مستشفى الأمراض النفسية في عدن

إدارة نائمة ومرضى بلا عناية واهمال بلا حدود

2010-12-29 03:57:39 تحقيق/ كروان الشرجبي


الأمانة تبرأت من حملها الجبال وحملها الإنسان ، فإن تؤتمن على شيء ليس بالأمر الهين، فإنك تظل حاملاً همها إلى أن تسلمها، فما بالكم في مستشفى وضع الأهالي ذويهم أمانة فيه حتى يعالجوا ويتماثلوا للشفاء وبدلاً من قيامها –أي المستشفيات- بمهامها، أهملتهم وجعلتهم يعيشون في أوضاع مزرية غير مبالية بمقدار المسؤولية التي حملها .
فعندما تذهب إلى مستشفي الأمراض النفسية وأنت لا تعرف موقعها مسبقاً لن تستطيع الوصول إليها وبسرعة ،فقد تمر من أمامها ولكنك لا تراها وذلك لغياب أو لعدم وجود لافتة أو لائحة عليها اسم المستشفى ،هذا بداية وما أن تستدل عليها وتدخل إليها تصدم ،فنحن نرى المستشفيات النفسية في الأفلام وقد زينت حدائقها بالورود والأشجار بحيث تكون متنفساً طبيعياً للمرضى ولكن في مستشفى الأمراض النفسية بعدن ترى مساحة حديقة كبيرة ولكنها مهملة متسخة لا يوجد بها إلا بقايا أشجار يابسة وأغصان مرمية هنا وهناك ،فتبدو للناظر وكأنها صحراء جرداء قاحلة .
وأما فنائها الداخلي فحدث ولا حرج ،فالداخل إليها يجد رائحة كريهة تزكم الأنوف والتي تأتي من عنابر المرضى ،فهذه العنابر تفتقر لأبسط مقومات النظافة ،فالآسرة حالتها مزرية لذلك تجد المرضى بدون أي غطاء أو حتى "طراحة" أو لحاف وكثير من المرضى ينامون عُراة .
بدون ملابس !! هذا الأمر لم أجد له أي تفسير ويضع علامة استفهام كبيرة أمام عيني، لأن هناك من يتبرع لهؤلاء المرضى ويقدم لهم ملابس وبكميات كبيرة ولكن أين تذهب؟! ولا زالت في العنابر ذات الجدران المتآكلة والأسقف المتهالكة .
فهذه العنابر لا توجد بها مكيفات على الرغم من وجود المكيفات في المخازن وأيضاً وجود مكيفات جديدة في جميع أقسام الإدارة، أما المرضى فيكتفون بتركهم دون ملابس أو أغطية حتى لا يشعرون بالحر !! .
وهناك أيضاً عنبر رقم "3" هذا العنبر الغريب المثير للريبة والشك وهو مغلق وتنبعث منه روائح تزكم الأنوف !، وعندما تسأل عن هذا العنبر يقولون لك إنه مخصص للحالات المستعصية !! .
استحالة أن يكون هناك أي إنسان على قيد الحياة في ذاك العنبر المغلق الذي أثار شكوكي وبدوري أوصلتها للأستاذ/ عبدالكريم شائف من أجل النزول والتفقد ومشاهدة الأوضاع المزرية التي يعيشها المرضى في هذا المستشفى ولكن كثرة أعماله حالت دون ذلك !! .
أما التغذية الخاصة بالمرضى، فالحق يقال خصصت لها ميزانية تشغيلية تقدر بـ أثنين مليون ريال ولكن هل هذه الميزانية تصرف في محلها ؟!! إن المرضى يعانون من سوء في التغذية، والإفطار "فاصوليا+ واحد روتي+ حبة بيض" أو يتم إعطاءهم روتي مع مربى "جام".
هذا طبعاً فطور وعشاء يومياً لا يتغير، أما الغذاء فحبة دجاج "حجم كتكوت" يوم واحد في الأسبوع أو سمك أو لحم صغار مع أرز ومن يقرأ ذلك يطمئن على صحة المرضى، ولكن ماذا يقول إذا كانت وجبة الغداء تعطى لهم في صحن واحد وبالطريقة غير صحيحة وصحية وتفتقر لأبسط مقومات النظافة، فالمتعارف عليه في المستشفيات هو إعطاء كل مريض غذائه الخاص به .
وإذا تحدثنا عن العلاج والأطباء، فحدث ولا حرج فعدد الأطباء سبعة بعدد أيام الأسبوع ولا يعملون إلا يوماً واحداً في الأسبوع وفي المقابل يحصلون على الأجور العالية وهم قابعون في منازلهم !! كيف يتم معالجة المرضى ؟! ومتى ؟ ألا يحتاج هؤلاء المرضى لجلسات بعد أن يتم تقسيمهم إلى مجموعات على الأطباء ليتم الجلوس معهم ومعالجتهم وتأهيلهم لمواجهة المجتمع " هذا إذا تمت معالجة احد فعلاً " .
إن ما يحدث في أروقة المستشفى لا يسمى علاجاً فكيف ذلك مع عدم وجود الأدوية !! وأيضاً ظل الإغلاق الدائم لغرفة الأشعة لعدم استخدامها، حتى الماء لا يتواجد في المستشفى .
العلاج الوحيد الذي يأخذه المرضى هو الهزات الكهربائية، علماً بأن حالات من المرضى قد لا تستدعي استخدام الهزات ولكن في هذا المستشفى الكل يأخذ هزات كهربائية كما هو مبين في تقاريرهم الخاصة بالمناوبات .
إن عمل الأطباء يظهر جلياً وواضحاً في المستشفى بالعيادات الخارجية إنهم حريصون كل الحرص على المداومة في العيادة الخارجية باعتبارها الدجاجة التي تبيض ذهباً بالنسبة لهم، فمن أراد تقريراً طبياً يعطى له بمبلغ من المال وأيضاً الدخول والخروج بمقابل مالي .
وأحياناً تفتح ملفات لمرضى غير موجودين وهذا يفسر زيادة أعداد المرضى في تقارير النوبات، فكلما زاد عدد المرضى صرفت مبالغ أكبر من أجل احتياجاتهم التي لا تلبى أساساً .
وأحياناً يتم الإفراج عن مرضى حالتهم غير مستقرة ويستعصى علاجهم بسرعة وهذا أيضاً يفسر تواجد المرضى في الشوارع، كل ذلك يحدث في ظل غياب الرقابة والمحاسبة من قبل الإدارة، الإدارة أساساً تشكو من خلل فيها، فعمال لا يأتون وتصرف لهم مرتباتهم كاملة مع العلاوات والامتيازات وعمال صدرت في حقهم أحكام قضائية من جريمة اختلاسات للمال العام ويشغلون مناصب إدارية مهمة .
في حين نجد الممرضين الذين يعملون بجد لا يتحصلون على مستحقاتهم أو حتى علاوات النوبة أو علاوة خطورة أو أي امتيازات !! .
يبقى أن تسأل عزيزي القارئ، أين المدير العام للمستشفى من ذلك كله ؟!! إن المدير العام لهذا المستشفى يترأس إدارتها من عشرين عاماً مضت، فهمة الاكبر هو الحفاظ على الكرسي الذي عن طريقها يستطيع كسب مالاً أكثر، أما المرضى فهم آخر تفكيره بدليل عدم وجود كل ما يحتاجه المرضى وهو يرى ويسمع كل ذلك وإلا ماذا نسمي سكوته على اختفاء مكيفات + أدوات مكتبية + 13 كرتون حليب مجفف في رمضان ؟! وماذا نسمي وجود موظفين وفي مناصب إدارية وعليهم أحكام قضائية بتهمة اختلاس للمال العام ؟! .
وأين تذهب مبالغ ميزانية التغذية ؟! ولماذا يسكت على أطباء يأخذون مبالغ مالية لغرض فتح ملفات للمرضى ؟! علماً بأن العلاج مجاني ؟! .
عموماً هذا التحقيق ما هو إلا غيض من فيض وما أردنا إلا أن يتم الإسراع لإنقاذ المرضى الذين لا ذنب لهم سوى أنهم وضٍعُوا أمانة في أيدي من لا أمانة لهم !! .


المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد