يجب علينا الإدراك أن أساس المجتمع المسلم هو عقيدة ربانية جاءت لتطهر العقول من لوث الوثنية والتبعية العمياء وانحراف التفكير، ووجهته نحو توحيد الخالق تبارك وتعالى وإفراده بالعبادة وتقديسه, فيتحرر الوجدان من الخضوع لأي أحد سوى الله عزّوجلّ, فتتجلى بذلك معاني العزة والكبرياء في التوجه الصادق إلى المولى عزّ وجلّ عبادة وسلوكاً وإيماناً..!

لذا فإن الوازع الديني يعد سياجاً وضماناً لاحترام الفرد للضوابط الشرعية حتى لا يستبيح الفرد ما ليس له من حقوق في حال فقدت تلك الحقوق وسائل إثباتها أمام القضاء، وبذلك فإن الأساس العقائدي يجب أن يكون مهيمناً على كل معاملاتنا كمسلمين.. فاعتقاد المسلم بأنه إذا أخلّ بمسؤولياته في الحياة يعرضه للعقاب يوم القيامة من الله يشكل حاجزاً بينه وبين الإخلال به..

وبالتالي فإن غياب الوازع الديني كأساس عقائدي لدى جميع أفراد المجتمع, وبخاصة موظفي المؤسسات الحكومية, يؤدي دون أدنى شك إلى انحراف السلوك والميل إلى الشهوات واتباع الأهواء وبالتالي انهيار المجتمع وغرقه في ظلمات بحر الفساد الذي لا قعر له!!

الأمر الذي ينطبق على واقعنا اليوم نصاً وروحاً, حيث أصبح الفساد سلوكاً يمارس بمهنية في معظم مؤسسات الدولة، فكان الظلم واستباحة الأموال والأرواح والاستغلال الوظيفي والاختلاس والابتزاز والرشوة والقسوة والاستبداد نتيجة حتميه لذلك!!

وبالتالي فإننا بحاجه إلى إعادة تهذيب السلوك وفق النظام الإسلامي الذي تكون الحاكمية فيه لله تعالى ومصادره كتاب الله وسنة نبيه, والمجتمع المسلم هو الذي يكون مسلكه وهواه ومشاعره وعاداته وأخلاقه وأعرافه ومصالحه وفق مقتضى وأصول ذلك النظام الإسلامي القويم ومنسجمة مع مبادئه وقواعده.

 (( فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا )) النساء - الآية 65

كما ثبت عنه ( ص ) انه قال : لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به !!

كما أن الإسلام كان حريصاً على وجوب اختيار الشخص الذي تتناسب مؤهلاته وعلمه وقدراته وخبراته إلى جانب تحليه بالأمانة والصدق والزهد والتقوى مع متطلبات الوظيفة التي سيشغلها.. دون محاباة لأي أحد.

(( قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ ۖ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ )) القصص - الآية 26

قال الحافظ بن حجر : قوي فيما ولي أمين فيما استودع .

وكان ( صلى الله عليه وسلم) أحرص الناس على ذلك, حيث صح عنه أنه قال ( من ولّى من أمر المسلمين شيىاً فأمّر عليهم أحداً محاباة فعليه لعنة الله, لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً حتى يدخله جهنم).

وهنا أوجه خطابي إلى ولي الأمر رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس القضاء الأعلى وأعضائه!!!

أستحلفكم بالله.. أين أنتم من ذلك ؟؟؟