البحث عن الهوية باليمن.. همٌّ في رقم وطني معقد

2012-11-26 03:11:15 هموم الناس/فيصل عبد الحميد


حق الحصول على الهوية اليمنية يكاد يكون شبه معدوم، في ظل القرارات الإرتجالية للقائمين على مصلحة الأحوال المدني، خصوصاً بعد إعلان المصلحة عزمها وقف التعامل مع البطائق القديمة في الوقت الذي يشكو الكثير من المواطنين من التوقفات المتكررة لـ لإصدار البطائق الشخصية الإلكترونية، التي أتت بديلاً عن البطائق اليدوية.
ومع تأكيدات المسؤولين المستمرة بأنها قد اشترت ـ وبكميات كبيرة ـ بطائق إلكترونية، وأصبحت متوفرة، بعد أن تتوقف معاملات الآلاف وتعيق مراكز الإصدار الآلي، بل وتتسبب بتأخر سفر آلاف المواطنين، لتفتح أبواب الاستغلال في مختلف عموم الجمهورية، وقرارات المصلحة الأخيرة تكاد تكون مشكلة الناس، خصوصاً النساء ومنهم في الأرياف والمناطق النائية.. "هموم الناس" استطلعت آراء المواطنين حول ذلك وخرجت بالحصيلة الآتية:-

حصول صعب!!
المواطن / سالم بارجح_ يقول صحيح نحن من حضرموت ومن يسمع ذلك يظن بأننا متطورون جداً، ولكن وضعنا هناك صعب جداً، فمازال الحصول على الهوية الشخصية ضعيف وينتاب ذلك جهل عنها، وعندما يتوجه الشخص إلى فرع مصلحة الأحوال يعاني الكثير أولاً من حيث التعريف بالشخص وجمع البيانات بالإضافة إلى الروتين الممل والطويل وما يتخللها من سمسرة وإيتاوات ورشاوى هنا وهناك لتحصل على هوية ورقم وطني في بطاقة إلكترونية.
وباختصار، الحصول على كارت بطاقة للانتماء للوطن بات مهمة شاقة تحتاج منك لأيام وقد تصل إلى أشهر، بتكاليف عالية.
أجبار خاطئ:
فيما يؤيده في الرأي مواطن آخر من حضرموت هو عبدالرحمن بامساعد ـ الذي يؤكد قدومه من حضرموت إلى صنعاء من أجل إستخراج بطاقة وجوازاً بعد أن حصل على عمل في دول الجوار ـ ويقول: شهر منذ أن أتى من حضرموت إلى صنعاء وبالكاد حصل على بطاقة شخصية إلكترونية وقطع جواز السفر برغم امتلاكه بطاقة يدوية، إلا أن التعامل في مصلحة الهجرة والجوازات يتطلب بطاقة جديدة إلكترونية والتي لم يستطع أن يحصل عليها في محافظة حضرموت لعدم وجود ذلك في فرع مصلحة الأحوال وتوفقها والتي أحالتهم إلى صنعاء ـ حسب قوله.
وقال بامساعد إن إيقاف التعامل مع البطاقة اليدوية قرار خاطئ، ويعد إجباراً للمواطن وأيضاً يجعل الكثيرين من الناس يعزفون عن قطعها، لبعد مراكز إصدارها أولاً وتركزها في مراكز المحافظات، وهذا ـ حد تعبيره احتكار وسياسة خاطئة يجب أن يراعى فيها الناس وأوضاعهم، فإذا كان هناك شخص قادر على تحمل التكاليف من مواصلات وفنادق ومصاريف ورشاوى وغيره، هناك آلاف لا يستطيعون الانتقال إلى مركز مديرية فما بالك بمركز المحافظة والتي بين الحين والآخر تتوقف وتوجهك صوب العاصمة، المتمركزة في كل شيء.
تصميم سيء:
أما محمد عباس_ يعيش في صنعاء وكان أول المبادرين إلى قطع البطاقة الالكترونية ـ يقول: الأحوال المدنية مجرد لصوص، طالما سمعنا عن سعر البطاقة بـ 1000 ريال وحين نذهب للتغيير كما يقولون_ وتأتي للموظفين لا تصرف لك الاستمارة إلا بــ 1000 ريال وتجد من يملئ لك بياناتك غصباً عنك حتى لا تتلفها حد قولهم بــ 1000 ريال وصاحب الفحص 500 ريال ورسوم حجج واهية هنا وهناك هذا 500 وهذا 1000 ريال ثم بعد كل ذلك تدفع الرسوم الطبيعية المقردة طبعاً بعد أن يكون جيبك قد أفرغ تماماً مما فيه من مال، لتحصل على بطاقة لك وحدك، وشوف من يسلفك لتقطع لولدك الكبير، ومالك من زوجتك، التي أتت إليك حين تزوجتها بلا بطاقة، لأنك ستدخل في دوشة كبيرة، تعريف ورقم جلوس أو انتخابية، مجبر طبعاً لتدفع حتى تسير أمورك بسهولة ويسر، إدفع وإلا لا يحق لك امتلاك رقم وطني أو هوية شخصية تؤكد انتماؤك للوطن، فتعيش مجهولاً وتتوفى مجهولاً.
ويضيف أنا من أول المبادرين إلى قطع البطائق الإلكترونية، ويريني إياها وقد انطمس بعض أجزاء منها ولم يمض على قطعها خمس سنوات ـ حسب ما دون عليها.
ويؤكد بأن تصميمها سيء جداً وخطوطها رديئة ويقول ساخراً بأن كروت شحن الهاتف لإحدى الشركات يفوق البطائق الالكترونية بالتصميم والقوة ولا تمحى بياناته.
وأشار بأنه قلق جداً على هويته الإلكترونية الآن لو فكر بالذهاب للتغيير كم سيكلفه برغم أنها الالكترونية، ولن يكتفوا بأخذها واستبدالها بسرعة، بل سيكلفه ذلك ميزانية،بما يعادل عمله الثلاث أيام وهو صائم حتى يوفر قيمة بطاقة، يثبت بها أنه يمني بن يمني.
ويقول إن اعتزام المصلحة إيقاف التعامل مع البطائق اليدوية، يمثل عبئاً على المواطنين ولا تريد به مصلحة سوى التباهي فقط بأننا نواكب التطور.
أين الأجهزة والكهرباء:
إلا أن المواطن/عبدالملك قائد محمد، يرى أن البطائق الإلكترونية يمكن تطبيقها في أماكن لمدن الرئيسية فيما يصعب على المواطنين في الأرياف الحصول على بطائق الإلكترونية لأن معظم المناطق لا تزال تعيش في العصر الحجري بلا كهرباء أو خطوط هاتف، ولا أدري من أين ستوفر مصلحة الأحوال المدنية مقرات مهيأة لعملها في مديريات نائية، لم يعرف أهلها الكهرباء حتى الآن، ولا حتى الهاتف الأرضي إلا عندما يدخلون المدن للتداوي أو للعمل فيها، أو يسمعون عنها في المذياع وهم كثير من النساء الآتي لم تعرفها أمهاتهن أيضاً ما هي البطاقة إلا عند ذهاب بعضهن للحج إن كتب الله لها ذلك.
ويتساءل _وأين أجهزة الكمبيوتر وكذلك شبكات الاتصالات وقبل هذا وذلك الفريق العامل عليها؟ هل لدينا كوادر مؤهلة فعلاً للعمل في كل مراكز المديرات ومازال الكثير يعاني أمية القراءة حتى الآن، وتتحدث عن تطور وبطائق الالكترونية وبصمات وكأننا أصبحنا لا نتعامل بالقلم إلا للتوقيع أو التوجيهات فقط.
كفى إرهاقاً للناس:
ويضيف إلى ما قاله عبدالملك، المواطن سليمان الفائزي الذي يؤكد بأن من أراد قطع بطاقة في مديريته فرع العدين عليه أن يرتب نفسه لأيام ومصاريف وتكاليف قد تتجاوز عشرات الآلاف فالبطاقة ـ حد قوله ـ تكلف بما يزيد عن عشرة الآف ريال ليصدر لك رقماً وطنياً، ومع الأسف يقول هناك تخلف وجهل لدى عامة الناس في الأرياف بأهمية الهوية الشخصية، وسببه السياسات الخاطئة للحكومات المتوالية حتى الحاضرة منها، لم تصنع شيئاً سوى واحد يصدر نظام معين ليأتي الآخر ويقلده بآخر، دون أي دراسات وحلول لمعانات الناس ويقول: لا يدري على أي أساس سيتم المنع للبطائق الشخصية اليدوية والتي بالكاد قطعها المواطن، واعتبر ذلك مجرداً لم يصنعه أبه أوجده حسب قوله.
وأفاد الفائزي نقول للمسئولين في المصلحة والحكومة، كفى إرهاق للمواطن وكفى تخسيره ووفروا البطائق الإلكترونية في كافة المدن والمديريات قبل اتخاذ قرار الإلغاء واضمنوا قبل كل شيء القطع بالسعر المحدد، وتكلموا بعد ذلك عن منع التعامل بالبطاقة اليدوية، حتى لا تخسروا الجميع، وتصبح الهوية الشخصية اليمنية "لمن استطاع على تكاليفها سبيلاً" أو على الشخص القعود في منزله إلى حين يتوفاه الله، ويدفن بسرية، لأن من حق الدولة أيضاً التأكد من هوية المتوفيء، لتقرر أيضاً دفنه أو رميه للكلاب لأن السباع أصبحت نادرة في وطن يواجه مشكلة أخرى وهي التصحر، أو اتركوا المواطن يقطع هويته متى شاء بعد أن أصبح المسكين مشغولا ً بقوت يومه، فأنتم تطلبون منه مالا يستطيع وانظروا للعامة وليس لأنفسكم الموظفين، وقال هناك حل آخر ـ بسخرية ـ أو تدينهم إلى أن يفتح الله عليهم وتدفع التكاليف بالتقسيط، وأقترح أن يضاف عشرة ريال فوق ما أقرته الدولة من زكاة، ويكونا بذلك قد شجعوا الناس على حث أبنائهم عن التخرج من الثانوية وقبل هذا المبادرة طوعية من ذات أنفسهم قطع شهائد ميلاد أبنائهم عند الولادة في كل مكان لأنها ميسرة وإلى حين ميسرة حسب قول سليمان.
نقاش في مؤتمر الحوار:
فيما المواطن/عبد الحميد عوض العولقي، يرى أن المشاكل كثيرة والمسئولين في المصلحة لما شافوا مشاكلنا في الوطن، حبوا يضيفوا هذه المشكلة "البطائق الشخصية" ليتم إدراجها في مؤتمر الحوار الوطني القادم، وقال أرى أنها مهمة لأنها تتعلق بالانتماء للوطن، وهامة لنستطيع المشاركة برسم هوية الوطن ومستقبله خصوصاً بعد أن كان في السابق تقطع لمن هب ودب، وقال بأن مصلحة الأحوال المدنية غير مقصرة، لأنها أرادت أن تدلع المواطن "شوي" لما يخسره كل من قرر قطع بطاقة.
المشكلة مركزية:
قبل أيام اشتكى الكثير من أهالي وسكان محافظة حضرموت بساحلها والوادي المترامية الأطراف ـ كغيرها من محافظات الجمهورية ـ من توقف الأحوال المدنية عن إصدار البطائق الشخصية، حيث قال الكثير من المواطنين بحضرموت إنهم تفاجأوا عندما ذهبوا لمبنى الأحوال لاستخراج بطائق شخصية برفض القائم على استقبال طلباتهم هناك، بحجة أنه لا يوجد لديهم أي نسخ من البطائق وطلبوا من المواطنين الذهاب إلى صنعاء لاستخراجها، مما يشكل ضغطاً على صنعاء وكل من أراد قطع بطاقة فيها.
وردت حينها الجهات المسئولة هناك لوسائل إعلامية، بأنهم يعانون من إهمال رئاسة المصلحة في صنعاء في عدم إعطائهم الحصة الكاملة كميات البطائق، بالرغم من مطالبتهم المستمرة، وأيضاً رفعهم بالطلبات والاحتجاجات للرئاسة في صنعاء والتي لم تعرهم أي اهتمام، فيما يعتقد المواطنون بأن هذه الجهات مقصرة في واجبها تجاه أحد حقوقهم وحملوا تلك الجهات التقصير والإهمال الآتي من صنعاء وفق العمل المركزي، الذي قالوا عنه بأنه يتسبب في تأخير أعمال الناس ومصالحهم.
المسئول مشغول:
"هموم الناس" استطلعت هذه الآراء والهموم وحاولت لأكثر من مرة التواصل مع مصلحة الأحوال المدنية وإدارتها العليا بصنعاء ووجدت أن هاتفها ـ الذي أعطي من سنترال الاستعلامات ـ لا يجيب فتواصلت عبر مصادرها الخارجية حتى حصلت على تلفون رئيس المصلحة لطرح هموم الناس عليه ومحاورته حتى يعي الناس الأهمية للهوية الشخصية وحتى نقوم بدورنا في التوعية، وإيصال المعلومة للجميع إلا أن محاولاتنا العديدة باءت بالفشل، فكان هاتفه إما مغلقاً وحينما رد صباح أحد الأيام الماضية برر من أجاب على اتصالاتنا بأن رئيس المصلحة مشغول وأنه في اجتماع إداري بموظفيه وعاودنا الاتصال ليرد الطرف الآخر بأنه مشغولاً فحاول الاتصال بعد نصف ساعة أخري ومنها لم الاتصال به وحاولنا نشر آراء المواطنين والذي أحببنا وضع كلمة "مواطن" أمام كل شخص حتى لا يحرم من هويته الشخصية كمواطن يمني، ويجب أن يراعى ثبوتاتهم أنهم مواطنون إلى من يهمه الأمر في مصلحة الأحوال المدنية وفروعها ليتسنى الحصول على رقم وطني وهوية شخصية إلكترونية بدلاً مما يملكه من هوية شخصية يدوية بعد أن تمت الدعوة لإيقافها مؤخراً.
وما تتمناه "هموم الناس" أن تحل هموم المواطنين وأن تعالج بالحلول السلمية مراعية ظروف الناس ومعاناتهم فهناك المغترب والطالب والمبتعث للتأهيل وقبل هذا وذلك هناك المريض والمسافر المضطر وهم يحملونكم الهموم، بعد أن أصبح رقمك الوطني يا مواطن معقداً، وتحتاج إلى رصيد مالي كبير لاستخراج هوية شخصية إلكترونية لأن بطاقتك القديمة يدوية وأصبحت ملغية.
وكذا لك نتمنى من رئاسة مصلحة الأحوال المدنية_ أن تتيح من وقتها القليل للتحدث لــ " هموم الناس" الذين هم ينتظرون كلمتهم لما فيه مصلحة أحوالهم المدنية في البلد.
 

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد