الفساد بعد أكثر من عامين من حكومة الوفاق

2013-12-21 17:04:19 استطلاع/ماجد البكالي


عوَّل اليمنيون على أن تكون حكومة الوفاق التي جاءت على رقاب الثوار وسيل من دماء الشهداء والجرحى الذين فجروا ثورة شعبية سلمية في 2011 2011م عولوا عليها كثيراً في محاربة الفساد والحد من الفقر والبطالة وتحقيق العدل وأهداف ثورة الشباب النبيلة لكن ما أن تسلمت الحكومة تقاليد الحكم إلا وبدأت أحلام اليمنيين بالتراجع وكأن كل تلك التضحيات ذهبت فقط من أجل أن يستفيد مجموعة ويتقاسمون التركة فقط..

لم يتوقع الشعب أبداً أن يزيد حجم الفساد عما كان عليه وتتنوع أساليبه وممارساته بعد كل التضحيات التي قدموها والدماء التي سالت في سبيل مناهضة الظلم والاستبداد والفساد.. غير أن ما تمخض حتى الآن بعد مرور عامين على الثورة الشعبية هو فساد مضاعف على ما كان عليه قبل 2011م فساد يعكسه الواقع وتتحدث عنه الآلام التي يعانيها المواطن اليمني بشكل يومي ..فساد جعل اليمن في ناصية الدول الأكثر فساداً في العالم وفق تقرير الأمم المتحدة للعام2013م, فما هي الأسباب التي أدت إلى زيادة الفساد في اليمن على هذا النحو؟, وما مصدر الفساد المالي الذي تعانيه اليمن وبؤرته؟ وإذا لم تنفع دماء الشهداء كرادع للفاسدين في اليمن ما الذي ينفع معهم ويسهم في الحد من الفساد الذي يعانيه الوطن؟, وما أضرار وآثار تضاعف الفساد في ظل الظروف والأوضاع الحرجة التي يمر بها الوطن؟..

 تلك التساؤلات وغيرها ما سيجيب عنها الاستطلاع التالي, فإلى الحصيلة:


•عباس:المماحكات السياسية ومحاولات دفع الناس للحنين للماضي هي الدافع لمضاعفة الفساد في اليمن على ما كان عليه في السابق.

•د.المُغلس: أسطوانة الوفاق وشعارات الإقصاء وسائل احتمى بها الفاسدون لمضاعفة فسادهم.

•العزعزي: غياب الضوابط الإدارية في المؤسسات الحكومية هو مصدر الفساد المالي الذي تعانيه اليمن.

•أ.د/عيظة: تضاعف الفساد بعد ثورة لم تجف دماء شهدائها بعد فيه رسائل عميقة للشعب اليمني منها: أهذا التغيير الذي أردتموه؟. وأن من يملكون نصف الحكومة باسم التغيير إنْ لم يكونوا فاسدين فهم ضعاف لا يقوون على شيء ومحكومين كالشعب لا يصلحون لسلطة

• صغير: الفساد في اليمن ثقافة وظاهرة عمدت المماحكات السياسية ومضاعفته لتحقيق غايات معينة.

•الفقيه: تداخل المماحكات السياسية في أداء مؤسسات الدولة نذير بانهيار الاقتصاد الوطني ومنظومة الدولة.

• مُدهش: إلغاء الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وهيئة مكافحة الفساد.. أولى خطوات مكافحة الفساد.


أسباب

مثلت المماحكات السياسية وتقاسم السلطة بطريقة التوافق(غير الفعلي) أداة جديدة لفساد مُضاعف حيث لم تقتصر المماحكات السياسية على المناكفات الإعلامية وإنما تعدتها لتطال كل الممارسات وتنخر في كل مفاصل الدولة وضاعف أعداء التغيير من فسادهم بأساليب ووسائل متنوعة ومتعددة لتحقيق غايتهم في دفع الرأي العام اليمني للحنين للماضي ذلك ما أكده الأستاذ/ عبد الكريم عباس, موضحاً أن المواطن اليمني وإزاء عجز وتلاعب وعدم جدوى الجهات المعنية والمخولة بمكافحة الفساد بل وتحول تلك الجهات إلى بؤر للفساد تساهم في تبصير الفاسدين بما يجب تجنبه للهروب من الملاحقة القانونية, وكيف يخفون الأدلة الحسية التي تثبت جرائم فسادهم من خلال ما تقدمه لهم من ملاحظات وتقارير ويغيب جانب العقوبة.. إزاء هذا الواقع لم يعد لدى المواطن اليمني سوى ترديد قوله تعالى:(إن الله لا يصلح عمل المفسدين.).

مؤكداً على أن أساليب الفساد في اليمن تشهد تنوعاً وتفنناً في إخفاء أدلة الجريمة , واحترافية لو سُخرت في خدمة العمل الإداري لشهدت مؤسساتنا تطوراً ورُقياً ولشهد اقتصادنا الوطني استقراراً ونمواً غير مسبوق, لكن ذلك التفنن والاحترافية في قتل الاقتصاد الوطني وفي إخفاء معالم وأدوات الجريمة..

وأن الواجب على كل وطني غيور وقادر على فضح أساليب الفاسدين الإبلاغ عنها وعما تحصل عليه من أدلة أو شواهد لفاسد ما ونشر ذلك للرأي العام أولاً ومن ثم لجهات مكافحة الفساد التي تتطلب ضرورة إصلاحها أولاً وفق معايير وطنية ومهنية.

ويضيف عباس: أن قمة الوقاحة في الفاسدين تبرز من خلال أبراج سكنية يتوجونها بعبارة "هذا من فضل ربي" وهم يعلمون أنه من عمل الشيطان الذي دفعهم لسلب مئات الملايين من المال العام أو مليارات ولم يرثوا تلك الأموال عن أباءهم أو يكسبونها من عملهم.

نتيجة

ويوافقه فيما ذهب إليه د.أنور المغلس مُضيفاً: أن أعداء التغيير وجدوا في تقاسم السلطة واستمرارهم فيها فرصة لتشويه الأحزاب المعارضة للحكم السابق فدأبوا إلى ممارسة كل ما يسيء للمواطن اليمني واختلاق كل ما ينغص عيش المواطن ويدفعه للتذمر والترحم على أيام زمان وتعكس تلك الممارسات وحقيقتها ومصدرها وسائلهم الإعلامية التي تحول تشويه صورة حكومة الوفاق الوطني ومحاولة إلصاق تُهم الفشل, والفساد, و.. وكل ما هو سلبي بأحزاب اللقاء المشترك كشركاء في هذه الحكومة, وأن الأجواء التي رافقت الحوار الوطني وتقلص فيها حجم هيبة الدولة وسلطتها فُهمت على أنها ضعف في الدول وهشاشة في مؤسساتها وزاد عبث الفاسدين ومضاعفتهم لفسادهم في ظل ظروف الانفلات الأمني الذي مرت به البلاد وغياب المسائلة والرقابة على من يفسد أو يعبث بالمال العام وحتى أن قيل للفاسد أنت تفسد ثارت الأحزاب أو الأطراف التي تحميه وينتمي إليها أو محسوب عليها: إننا في وفاق ولا يجوز إقصاء الأخر؟؟ فالأجواء العامة التي مرت بها اليمن خلال الفترة الانتقالية هي بالتأكيد ظروف استثنائية ما يدور في مؤتمر الحوار الوطني من مشادات وخلافات تنعكس آثارها في الواقع ,ومن لا يرغبون في التغيير ولا يريدون أمن الوطن ولا استقراره برزت ممارساتهم وضررهم بالمجتمع أيضاً ,ومن ينفذون أجندة خارجية ومشاريع عمالة اتضحت مشاريعهم ومن هم ,فالفساد وتضاعفه لم يكن سوى واحدة من النتائج التي برزت خلال الفترة الانتقالية كضرر اقتصادي وظاهرة تدق في نعش الاقتصاد الوطني.

مصدر الفساد

وعن حقيقة الفساد الذي تعانيه اليمن ومصدره يرى الأستاذ/ سعيد العزعزي أن مصدر الفساد في اليمن والسبب في الفساد المالي الذي عانته اليمن ويشهد تزايداً من عام لأخر: هو الفساد الإداري ,مُشيراً إلى أن غياب أو عدم تطبيق الإجراءات والضوابط الإدارية, وعدم وجود اللوائح المضبوطة والمنظمة لتلك الضوابط الإدارية هذا الاختلال هو مصدر الفساد بغض النظر عن المنصب الأعلى في المؤسسة أيا كانت ؛كون الإجراءات الإدارية هي في الغالب بيد المسئولين المباشرين والتنفيذيين في أي مؤسسة وغياب الضوابط الإدارية لأداء هؤلاء هي الثغرة التي تمثل غالبية القنوات والوسائل التي يتولد منها الفساد ..مستشهداً على أن الضوابط الإدارية هي مكمن الفساد في القِطاع الحكومي بمختلف مؤسساته بوضع المؤسسات المختلفة والكبيرة في القِطاع الخاص والتي لا تعاني فساداً كما تعانيه المؤسسات الحكومية.. مُتسائلاً: ألا يدل ذلك على أن الضوابط الإدارية هي من حمت المؤسسات الأهلية والخاصة من الفساد؟.

تحد

وعما تعنيه زيادة حجم الفساد بعد ثورة كانت محاربة الفساد والحد منه على رأس أهدافها أكد أ.د/طاهر يحيى عيظة أن زيادة الفساد في اليمن في ظل حكومة الوفاق اليمني وبعد ثورة شعبية لم تجف دماء شهدائها بعد ..هو تحد صارخ واستهانة بالشعب الذي أراد التغيير ورسالة سخرية وإذلال مفادها:(أردتم التغيير من أجل إنهاء الظلم والفساد فذوقوا الفساد والظُلم على حقيقته, أردتم تغييرنا ونحن اليوم من يحكم ويتحكم بكم).. رسالة مفادها إن قوى التغيير المزعوم الذي حلمتم وضحيتم من أجله لم تمسك بشيء فاشلة لا قدرة لديها ولا معرفة ولو كانت تملك شيئاً من قدرة أو إرادة لأنقذتكم من فساد مضاعف.. فهل مضاعفة الفساد كان هدف من أهدافكم كثوار وجزء من ثمن تضحياتكم أم أن هناك من استغلاكم ليبلغ المناصب والسلطة ويعبث ويفسد كما يشاء فكانت النتيجة كما ترون اليوم فساد أضعاف السابق جعل بلادكم في ناصية البلدان الأكثر فساداً في العالم؟؟..وهو بالفعل واقع تكتمل تفاصيله وإجابات تساؤلاته بصورة ذهنية متكاملة لدى المواطن اليمني مفادها: أن لم يكن دُعاة التغيير من تقاسموا الحكومة مع النظام السابق إذا لم يكونوا فاسدين فهم ضعاف لا يقوون على شيء ولا يصلحون لإدارة بلاد وبالتالي وأن نصف البلاء خير من كُله؟؟.

ثقافة

أما الأستاذ/أحمد يوسف صغير فيرى أن الفساد وممارسته في اليمن ليست ظاهرة جديدة بل هي ظاهرة قديمة تعمقت طوال سنوات وعقود الماضي وكانت تشهد تزايدا من عام لأخر؛ لأن الفساد في اليمن لم يكن ظاهرة عابرة صنعتها ظروف معينة ووقتية بل هي ثقافة عمد النظام السابق على تأصيلها وترسيخها وتشجيع ممارسيها في كل مؤسسات الدولة بل واستقطاب الفاسدين والعابثين والنافذين من المواطنين وتمكينهم من مؤسسات أو مراكز حكومية كقواعد رسمية لممارسة الفساد موضحا أن تلك مثلت جانب جوهري في أداء النظام السابق ويعلمها وعانى منها كل اليمنيين ,وأن استئصال هذه الثقافة في ظرف عام أو عامين أمر مستحيل لا يقره عقل ولا منطق ولا عِلم ,مُعللا تضاعف الفساد خلال العام الحالي إلى ما يصفه بتعرض الفاسدين في مؤسسات الدولة لشحنة من المماحكات السياسية وإملاء الأطراف التي ينتمون إليها أن ضاعفوا من الفساد وعيثوا بكل شيء فليس لدينا سوى واحد من أمرين: أن يخاف اليمنيون من أي تغيير ويقبلوا بالعودة لما كانوا عليه في السابق ,أو أن تكون أخر ضربة نحققها وننهبها من المال العام؟؟.

غياب

أما الحل الذي لا يمكن أن يشهد الفساد وممارسته تراجعاً بدونه فيتمثل في إخلاص جميع القوى السياسية والأحزاب اليمنية لهذا الوطن ويعي الجميع أنهم ينتمون لهذا الوطن وأن فساد هذا الطرف لا يعني اقتصار الضرر على خصمه السياسي بل اكتواء الجميع بالضرر وتعريض الوطن بكل مؤسساته للانهيار ذلك ما أكده الأستاذ/ محمد سيف الفقيه مُشيراً إلى أن تقليص الفساد مرهون بضمائر الأشخاص أولاً سواءً كانوا مسئولين أو مواطنين, ينتمون لهذا الحزب أو ذاك وأن تعي الأحزاب السياسية أن حدود حروبها هي صناديق الاقتراع وأن لا تتعداها إلى مؤسسات الدولة كما هو الحال في جميع دول العالم, فيما القوانين وتطبيق مبدأ الثواب والعقاب في التعامل مع المال العام وبحزم وجدية تجاه الجميع هي أحد أدوات تجفيف الفساد غير أن أهمها هو الضمير والمسئولية الوطنية.

إلغاء أجهزة الفساد

وعن أبرز خطوات مكافحة الفساد والحد منه تحدث الأستاذ/ عُمر مُدهش بقوله: يبدو الحل الأنسب للحد من الفساد والخطوة الأولى لذلك هي: إلغاء الأجهزة والهيئات التي أُنشئت كمعنية بمكافحة الفساد, فكانت إضافات لفساد نوعي ارتفع بوجودها الفساد كماً وكيفاً وفي مقدمتها: الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة, والهيئة العُليا لمكافحة الفساد, حيث لم تقدم هذه الجهات فاسد للمحاكمة طوال سنوات وعقود مضت وحتى اليوم وليس منها فائدة ولا جدوى فهي أجهزة تستهلك موازنات باهظة من الخزينة العامة للدولة ولا تفيد الوطن بشيء.. وعلاوة على ذلك فأن أداء الموظفين فيها كما يبدو من الواقع تحول إلى مساندة الفاسدين مقابل مبالغ مهولة يضطر الفاسد لمضاعفة فساده والنهب أكثر من السابق عاملاً في حسابه حق مندوب هيئة الفساد, أو مندوب الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وأن ذلك يبدو جلياً في الواقع من خلال الثراء الفاحش الذي يعيشه موظفي هيئة الفساد, أو الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة حيث يبني الموظف خلال أعوام بسيطة يبني البيت ويشتري السيارة, ويصبح لديه رصيد أو أرصده من أين جلب كُل ذلك وجميع الناس يعرفون واقعه وواقع أبيه وجده قبل توظفه في الهيئة أو الجهاز؟.

الخلاصة

نخلص من خلال الاستطلاع إلى أن الفساد في اليمن ظاهرة قديمة تعمقت في المؤسسات العامة كثقافة, وأذكتها خلال العامين الأخيرين عدد من العوامل والظروف وفي مقدمتها المماحكات السياسية التي انعكست بشكل أداء سلبي وتسابق على نهب المال العام ؛كون المال العام هو الكعكة التي يتصارع عليها الجميع ومن أجلها يشيعون الفوضى والقتل, وأن أبرز النتائج والأثار السلبية التي تترتب على استمرار الفساد في اليمن هي: انهيار الاقتصاد الوطني وانهيار منظومة الحكم ككل, وأن تخفيف حجم الفساد وممارساته تتمثل في إلغاء الهيئات والأجهزة التي أُنشئت لمكافحة الفساد ولم تحقق شيئاً حتى اليوم وإعداد اللوائح للضوابط الإدارية وتفعيلها في المؤسسات الحكومية, وتفعيل الرقابة الداخلية للمؤسسات وإعطائها صلاحيات تامة للقيام بعملها وأن تكون مستقلة عن سلطة رئيس المؤسسة أو الرجل الأول فيها كي لا تكون مهددة ولا محكومة بقراراته وإنشاء قانون جاد لمكافحة الفساد يخضع أمامه وله الجميع في القيادات العليا للدولة أو الوسطى أو أي موظف عام أو خاص وتحدد فيه أصناف الفساد ومجالاته وعقوبات الفاسدين ويكون مُطبق على الجميع وبحزم وغير متعارض في مواده ونصوصه مع أي تشريعات أو نصوص قانونية أُخرى كما حدث مع القانون السابق, قانون يضعه قانونيون محترفون مُستقلون لا محكومون بانتماءات سياسية أو حزبية.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد