مدينة القاعدة.. معاناة مستمرة

2012-12-12 04:21:20 أخبار اليوم/ خاص


تراها من بعيد نائمة بين أحضان الخضرة قبل أن تصل إليها تمر بتاريخ الأمويين والأيوبيين في ذي اشراق وضراس وعندما تمر منها يتلقفك تاريخ العصر النبوي بالجند وتحاكي هي العثمانيين والتي إلى اليوم مازال موقع بعض أبناء المدينة يتداولون الفاظهم كالأرقام مثلاً.. إنها مدينة القاعدة التي نرغب من خلال هذا الاستطلاع البسيط أن نعطي لمحة عن المدينة ماضياً وحاضراً ونستهله.
الموقع والتاريخ
 أقدم ذكر للمدينة كان أثناء الحملة العثمانية الأولى على اليمن 1537م وأرجح الأقوال أن التسمية تعود إليهم، حيث اتخذوها قاعدة عسكرية للانطلاق نحو الشمال سواء إب أو ذمار أو صنعاء والمدينة هي امتداد لمدينة سهفنة، التي اجتاحها فيضان القرن السادس الهجري وتعرضه للغرق.والتي كانت مركزاً للعلم والعلماء، والسهفنة تقع في الضاحية الشمالية الغربية لمدينة القاعدة. وتعرف اليوم بمنطقة السهفنة ومدينة القاعدة تقع على الطريق الرئيسي بين صنعاء- تعز -عدن. تبعد عن تعز بحوالي 27 كيلومتر.وعن إب 37كم وتتبع إدارياً مديرية ذي السفال ,ويبلغ عدد سكانها ما يقارب من ى-60 ألف نسمة وتقع المدينة على وادي منبسط من جهة الشمال والغرب، وحافة جبلية غير مرتفعة من الجنوب.و وعلى خط طول 406000مترا شرقا وخط طول 1520500شمالا وترتفع ن سطح البحر ب1620 مترا وهي المحاددة لهضبة الجندية الفاصلة بين محافظة إب وتعز. موقع مدينة القاعدة المتوسط على الطريق الرئيسي القديم والحديث، ناهيك عن توسطها ببعض القرى والوديان الزراعية الخصيبة مثل: وادي السودان وغيله الشهير المعروف "بغيل خنوة" ووادي نخلان وعميد وصهبان ووادي ضباء وذي العلاء ذي السفال والثوابي والسيف والجعاشن والمجزف والحيمتين إلى جانب قرى ووديان الجندية وغيرها.ذا الموقع جعل المدينة مركز تجاري رائج. يشتهر سوقه الأسبوعي حتى وقتنا الحاضر، والمعروف بسوق الثلوث.. يتوافد إليه الباعة قبل انعقاده بيوم من مختلف مناطق اليمن بأشهر منجاتها الزراعية والحرفية، إلى جانب الحيوانات.
وكانت الفترة الذهبية للمدينة في فترة الانفتاح اليمني على الواردات التجارية الواصلة إلى عدن في أوائل خمسينيات القرن العشرين, بحكم الطريق الممهد في حينه للناقلات الذي كان يصل فقط من عدن إلى تعز وإليها، بعدها تحمل التجارة على ظهر الجمال والحمير في اتجاه الشمال إلى إب وذمار وصنعاء وصعدة.كما استمر نشاط المدينة التجاري إلى بعد قيام الثورة، ومازالت إلى اليوم ولكن مع حصول بعض التعثرات نتيجة للسياسات الفاشلة التي اتبعتها الحكومات في عهد الرئيس صالح سواء في البنية التحتية أو الفساد الذي انتشر في معظم المرافق الحكومية بالمدينة.
الأوضاع المعيشية
 يشتغل أبناء المدينة بالأعمال الحرة والزراعة والتجارة وهناك موظفون وعسكريون ومغتربون وفي السنوات الأخيرة أصبحت المدينة مدينة طاردة بسبب انتشار البطالة بشكل كبير وانتشار الفقر في معظم أحياء المدينة, حيث وحسب تقديرات تصل نسبة الأسر الفقيرة إلى 60 % في المائة من السكان, فقد أدت إلى تزايد الهجرة إلى دول الجوار أو بقية المحافظات وأدت أيضاً إلى تزايد المتسربين من التعليم الثانوي والأساسي بسبب الانشغال بطلب الرزق وكان من المؤمل أن تكون المعالجات التي اعتمدتها الحكومات السابقة من اعتماد الضمان الاجتماعي سبباً في التخفيف من المعاناة, لكنه وصل لأعداد محدودة من المحتاجين بسبب التوزيع الغير عادل والذي تدخل فيه النافذون بشكل كبير, فحرموا الكثير من المحتاجين ..كما لا ننسى أن ننوه أيضاً بأن مشكلة الماء وندرته وكذلك نقص المرافق الصحية واحتياجاتها والانقطاعات شبه الدائمة للكهرباء عن المدينة أدى إلى تزايد معانات الناس إلى الحد الذي أصبح لا يطاق ويأمل سكان المدينة أن تكون ثورة الشعب السلمية منقذاً لأبناء المدينة من حالة النسيان والإهمال المتعمد للمدينة.
الخارطة السكانية
ما يميز المدينة التنوع السكاني بسبب حداثة نشوئها, ففيها من أبناء تعز وخاصة الحجرية والأعروق والقبيطة والصلاوية والاحكوم وماوية وغيرها وهم بالإضافة لأبناء القاعدة القدماء والجعاشن يمثلون الثقل الأكبر.. أضف إليها أبناء الثوابي وبعدان والسياني وأوصاب والعدين وشبوة والتعزية وبقية عزل ذي السفال وبالمختصر معظم محافظات الجمهورية ممثلة في المدينة وتتنوع توزيع القوى السياسية فيها أيضاً , لكن يبقى الأكثر تواجداً هم أحزاب اللقاء المشترك والمؤتمر الشعبي العام وضمت المدينة العشرات من الوجاهات والتجار التي للأسف الشديد وطوال العشرين السنة الماضية دخلت فيما بينها في صراع احتواء المدينة وأدى ذلك إلى ضياع كثير من المشاريع وبدلاً من أن يكونوا جزءاً من الحل كانوا جزءاً من المشكلة.
مشاكل المدينة
 التقينا بالإخوة الشيخ/جلال الزماني فقال: تعثر مشروع مجاري القاعدة وانتشار البيارات بشوارع وأزقة المدينة أدى كل ذلك لتحفر الشوارع وانتشار الغبار والأتربة في الشتاء والطين في الصيف.. 
أما الأخ/آدم مطيع فأجاب بأن من وجهة نظره بأن ندرة الماء وشحته هي أهم مشاكل أبناء القاعدة ونوه إلى أن مشروع المياه ومشكلته تكمن بعدم توفر المياه الكافية لحاجة السكان لتوفير الإيرادات الكافية لإدارة المشروع ويصل الماء بما يقارب الشهر ولا يكفي احتياجات الناس حتى ل10 أيام وكل محاولات ضرب أبار جديدة قوبلت بتعنت بعض الوجاهات من أجل مصالحهم.
 وكان الأخ/وهيب الجني قد قال: مشكلة الكهرباء وانقطاعها المستمر منذ أشهر وقبلها كانت ساعات المدينة محدودة, لان مؤسسة الكهرباء تعتبر المدينة قرية وجرت محاولات عده وتم توجيه الوزير سميع لإدراجها كإحدى حارات تعز ولكن أصدمت بتعنت مدير فرع تعز أحيانًا وبأعمال التخريب من قبل أبناء منطقة القصبية وإلى كتابة التقرير وهم مستمرون به.. كما تعاني المدينة من قصور في المجال الصحي، حيث يوجد مستشفى ريفي واحد يعاني من سوء إدارة وقلة التخصصات وضياع إمكانياته وهو أصلا لا يكفي التعداد السكاني للمدينة والمناطق الأخرى.
أبرز الآثار الموجودة
 قرية المنصورة القريبة من المدينة والتي يعوده تاريخها إلى سيف الإسلام طغتكين الأيوبي عام 755هجرية.
جامع المداجر ويعود عمره إلى 230 سنة
جامع القبب ويعود تاريخه إلى 180 سنة والجمرك و من هو أقدم جمارك اليمن وكان حلقة وصل بين عدن وتعز وإب وذمار والبيضاء ولم يبقى منة إلى بقايا دكاكين وعمارات قلعتي النوبة والعرير وهما يعودان للحكم العثماني وقد انتهت آثارهما الأولى منزل لأحد ضباط الحرس سابقاً والأخرى منزل لأحد كبار تجار اليمن حالياً سوق الثلاثاء وهو من أهم وأقدم أسواق اليمن على الإطلاق ويباع فيه الحيوانات والطيور والحبوب والمشغولات اليدوية.
أبرز الجمعيات الخيرية والمنتديات والمعالم الثقافية
توجد في المدينة جمعيات خيرية وثقافية ورياضية يبلغ عددها قرابة 17 ومنها منتدى المستقبل وهيئة النور والقسام ومؤسسة الحياة الخيرية وجمعية الإصلاح الاجتماعي التي تكفل 25 يتيماً وجمعية التكافل التي ترعى 151 يتيماً ونادي القدس والتضامن وجمعية الأنصار التي تهتم بأكثر من 800 من أصحاب الاحتياجات الخاصة وملتقى شباب التنمية والتغيير ومركز الزهراء وتعتبر مؤسسة الحياة الخيرية أكثر هذه المؤسسات تواجدا أثرا في حياة أبناء المدينة, حيث لها مشاريع عديدة لعل أهمها الفرن الخيري الذي يطعم من الخبز يومياً 2500 فرد بما يعادل شهريا 1550000 مليون وخمس مائة وخمسين ألف ريال ويطمح القائمون علية لتوسعة رقعة المستفيدين ليصل في 2012 نهاية إلى 6000فرد وقد ساهمت هذه المؤسسات في التخفيف من معاناة الناس كلا في مجاله ,وتفتقر لدعم الكافي ومطالبات لفاعلي الخير بتعاون معهم من اجل المساهمة في تحسين الأوضاع الاجتماعية والثقافية في المدينة
أما المدارس الحكومية فيبلغ تعدادها في المدينة من غير القرى الملاصقة 9مدارس تعليم عام وواحدة تحفيظ قران و 4مدارس أهلية ويبلغ تعداد الطلاب فيها قرابة 13ألف طالب وطالبة ومعهد دلتا ساينس للعلوم الصحية ومعهد تأهيل للمعلمين وآخر فني ومهني وجامعة العلوم والتكنولوجيا والجامعة الوطنية.
أبرز الأحداث التي مرت بها المدينة
 عاصرت المدينة عهد الأئمة واستضافت الإمام يحي في شهر 3-1948 وسكن فيها أسبوعاً لاحق خلالها العديد من مقاوميه ..كما عاصرت ما بعد الجمهورية وتزوج منها الرئيس الراحل السلال وعقد فيها وتحديدا في منزل عبدالرقيب احمد ثابت العريقي واحد من أهم اللقاءات السياسة والتي حددت مصير اليمن فيما بعد حضره كثيرا من رجالات الدولة ومنهم الشيخ عبد الله الأحمر رحمة الله والشيخ مجاهد رحمة الله في أواخر عهد السلال .. كما احتضنت المدينة الكثير من أبناء الجنوب الذين ثاروا ضد الاستعمار والحزب الاشتراكي قبل الوحدة.
ولعل من أهم المحطات التي عاشتها المدينة الفترة بداية الثمانينات وحتى1997 وفيها ازدهرت الثقافة والتعليم وحصل فيها الصراع الفكري بين التيارات الماركسية والقومية والوطنية والإسلامية وكل ترك بصماته على أبناء المدينة إلى اليوم وشكلت هذه المرحلة جزءاً من ثقافة المدينة وتربى في المدينة كثير من قيادات العمل الإسلامي ومن محافظات عدة في معهد عمر بن عبدالعزيز والذي تعلم فيه الآلاف من الطلاب .. ولا ننسى كذلك مدرسة سبأ ومعهد المعلمين التابع لها ..ومن محطات المدينة الهامة أنها ظلت طوال عهد صالح وحتى اليوم عصية على الانحناء له ولحزبه ولنافذيه وهو ما جلب سخط النظام الراحل عليها.
الثورة الشعبية في مدينة القاعدة
شارك شباب القاعدة في ساحة التغيير بتعز من الأيام الأولى, بل وكانوا من المؤسسين لساحة وسقط فيها من أبناء المدينة مساعد الطبيب عمران الإدريسي.. وبعد اقرار ساحة إب كان لأبناء المدينة الحضور المتميز فيها والمشاركة الفعالة القيام بأكثر من 15مسيرة نسائية ورجالية وقافلة غذائية لساحة خليج الحرية المشاركة بالعشرات من الوقفات والإضرابات سواء للتجار والمعلمين والكهرباء والماء والمطالب الحقوقية الأخرى القيام بأول مسيرة راجلة من محافظة إلى محافظة أخرى وهي مسيرة النصرة لتعز استقبال مسيرة الحياة الراجلة وضيافتها ورفدها بالعشرات من أبناء المدينة حتى وصولها صنعاء افتتاح ثاني ساحة بمحافظة إب وهي ساحة الشهداء بشارع الثلاثين والتي زخرت وعلى مدى ستة أشهر بالفعاليات الثقافية والثورية والجماهيرية. 
أختصر القول بأن أبناء المدينة كانوا ثوريين من أول لحظة وقدمت المدينة شهيدين هما عمار المياس في صنعاء وعمران الإدريسي في تعز ومروان السميعي وأكثر من سبعة جرحى ويعتبر حصول الرئيس هادي في انتخابات2012 قرابة 17الف صوت وهي اكبر حصاد للأصوات لمرشح واحد في تاريخ المدينة على الإطلاق أكبر دليل على الرغبة الجامحة لأبناء المدينة بالتغيير.
وجهة نظر أبناء المدينة
التقينا بالأستاذ علي عبد الله عبدالملك وهو من وجهاء المدينة وسألناه عن رؤيته لمستقبل المدينة فأجاب: واقع المدينة سيء والناس يعانون, لكن بقدرة أبناء المدينة ووجهائها أن يساهموا في تحسين أوضاع المدينة من خلال تكاتفهم والتعاون من اجل تحسين الأوضاع المعيشية وحل المشاكل العالقة وتجاوز الصعوبات ..وأنا اقترح تشكيل مجلس أهلي للمدينة يساهم في حل القضايا وبنصرة المظلوم ويتعاون مع أجهزة الدولة المختلفة ويقوم أدائها ويضم ممثلين من كل مكونات الطيف السياسي والمستقلين والوجهاء وعقال الحارات ومكاتب الدولة... الخ. 
وسألنا الأستاذ ادم مطيع حول من يتحمل مسؤولية ما وصلت إليه المدينة.. فقال: الجميع مساهم سواء من تسبب أو من سكت والمفروض الآن أن نضع المماحكات الحزبية والخلافات الشخصية ونتجه جميعا نحو هدف إصلاح وتنمية المدينة ..
وعن الحلول للواقع توجهنا بسؤال للأخ/عبدالواسع القباطي وهو مسئول ائتلاف شباب الثورة والتغيير واقترح تشكيل لجان شعبية للحفاظ على استقرار المدينة وحل المشاكل فيها ودعا مشائخ وعقال ومثقفي ومنظمات المجتمع المدني للمشاركة فيها بفعالية والتعاون من اجل المدينة..
أما المهندس –هاشم عبدالوارث الهتاري فقال: الحل مجلس أهلي تمثل فيه حارات المدينة بدون استثناء والشخصيات الاجتماعية....الخ وينسق مع الجهات الحكومية من اجل التخفيف من معاناة المواطنين وتسويقها إعلامياً.. كما اقترح وضع بعض الحلول المستعجلة من قبل أبناء المنطقة أنفسهم ولو حتى على مستوى الحارات..
أما الأستاذ/عبد الباسط الضراسي فقال: من وجهة نظري الحل بوجود إدارة كفأة ومؤهلة ونزيهة في المجلس المحلي والمكاتب التنفيذية, ولاؤها لليمن لا لمراكز القوى الاجتماعية والسياسية.
 

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد