سجين منذ 15 عاماً بمركزي إب يصرخ: "بلغوا عنا العالم" ..

مركزي إب مكان لتفشي الجريمة

2012-12-26 10:13:53 أخبار اليوم/ خاص


" بلغوا عنا العالم.. نحن منسيون هنا"..
هكذا كان السجين (م.ن) يصرخ من داخل أحد عنابر السجن المركزي باب والذي يقبع فيه منذ 15 عاماً، حيث ينعدم في هذا السجن أدنى شروط الحياة الكريمة للسجناء أو التمتع بأبسط الحقوق، ناهيك عن المعاملة.
" إن هذا البدروم لا يصلح حتى لسَجن حيوان، فكيف بالإنسان" .. هذا ما قاله رئيس مصلحة السجون اللواء/ علي الزلب أمس الأول أثناء زيارته التفقدية لمركزي إب عقب حادثة الحريق التي أطاحت بأرواح 8 سجناء الأيام الماضية.
في سجن مركزي إب هناك 1200 سجين وسجينة في مبنى متهالك وهو ما يفوق الطاقة الاستيعابية للسجن بنسبة الضعف تماماً، فيما تشكو إدارة السجن من أن الميزانية الشهرية المقدمة للسجن لا تتعدى 240 ألف ريال " وهي لا تكفي لتوفير المحروقات فضلاً عن حاجات السجناء من تغذية ونظافة" كما أفاد مدير السجن العقيد الركن/ نعمان ثالبة.
وأثارت حادثة الحريق الأيام الماضية العديد من التساؤلات فهي لم تكن الأولى، حيث شهد السجن أكثر من 8 حالات شغب وفوضى ومحاولات هروب للسجناء، أربع حالات منها منذ أكتوبر الماضي فقط.
ويعزو مهتمون تكرار هذه الحوادث إلى الأوضاع الإنسانية الصعبة التي يعيشها السجناء، كما سبق أن اشتكى نزلاء السجن المركزي من تعامل إدارة السجن معهم إبان عهد الإدارات السابقة الذي وصفوا تعاملها معهم "بالوحشي"، كما أقدم عدد من السجناء على بتر آذانهم وأصابعهم احتجاجاً على سوء المعاملة داخل السجن، وأرسلت لبعض المنظمات والمهمتين بحقوق الإنسان، وكان من أبرز نتائجها تغيير مدير السجن.
يقول المحامي عبد الوهاب محمد القادري ـ مسؤول الحقوق والحريات بالمجلس الثوري- بأن السجناء في مركزي إب يعيشون وضعاً إنسانياً صعباً بسبب ضيق مبانيه وكثافة نزلائه والتصرفات العدائية بين بعض النزلاء والجنود والتي خلقت ردود أفعال متمردة نحت منحى العنف كان آخرها حادثة الأيام الماضية.
وأضاف القادري أن غياب ثقافة الوعي بحقوق السجين وخروج السجن عن دوره في إصلاح وتأهيل نزلائه والفساد المستشري بما يسمى "الرسامة" التي يفرضها جنود السجن بحق السجناء ساهمت في تفاقم الوضع، محملاً القضاء جزءاً من المسؤولية أيضاً، حيث وانه لم يبت في كثير من القضايا المنظورة أمامه- حد قوله.
الحريق
في عنبر القتلة حدثت الكارثة.. والعنبر بدروم تحت الأرض في الجهة الجنوبية من السجن يتكون من عدد من الغرف لها نوافذ منخفضة إلى مستوى الأرض وهناك باب للطوارئ أيضاً يقع في الجهة الجنوبية.. إذ تبدو الحياة ضئيلة هنا.
قال مدير أمن المحافظة العميد فؤاد العطاب بأن مجموعة مكونة من سبعة أفراد هي من قامت بالحريق واختزلت في النهاية في شخص عبد الكريم راشد البعداني مع اثنين من زملائه، وهو أحد المحكوم عليهم بالإعدام لقتله أحد الأشخاص في مدينة إب ـ حارة أبلان ـ وقد سبق له أن شارك في أحداث الشغب السابقة وأحيل للبحث الجنائي ـ بحسب ما ذكره تقرير المرصد الشبابي لمراقبة السياسة العامة بالمجلس الثوري بمحافظة إب عقب زيارته للسجن لمتابعة الحداثة.
إلا أن ابدي المرصد استغرابه بالعديد من الأسئلة: لماذا لم يتم السيطرة على الحريق؟ ولماذا لم يتم اتخاذ إجراءات إطفاء الحريق بعد أحداث الشغب الأولى عندما تم إحراق الأرشيف الخاص بالسجناء؟ ولماذا تم إعادة السجين لنفس المكان بدون اتخاذ أي احتياطات؟ وهل السجين أشعل الحريق من تلقاء نفسه أم هناك أيدٍ خفية؟ ولماذا لم بتم توفير كافة أدوات الحريق داخل السجن؟.
نموذج فساد مصغر
يقول المرصد المرصد الشبابي لمراقبة السياسات العامة بالمجلس الثوري بمحافظة إب الذي زار السجن لمتابعة الحادثة: إن الوضع داخل السجن المركزي في إب يمثل نموذجاً مصغراً للفساد المتوغل داخل مؤسسات الدولة المختلفة، ففي مركزي إب، هناك حالة من انعدام الوجود الإنساني وشروطه البسيطة. لا يوجد أدني مؤشر لحياة كريمة داخل هذا السجن.
وأضاف: أن ضيق المبني الحالي يقود إلي الخلط بين السجناء فلا يوجد فرق بين محكوم عليه بإعدام وبين سارق "ملوج"، وبين "عاصي والديه" كلهم في عنبر واحد ليتخرجوا مجرمين محترفين عن طريق نقل الخبرات واكتساب المهارات في هذه البقعة المنسية من الجمهورية اليمنية، نحن إمام تسجيل حي لتبادل معارف سيئة وحشر وخلط لكل أمل في إصلاح وتربية نازلي السجن.
خدمات منعدمة
يقول المرصد إن الخدمات الأساسية داخل السجن شبه منعدمة، فالسجناء يعشيون داخل السجن بملابسهم العادية ولا تكاد تفرق بين زائر لهم وبينهم، وشاهدنا السجناء داخل المصحة النفسية يحكون جلودهم من كثرة تراكم الأوساخ على أجسادهم.
وأفاد التقرير أن ثمة تجارة مزدهرة داخل السجن تتوزع بين السجائر والقات وكل ما يحتاجها السجناء، منوهاً إلى أن هذه التجارة كانت أحد الأسباب التي وفرت أيضاً أجواء الشغب وإحداث المشاكل إلى جانب الأسباب السابقة المتعلقة بهيكلة السجن وازدحامه ومعاملة السجناء القاسية، بل أصبحت كنوع من الحقوق التي تعود عليها المفسدون المتنفذون منذ 12 عاماً داخل السجن.
وخلص المرصد في تقرير زيارته بمطالبة رئيس الجمهورية في التحقيق مع المسئولين الذين تقع الجريمة في نطاق اختصاصهم وهم: محافظ المحافظة، الأمين العام للمجلس المحلي، مدير الأمن، مدير البحث الجنائي، رئيس النيابة، مدير السجن السابق واللاحق وحراسة السجن، ورئيس الدفاع المدني, استبدال الكادر القديم بكادر جديد داخل السجن المركزي بالكامل من أول فراش لأخر مدير، وإخضاع الكادر لدورات تدريبية في حقوق الإنسان وحقوق السجين والتعامل الإنساني، ونقل المصحة النفسية من داخل السجن المركزي وتوسعة السجن, و فصل السجناء بحسب الجريمة وعدم الخلط بينهم وتوفير حياة كريمة للسجناء وتشكيل لجنة لدراسة أوضاع المعسرين وفصلهم في سجن خاص.
ودعا المرصد منظمات المجتمع المدني وكافة شرائح المجتمع إلى تدشين حملة شعبية لمناهضة التعذيب داخل سجن إب.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد