الرشوة والفساد.. تفرق المسؤولية في اليمن

2014-03-31 08:37:46 هموم الناس/ فيصل عبد الحميد

الرشوة هي: كل ما يعرض أو يقدم لشخص مسئول للتأثير على سلوكه أو رأيه.

وللأسف الشديد فإن بلادنا تعاني من هذه الظاهرة التي حرمها الإسلام وقد لعن رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام الراشي والمرتشي والرائ".

وتعتبر الرشوة من أخطر أشكال الفساد الذي ينخر أجهزة ودوائر الدولة، وهي جريمة يعاقب عليها القانون اليمني بالسجن عشر سنوات للمرتشي وثلاث سنوات للراشي..


أياً كانت التسميات فإن الرشوة داء لا يصيب الفرد فحسب وإنما تصيب المجتمع والدولة، وقد كشفت منظمة الشفافية الدولية العام الماضي عن تزايد الفساد والرشوة في اليمن وأن الفساد في الأجهزة التابعة للجيش والأمن تعد أعلى نسبة فساد في مؤسسات القطاع العام وذلك وفق استطلاع نفذته المؤسسة الدولية.

حيث احتلت بلادنا ثالث أعلى نسبة رشوة بين دول العالم والأولى عربيا لعام 2013م، جاء ذلك في اكبر استطلاع أجري على مستوى العالم.. كشف أن 73% من اليمنيين أفادوا بوجود فساد في أجهزة الدولة وأن مؤسسات الجيش هي الأكبر فساداً يليها قطاع الشرطة 69% والصحة 66% والقضاء والتعليم بنسبة62% أما في القطاع الخاص فيمثل الفساد فيه نسبة 53% وهي النسبة نفسها التي تصنف فيها منظمات المجتمع المدني، فيما احتل الإعلام آخر هذه النسب بـ48%.

وأكد 45% من المبحوثين أن دور الحكومة والمواطن في محاربة الفساد والرشوة غير فعال كما أكد 56% من المستطلعين بأن الفساد في اليمن قد زاد خلال السنة الماضية فيما يعتقد 23% بأن مستوى الفساد لم يتغير بعد, أما 21% قالوا بأنه قد تراجع.

وعلى المستوى العالمي فقد تصدرت الرشوة القائمة, حيث أفاد واحد من كل أربعة أشخاص بأنه قام بدفع رشوة خلال العام الماضي.. وأن قطاع الشرطة كان الأكثر عرضة للفساد وتلقي الرشوات في العالم وفق ما أفاد 36% من المستطلعين.

 فيما أوضح استطلاع حديث للساحات الشبابية اليمنية حول الفساد أن 80% من اليمنيين لهم تجارب شخصية مع الفساد وهو أمر يظهر بشكل آخر أكثر وضوحاً في السؤال المتعلق بمقارنة اليمن بالدول الأخرى في مجال الفساد. أجابت نسبة كبيرة بلغت 76% من المستجوبين بأنهم يرون أن اليمن أكثر فساداً من بقية الدول الأخرى، فيما أجابت نسبة ضئيلة بلغت 4% بأن الفساد في اليمن أقل مقارنة بالدول الأخرى.

هذه النسبة تقاربها نسبة أخرى من إجمالي المستجوبين تقول بأن الفساد في اليمن تساوي نسبته ما يحدث من فساد أيضا في أجزاء أخرى من العالم 6%.أما عن الاختلافات بين الذكور والإناث فيما يتعلق بالنظر لموضوع الفساد في إطار هذه المقارنة، فبدت واضحة أيضاً، ربما لأن الذكور هم من يتصدون لأعباء تصريف الشأن اليومي من معاملات مع الجهاز الحكومي والأجهزة الأخرى بنسبة أكثر من النساء.

أجاب 78 % من الذكور بأن الفساد في اليمن أكثر منه في باقي الدول، بينما بلغت هذه النسبة لدى النساء 61%. اللافت في الأمر أن الجزئية المتعلقة بتساوي الفساد في اليمن مع باقي الدول الأخرى تباعدت فيها الآراء بشكل كبير بين الرجال والنساء 17% للرجال مقابل 5% للنساء.

محاربة الفساد

الغالبية العظمى من المستجوبين ألقوا بمسئولية الحرب على الفساد ومقاومته على شريحة الشباب التي تبدو هنا كأمل جديد يخلص اليمن من ظاهرة الفساد المنتشرة بشكل واضح ظهر من خلال نتائج الاستبيان. تلي شريحة الشباب مؤسسات أخرى رأي المشاركون أنها تلعب دوراً في القضاء على الظاهرة مثل وسائل الإعلام 22% والمؤسسات الدينية 18%، المدارس 16% والمؤسسات الحزبية 14%.

يبدو هنا من مقارنة إجابات الشرائح العمرية حول جزئية محاربة الفساد أن صغار السن، 30 عاماً وأصغر، أكثر ميلا للاعتقاد بأن الشباب هم القوة التي يجب أن تضطلع بمهمة محاربة الفساد. ينطبق ذلك أيضاً على من هم أقل من 20 عاماً حيث أجاب النصف بأن الدور الأعظم في مكافحة الفساد يقع على عاتق الشباب.شريحة الكبار أو الفئة العمرية أكبر من 40 عاما ينظرون للأمر بمنظار مختلف ويعتقدون بأن السياسيين أو القوى السياسية هي من يقع عليه عليها عبء محاربة الفساد والقضاء عليه في اليمن.

ثقة في النفس

بشكل عام اليمنيون واثقون من أنفسهم ومن قدراتهم الذاتية في الوقوف في وجه الفساد. ظهر من النتائج أن نسبة 42% من المستجوبين قالوا بأنهم يعتقدون بقدرتهم الشخصية على فعل شيء ما في سبيل مكافحة الفساد. النسبة الباقية التي أجابت بأنه ليس في مقدورها فعل شيء تجاه الفساد، فقد أفاد معظمهم بأنه ليس من المجدي محاربة الفساد بشكل فردي وأن الفعل الجماعي هو الناجع في هذا المجال. جزء آخر منهم يعتقد أن إنجاح المهمة يتوقف على المؤسسات السياسية والقانونية، فيما تبقت قلة قليلة تشعر بالعجز التام في مواجهة الفساد لدرجة أنها لا تدري ما تفعله.

ظهرت أيضا ثمة فروقات بين سكان مختلفة المحافظات اليمنية في نظرتهم لمكافحة الفساد. سكان الحديدة مثلا أقل ثقة واستعداد لفعل شيء بشكل شخصي لمكافحة الفساد 26% بينما ترتفع هذه النسبة بنسبة النصف في المكلا 50%.

خلاصة القول ورغم النسبة الكبيرة التي قاربت نصف عدد إجمالي المستجوبين التي أبدت قدرتها على فعل شيء في مواجهة الفساد، إلا أن النظر للوحة الكلية يظهر لنا انقسام اليمنيين الحاد في تحديد الجهة التي تقع عليها المسئولية بشكل واضح وبالتالي تولي زمام الأمور في عملية مكافحة الفساد، وربما يشير هذا بشكل من الأشكال إلى مقدار ثقة المواطن في أجهزته الحكومية والتشريعية والعدلية.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
رئيس منظمة الأسرى: الحوثيون حوّلوا السجون إلى "شركات استثمارية" ويُفشلون المفاوضات

في سجون مليشيا الحوثي الإرهابية، يتحول الأمل إلى يأس، والحياة إلى عذاب، حيث يتعرض آلاف الأبرياء لأبشع أنواع التعذيب والانتهاكات. تقرير جديد يكشف عن حجم الكارثة الإنسانية التي يعاني منها الأسرى والمختطفون في اليمن، حيث مشاهدة المزيد