على رأسها زبيد.. المعالم التاريخية والأثرية في الحديدة مهددة بالاندثار..

بعد تعرضها للطمس والإهمال والمتاجرة تحركات شعبية ومجتمعية لإنقاذها

2013-02-10 16:01:23 كتب / فتحي الطعامي


أصبحت المعالم التاريخية في محافظة الحديدة تشكو الإهمال والعبث والاعتداء وتغيير معالمها, الأمر الذي يهدد هذه و يجعل ذلك الإرث التاريخي مهدداً بالزوال والاندثار .. فالقلاع الشامخة المنتشرة في المحافظة والحصون والقصور التاريخية وغيرها من المعالم التي ارتبطت بمراحل نضالية أو بتحولات سياسية في البلاد قبل قرن من الزمن, أصبحت اليوم آيلة للزوال, الأمر الذي يعني زوال إرث ثقافي وتاريخي يعني اليمنيين عموماً وفي حياة أبناء هذه المحافظة خصوصاً .. تحركات عديدة قام بها أبناء هذه المحافظة للحد من حالات العبث والإهمال التي تعاني منها بعض المعالم التاريخية, فحركوا مسيرات وأقاموا العديد من الاعتصامات والفعاليات يهدفون من خلالها لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من تلك المعالم ..


قلعة الكرنيش والتأزم بين الأهالي والمسئولين

تعتبر قلعة الكرنيش التاريخية أو ما يعرف بالقلعة (اليمانية) والواقعة جنوب مدينة الحديدة من أقدم القلاع التاريخية التي بنيت إبان الحكم التركي لليمن وفيها سكن العديد من ثوار 26 سبتمبر 1962م كما أن طريقة بنائها والأحجار المستعملة في ذلك تعد من التراث المعماري التاريخي.. إلا أن القلعة اليوم تحولت إلى إدارة للمديرية ومن ثم تحولت إلى مجمع حكومي, الأمر الذي أثار حفيظة المواطنين في تلك الأحياء والذين استنكروا تحويل هذا المعلم التاريخي إلى مكان رسمي بعد أن كانوا يأملون في أن تقوم الدولة في تزويدها ببعض الأدوات الأثرية والآثار لجعلها متحفاً وطناً يحتضن الحقب التاريخية والنضالية لأبناء محافظة الحديدة وأبناء اليمن من الثوار والمناضلين .. ونفذ المواطنون العديد من الاعتصامات والفعاليات للمطالبة بإعادتها إلى وضعها الطبيعي إلا أن السلطة المحلية في المحافظة وعدت المواطنين بتنفيذ مطالبهم بعد توفير مكان للإدارات الحكومية.. تخوف المواطنين من استمرار الوضع على ما هو عليه وعدم إيفاء المسئولين بإعادة القلعة إلى وضعها الطبيعي.. دفعهم للقيام بالاعتداء على ممتلكات المجمع الحكومي وتكسير اللافتة الرئيسية وإنزالها بالقوة ..
وقال المواطنون إن هذا التصرف كان بعد التسويف المتكرر الذي مارسه المسئولون في السلطة المحلية بالمحافظة مع مطالباتهم المستمرة لإعادة القلعة التاريخية لوضعها الطبيعي ..
وأضاف المواطنون كنا نتوقع من السلطة المحلية تحويل هذا المعلم التاريخي المهم والمرتبط بحقبة تاريخية لأبناء المحافظة إلى متحف وقدمنا مقترحات وتصورات لإعادة تأهيل القلعة إلا أن السلطة المحلية ظلت تقدم لنا الوعود ,الأمر الذي دفع بالأهالي للقيام بما أقدموا عليه ..
إلا أن مدير أمن المحافظة العميد محمد المقالح أكد في تصريح للصحيفة من أن المتواجدين في القلعة ( الموظفين في المجمع الحكومي ) من مدنيين وأمنيين كانوا قد أخلوا القلعة بناء على توجيهات المحافظ قبل قيام تلك المجاميع بالاعتداء على المبنى وتكسير اللافتة التابعة للمجمع والتي كانت هي المتبقية ..

مدبات المطراق التاريخية بين الإيجار والهدم
استنكر المواطنون في حي المطراق بالحديدة قيام بعض الجهات الحكومية بمحافظة الحديدة بتأجير المدب التاريخي في المطراق لأحد المستثمرين, الأمر الذي أدى إلى القيام بالاستحداث وتغيير بعض أطراف هذا المعلم التاريخي الذي تم بناؤه قبل مائة عام .. وقال المواطنون الذين أكدوا لنا بالوثائق إن هذا المعلم التاريخي ( مدب المطراق ) تم تأجيره من 4 مكاتب حكومية ( الأوقاف و الأراضي و الإشغال و.. ) في مخالفة للقوانين التي تنص على أهمية الحفاظ على هذه المعالم ..
وأضاف المواطنون أنهم وبالرغم من قيامهم برفع دعاوى قضائية في النيابة والمحاكم إلا أن الأطراف الرسمية ما تزال تعمل على توقيع عقود الإيجار لأكثر من طرف بالرغم من التوجيهات المتكررة من وزارة الثقافة في الحكومة ومن الاعتراضات المستمرة من مكتب الآثار بالحديدة على هذه التصرفات المخالفة للقانون ..
وطالب المواطنون من المسئولين في محافظة الحديدة وفي مقدمتهم محافظ المحافظة أكرم عطية القيام بمسئولياته للإيقاف مثل هذه الأعمال والتصرفات التي تعمل على عدم التاريخ والقضاء على ماضي هذه المحافظة ..

معالم في طريقها للإندثار
بقية المعالم التاريخية أو بعضها ليس بأحسن حالٍ ,فالعديد منها أصبح اليوم في طريقه للاندثار والزوال بسبب الإهمال أو البناء على أنقاضه كما هو الحال مع بعض البيوت التاريخية في حارة السور وسوق البينيان الذي كان موجوداً قبيل ثورة سبتمبر وبعض المساجد والجوامع الأثرية التي تتعرض اليوم للهدم ويبنى بدلها مساجد بالنمط المعماري الحديث, الأمر الذي يعني القضاء على الإرث التاريخي لهذه المحافظة وفي ظل تساهل أو عدم إكتراث المسئولين في المحافظة لما تتعرض لها هذه المعالم ..

فمسجد المعلق في حارة السور بالحديدة تم هدمه والقضاء على النمط المعماري القديم ليبنى بدلاً منه جامع بالطريقة الحديدة وكذا جامع الشارع .. أما مسجد المراهين التاريخي ( والذي كان مخصصاً لصلاة المساجين من المرهونين أثناء الحكم الإمامي ) قد تهدمت أجزاء كبيرة منه ..

الاستاذ عبد الله الكولي مدير مكتب السياحة وفي حديث للصحيفة قال ( إن الجهات المعنية تتعامل بعدم جدية مع تلك الاستحداثات أو ما تتعرض له بعض المعالم من انهيار .. واستغرب ان يتم منح تراخيص البناء التي بموجبها يتم هدم معلم تاريخي ويبنى على أنقاضه بناء معماري حديث وكأن الأمر لا يعني المسئولين في المحافظة)

وحذر الكولي من استمرار عدم الجدية في التعامل مع ما تعانيه تلك المعالم والتي يعني انتهائها .. طمساً تاريخياً وثقافياً وارثاً يتعلق بموروث لأبناء هذه البلاد ..

وناشد الكولي المسئولين في الدولة القيام بواجبهم ابتداء بالوزارات المعنية والمسئولين في المحافظة لإيجاد خطة من شأنها الحفاظ على ما تبقى من تلك المعالم ..

مدينة زبيد صرخة أخيرة

أما مدينة زبيد الأثرية والتي أصبحت على وشك حذفها من المدن التراثية العالمية الاستحداثات المستمرة فيها من قبل الأهالي الذين يرون في تحويلها إلى مدينة أثرية والحفاظ على تراثها المعماري يستلزم من الحكومة الإيفاء للمواطنين ودعمهم لكي يتسنى لهم البناء على النمط المعماري التراثي لا أن تلزم الدولة المواطنين الذين يرغبون بالبناء باستعمال الياجور المكلف أضعاف المضاعفة من المبالغ المالية في حال بنوا على النمط الحديث ..

مجلس الوزراء وفي جلسته التي عقدت في محافظة الحديدة وقف حيال ما تتعرض له مدينة زبيد التاريخية المدرجة في قائمة التراث العالمي من هدم وتشويه لمعالمها ومبانيها التاريخية التراثية وبيئتها التخطيطية والعمرانية مما قد يؤدي إلى طمس هويتها التاريخية اليمنية والإسلامية الفريدة ويؤثر على القيمة الاستثنائية العالمية لها كونها احد روائع التراث العالمي الإنساني المسجلة في قائمة اليونسكو.
يأتي ذلك بعد التحذير النهائي الذي أصدرته المنظمة العالمية للحفاظ على المدن الأثرية اليونسكوا الذي أكد فيها على شطب مدينة زبيد نهائياً من قائمة المواقع والمدن التاريخية المسجلة في قائمة التراث العالمي نظراً لاستمرار تدهور الحالة الحفاظية للمدينة

الحكومة طالبت المواطنين بإيقاف أي استحداثات بناء داخل مدينة زبيد التاريخية او في حماها والقيام بحملة وطنية للتوعية بأهمية الحفاظ على هذه المدينة واعتماد مخطط الحفاظ عليها والمعد من قبل خبراء محليين بإشراف مركز التراث العالمي.
ووجهت الحكومة من قيادة السلطة المحلية في المحافظة إيلاء زبيد كل الإمكانات اللازمة والمتاحة بما يحافظ على طابعها المعماري والتراثي ويحافظ على الجانب الأثري فيها وتلبية احتياجات أبنائها بصورة عاجلة وذات الأولوية..
وكلف بهذا الشأن لجنة برئاسة وزير المالية وعضوية كل من وزراء الصحة والنقل والمياه والبيئة وأمين عام مجلس الوزراء، ونائبي وزيري التخطيط والتعاون الدولي والإدارة المحلية ومحافظ الحديدة، على أن تتولى اللجنة وضع المقترحات التنفيذية وترتيب الأولويات العاجلة في تنفيذ المشاريع الضرورية للمحافظة.
توجيهات وزيارات يأمل أبناء محافظة الحديدة أن تتحول إلى واقع عملي يحافظ على هذه المدينة التاريخية والأثرية ,بما يتيح لها البقاء على قائمة التراث العالمي وبما يجعل منها إرثاً تاريخياً لأبناء الوطن ..

هذا بعض ما تعانيه المعالم الأثرية والتاريخية في الحديدة والتي تحتاج اليوم إلى خطة استراتيجية من شأنها الحفاظ على تلك المعالم المرتبطة بحقب تاريخية من حياة اليمنيين ينبغي الحفاظ عليها والاهتمام بإرثها والعمل على تنفيذ القوانين التي من شأنها منع الاعتداء على تلك المنشآت التاريخية..

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد