بين قسوة الحياة وغياب أبسط مقومات المعيشة وتجاهل السلطات

قريتي الزاعل والمفتش بتعز.. مقابر للأحياء!

2014-04-22 14:13:18 استطلاع/ وئام المخلافي

من يدخل قرية الزاعل التابعة لمحافظة تعز يرى قرية مهملة حيث لا وجود نهائياً لِلطُرق المعبدة بل غدت طرقها الحالية مستنقعات لتجمُّع المياه وبِرَكاً للطين والوحل كما أن القرية تفتقر إلى شبكات الصرف الصحي.. كما يبدو الحال أكثر معاناة في قرية المفتش بمديرية التعزية .. نماذج واقعية لأغلبية فقراء تعز الذين يقطنون عشش الصفيح والخشب التي تشبه العلب، وأقل ما توصف به أنها «مقابر للأحياء».. "أخبار اليوم" ضمن مواصلتها فتح ملف استطلاعات واسعة عن مثل هذه المناطق في محافظة تعز زارت القريتين واستطلعت أوضاع الأهالي ومطالبهم المُلحّة..

هنا في قرية الزاعل تبدو مدرسة محمد الدرة بالقرية وكأنها خرابة وهذه المدرسة التي تحوي حوالي ١١٠ طلاب من الصف الأول وحتى الصف السادس’ عبارة عن مبنى قديم جداً تتآكل جدرانه وتملؤه الشقوق والتفرعات ويكاد سقفه يسقط على أولئك الأطفال صيفاً رغم وجود أماكن مخصصة لإنشاء مدرسة بديلة ولكنها على الورق فقط.. وتشكو المنطقة من غزارة الأمطار والسيول الجارفة صيفا ويبحث مواطنوها عن نقطة ماء شتاءً حيث لا وجود لبئر ارتوازية تروي ظمأ الأهالي وعطشهم المتواصل الذي لم يتوقف عندهم فقط بل امتد إلى المحاصيل الزراعية التي بدورها تشكو قلة مياه الري وشحّتها الشديدة, ممّا أثر على لقمة عيش أطفالهم الذين يعانون الأمرين..
السير فوق مستنقعات

يقول محمد قاسم (مدير المدرسة في القرية): نفتقد في قرية الزعل إلى الطرق المعبدة حيث لا يوجد طريق واحد في القرية يمكن السير عليه كذلك فإن طلاب المدارس يمشون فوق طرقات عبارة عن مستنقعات وبرك للمياه حتى يصلوا إلى مدارسهم. 

ويضيف:" كما أنه من الهام جداً إحداث مدرسة بديلة عن المدرسة الحالية لأنها عبارة عن بناء قديم مهترىء يضم حوالي ١١٠ طلاب وهو مكان لتجمُّع الشقوق ومعرض للخطر صيفاً علماً أننا راسلنا المحافظة ومديرية التربية بالموضوع لإنشاء مدرسة بديلة لكن دون جدوى".

حسن عبده ناصر أشار إلى أن طرق القرية سيئة جداً كما أن هناك شح كبير بمياه الشرب. وقال: لذلك يكاد يقتلنا العطش الشديد وخسارتنا بالملايين كفلاحين في القرية بسبب شحّة مياه الري؛ نظراً لجفاف الآبار في ذروة الموسم الشتائي كما أن حال الفلاحين يرثى له بسبب رخص أسعار المحاصيل الزراعية وارتفاع تكاليف ومستلزمات الإنتاج والزراعة.

ويرى بأن الحلول المطروحة لمعالجة شح مياه الري تكمن في إحداث سدود تجميعية تقوم بتجميع المياه شتا بدلاً من انسيابها نتيجة غزارة الأمطار صيفاً دون نتيجة مفيدة.
وعود الانتخابات تتبخّر

صالح عقيل (معلم بمدرسة القرية) قال: القرية تفتقد إلى وجود مركز صحي يؤمن الخدمات الطبية الضرورية للأهالي. مضيفا" إننا بحاجة ماسة لتعبيد طرقات القرية بسبب سوء وضعها الحالي".

أمّا المواطنة ريم سعيد فقد قالت: نحن نعيش في وضع مأساوي للغاية وسط تجاهل كبير للسلطات غير أننا أيام الانتخابات نتلقى الوعود تلو الوعود وعندما تنتهي الانتخابات كأن شيئاً لم يكن ونكتشف أن تلك الوعود كاذبة.

 وأضافت : إن المشاكل لا تقف عند هذا الحد بل إن القرية تفتقد إلى الاحتياجات الأساسية للمعيشة الإنسانية، فمعظم الأهالي يعيشون على ضوء الشموع و"اللمبة الجاز"، وذلك بسبب الانقطاع المستمر في الكهرباء رغم علم المسؤولين الذين لم يلتفتوا إلى هذه المشكلة.

من جانبه المواطن هزاع عبده قال: إنه خلال الفترة الأخيرة شهدت القرية ارتفاعا ملحوظا في عدد المصابين بأمراض الفشل الكلوي وأمراض الكبد نتيجة لسوء الخدمات وسوء مياه الشرب واعتماد الأهالي على الآبار الخارجة من باطن الأرض.
حياة قاسية

وفي قرية المفتش بمديرية التعزية نماذج واقعية لأغلبية فقراء تعز الذين يقطنون عشش الصفيح والخشب التي تُشبّه بالعلب، وأقل ما توصف به أنها «مقابر للأحياء».. أفراد كثيرون يعيشون حياة قاسية ومريرة في عشة واحدة لا تزيد مساحتها على مترين طولاً ومتر ونصف عرضاً, آباء وأمهات وأطفال وشيوخ ونساء يعيشون جميعاً في أماكن لا تصلح لحياة البشر.. حجرات خشبية ضيقة تكفى بالكاد لمرور شخص واحد.. شبابيك وهمية ومتلاحقة. لا توجد مياه نظيفة ولا صرف صحى ولا مستشفيات وأغلب هؤلاء المعدمين عمالة موسمية ليس لها تأمين صحي ولا دخل ثابت ورائحة الفقر والمرض تنبعث من كل مكان، يعيشون حياة فقيرة في كل شيء، اقتربنا منهم ونقلنا صورة لحياتهم الواقعية.


حياة خارج حسابات الحكومة

كانت علامات الإعياء والألم وقلة الحيلة تبدو واضحة على ملامح أم محمد- المرأة المُسنّة التي تجاوزت الـ«80» من عمرها ووجدناها جالسة أمام غرفتها الصغيرة المبنية من الطوب القديم في قرية المفتش في انتظار السؤال عنها، وقد فرحت كثيراً عندما شاهدتنا وسألتنا عما نحتاج وعرضت علينا الجلوس داخل غرفتها التي تحتوى على سرير قديم وكوب وحصيرة متهالكة مفروشة على الأرض.

تقول: عندي 6 أولاد جميعهم متزوجون يسألون عنى من حين لآخر ويجودون على بما أعطاهم الله من رزق والحمد لله، أولادي يعملون الذي عليهم ولكن الصعوبة تكمن في غلاء المعيشة ونحن مازلنا خارج حسابات الحكومة ثم جاء فجأة الابن الثالث لهذه المسنة ويدعى عبدالرحيم صالح الذى صرخ في وجهنا وقال: لا أحد يأخذ بأيدينا أو يحاول أن يساعدنا، فأنا عندي «4»أولاد منهم «3 » بنات والحمل ثقيل قوى علينا ونحن نعيش في المفتش من مئات السنين من جدود جدودنا  وحالي مثل حال أهل منطقتي. وأضاف عبد الرحيم:" جميعنا نتمنى أن تنصلح الأحوال لنعيش حياة آدمية مرتاحي البال ولكن من أين والعين بصيرة واليد قصيرة، لذا نطالب الحكومة بأن توفر لنا مساكن آدامية بديلة عن مساكننا القديمة أو توصيل المرافق لهذه المساكن والعمل على اتاحة فرص العمل لنا حتى نشعر بالأمان والاستقرار داخل بلدنا ولا يُظلَم أحدٌ منا".

 وللبؤس سطوته الكبرى

وفى إحدى عشش المفتش حيث للفقر الكلمة الأولى والأخيرة تعيش أم سيف وأبناؤها السبعة حياة لا ترقى لمستوى حياة البشر, تلك العُشّة الخشبية بالنسبة لقاطنيها هي الدنيا وما فيها، بداخلها الدفء من برد الشتاء، وبظلها يحتمون من حر الصيف، تقيم الأم وأبناؤها السبعة في هذه الغرفة ينتظرون عطف المحسنين بعد ان نسيتهم الحكومات المتعاقبة.

تقول أم سيف : المنطقة هنا لا يوجد بها مياه ولا صرف صحى والكهرباء دائما وأوقات الشتاء تمر علينا بصعوبة شديدة فالأمطار تغرق عششنا ولا نجد شيئاً يعصمنا من البرد القارس، لذلك نقوم بإشعال بعض قطع الخشب لكى نشعر بالدفء، وتبقى مشكلة المياه التي تملأ العيشة وتغرق ما بداخلها وكل ما نتمناه أن نعيش في شقة بها باب مُقفَل ودورة مياه وبلكونة كبيرة تدخلها الشمس والهواء لكي نشعر بأننا مازلنا أحياء.

تضيف:" كنا نظن أن الثورة ستنصفنا وتمنحنا جزءاً من حقنا في هذا الوطن، ورغم أن هذا لم يحدث حتى الآن فإننا مازلنا نحلم بهذا اليوم الذى نعيش فيه قبل أن نموت.

أم ناصر ـ لديها بنتان ـ ومقيمة في نفس المكان ـ فهي تعاني من اصابات بالغة في العمود الفقري وحساسية في الصدر، ممّا يستلزم علاجاً شهرياً مرتفع التكاليف لا يتناسب مع ظروفها المعيشية الصعبة.

حيث أنها تقوم بجمع بقايا البلاستيك والعيش المكسر العفن من القمامة لتذهب وتبيعه لتوفر لأبنائها قوت يومهم، حيث لا يوجد لهم أي مصدر رزق، والأولاد مازالوا صغاراً «7 سنوات» و«10 سنوات« ويحتاجون الى مصاريف كثيرة وتقول: حياتنا كلها معاناة وتعب ولكن الحمد لله على كل شىء، فلا نستطيع الا ان نقول ذلك ولكن ألن يأتى علينا يوم يشعر فيه أحد المسؤولين بنا؟ ومتى سيأتي هذا اليوم؟

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد