"حذران" تعز.. محارق الموت البطيء

2014-04-15 08:49:26 استطلاع/ وئام الصوفي

"من حقنا أن نتنفس هواء ربنا النقي وليس دخان كريه " هكذا بدأ محمد عزيز- أحد أهالي منطقة حذران التابعة لمديرية التعزية بمحافظة تعز- حديثه لمراسل "أخبار اليوم " بينما كان معه في جولة داخل منطقة حذران والتي يبلغ تعداد سكانها 10451 نسمة حسب التعداد السكاني في اليمن لعام2004م.. هناك شاهدنا دخانًا كثيفًا وكأنه حريق هائل، وفاجأنا محمد قائلاً: هذه الأدخنة منبعثة من مكان حرق المخلّفات من جميع أنحاء منطقة حذران القادمة من مخلفات ونفايات المصانع بالإضافة إلى نفايات المستشفيات، والتي تصب جميعها في هذه المنطقة.
مشاريع إمبراطوريات المال وحُقن أطباء الرحمة القادمة على سيارات السلطة المحلية


عزلة عن العالم

 وصلنا إلى مقلب قمامة حذران وهنا تبدأ مرحلة العزلة عن العالم من الهواء النقي، الذي تتنفسه البشرية، ومن النعم التي أنعم الله بها علينا إلى دخان كثيف وروائح لا توصف من بقايا أكل خارج من المنازل وحيوانات نافقة، بجانب مخلفات المستشفيات من ملابس قديمة وزجاجات أدوية ومحاليل وحُقن.. ومخلفات مصانع

تابعنا السير في الطريق، وعلى جانبينا أكوام القمامة التي مر عليها وقت طويل، وأكوام أخرى ملقاة حديثاً، وانتهت رحلة السير على الأقدام بعد ربع ساعة، وسط دخان لا يجعلك ترى شيئًا أمامك، ولا تستطيع التنفس وإذا تنفست فمصيرك خليط من الروائح التي لا توصف.
تلال من القمامة

اقتربنا من الموقع الرئيسي لخروج الأدخنة، فإذ بتلال من القمامة مشتعلة فيها النيران ووسطها زجاجات فارغة تنفجر بين الحين والآخر.. شاهدنا عدداً من سيارات نقل القمامة تقوم بتفريغ حمولتها بالقرب من تلك التلال ليكون مصيرها الحرق والتي يؤكد المواطن محمد، أن هذه السيارات التابعة لمجلس محلي محافظة تعز تقوم بتجميع القمامة في ذلك المكان، ويأتي بعدها عدداً من الصبية في منتصف الليل ويقومون بجمع الخردوات والزجاجات الفارغة من داخل تلك الأكوام لبيعها، ثم يقومون بإشعال النيران فيها.

ويشير المواطن محمد عزيز أن الرياح الشديدة تقوم بنقل تلك الأدخنة المنبعثة من الحرائق وما تحمله من روائح إلى منازل منطقة حذران، مما تتسبب في حدوث أمراض مزمنة كالحساسية وأمراض الصدر وضعف البصر، جراء هذه الأدخنة اليومية والتي لا تنقطع ليلاً ونهارًا.
الموت البطيء

انضم إلينا في جولتنا- والتي يحيطها جو من الأدخنة- عدد من أهالي منطقة حذران لكنك لا تستطيع رؤية وجوههم جيداً بسبب كثافة الدخان، فتناولوا أطراف الحديث معنا صوتًا بدون صورة، ليسردوا لنا معاناتهم المختلفة مع محارق الموت البطيء.
كلاب ضالة ومفترسة

يقول المواطن عبد السلام: بجانب أكوام القمامة اليومية التي تعودنا عليها وروائحها الكريهة بعد حرقها، والتي باتت تملأ صدورنا توجد مشكلة أكبر وهى مجيء الكلاب المفترسة والضالة إلى تلك المنطقة لتأكل الحيوانات النافقة، وهو ما نخشى فيه على أطفالنا الذين يذهبون إلى المدرسة القريبة من تلك المحرقة، حيث تدخل إليهم الأدخنة في الفصول أثناء الدراسة وإن لم يكون مصيرهم الموت من تلك الروائح فنخشى عليهم من تلك الحيوانات المفترسة والضالة.
المستحيل

فيما تساءل المواطن أحمد الشرعبي: لماذا لا يستمع المسئولين بالمحافظة إلى شكوانا اليومية، فهل نحن نطلب المستحيل؟. ويضيف" كل ما نرجوه هو أن يتم نقل مقلب القمامة هذا من تلك المنطقة إلى مناطق صحراوية والتي لا يسكنها أحد".

واستنكر الشرعبي كلام المسئولين الذين وعدوهم عدة مرات، أنه سيتم ترحيل مقالب القمامة إلى منطقة لكن مسافة تبعد قليلاً، قائلاً: وهل يعقل من الطبيعة الجغرافية للمنطقة أن بعد المسافة سيحل الأزمة فمهما بعدت المسافة فإن الأزمة لن تحل، فحلها الوحيد نقلها من المنطقة تمامًا.

 وفى نهاية جولتنا بمنطقة حذران، أكد عدد من الأهالي أنهم اتبعوا كل الطرق السلمية في إيصال مطالبهم وشكواهم حتى يسمع المسئولون صوتهم في إنهاء تلك الكارثة، والتي تهدد حياة الأطفال والشيوخ بالقرية، وأنهم هددوا باللجوء لقطع الطرق السريعة, لكنه لم يستجب لمطالبهم.
أورام سرطانية

فيما يتعلق بالجانب الطبي وأثر هذه النفايات على صحة السكان، يؤكد الدكتور/ وليد الوتيري رئيس المنظمة الطبية بتعز- أن حرق النفايات ضار جدًا على الإنسان، حيث أن الدخان المنبعث من حرق النفايات يحمل غازات مختلفة وجُزيئات قابلة للاستنشاق، وتحتوي هذه على مواد سامة تضّر بصحة الإنسان، ويُسبب الدخان أيضاً حرقة في العينين والأنف وفي الحلق، بالإضافة إلى السُعال والصُداع وضيق التنفس ومرات أيضاً يسبب الربو وأيضاً الإصابة بالفشل الكلوي وبالتالي إلى الوفاة.
إجهاض للحوامل!

 وقال الوتيري.. أن الدخان المنبعث من مرادم النفايات محمل بالكثير من الغازات السامة التي تسبب الأورام السرطانية وتقود إلى إجهاض الحوامل وتؤثر سلباً على مرضى الكلى والربو. وأشار إلى أن هناك العديد من الأمراض المستعصية التي ظهرت مؤخراً كانت من الآثار السلبية لحرائق النفايات.
إعاقة واختلال

 وحذرت دراسة من امتداد الآثار السلبية إلى المياه الصحية والجوفية، حيث تنتقل الملوثات عن طريق الشرب والمنتجات الزراعية، كما تنتقل من النبات إلى الإنسان عن طريق تناوله لتلك النباتات الملوثة.

 وأوضحت الدراسة الآثار السلبية الصحية التي تؤدي إلى تلف كبير في الجهاز العصبي والكبد واختلال في الهرمون. وتعرض الأجنة لتلك السموم يؤدي إلى تأخر في النمو وضعف القدرة على التعلم وإصابة في جهاز المناعة وفقر الدم وضعف الشهية وضعف المفاصل.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد