الإصلاح الاقتصادي في اليمن برؤى نُخب وطنية

2012-11-02 23:40:05 فيصل عبدالحميد

 


إذا كانت ثورات الربيع العربي جاءت للقيام بعملية إعادة بناء شاملة وإصلاح قطاعات الدول بعد تطهيرها من نخب الفساد الحاكمة، لتظل الإصلاحات الاقتصادية خطوة أولى وعملية في إعادة البناء وإعادة هيكلة مؤسسات الاقتصاد، وفق أسس عملية وآليات تطبيق حديثة، خالية من شتى العيوب، ليجعلوها قادرة على خدمة باقي مؤسسات الدولة الاستراتيجية، حتى نصل للإكتفاء الذاتي واستغلال أمثل لبلد بددت موارده خلال عقود، وكبل بعضها بمساحة هلامية وضبابية المشهد، لم يتضح فيه رؤية المشهد، بأبطال مُستهليكن وبحلقات مفرغة، يديرها الخارج وفق أمزجة ابتزاز وارتجال، لتجارب قادت البلد نحو الهاوية، فماذا عسانا أن نفعل في الإصلاح الاقتصادي في هذا الزمن الاستثنائي؟!

مهمة الحكومة والمواطن معاً
نشوان شاهر ـ من القطاع الخاص ـ يعتقد بأن المهمة الحقيقية تنقسم إلى مهمتين:ـ
ـ مهمة الحكومة كجانب عملي جاد وفعال.. فالتنظير قد عرفناه ومللنا منه، وعليها توفير الأمن للمستثمر بتفعيل دور القضاء ومكافحة الفساد وإلغاء الحصانة عن أي فاسد، ابتداء من رئيس الوزراء إلى الوزراء، وأعضاء مجلس النواب والشورى، وبأي درجة كانت وإيجاد قوانين لتسهيل الاستثمار وتوفير البيئة المناسبة لرأس المال المحلي والخارجي، إضافة إلى فتح المعاهد المهنية والتأهليلية للكوادر الشابة اليمنية بصورة عاجلة وترشيد المعدات للاقتصاد التنموي، والأموال التي حصل عليها اليمن من كافة المؤتمرات.
ـ أما عن مهمة المواطن ورجال الأعمال، فتبدأ من مساعدة الحكومة في تقديم الرؤى والمشورات الاقتصادية، وكذا إيداع الأموال الممنوحة من الخارج لدى البنوك اليمنية، بحيث تدعم العملة المحلية أولاً.
فكما نعرف بأن رأس المال المهاجر من 20 إلى 28 ملياراً ـ حسب الإحصائيات ـ فعلى الدولة أن تبحث لهم عن التسهيلات، وتوفير فرص العمل للعمالة المحلية والعاطلة.
وأضاف: كما يجب تسهيل الائتمان في البنوك الاستثمارية للشباب، وخفض سعر الفائدة فيها، فنصف المستثمرين وأصحاب هذه المشاريع الصغيرة لدى أقسام الشرطة محبوسين، لتعثر مشاريعهم، كما أن على الدولة مساعدة أصحاب هذه المشاريع الصغيرة، في كيفية تشغيلها وترشيدهم وتعليهم، وهذا سيكون له أثر كبير في عملية الإصلاح الاقتصادي في اليمن.
وأكد أن موضوع النهضة الاقتصادية باليمن، بحاجة إلى إرادة سياسية قبل أن يكون هناك حلقات مفرغة بحاجة إلى فهم وترتيب، داعياً الحكومة إلى احتساب خطة استثنائية، تنفذ في زمن استثنائي، رافضاً الخطط الخمسية التي تنفذ، كونها بكاء وأرث ماض أنتهى.
وطالب القطاع الحكومي بإعداد خطط مستقبلية جادة، وكذا تكليف جميع مراكز البحوث والدراسات ودراسات المتخصصين والأكاديميين ومنظمات المجتمع المدني، بتقديم دراسات للمشاريع الاقتصادية والصائبة.
إشراك القطاع الخاص فعلياً
أ‌.   محمد المهلا ـ مدير الغرفة التجارية بأمانة العاصمة ـ يطالب بإشراك القطاع الخاص، إشراكاً حقيقياً، ويتذكر نهاية 2010م، عندما قدم لهم في الغرفة التجارية الخطة ذلك الحين لـ5 سنوات قادمة، بملف ضخم يحوي الكثير من الصفحات، لدراستها خلال يومين فقط، من أجل مناقشتها في مجلس الشورى، في حينه.
ويقول كان هناك نوع من الإسقاطات في تعامل الحكومة مع أهم القضايا الحيوية للبلدان.. ويرى بأن الحل للإصلاح الاقتصادي هو تشكيل مجلس أعلى من المتخصصين في القطاع الخاص، من أجل تحديد الأولوية والقنوات والجهات المعنية وتشكيل لجنة إشرافية وجهات لتلقي الشكاوى حول ذلك.
وحسب قوله ما نزال أرضاً وإنساناً مملوكين لأسرة ما تزال في المنظومة السياسية وهم من يتحكمون بأمن ومقدرات البلد ـ للأسف الشديد حتى الآن.
تعزيز الشراكة:
فيما يرى محمد إسماعيل ـ من نادي رجال الأعمال ـ بأن المرحلة الانتقالية مرحلة استقراء للمستقبل ويأمل من أن تكون المراحل القادمة، مرحلة شراكة حقيقية، ويرى أن توجهات الحكومة الحالية إيجابية في إشراك القطاع الخاص، لكن ـ حسب قوله ـ هناك عوائق موضوعية، أحياناً تحكم هذه الشراكة، وإنهم كقطاع خاص لا يزالون في نقاشات مع الحكومة حول ماهية هذه الشراكة وآلياتها في المستقبل.
ويؤكد بأن نشاط نادي رجال الأعمال مازال مستمراً في إسهاماته برسم السياسيات الاقتصادية للبلد، وتعزيز الشراكة التنموية بين الأعضاء، وهو ما يراه انطباعاً إيجابياً، سيسهم في الإصلاح الاقتصادي القادم.
تمكين المرأة وإشراكها
أ‌.   فيما قالت مها السيد ـ سيدة أعمال ـ على الحكومة أن تضع ـ ضمن صيغ برامجها وخططها الاستراتيجية التي تنفذها ـ برنامجاً خاصاً للمرأة ودورها، وكيف يمكن تمكين المرأة في سوق العمل.
وأضافت: بأن دورها ـ كمرأة وقطاع نسائي ـ يجب أن يكون فاعلاً وسيما رسون الضغط المعين لها كمرأة شريكة فاعلة في الإصلاح الاقتصادي، وبطرح رؤى معينة وأفكار في العديد من الدورات.. ترى مها أنها تستطيع جعل المرأة ضمن نطاق المنح التي تتحصل عليها الدولة الآن، وطالبت بأن يكون هناك دورات وبرامج متخصصة لتمكين المرأة اقتصادياً.
وحسب دراسة قامت بها مها السيد ـ حول تحديات مشاركة المرأة اليمنية في سوق العمل ـ ذكرت بأن المرأة أصبحت تعاني من الظروف المجتمعية، وزاد تأثرها من تدني فرص حصولها على الخدمات الأساسية، وتدني مشاركتها، وهو ما جعل المرأة تعاني أيضاً تهميشاً وإقصاء واستبعاداً، بمختلف الأصعدة ولأن مجتمعنا اليمني يعتبر مجتمعاً أبوياً فقد زادت معاناة المرأة لدرجة أشد وحرمت من حقوقها المتساوية مع الرجل.
مشيرة إلى أن تقرير التنمية البشرية العالمي لعام 2011م، أكد بأن الأداء الاقتصادي للمرأة في اليمن هو الأضعف على مستوى العالم، وذكرت الدراسة بأن نسبة الأمية بين النساء بلغت 65% وأن نسبتهما ضمن السكان الغير نشطين اقتصادياًً بلغت حوالي 72%، وأن تمثيلها من القوى العاملة في القطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية يمثل 28.3%، فيما يصل في القطاع الحكومي والعام إلى 9.3% وأن نسبة النساء بين المشرعين وكبار المسؤولين لا يتجاوز 4.4%. وأن نسبة البطالة بين الشابات تصل إلى 55.8% من إجمالي، البطالة بين النساء، مما يدل بالفعل على ضعف دور المرأة ومشاركتها في الإصلاح الاقتصادي للبلد.
وطالبت الدولة باستغلال هذه المنح، وتسخير جزء منها لعمل برامج تمكين عملية للمرأة فيها أثر يقاس به مساهمة النساء في النشاط الاقتصادي، وفق خطة استراتيجية تسهم المرأة في صياغتها، والعمل على سن قوانين جديدة للمساعدة في تشجيع مساهمة النساء في إصلاح اقتصاد البلد.
مها.. عملت تجربة اقتصادية، بما لديها من أفكار، ونجحت في تأسيس شركة للتسويق الزارعي وهي الآن تديرها، وعملت على تصدير المنتجات الزراعية والبضائع للسوق الأوروبية المشتركة، وترى أن المرأة لديها أفكار قد تسهم في إصلاح إقتصاد البلد، فدورها لا يقل شأناً عن الرجل.
لا تحول دون إصلاح الاقتصاد
الدكتور/ طه الفسيل ـ أكاديمي ـ يرى أن الاقتصاد رافعة السياسية ويمثل أهم المواقف في المرحلة الانتقالية الحالية، ويقول لا يمكن أن تتم عملية التحول والانتقال الديمقراطي في البلد دون عملية إصلاح اقتصادي.. ويعول بالنجاح على منظمات متخصصين ونخب أكاديمية، حيث هم خير ممثلين للمجتمع في رسم خطط الإصلاح الاقتصادي، بما يخدم البلدان وفق تصورات ورؤى تخدم المرحلة الحالية، لنجاحها في عملية الإصلاح الجاد والفاعل لإنتشال الوضع الردئ الحالي لإقتصاد البلد.
مكافحة الفساد أولوية ضرورية وإرادة قوية وقرارات شجاعة
الدكتورة/بلقيس أبو أصبح ـ نائب رئيس الهيئة العليا لمكافحة الفساد ـ
كيف يمكن أن يكون للفساد والاقتصاد علاقة في الرقي بالتنمية؟
بدأت حديثها بهذا التساؤل، حيث قالت كلنا يعرف أن الاقتصاد اليمني يواجه أزمة حقيقية، نعيشها اليوم بكل تداعياتها، فزادت نسبة الفقر والبطالة، وقلت الاستثمارات، وهربت الأموال ورؤوسها إلى الخارج، مما جعلنا نعيش أزمة اقتصادية حقيقية في هذا البلد.
وترى أصبح أن الحلول تكمن من خلال توحدها وبلورتها بشفافية، حتى تساعد متخذي القرار في تجاوز هذه الأزمة، واتخاذ قرارات ناجحة فعلاً.
وتضيف أن التحديات التي يواجهها الاقتصاد كثيرة جداً، أهمها:ـ
السياسات الاقتصادية الخاطئة، التي انتهجت في السابق وأدت إلى انتشار الفساد عبر تبديد الأموال وعدم استغلالها في مكانها الصحيح، وبالتالي إذا أردنا أن نصلح الاقتصاد يجب أن نعتمد على سياسات حقيقية ناجحة، منها مثلاً نظام السوق الاجتماعي، نأخذ العدالة الاجتماعية، وتوزيع الموارد على جميع الناس، بحيث يكون جميع الناس مستفيدين من كل ما يوجد في الاقتصاد اليمني.
الأمر الثاني إن الاقتصاد ـ خلال الفترة السابقة ـ اعتمد بشكل كبير جداً على مورد النفط والذي حدثت فيه كثير من المشاكل، ولكنها لم توجه في الاتجاه الحقيقي لها، ولم تقم ببناء بنية قوية اقتصادية مؤسسية حتى نستطيع الاستمرار نحن الآن، فنحن نواجه مشكلة حقيقية لتطوير هذا المورد.
وتطرح سؤالاً آخر.. الآن كيف نستطيع أن نتجاوز كل هذا الإشكال في هذا المورد؟
تقول هناك بوادر لإنتاج الغاز.. إلى الخ!! لكن هذا ـ حتى يكون ناجحاً ـ يجب أن نعرف بأن ناتج صادرات الغاز لا يمكن أن يعوض ولو جزءاً بسيطاً من صادرات النفط، وبالتالي نحن أمام مشكلة حقيقية.. نريد أن نبحث لها عن حلول حقيقية، وتعتقد بأن العمالة اليمنية يمكن أن تستغل في هذا الاتجاه.
وترى أنه يجب على المانحين الإسهام بشكل أكبر، ومبدئي ولا نقول أن تعتمد عليهم بشكل كلي في زحرحة الأزمة الاقتصادية، لكن إلى حد ما، تظل العمالة اليمنية هي المورد الذي تستطيع اليمن أن تستغله، بفتح أبواب لنقل العمالة إلى الخارج وتأهيلها، ليظل مورداً مهماً، لكنه ليس المورد الأساسي، طبعاً.
ويجب على اليمن أن تبني بنية مؤسسية قوية اقتصادية، تستطيع ـ من خلالها ـ أن تستوعب كل هذه العمالة، وفي نفس الوقت تكون منتجة أيضاً للعمالة، فدول مثل اليابان وماليزيا اعتمدت بشكل كبير جداً على استغلال هذه العمالة وعلى وجودها المؤهل.. مؤكدة بأن من ضمن المشاكل التي تواجهها أيضاً الموارد المائية، والتي يتم استنزافها بشكل عشوائي، وهو مورد مهم يجعل البلد على المحك، ولن نستطيع أن نحل هذه الإشكالية إلا بإرادة فعالة وقوية، ترشد استخدامها، فاليمن لا يملك طاقة لتحليه المياه من البحر، وإن كان لنا ذلك فستكون التكلفة عالية، ولن يتم ذلك إلا عبر بنية مؤسسية قوية اقتصادياً ـ مما قد يساعد في حل كثير من مشاكلنا..
 وتضيف بأن انتشار الفساد ساهم في تدهور الاقتصاد اليمني، حيث أصبح يدخل معظم الدخل اليمني، يدخل في المبالغ الموجهة للمشاريع، وأصبح يقوض الاستثمار وأصبح يزيد تكلفة مشاريع يمكن أن تقوم بها الدولة، أيضاً يبدد الموارد القومية ويؤدي إلى كثرة النزاعات، فانتشار الفساد يقوض البيئة السياسية والاقتصادية والاجتماعية لأي بلد، وتتأثر كثيراً البلدان الذي ينتشر فيها الفساد اقتصادياً وهذا الشكل نراه الآن في اليمن.
ومكافحة الفساد تعتقد أبو أصبع بأنها أولوية ضرورية الآن في اليمن ويجب علينا جميعاً أن نعمل على أن يكون أولوية في أعمالنا، ويجب أن يكون هناك نزاهة وشفافية، ومكافحة للفساد خلال المرحلة الحالية والمقبلة، لكي نستطيع أن نحقق اقتصاداً حقيقياً.. وننعم بموارد حقيقية، لأن ما يوجه لمشاريع اقتصادية يذهب إلى الفساد، وبالتالي تظل مشاريعنا هزيلة، لا نستطيع من خلالها أن نبني التنمية.. ومكافحة الفساد هي آلية حقيقية، نستطيع من خلالها أن نحصر هذه الموارد ونبني عليها التنمية الاقتصادية الحقيقية.
وما يعزز هذا الكلام ـ هو وجود شفافية حقيقية في المشاريع الاقتصادية، والمناقصات، في الشراء والمؤشرات في أي شيء، فمعظم مواردنا لا نعرف كم هي، ولا أين ذهبت ولا نعرف كم يدخل للدولة من ميزانيتها لكي نستطيع أن نبني خططاً اقتصادية مهمة؟!.
فوجود دراسة مهمة لتوصيف الاقتصاد اليمني، لفهم الخلل لمعالجته، وهذا من الأهمية لمساعدة متخذي القرار، ويساعدنا نحن في هيئة مكافحة الفساد ومنظمات مجتمع مدني، وسوف يساعد اليمن بشكل عام لأن تتخذ خطوات جادة في هذا الإطار.
الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد أهم أهدافها هو مكافحة الفساد وتحديد الشفافية والنزاهة في القطاع العام والخاص، في كل ما يخص مهام الدولة، حيث قامت حتى الآن بإنجاز 83 قضية، برغم المعوقات التشريعية التي لاقيناها في هذا الجانب، والحمد لله قمنا بإنشاء نيابة متخصصة لمكافحة الفساد، وواجهتنا مشكلة أخرى، حيث تذهب قضايانا إلى هناك، لا تجد قضاة متخصصين والقاضي فيها وحيد وليس له خبرة كبيرة في قضايا الفساد، وتم تخصيص قاض في صنعاء وقاض في عدن، لكننا في الهيئة نشعر بأن قاضياً واحداً لا يمكن له أن يقوم بأي حكم حقيقي جاد.
فإذا لم تكن الأحكام الصادرة من الهيئة أحكاماً قوية رادعة لن نحقق شيئاً ونحن الآن في الهيئة ومع البنك الدولي نضغط على إنشاء محكمة متخصصة لمكافحة الفساد، ونطلب من الجميع أن يضغط معنا على أهمية وجود محكمة متخصصة بحكامها، فالأحكام التي تصدر الآن أحكام ضعيفة لا تتناسب مع الجهد المبذول، فوجود محكمة تتكون من ثلاثة قضاة مشهود لهم بالنزاهة والكفاءة والشجاعة في إصدار أحكام قضائية مهمة، أعتقد بأنه سيكون له دور مهم في إصلاح أوضاع البلد ومنها الإصلاح الاقتصادي.
ويجب أن نتفادى كل الأخطاء في هذه المرحلة، فاليمن اليوم تقف على مرحلة جديدة صعبة، مرحلة يجب أن نؤسس فيها لدولة مدنية حديثة، نؤسس فيها لبناء اقتصاد يمني قوي، ولن يبنى هذا الاقتصاد إلا بمساعدتنا نحن جميعاً، بعيداً عن كل شيء من الأشكال الطائفية، والحزبية إلى آخرها، ويجب أن يكون لنا هدف واحد، وهو اليمن، وكيف نبنيه فقط، ليس من أجلنا نحن، ولكن من أجل أطفالنا، ومن أجل مستقبل بلدنا، وما نحتاجه الآن، ناس صالحون، ناس لهم لغة قوية يستطيعون من خلالها أن ينفذوا.
وأشارت إلى أنها ـ في إحدى دراساتها ـ اطلعت على تجربة أندنوسيا في فترتها الانتقالية، حيث قامت بإصدار كثير من القوانين والتي قدرت بحوالي 180 قانوناً، عدلوا قوانين وتشريعات، واتخذوا قرارات اقتصادية، كانت في وقتها صعبة جداً وأشار عليهم الناس حينها، لكن الآن "أندنوسيا" عندما أرادت أن تبني بلداً قوياً، كانت تلك القوانين داعمة لها.. ووجدت من يناصرها عندما أرادت بناء اقتصاداً قوياً وكانت القرارات الاقتصادية التي اتخذتها في وقت ما غير مناسبة أصبحت مناسبة الآن.
وأكدت إننا في اليمن نحتاج إلى إرادة سياسية قوية حقيقية لمساعدتنا في هذا المجال، باتخاذ قرارات حقيقية، مناسبة لمكافحة الفساد، وتمنت بأن تكون المرحلة القادمة، مرحلة نزاهة، وشفافية، ومكافحة فساد، وأن تكون أولوية لنا جميعاً في جميع مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني، وليس رجل الشارع.. فنحن ـ كما يقال ـ في أمس الحاجة إلى معرفة ما هي الإمكانيات الموجودة في بلدنا، حتى يجب استخدامها، فلدينا ميزات نسبية عديدة لم يلتفت إليها أحد، لدينا ميزات في إنتاج المنتجات الزراعية مثلاً، وهناك للأسف بعض سياسات لم تحسم وغير واضحة المعالم كبعض السياسات المالية، فخلال الفترة الإنتقالية، سمعنا الكثير من وزير المالية وهو يتحدث كأنه أمين صندوق، ولم نسمع منه كلمة واحدة يتحدث فيها عن كيفية تطوير أساليب لوضع الموازنة والإنفاق وعن تقرير الموازنة أو الأبواب والنقود، فهناك أبواب موازنة لم تعد تستخدم في مكان أو أي دولة، بل أصبحت ضمن التاريخ وبالتالي لا تعطي نواة من المرونة في الاستخدام وأيضاً السياسات المتخذة وتأثيرها على المواطن، وكان يفترض أن يكون هناك نوع من الخطط والبرامج المتوافقة مع السياسات الاقتصادية تعويضية للقطاعات المختصة، ونحن غلبنا القطاع السياسي أكثر مما ينبغي، غلبناه حتى على الجانب الاقتصادي والذي هو أهم، ولم نتبع سياسات اقتصادية قبل اتخاذ القرارات.
ويرى أن تقسم مناطق الاستثمار في هذا البلد إلى مواقع، إما بحسب الموارد البشرية أو الموقع أو بحسب الموارد الطبيعية، وبالتالي نستطيع أن نجعل من هذا المكان أو ذاك مكاناً آمناً للاستثمار والعمل على إنشاء مناطق متعددة ومختلفة للمناطق الحرة مع دول الجوار، دون أن أربط ذلك بأمن البلد، حتى يستقر.
ويؤكد بأنه يجب أن نلوم العالم الآخر على طبيعة الاتفاقيات التي تجرى في هذا البلد، وإنما نلوم أنفسنا، لأننا نفصل سياسات وقوانين لا نستطيع ـ من خلال بحثها ـ أن نحصل على نتائج، وكل تلك التجارب السابقة ـ حسب قوله ـ كانت تخضع للمزاجيات والارتجالية.
وقال نحن لا نستخدم الشعب في إدارة الوظيفة، وإنما نستخدم الوظيفة لقتل الشعب، فالخلل موجود فينا وفي ساساتنا العشوائية في كل شيء.
وأكد بأن البناء الاقتصادي وإصلاحه بحاجة إلى إعادة رسملة المجتمع في كثير أماكن، فنحن لدينا إشكالية في نوع المشاركة المجتمعية، ناهيك عن النخبة، فالناس بحاجة إلى رسملة بطريقة أو بأخرى، وهذا يتطلب مساهمة القطاع الخاص، وفقاً للتخطيط، بشراكة اقتصادية متوافقة.
الاهتمام بالاقتصاد وفق الحكم الرشيد
أما أ. مصطفى نصر ـ رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي ـ فإنه يرى أن إثارة موضوع الإصلاح الاقتصادي ـ كأحد المحاور الأساسية للمستقبل ـ جزء مهم، فالملاحظ أن الاهتمام يطغى جانبه السياسي، والشأن السياسي أكثر، وهو متغير وذو أهمية، لكن يفترض النظر بعين الاعتبار للشأن الاقتصادي، باعتباره المولد لكل المشكلات الاجتماعية والاقتصادية الأخرى، والتي سينعكس لدى السياسيين في النهاية.
وفيما يتعلق بالإصلاح الاقتصادي، لا بد أن يكون هناك دور للقطاع الخاص والحكومة والمجتمع المدني في الاشتراك برؤى ووضع تصورات وخطط على مدى قصير وبعيد، لمعالجة الشأن الاقتصادي باعتباره، أنه يعرض للتخريب والتدمير خلال العقود الماضية. فحالة الفشل التي أحدثتها الحكومات المتعاقبة، لا نريد أن نكررها، ونتمنى الاستفادة منها في بناء فاعل، بإدارة كفؤة تستطيع أن تدير اقتصادنا وفق مبادئ الحكم الرشيد، ومنها يمكن أن يتحسن الوضع الاقتصادي بصورة عامة، لاسيما الاستفادة من الموارد التي تمتلكها اليمن، سواءً كانت موارد ذاتية أو موارد كامنة، وبما يتعلق بالمساعدات والمنح الدولية، مهم للغاية أن ننظر لها بعين الاعتبار، في كيفية استغلالها في أماكنها المخصصة لها وفق خطط ودراسات فعالة.
وهذا يؤكد دوراً مهماً يفترض أن تقوم به منظمات المجتمع اليمني والقطاع الخاص وكل الأطراف المعنية بالقضية الاقتصادية اليمنية.
وأكد بأن الفساد يعد معضلة رئيسية ويتفق مع الجميع بأن قادة كثيرين لا يزالون يتريعون على مؤسسات البلد ولا يزال الفساد يتربع على عرش كل المؤسسات وعلى رأسها الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، وهذا ـ حسب قوله ـ يحتاج إلى رؤية بأن تثبت الحكومة فعلاً بأنها تريد أن تجفف منابع الفساد، ويجب أن تبدأ في تغيير القيادات لهذه المؤسسات التي أفسدت خلال الفترة الماضية، ولم تبدي الاستعداد لتغيير نفسها.
مراعات مصالح الناس في مجلس اقتصادي آخر
ويضيف الوذن بأن الخلل الاقتصادي قائم لأن السياسات الاقتصادية كانت مدبوغة بسياسة اسمها سياسة الإفساد، فسياسة الفساد ـ حسب قوله ـ يمكن معالجتها بوضع القوانين والأنظمة لإزالتها، لكن الإفساد من الصعب إزالته.
ويقول بأن حكومة الوفاق الوطني ليس مطلوب منها بأن تدخل في المسألة الاقتصادية بشكل عميق ولكن عليها مراعات مصالح الناس ومعيشتهم والناحية الأمنية، فهي مسألة غاية في الأهمية، لكن أن نظل نتباكى على الماضي ونرمي بكل فشلنا، هذا غير صحيح، يفترض أن نضع الماضي خلف ظهورنا ونبدأ..
 ويؤكد خبير الاقتصاد د.محمد الوذن بأن المشكلة أننا ما نزال نستخدم أدوات وآليات النظام السابق بل وفي كلامنا وتعبيراتنا وأدواتنا ويتفق مصطفى نصر بأن الأشخاص أنفسهم لازالوا من النظام السابق، ويقول لا أقول إزاحتهم وإنما يجب أن يلتزموا بالتوجه الجديد والمعالم الجديدة للاقتصاد، ويقول: نتحدث عن السياسية ثم السياسية دونما إدراك بأن السياسية لا يمكن أن يكون لها وزن وقيمة إلا إذا كان الوضع الاقتصاد مستقراً.
ويتمنى بأن يترجم رئيس الجمهورية أقواله ـ حيث أن الرئيس يقول إن 75% من مشكلتنا اقتصادية، وأن يجعل جزءاً من وقته بما يعادل النسبة التي قالها في الجانب الاقتصادي.
ومن حيث الحلول يرى الوذن بأن الإصلاح الاقتصادي يتطلب وجود مجلس اقتصادي آخر ـ يضع السياسات الاقتصادية من ذوي الخبرة والكفاءة، ليسو من موظفين لا يؤدون وظائفهم اليومية، أناس يعملون على إعادة صياغة وهيكلة وتوصيف إمكانيات البلد، ووضع البدائل الأفضل، لكن أن نظل نستجدي فهذا أمر أعتبره معيباً، وحتى الإستجداء أيضاً لا يكون بالطريقة الرخيصة التي نعمل بها اليوم، فلدينا مواضع قوة بديلة ـ حسب قوة.
وأضاف يجب استغلال مواقفنا السياسية الحالية، لا أقول نساوم إنما نضع إمكانيات نقدمها للآخرين لكي يدعمونا، وعلينا قبل أن نطلب الدعم أن نعرف أين سنوجهه.
وأكد بأن إشكالياتنا في كل المؤتمرات هي نفسها ونسبة 5 أو 6 من عشرة في المائة هو المستغل، وأن مؤتمر لندن الذي رصد أكثر من 5 مليارات دولار، يجب أن يستغل بوضع برامج نفترض فيها أين نوجه تلك الإمكانيات، ومشكلتنا ـ حسب رأيه ـ أننا لا نناقش جوهرها بل ظواهرها.
وقال يجب أن نتفاءل، خصوصاً ونحن في ثورة شبابية شعبية قامت وسارت ولم تأت من فراغ، وهي متجهة باتجاه واضح، وبالتأكيد أياً كان القادم سيكون أفضل من الماضي وما هو آت أفضل مما فات بالتأكيد.
وقال: نحن نريد سياسات اقتصادية واضحة، تنقذ الناس وتعطيهم وتنفذ القانون، بإختصار شديد دولة مدنية حديثة، ويجب أن تكون الصورة واضحة في شراكة لتنمية مجتمع بين القطاع الخاص والقطاع العام.
تخفيض الفوائد:
أما شوقي شمسان ـ عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب ـ فيرى بأن سندات الخزينة يجب أن تنتهي وتقف وأن تخفض نسب الفوائد لدى البنوك وإصلاح القضاء والاهتمام بالتعليم المهني والفني.
خطط فعالة لا كلام
فيما يرى عبدالباري دغيس ـ برلماني ـ أنه ومنذ أكثر من سبع سنوات ونحن نواجه مشكلة القروض والمنح ومشكلة عدم قدرتنا على استيعابها وهذا ما لا يجب أن يتكرر في المستقبل وما هو أمامنا يصل إلى 6 مليارات دولار وربما أكثر، يجب أن نوظف ذلك بما لدينا من قدرات لانتشال واقعنا المزري الحالي، فلدينا مشاكل في إنتاج الطاقة لتأهيت التنمية الحقيقة وأيضاً ضعف في الصحة والتعليم، وأراضينا يجب أن تستغل، ويجب الحد من إهدارنا للوقت 20 ألف ساعة عمل تهدر في تناول القات.
ولدينا 20 ألف حالة سرطان سنوياً والمانحون الذين قدموا 7.8 مليار دولار يجب أن يروا رؤى واضحة المنهج وفق خطط حقيقية لا كلام بل أفعال، وهذا ما يجب أن نضعه أمام أعيننا في المستقبل..
التأهيل عماد التنمية
فيما الدكتور/ محمد الميتمي ـ أكاديمي وباحث اقتصاد ـ يرى أن الفشل ليس حجر عثرة، ونحن الآن أمام مفترق طرق لوضع استراتيجية ورؤية وطنية واضحة لتجاوز هذه التحديات الكبرى، صحيح أن مواردنا الاقتصادية ضعيفة جداً للغاية، ليس لدينا موارد طبيعية حقيقية، يمكن استثمارها للتحول إلى واحد من الشعوب المنتجة والمثمرة والغنية على مستوى الشرق الأوسط، فهو يرى أن الاهتمام بالموارد البشرية بالإنسان الذي يعتبر عماد التنمية وهدفها الحقيقي، وهو أهم ثروة اليوم في اليمن، من خلال برامج تعليم مهني وفني.
ويؤكد بأنه باستطاعتنا أن نركز ـ خلال السنوات القليلة القادمة ـ على إعادة تأهيل الإنسان بشكل أفضل فعجلة الاقتصاد معها تدور السياسية والعجلات الأخرى.
وأضاف بأن الجميع فريق واحد الآن، وقد تقدموا ـ مطلع هذا العام ـ برؤية وطنية موحدة من اقتصاديين اليمن لمواجهة التحديات العاجلة في الجانب الاقتصادي للحكومة، ووجدوا أن الحكومة كانت على مستوى عالٍ من الإستجابة وتعاملت مع هذه الرؤية بتفاعل شديد وهناك تعاون بين الحكومة وبين مؤسسات اليمن العملية والثقافية والفكرية.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد