تحوي العديد من الأفراد العسكريين ومتارس تعتلي أسطحها.. ورمي الطلاب من أعالي تلك السطوح .. وهتافات من قلب ساحاتها تقول "يا مدير اختار اختار.. الطلاب وإلا العسكر"..

مدرسة الشعب.. بين قداسة التعليم و إجرام القتل والتهديد

2011-11-02 04:38:22 تحقيق : بسام غبر


للمدارس قداسة تبعث الحياة لكل إنسان، فهي النواة الأولى لبناء المجتمعات وهي المخرج المنير لكل درب ونجاح، هي الحرم التعليمي الذي تزدهر فيه العلوم والفنون بل والمهارات والخبرات، وهي الأساس للتقدم والازدهار ونبراس النهضة والتنمية.
لم لا وهي الوجه المشرق لكل نهضة والمنفذ الكبير لكل تنمية، إنها التألق والنجاح والإبداع.. ما أجمل تلك المدارس التي تحتضن ثم تربي ثم تخرج كل قادة الناس والمجتمع، لتكون قاعدة لانطلاق الاختراعات والابتكارات، هكذا هي تلك المدارس منارة يهتدى بها لعالم الدنيا والآخرة، ها هي اليوم أصبحت في تعز الحبيبة منفذاً للقتل والتهديد وقاعدة للقنص والبلطجة، كيف بالله وكلنا نرى تلك المتارس على أسطح مدرسة الشعب الثانوية، متارس فاقعة اللون، بارزة تضاهي سارية العلم المرفرف في المدرسة.
 "أخبار اليوم" أجرت هذا التحقيق بشأن عسكرة هذه المدرسة وتهديد مدرسيها وطلابها وتعرض طلابها للرمي من فوق أسطحها..

اغتيال لتاريخ مدرسة
اتخذنا مدرسة الشعب نموذجاً لنا في هذا التحقيق، رغم وجدود العديد من المدارس الأخرى بالمدينة التي تحولت ساحاتها ومبانيها لمعسكرات في قلب المدينة، بل وزعيم تلك المدارس مكتب التربية الذي أصبح ثكنة عسكرية، وبظني إن كل هذا قد أفقد العملية التعليمية عذريتها وانتهك سترها، هي كذلك مدرسة الشعب ـ المدرسة العريقة بتاريخها والتي يمتد من الستينيات ـ تطل كمعلم تاريخي في قلب الحالمة، تؤكد ريادة هذه المحافظة الثقافية والعلمية على مستوى الجمهورية، أخرجت الكثير من القادة والعلماء والمفكرين والعباقرة لتكون هي رائدة من بين إخوتها الأخريات، تلك المدرسة اليوم أصبحت ساحة ترتكب فيها الجرائم والانتهاكات أولاً لحرمة التعليم وفيها القنص وفيها رمي الطلبة من أعالي أسطحها بل وفيها ما يقارب "15" فرداً عسكرياً يتجولون في رحابها كيفما يشاؤون ومتى يريدون وهم ملغمون بالأسلحة والقنابل وكأن الطلاب استبدلوا بجنود والأقلام والكراريس استبدلت بالأسلحة والمتفجرات!.
اليوم.. مدرسة الشعب تستوطنها قوة عسكرية ليل نهار في الغرفة الشمالية من واجهة المدرسة بجانب المكتبة، اليوم يتآمر العسكر لحرق المكتبة بعد إخراج أجهزة الحاسوب وبعض الوثائق منها من قبل مدير مدرستها، اليوم تلك المدرسة تبكي عقرها وتأن من جراح مغتصبيها.

استهداف الطلاب

عزام أنور القباطي ـ أحد الطلاب الذين تم رميهم من سطح مدرسة الشعب من قبل المسلحين ـ تحدث إلينا قائلاً: طبعاً قمنا بالدخول إلى مدرسة الشعب فقمنا أنا وأربعة طلاب إلى سطح المدرسة لإبعاد المتارس، فخرج المسلحون من الإدارة وجاءوا إلينا فجأة وبعدها قاموا برميي من السطح الدور الثاني إلى الدور الأول وقاموا بإطلاق الرصاص مباشرةً علينا غير أني قمت بالتدحرج من الدور الأول إلى الأرضية خوفاً من الرصاص التي كانت تطلق علينا بغزارة.
ويضيف عزام: عند توجيه الآلي نحوي لم أجد غير التدحرج إلى الدور الأرضي وسقطت على ظهري وبعد ذلك قام زملائي بإسعافي إلى المستشفى وكان المسلحون يطلقون الرصاص بعشوائية تجاه بقية الطلبة.
 ويؤكد عزام أن عدد المسلحين الذين رآهم حوالي "15" مسلحاً وجميعهم يحملون السلاح، وكانوا بزي مدني، لكن لديهم "جاكتات" الحرس الجمهوري والنجدة، ويقول لعلي صالح: مهما رمى بالطلاب وصوبهم بالرصاص ومهما عمل متارس على المدارس سوف ندرس ونبني تعز واليمن بأكملها، وسوف يرحل وسيكون أول من يقبض عليه هم طلاب المدارس.
عن حريق المدرسة يقول عزام: إن الطلاب لم يدخلوا للمكتبة التي تم إحراقها بل كما يقول الزملاء إنهم شاهدوا أشخاصاً يقومون بإخراج الكمبيوترات ووثائق من الإدارة والمكتبة فماذا يعني ذلك؟؟
لا تواصل:
بعد أن سمعنا من أحد الطلبة الذين تعرضوا للرمي وإطلاق النار عليهم توجهنا لمدير المدرسة/ توفيق النهاري لمعرفة رده حول مثل هذه التجاوزات التي حدثت، لكن حاولنا مراراً وتكراراً التواصل معه، لكن دون جدوى من ذلك.
تفاصيل يوم الغضب الطلابي:

ميلاد سعيد ـ نائب رئيس الحركة الطلابية: يقول في أحداث مدرسة الشعب: دعونا جميع الطلاب إلى يوم الغضب الطلابي وتنفيذ وقفات احتجاجية ضد عسكرة المدارس، وبدأنا من مدرسة الشعب، فبدأ هناك تجمع قليل للطلاب، فخرج أحد المسلحين يهدد الطلاب إذا لم يذهبوا خلال دقيقتين سوف يطلق النار، فحاولنا (لأننا مجموعة قليلة) أن نذهب إلى مدارس أخرى فذهبنا إلى مدرسة الصديق وجمعنا طلاباً وبعدها مدرسة "باكثير" وتواصلنا مع مدرسة "النعمان" ومن ثم التقينا أمام مستشفى الروضة وهناك تم تنفيذ وقفة احتجاجية، ثم انطلقنا من الروضة ومررنا بمستشفى الثورة حتى وصلنا مدرسة الشعب كي ننفذ الوقفة الاحتجاجية وفيها طالبنا مدير المدرسة أن يفتح الباب ويخرج الطلاب، لكن دون رد، فقام الطلاب بفتح الباب وهم طلاب من الداخل وقام من هم بالخارج بمساعدتهم لفتح الباب ومن ثم قمنا بالدخول إلى ساحة المدرسة وقمنا بترديد العديد من الهتافات التي تطالب بإبعاد المتارس من على سطح المدرسة ولكن دون جدوى، فقرر الطلاب أن يقوموا بإبعاد المتارس بأنفسهم وصعد بعض الطلاب إلى السطح وكان من بينهم عزام ـ الذي رمى به أحد المسلحين ـ فقاموا بإبعاد بعض المتارس وحينها صعد المسلحون للسطح وكانوا يختبئون في مصلى المدرسة ـ بحسب ما رآهم بعض الطلبة ـ وقاموا بإطلاق النار تجاه الطلبة المتواجدين في السطح وقاموا برمي الطالب عزام من سطح الدور الثاني إلى الدور الأول ثم قمنا بإسعافه رغم الرصاص الذي انهال علينا من المسلحين وأدى ذلك إلى إصابات أحد الطلاب بقدمه برصاص حي وإصابة أحد مسعفي الهلال الأحمر كذلك.

الحرم المدرسي للتعليم فقط:

ويتابع الطالب ميلاد حديثه: بعد إطلاق النار والقنابل المسيلة للدموع وبدأت الأوضاع تهدأ عاد الطلاب مرة ثانية وقاموا بالوقوف أمام جولة الهريش ـ مقابل مدرسة الشعب ـ فبعضهم شاهدوا مدير المدرسة يأخذ الكمبيوتر من المدرسة بل وشاهده أحد المدرسين بالمدرسة، وأخرج أجهزة من الإدارة ثم جاءت "قناة اليمن" بسيارة مسجل رقمها معنا وفيها مسلحون دخلوا وصوروا من داخل المدرسة، كي تكون التهمة على الطلبة.
 ووجه الطالب ميلاد رسالة مفادها: رسالة أوجهها إلى مدراء المدارس أولاً.. الحرم المدرسي هو للتعليم وليس للعسكرة والعسكر وجعل الطلاب متارس لهم، فنحن لن نسمح بذلك ولا لأي أحد يقتل آباءنا وإخواننا من داخل مدارسنا ورسالتي أتوجه بها إلى الطلاب بأن يستمروا بالمطالبة بحقوقهم.

نقابة المعلمين تدين

عبد الرحمن المقطري: الأمين العام لنقابة المعلمين ـ فرع تعز ـ يقول حول ظاهرة عسكرة المدارس: أعتقد أن هذه الظاهرة لم تكن من اليوم بل بدأت منذ فترة طويلة والبداية كانت من مكتب التربية والتعليم بالمحافظة، حينما تحول إلى معسكر منذ شهر إبريل الماضي ثم تلى ذلك عسكرة مدرسة الشعب التابعة لمديرية القاهرة وأكبر دليل على ذلك وجود المتارس، فعند وجود مسيرة أو مظاهرة يظهر هؤلاء الجنود وقد رأينا هذا أمام مكتب التربية والتعليم عندما كانت نقابة المعلمين ونقابات المهن التعليمية تدعوان إلى اعتصامات للمطالبة بالحقوق كان يظهر هؤلاء القناصة أو الجنود وليس هذا فقط بل إنهم في بعض الأيام يطلقون النار والغازات المسيلة للدموع والكل يعلم أعمالهم، فنقابة المعلمين سواءً كانت على المستوى المحلي بمحافظة تعز أو على مستوى الوطن كانت قد أدانت هذا الفعل والإجرام الذي يقوم به بقايا النظام منذ أول يوم كما أنها قامت بإصدار بيانات وبلاغات صحفية تستنكر كل هذا، ونحن على سبيل المثال في تعز قمنا بإدانة هذا الإجرام، سواءً كان القصف الهمجي الذي تتعرض له أهالي محافظة تعز أو عن قضية تحويل عدد من المؤسسات الخدمية بالمحافظة إلى ثكنات عسكرية مثل المدارس والمستشفيات والأماكن الأثرية كقلعة القاهرة.

محاولة استغفال الجميع
وعند سؤالنا للأمين العام لنقابة المعلمين عن التجاوب تجاه خطواتهم الاستنكارية؟ رد المقطري قائلا: والله مع الآسف الشديد لم يكن هناك أي موقف إيجابي، رغم التواصل الهاتفي لتعزيز تلك البيانات بين الأخ/ عبد العزيز سلطان ـ نقيب المعلمين بالمحافظة ـ وبين الأخ/ عبد الكريم محمود مدير مكتب التربية بالمحافظة، وأشار الأخ/ عبد العزيز إلى عسكرة المدارس وخصوصاً بمدرسة الشعب، فالأخ ـ مدير التربية بالمحافظة ـ قال إنه ليس له علم رغم وجود المتاريس بشكل واضح وهذا الكلام كان منذ ثلاثة أو أربعة أسابيع، فأقصد أن هناك استغفالاً للناس في هذه القضية وبالتالي كأن بقايا النظام العائلي تريد أن تفرض هذه الأمر وتجعل الناس يقتنعوا بالواقع وهذا أنا أراه مستحيلاً.
إذلال التعليم
وحول موقف النقابة من أحداث يوم الغضب الطلابي قال أمينها العام: نحن ندين ونستنكر هذه القضية وبالفعل نشعر أن الحل لمثل هذه القضية هو صمود أصحاب الحقوق ونضالهم المستمر لتحقيق أهدافهم، فليس هناك من جدوى للتعامل مع بقايا النظام العائلي لأنه لا يشعر بمسؤولية أخلاقية أو دينية أو وطنية تجاه هذه المؤسسات التعليمية، فنحن من جانبنا نشعر أن هؤلاء الأبناء أبناؤنا و المدرسين هم إخواننا ومن حقهم أن يعيشوا في أجواء آمنة، ومن حق الطالب أن يتعلم في جو آمن وكذلك المدرس من حقه أن يمارس مهنته في أجواء آمنة بذلك، تؤتي العملية التعليمية أُكلها ونحن غيورون على المدارس وحريصون عليها لأنها ممتلكات للشعب، فالحفاظ عليها واجب على كل مواطن، فهذه إنجازات للوطن، يجب الحفاظ عليها وبالتالي أي إضرار بها من قبل أي جهة نحن ندينه، وما حصل كان نتيجة لتساؤل بعض الطلاب أن يقولوا "كيف ندرس.. كيف نتعلم ..والمدرسة ملغم؟ " فأرادوا أن يتعلموا بهدوء، لكن الذين كانوا متسلطين في المدارس طبعاً وبتوجيه من العصابة الحاكمة أرادوا كما يقال أن يؤدبوا هؤلاء الطلاب ويذلوهم ويجعلوهم يرضخوا للأمر الواقع، لكن المعلمين والطلاب رافضون ذلك فقاموا بوقفات احتجاجية، ورغم هذا أصرت إدارة المدرسة والتربية بالمحافظة على بقاء هذه الثكنة العسكرية.

ويختم المقطري تصريحه بالقول: حقيقةً موقفنا منذ ذلك الحين أننا أبلغنا إدارة النقابة في صنعاء وكذلك لدينا بيان الآن تحت الطبع، والحل الوحيد أن يستمر أصحاب الشأن سواءً كانوا طلاباً أو مدرسين أن يناضلوا من أجل إسقاط العسكرة في المدارس عن طريق الوقفات الاحتجاجية أو المسيرات والاعتصامات.

إرهاب وتهديد
الطالب/ مهند عبد الودود أحمد ثابت الحمادي ـ أحد طلاب الصف الأول الثانوي بمدرسة الشعب، وأحد الطلاب الذين تم تهديدهم من قبل مسلحي المدرسة في أحداث يوم الغضب الطلابي ـ يروي تفاصيل أخرى عن الحادثة قائلا: طبعاً نحن محتجون كطلاب ولنا الحق ضد تحويل المدرسة إلى ثكنة عسكرية وعمل متارس على أسطح المدرسة، وبعد أن تم إطلاق الرصاص علينا وقاموا بالإمساك بنا وضربنا بأسياخ حديد في أجسادنا، وقاموا بتهديدنا وإرهابنا، وتم حجزنا لمدة ساعة وقاموا بإحضار سلك كهربائي لربطنا وتقييدنا وقاموا بفتح الغاز السام في الغرفة وإغلاقها ونحن فيها ثم قال أحدهم اعترفوا، قلنا له نعترف بماذا ؟؟ قال من الذي حرضكم ومن الذي جاء بكم إلى هنا؟ هل أساتذة ولماذا قمتم بإبعاد المتارس؟؟ لكن نحن كنا صامتون، لا ندري ماذا نقول، بعدها قاموا بإحضار ورقة وقلم، وقاموا بكتابة أنهم لم يمسكوا بنا ولن يهددونا ولن يقوموا باحتجازنا وأجبرونا أن نبصم في هذه الورقة وبعدها تم الإفراج عنا.
وعند سؤاله عن نوعية الأسلحة لدى المسلحين قال أسلحة مثل الآلي والقنابل والجعب ويضيف مهند عن أسباب قيامه هو وزملاؤه بهذا الاحتجاج فيقول: لأنهم حولوا المدرسة لقنص الأبرياء والكل يعرف ما هي المدرسة، فهي مصدر العلم والمعرفة، وليست معسكراً.

الرواية الرسمية!

شوقي عبده عثمان ـ مدير الرقابة بإدارة التربية والتعليم بمديرية القاهرة ـ يقول حول عسكرة مدرسة الشعب: نحن نريد استقرار العملية التعليمية وهذا طلب الطلاب، فنحن والأستاذ/ عبد الكريم محمود ـ مدير مكتب التربية بالمحافظة ـ حريصون على أن نبعد المظاهر المسلحة من المدرسة بمعنى إبعاد كافة المسلحين عن المدرسة سواءً العسكر أو المسلحين المدنيين ولا نعرف مصدرهم من أين؟ ففي البداية تم عمل مذكرة من المدرسة وهذا حسب التخاطب الإداري فجاءت إلينا، ثم قمنا بإرسال المذكرة إلى مكتب التربية وبلغناهم أن هذه طلبات المدرسين أن يبعدوا المسلحين من المدرسة.
وعند سؤاله هل كان هناك تجاوباً لإبعاد المسلحين؟ رد شوقي قائلاً: حقيقة ـ مدير مكتب التربية بالمحافظة ومدير أمن المديرية كانوا متجاوبين جداً معنا وإلى أعلى مستوى، حقيقةً لا أستطيع أن أفتيك بأن هناك تجاوباً من العسكريين لأننا لم نتواصل معهم ولا مع أي جهة مسؤولة عن العسكر.

ذريعة حماية المدرسة!

ويقول شوقي عن أحداث الخميس "يوم الغضب الطلابي" بالقول: والله نحن تواصلنا مع مدير المدرسة أول ما وصلني بلاغ عبر الهاتف فقال: أن مجاميع وصلت إلى المدرسة ويريدون إخراج الطلاب وكان مع الطلاب شعار يقول "يا مدير أختار اختار.. الطلاب وإلا العسكر" وفجأة يرى.
 أن الباب اختلع ودخل الطلاب المدرسة وهجموا على زملائهم الطلاب وقاموا بإبعاد المتارس التي على أسطح المدرسة ـ حسب ما يقول مدير المدرسة ـ وأنهم مجاميع بعضهم بزي مدرسي والبعض الآخر دون زي.
 وحول التحقيق مع بعض الطلبة المحتجزين، رد: لا حول ولا قوة إلا بالله والله.. لم أعلم بشيء من ذلك إلا منك، نحن كان موقفنا منذ البداية معروفاً، طبعاً المعلومات وصلتني عبر التلفون كوننا في يوم الخميس إجازة، وعندما حضر مدير أمن المديرية ومساعد مدير الأمن إلى المدرسة وتم الاجتماع بالمدرسين لمناقشة هذه القضية "قضية المترس والمسلحين بالمدرسة "، وحسب ما قال بعض المدرسين أن الإشكالية تكمن في المسلحين المتواجدين بالمدرسة، والنقاش لم يخرج بأي فائدة ولا بأي حلول، وكان مدير أمن المديرية يقول نحن سنعمل لهم غرفة خاصة ومخصصة، باعتبار أنهم جاءوا ليحموا هذه المنشأة والمؤسسة الحكومية.
وحول قصة حماية المنشأة الحكومية سألناه عن كيفية أن تكون حماية المدرسة كما يقولون بالذخائر المتعددة من قنابل أو غازات مسيلة دموع؟ فقال شوقي: والله حسب علمي أن الذي يدعي الحماية يحمي بكل ما يتوفر له من سلاح، أما فيما يخص مسيل دموع والقنابل فهذا ليس بصحيح فنحن لا نقبل بذلك، ولو كنت حاضراً الموقف كنت سأحكي لك بالتفصيل.

حلول غير مجدية:

وعن قرار نقل مدرسي وطلاب مدرسة الشعب إلى ثانوية تعز قال: القرار محل الدراسة وطبعاً قيادة التربية مهتمة بالموضوع جداً وحسب علمي شكلت لجنة لمناقشة ذلك وإلى حد الآن لم يوصل لنا أي خبر، معللاً سبب نقل المدرسين والطلاب أن ذلك أحد الخيارات إذا لم نتمكن من إعادتهم إلى مدرستهم، والذين يقرروا مثل هذه الأشياء ليس نحن بل المسئولين الذين أعلى منا، ورأيي الشخصي فإن موضوع النقل لن يجدي شيئاً، بسبب كثافة الطلبة بالمدارس الاخرى، وفيما يخص توقيع مدرسي مدرسة الشعب في كافتيريا بجانب مدرسة الشعب قال: نحن كلفنا المدرسين بأنهم ينزلوا يوقعوا عندنا في المديرية، أطلب من جميع الأطراف الشرفاء في الساحة الوطنية العودة إلى الله عز وجل.

مناشدة المنظمات الدولية
الأستاذ/ عبد الودود أحمد ثابت الحمادي ـ أستاذ في مدرسة عمر أحمد سيف وولي أمر طالب وتربوي ـ ناشد منظمات حقوق الإنسان والطفل للنظر في عسكرة المدارس وترهيب الطلبة وخلق الرعب فيهم وهذه مدارس تظل للعلم والمعرفة وليست ثكنات عسكرية، فذلك قد يولد حالات نفسية وكل ما حدث في يوم الغضب الطلابي كان احتجاج على ذلك ونحن كذلك محتجون على هذه الظاهرة كأولياء، طبعاً ولدي كان أحد المعتدى عليهم في ذلك اليوم بحيث قاموا بحجزه هو وبعض زملائه وقاموا بتهديدهم ورفع السلاح عليهم وممارسة الضغط عليهم وكل ذلك أنعكس على حالة ولدنا نفسياً في البيت وهؤلاء طلبة ويعتبروا أطفالاً فولدي لم يبلغ سن "14" سنة فكيف يتم التعامل مع هؤلاء الطلبة من قبل هؤلاء المسلحين؟، والعجيب إن مدير المدرسة الآن يشارك بدورة تدريبة وهي دورة خاصة بالمدراء والوكلاء حول كيفية معالجة الآثار النفسية التي تترتب عن إطلاق النار!! فمدير المدرسة أحد المتدربين ومدرسته ثكنة عسكرية!! ونحن نحمل المسؤولية الكاملة وزارة التربية والتعليم، ممثلة بمدير التربية والتعليم بالمحافظة ومدير التربية والتعليم بمديرية القاهرة ومدير المدرسة بدرجة رئيسية، لأنهم ليس لهم موقف إيجابي وأن الإدارة التربوية الآن هي بيد عبد الله قيران، وولدي تم إجباره أن يبصم على أنهم لم يمارسوا أي ضغط عليه أو تهديد وعبركم أناشد بقية المنظمات للنظر في هذه القضية الإنسانية.

القانون يحرم العسكرة:

الناشطة الشبابية والحقوقية إشراق المقطري تقول: بالنسبة للموقف القانوني من عسكرة المدارس فالجمهورية اليمنية التزمت بموجب الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان ومنها المعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية واتفاقيات حقوق الطفل في توفير وحماية حقوق الإنسان عامة ومنها الحق في التعليم وتوفير أفضل السبل أمام الإنسان في حصوله على هذا الحق وبالتالي ومن هذا المنطلق كان قانون التعليم وقانون حقوق الطفل اليمني الذي يضمن من خلاله تعليماً جيداً ينمي قدرات ومدارك الإنسان في جميع المراحل من الناحية الفكرية والجسدية ويساعد على بناء مواطن قادر على التعبير عن رأيه بقوة ويساعد في بناء مجتمع مثالي.
وعسكرة هذه المدارس يحولها من معاقل ومنابر للتعلم والثقافة المنفتحة على العالم الى ثكنات عسكرية ترمز للعنف وتنتهك حق الطفل اليمني من أوجه عديدة، فمثل هذه السلوكيات لا يمكن أن تمر من مخيلة الطالب اليمني وذاكرته في تحول مدرسته إلى معسكر يستخدم للقتل والقمع وأصوات الرصاص التي تنطلق من هذه المدارس.
ولا أعتقد أن هناك دولة من الدول استخدمت المدارس التي رسالتها تعليمية تربوية وأخلاقية إلى معسكرات تخرج منها رصاص الموت، ولغة العنف والارهاب وهي عكس ما يتعلمه وينهله الطلاب، بالتالي فنحن أمام قضية انتهاك للحق في التعليم ولحرمة المؤسسات التعليمية فلم يكتف النظام بانتهاك هذا الحق من خلال سوء التعليم وتردي الرسالة التعليمية وعدم استيعاب مضامين حقوق الإنسان في المناهج التربوية والتخويف الذي يتعرض لها الطالب في المراحل الدراسية ومنعه من التعبير عن رأيه وبالتالي بناء شخصيته بناء ديمقراطياً إيجابياً ولم يكتف بانتهاك حرمة هذه المؤسسات الثقافية والتربوية من خلال قمع المعلمين وقطع رواتبهم بسبب ممارستهم للحق في التعبير والتجمع السلمي إنما كان الانتهاك الجسيم والغير مقبول في استخدام هذه المؤسسات التعليمية إلى معسكرات وثكنات عسكرية ترسل حمم الموت للمواطن وأصبح المرء يمر أمام هذه المدارس وبدلاً من قراءة عبارات وشعارات الحرية والمساواة أصبح يشاهد الأسلحة الخفيفة والثقيلة التي تقول له لا للتعبير لا للتغيير.
وللأسف أن هذا السلوك الغير أخلاقي والغير قانوني وجد بشكل واضح في مدينة العلم والثقافة والتي عرف أهلها بشغفهم نحو التعليم ونشر التعليم إلى بقية مناطق الجمهورية وكأنه عقاب لتعز على وجود شباب يحملون فكر حرية الرأي والتعبير.
باختصار هذا انتهاك مرفوض ويجب على المنظمات الدولية والمانحة التي تهتم بموضوع التعليم والطفولة الوقوف أمام هذه الجريمة التي لم يقم بها نظام من سابق وظاهرة غير مسبوقة وضرورة حماية هذا الحق وإخراج المعسكرات ومنع استخدامها ضد المواطنين الآمنيين العزل .. ولتبقى المدارس بعيدة عن كل هذا.

إفلاس أخلاقي:

الأستاذ/ صادق الطبي ـ موجه بالتربية ـ يقول: القيام بعسكرة المدارس من قبل النظام دليل على إفلاسه من الناحية الاخلاقية والأدبية، فهو لم يحترم شيئاً، يدوس كل شيء تحت قدمه، الأخلاق، المبادئ والقيم، وبهذا يلجأ لمثل هذه الأمور ويحول المدارس والمستشفيات إلى ثكنات عسكرية، لنشر الرعب والخوف في أوساط الطلبة والمواطنين، والعمل على إقلاق السكينة العامة، إضافة إلى ارتكاب المجازر البشعة التي يقوم بها كل يوم هنا وهناك، والتي تنطلق من هكذا أماكن لها قداستها كالمدارس والمستشفيات، ثم ماذا تنظر من شخص غير متعلم، يقوم بمحاربة العلم ونسف هذه المنارات التعليمية التي تنطلق منها التنمية والازدهار والرخاء وكل مقومات النهضة والحضارة، بل إن مثل هذه المنارات التي انطلق منها الشباب في ثورتهم ضد هذا النظام البائس والمتهالك والمنتهي.
مخالفة كل التشريعات:
المحامي والناشط الحقوقي: صلاح الدين عبد الجليل ـ الأمين العام لمنظمة "هود" بتعز ـ يقول عن عسكرة المدارس: الدستور اليمني نص على أن للمدارس حرمة لا يجوز استخدمها لأي غرض غير التعليم، بمعنى أن ذلك يخالف نص الدستور قبل أن يخالف القوانين التعليمية التي تنضم المدارس وتجعلها محاضن للتربية والتعليم وقبل هذا القانون فالدستور قد أوضح صراحة أن للمدارس التعليمية حقوقاً فاستخدامها لغرض قتل الناس أو عسكرتها هذا مخالف للدستور والقانون بل ويخالف الأعراف والمواثيق الدولية والتي نصت عليه القوانين الدولية ومن ذلك قوانين أو ميثاق الأمم المتحدة والتي تجعل من التعليم وأماكن التعليم حرمة لا يجوز لأي أشخاص أو أفراد أو مؤسسات أو حكومات استخدامها لأغراض سياسية أو غير ذلك فلا يجوز استخدمها إلا للتعليم.

رصد موثق للانتهاكات

ويضيف الناشط عبد الجليل: ندين كناشطين حقوقيين وقانونين هذه التصرفات الخارجة عن الدستور والقوانين والمواثيق الدولية والخارجة عن الأعراف التي تعارف عليها الشعب اليمني، ونناشد المنظمات الدولية والعالمية أن تضغط على هذا النظام من أجل إخلاء المدارس التعليمية من الثكنات العسكرية، فنحن في منظمة "هود" قد أعلنا وأصدرنا بيانات في هذا المجال وهي الآن تقوم برصد انتهاكات بقايا النظام الذين تخلوا عن المبادئ الإسلامية والأعراف والدستور، ورصدت أكثر من حالة تعرضت للانتهاك وبعد ذلك محاسبة من يقوم بذلك سواءً أمام القضاء المحلي أو القضاء العالمي، ومنها ما حصل في أحداث الخميس ـ يوم الغضب الطلابي في مدرسة الشعب ـ وإلى ذلك ما حصل قبل ذلك في مدرسة باكثير ومدرسة علي بن أبي طالب وغيرها من مدارس تعز من جعل المدرسة ثكنات عسكرية إلى تخصيصها في مجالات سياسية والاعتداء على بعض المدرسين لأغراض سياسية فقمنا برصد كل ذلك وسنقدمها للمحاكم المختصة.
وعن جدوى الشجب والتنديد يرد صلاح: يا أخي إن كان هناك مخاطبة سنخاطب الهيئة المختصة في تعز مكتب التربية والتعليم، فإذا كان مكتب التربية في تعز الآن هو بذاته ثكنات عسكرية ووزارة التربية والتعليم لم تعد الآن مهتمة بالتعليم ولكن أصبحت مشغولة ومهتمة بتوفير الأكل والشرب والبطانيات للعسكر الموجدين في التربية والمدراس نحن الآن نسعى للاحتفاظ بهذه الملفات التي تم رصدها وإن شاء الله سيتم تقديمها إلى القضاء.

عسكرة.. ورعب وخوف:

زكريا الشرعبي ـ مدرس في مدرسة الشعب ـ يقول حول عسكرة مدرسة الشعب: بدأنا بالدوام المدرسي ووجدنا هناك مجموعة من الأفراد المسلحين وما يسمون بالأمن المركزي، فكنا نجدهم يقومون بالأكل والمقيل هناك في مدخل المدرسة والبعض منهم يمضغون القات بجوار الصالة، ويتجولون داخل المدرسة بأسلحتهم، خاصةً وإن هذه مؤسسة تعليمية وفيها أطفال، وأتوقع أن هؤلاء سيقومون بإستفزاز الطلاب وإرعابهم وأتوقع أن الطالب سيتولد فيه شعور أنه لم يدرس أي شيء بل وتولد رابط فيه بين الطلقات النارية التي يسمعها ليلاً وبين هذه المظاهر مما يتولد فيه خوف ورعب، وكذلك نحن كمدرسين استفزنا هذا الوضع كوجود معسكر وعدد من العسكريين في المدرسة حتى أن هناك بلاطجة يترددون على المدرسة بشكل دائم، والنظام وإعلامه يردد علينا العودة إلى المدارس ومن هذا القبيل ومن ثم يعمل هو على عسكرة المدارس وخدش رسالة هذه المؤسسة التعليمية.

انتهاك واعتداء

وحول أسباب الاستغناء عن زكريا الشرعبي من قبل مدير المدرسة يقول زكريا: ليس هناك سبب يذكر، أنا أخطأت كمدرس، لكن العسكريين وعلى رأسهم المسؤول عليهم ويدعى مطهر الإرياني اتهمني بتحريض الطلاب فقلت لهم أنا لا أحرض عليكم أنا هنا كي أؤدي عملي، مع حرصنا الشديد في اجتنابهم لأن هؤلاء الأشخاص نعرف مدى جرمهم، وقبل ما يقارب أسبوعيين وأثناء تصفحي لرسائل جوالي أنا وأحد زملائي إذا بالمدير يرسل لي أحد المدرسين بعد الراحة فجئت إليه حتى الضابط جاء وخلفه "3" من المسلحين.. وقال أنت كنت تصورنا في الخارج، ورغم إثباتي للمدير وبشهادة المدرسين الذين معي أننا كنا نقرأ رسالة وبحسن نية قمت أعرض الصور التي في تلفوني على المدير ولكن هذا المسؤول قام بحماقته بخطف تلفوني من يدي بالقوة وقام بالاتصال لقائده بأن هناك مدرساً يصورنا ويهدد بالحبس في المعتقل.
ويتابع الشرعبي: مدير المدرسة هنا تدخل وأخذ التلفون منه بحجة أنه ما زلت أمامه وقام خلاف ذلك هذا العسكري بالتهديد بالقتل أمام مدير المدرسة، فقلت لمدير المدرسة والعسكر كذلك نحن هنا في مؤسسة تعليمية أؤدي واجبي أما أنت وجودك داخل المدرسة خطأ، فقال لماذا؟؟ قلت له هذه مؤسسة تعليمية وليست ثكنة عسكرية، فقال أنا هنا وغصباً عنك بحجة أنني أحميك، والكل يعرف إن هذه المدرسة منذ الستينات لديها حراس مدني بدرجة عمالية وبالأساس لا تحتاج المدرسة إلى حماية، لكن يبدو أن النظام بدأ يعد عدته لقمع المتظاهرين والتمركز في المؤسسات التعليمية دون مراعاة لحرمتها.
عموماً.. بعد ذلك عدت في اليوم الثاني إلى مدير المدرسة وقدمت شكوى خطية لكي يتم رفعها إلى من هو أعلى منه والمسؤول عنه لأخذ حقي وكان هذا إجراء قانوني، لكن مدير المدرسة رفض، أن يكتب أي شيء فقمت بالتوجه إلى إدارة التربية بالمديرية وطرحت عليها نفس الشكوى وبدورها قامت بعمل مذكرة أرسلها إلى مدير التربية بالمحافظة إلى سرعة إخلاء "مدرسة الشعب" من العسكر، كونها مؤسسة تعليمية ولا داعي لتواجدهم كي لا تتسبب بمشاكل توقف العملية التعليمية وعمل نسخة لمحافظ المحافظة ونسخة لما يسمى بمدير الأمن بالمحافظة، وأبلغت مدير مكتب التربية أني لن أعود للمدرسة بسبب أنني مهدد بالقتل، واعتدي علي داخل المدرسة دون أن يرد لي اعتباري، فظللت أتردد على إدارة التربية والتعليم إلا أني تفاجأت بعد ذلك بعدة أيام أن مدير المدرسة عمل لي استغناء وهذا بدلاً من أن يأخذ بحقي تم الاستغناء عني، مع الأصل بأن مدير المدرسة هو من يتواصل مع المدرسين ويتابع حقوقهم كونه المسؤول الأول على المدرسين والطلبة لكن هذا واقعنا اليمني.

لنستعيد هيبة التعليم
لا توجد في الكون رسالة أسمى وأعظم من التعليم، بها أرسل الأنبياء، ومن أجل المعرفة والعلم كانت الحياة وكان الكون، بينما نحن نهين سمو هذه المهنة بأيدينا ونذل كرامتها بتدنيس قدسيتها بهذا الطريقة، فلم يسلم المدرسون ولا الطلبة ولا حتى المباني التي يتم اعتبارها في العالم كله بأنها حرم دراسي، فيما نحول نحن الحرم إلى (جرم) بحق العملية التعليمية بأسرها وبحق مستقبل اليمن، فمتى يستعيد العلم والعلماء وتستعيد المؤسسات التعليمية هيبتها؟؟ 


المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد