غرب تعز .. كارثة بيئية وقضية مزمنة تتجاهلها الدولة

2014-01-30 13:43:30 هموم الناس/ خاص


قضية منسية في أذهان المسئولين، وتتذكرها الصحافة بين وقت وآخر.. وتعد أكبر تحدٍّ يواجه الإنسانية في تعز، 4 مصانع ومحرقة قمامة، إضافة إلى وجود كسارة أحجار، وسط تجمع سكاني قد لا يمثل خطراً بقدر ما يعتبر كارثة حلت على أولئك السكان، سيما وأن أحد تلك المصانع للكيماويات، إنها مقلب القمامة للمدينة..

منطقتا حذران والربيعي غرب مدينة تعز، نالهما النصيب الأوفر من تلك المخاطر والسموم المنبعثة باستمرار في الأجواء، بينما العديد من القرى المجاورة ما زالت تعاني الألم نفسه.. وفي الربيعي وحدها، التي توجد بجوارها كسارة الأحجار، هناك أكثر من 30 مصاباً بالربو بالإضافة للعديد من المرضى ممن لم تكتشف عن أمرضهم بعد.

وبزيارة ميدانية إلى منطقتي الربيعي، وحذران، ستنصدم وكل القراء أمام تلك الكارثة المزمنة؛ أهالي تلك المناطق يعشون مع أنك المرض حتى الموت، و يتمنون أن تجد قضيتهم حيز اهتمام بحجمها لدى محافظ تعز ، وحكومة الوفاق، وإن تطلب الأمر تدخلاً رئاسياً.

المعاناة قصة لا تنتهي

وحدهما المعاناة واستمرار الألم ملازمان لحياة أهالي منطقتي حذران والربيعي، والقرى المجاورة لهما غرب مدينة تعز، جراء التلوث البيئي الذي تخلفه المصانع المحيطة بتلك المناطق. ومنطقة حذران تحتل المرتبة الأولى من المعاناة خصوصاً الأمراض المصاب بها أهالي المنطقة.

مقلب وبحيرة مفتوحة للمواد الكيماوية

يحيط بمنطقة حذران مقلب القمامة الكائن في مفرق شرعب، والذي يشتعل ليل نهار، ليبعث دخاناً أسود داكناً، وتجد المئات من حيوانات الأهالي تتغذى على مقلب القمامة، إضافة إلى وجود "بيارة" مفتوحة أشبه بـ"بحيرة"، هذه "البيارة" ليست بمجاري مياه، وإنما هي عبارة عن أسمدة ومواد كيماوية تأتي من مصانع تبتعد تلك البحيرة بحوالي 100 متر قريبة من مقلب نفايات تعز عبر أنابيب مدفونة في الأرض، بالإضافة إلى أنه يتواجد في منطقة حذران مصنع للطلاء يبتعد عن مقلب القمامة أيضاً بحوالي 30 متراً، كل ذلك خلق بيئة ملوثة تنعكس على حياة الناس القاطنين في المنطقة.

برغم كل ما يعانونه أهالي تلك المناطق لم يلمسوا أي مساعدة من قبل الحكومة أو المحافظة، كون أمراضهم تلك لا تفسير لها سوى أنها ناتجة عن التلوث البيئي في تلك المنطقة، ما يتوجب على المعنيين بأمر محافظة تعز للقيام بواجبهم تجاه أبناء تلك المناطق لما يعانونه والعمل لحلها.

تربة غير صالحة للزراعة

يقول أهالي منطقة حذران إن التربة الزراعية في المنطقة غير صالحة للزراعة، وذلك لما أحدثته مجاري تجميع مخلفات المصانع ، لما تحويه من مواد كيميائية سامة تعمل على تلوث التربة في المنطقة، إضافة إلى ذلك أن جميع مجاري مدينة تعز تمر على أراضيهم، حيث تتجمع مياه المجاري في حاجز قريب من المنطقة يسمى "سد العامرة"، ومن ثم تنطلق المياه منه لتمر على أراضي منطقة حذران والدعيسة، وصولاً إلى منطقة تسمى "الحمام".

عاهات

جميع أهالي منطقة حذران تقريباً مصابون بمرض "البلهارسيا"، حيث أصبح ذلك المرض ليس خطيراً بالنسبة لهم، إنما عادة من عادات وتقاليد المجتمع اكتسبوها منذ صغرهم، ليظل رفيقهم إلى أن يقضوا نحبهم.

أطفال وشباب وشيوخ ونساء مصابون بهذا المرض، بينما مكتب الصحة في المحافظة لا يعير ذلك المرض أو المرضى أي اهتمام، حيث لا يوجد أي مركز صحي في المنطقة، لكونها منطقة موبوءة.

 ويناشد أهالي منطقة حذران مدير مكتب الصحة في المحافظة النزول إلى المنطقة للنظر إلى معاناتهم من شتى أنواع الأمراض، وتشكيل مركز أبحاث طبي لدراسة كل الأمراض المنتشرة في مناطقهم وعلاجها.

أما منطقة الربيعي محاطة بمصنعين وكسارة على شكل مثلث، فمصنع للطلاء والكيماويات في منطقة الربيعي كان له الدور الأكبر في تلويث أجواء المنطقة، يقابله كسارة تعمل ليل نهار، بالإضافة إلى تواجد مصنع للشمة السوداء منذ أكثر من 10 سنوات، في ذلك المصنع عمالاً، يقال بأن جميعهم مصابون بالتهابات الجهاز التنفسي.

اختصاصيون

من جهته، يؤكد الاستشاري في جراحة القلب والصدر الدكتور عبدالقادر محمد الفاتش، القاطن في نفس المنطقة، أن أي مصانع تتعامل مع المواد الكيميائية ينتج عنها بيئة ملوثة وأضرار صحية، مشيراً إلى أن أول ما يصيب المواطن من خلال الغازات المنبعثة من تلك المصانع، هو أمراض الأجهزة التنفسية، وانسداد الغدد اللمفاوية، وأورام البلعوم، نتيجة للتحسس من تلك المواد.

وأوضح الفاتش أنه نتيجة لتسرب نفايات تلك المصانع إلى الأرض، فإنها تختلط بمياه الآبار، مما يؤدي إلى تعطيل عمل الجهاز الهضمي، وهذا ما هو حاصل في المنطقة. مؤكداً على أن تشوهات الأطفال والإصابة بأنواع السرطانات، إضافة إلى الفشل الكلوي لأغلب مواطني المنطقة، ناتجة عن التلوث البيئي في المنطقة، منوهاً إلى أن تزايد التشوهات الخلقية لدى الأطفال في المنطقة ناتج عن أمراض مكتسبة عند الآباء، مما يجعل الجيل القادم ضعيفاً جداً.

وطالب الدكتور الفاتش برفع جميع المصانع الكيماوية في المنطقة، وخاصة التي قال إنها تدفن فضلاتها في الأرض، مشيراً إلى أن ذلك سيعد خدمة إنسانية وأخلاقية لجميع أهالي مناطق الربيعي وحذران والدعيسة، خاصة وأن المستوى المعيشي لأهالي تلك المناطق ضعيف جداً، حيث لا يستطيعون مقاومة تلك الأمراض.

وسبق أن لاقت عملية التلوث البيئي في منطقتي حذران والربيعي استنكاراً واسعاً من مختلف الأوساط السياسية والاجتماعية، إلا أن القيادات المتعاقبة على المحافظة لا تزال غير مكترثة لما يحدث هناك.

وطالب أهالي المنطقتين محافظ تعز وحكومة الوفاق ورئيس الجمهورية بالنظر إلى مأساتهم، والعمل لما من شأنه تخفيف الضرر الناتج عن التلوث البيئي في المنطقة، وذلك بداية بنقل مقلب القمامة من وسط منطقة حذران. كما طالبوه بالتكفل بعلاج المصابين بشتى أنواع الأمراض التي تسببت فيها عملية التلوث البيئي، محملين الجميع ما سيؤول إليه وضع المنطقة.

نعرف أنها كارثة بيئية مزمنة في الطرف الغربي لمدينة تعز.. قد يكون المسئولون الحكوميون لا يعرفون ما الذي يعنيه التلوث البيئي، وهذا لا يسقط واجب الدولة تجاه مواطنيها، ووحدهم سكان تلك المناطق من يعرفون معنى التلوث البيئي والألم الناتج عنه، لكن أصواتهم لا تُسمع، فهل ستسمع أصواتهم هذه المرة؟.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد