أو "يوم الولاية"، حيث أنفقت ميزانيات دعائية ضخمة لترويج الولاء لزعيم المليشيا عبد الملك الحوثي وسلالته.

وبحسب مصادر إعلامية، نظمت المليشيا خلال الأربعين يومًا الماضية أكثر من 350 فعالية بين احتفالات ودورات عسكرية، استغلت خلالها مناسبات دينية مثل "يوم الولاية"، وذكرى وفاة بدر الدين الحوثي، وبداية العام الهجري، ويوم عاشوراء، لتعزيز حضورها الطائفي وتوسيع نشاطها التجنيدي.

رفض شعبي وتنامٍ في السخط

في المقابل، تواجه هذه التحركات برفض شعبي متزايد، وسط أوضاع معيشية متدهورة وانقطاع رواتب الموظفين. ويؤكد مواطنون أن المليشيا تتجاهل معاناة الناس، وتوظف الدين لتحقيق مكاسب سياسية ومادية.

الحكومة اليمنية: الحوثيون يحولون عاشوراء إلى منصة لخدمة طهران

من جهته، اتهم وزير الإعلام والثقافة معمر الإرياني مليشيا الحوثي بتحويل عاشوراء إلى أداة لنشر أفكار طائفية دخيلة على المجتمع، مشيرًا إلى أن المليشيا تمارس "غسلًا للعقول"، وتسعى لتحويل اليمن إلى مقاطعة إيرانية.

ودعا الإرياني اليمنيين إلى التصدي لهذا المشروع، واصفًا المليشيا بـ"النبتة الشيطانية"، محذرًا من مغبة استمرار الصمت الشعبي، وما قد ينتج عنه من ترسيخ للطائفية وتقويض للسلم الأهلي.