أستاذ طب الأسنان بجامعة صنعاء- أ.د/عبد الوهاب الخولاني لـ" أخبار اليوم":

طب الأسنان مهنة مُكدسة في المُدن الرئيسة فقط

2014-08-21 13:20:47 حاوره/ماجد البكالي

باشر مهنته كسادس طبيب يحمل مؤهلاً علمياً في الجمهورية العربية اليمنية قبل الوحدة, ورغم التطور الذي شهدته مهنة طب الأسنان وبلوغ الأطباء العاملين في هذا المجال أكثر من 7000طبيب, وتعدد المراكز والعيادات, والنقابات.. يرى في ذلك تطوراً عددياً محصوراً على نطاق جغرافي هو المُدن الرئيسة دون وصول الخدمة للمواطن اليمني في غالبية المناطق والمُديريات الريفية, ومحدود الجودة, زادها التجاذب السياسي ضرراً وبُعداً عن الولاء للمهنة..

ذلك ما أكده أ.د/ عبد الوهاب الخولاني- أستاذ كُلية طب الأسنان بجامعة صنعاء ومن أوائل أطباء الأسنان في اليمن, مُتحدثاً عن عدد من القضايا والظواهر الأكاديمية والمهنية في هذا المجال والتي نتابعها في هذا الحِوار.. فإلى الحصيلة:


*كيف كانت بداية طِب الأسنان في اليمن؟

- طب الأسنان في اليمن بدأ بداية غريبة قبل الثورة وبدأ بممارسين بشكل عشوائي وهو ما يصفه البعض بخبرات حيث مارسه عدد محدود جدا كانوا يلتصقون بأطباء يأتون من الخارج لفترات محددة, فمارس أولئك طب الأسنان نتيجة لما شاهدوه من الأطباء الأجانب خلال فترة محدودة, فلم يكن في اليمن طبيب مختص في هذا المجال قبل الثورة.

*أنت من أقدم الأطباء المختصين في طب الأسنان كم كان عدد الأطباء المختصين عندما بدأت العمل؟


- عندما تخرجت أنا ببكالوريوس في طب الأسنان كُنت سادس طبيب يمني يعمل في طب الأسنان ويحمل تخصصاً علمياً في الجمهورية العربية اليمنية وذلك في عام 1984م,وكان عدد الأطباء قليلاً والمرضى كثيراً حينها؛ وهو ما اضطرني حينها للانخراط بمشروع في وزارة الصحة والتربية والتعليم لكي أعالج أكبر كم من المرضى وبالذات الأطفال فانخرطت في العمل الصحة المدرسية إلى جانب ذلك كان عملي الأساس في المستشفى العسكري, وزملائي الخمسة الذين سبقوني كانوا منشغلين في المستشفى الجمهوري والثورة, فاتجهت للعمل في الصحة المدرسية ووزارة الصحة وعملنا حملات عدة حينها وبحمد الله نجحنا رغم الصعوبات البالغة التي واجهتنا...

*لماذا تركز اهتمامكم في بداية مشواركم العملي على الأطفال؟

- التركيز على الأطفال والمدارس رغم ما يتصوره العامة أن من يحتاج لعناية وعلاج هو الإنسان الكبير؛ لأن العناية بالفم والأسنان تبدأ من سن مُبكر كون الإنسان الكبير السِن الذي أضحى مُدمناً للقات وما فيه من السموم وما ينتج عنه من أمراض, لو تمت توعيته وهو في سن مبكر بالمواد والممارسات الضارة بالفم والأسنان وأضرارها فإنه سيكبر وينمو ولديه قناعة بعدم تناول ما يضر بصحته سواءً القات أو الدخان.

*هل هناك من يمارس طب الأسنان اليوم دون مؤهل؟   

- حتى اليوم ما يزال البعض يشتغل في طب الأسنان بالخِبرة رغم وجود قرابة 7000طبيب أسنان, إن هذه القضية تمت مناقشتها عند تأسيس جمعية طب الأسنان اليمنية قبل أن تسمح التشريعات بإنشاء نقابات, وعندما أُنشئت نقابة طب الأسنان صارت الضوابط أكثر لكنها لم تمنع بالمطلق قضية الممارسين للمهنة بالخِبرة ودون مؤهل ولكنها خففت من الدخلاء إلى حد معين دون القضاء على هذه الظاهرة.

*ماذا عن تعدد نقابة أطباء الأسنان؟ ولماذا لم تشاركوا في إدارة أي من النقابات بكونكم أقدم الأطباء العاملين في هذا المجال والأكثر خِبرة وكفاءة, طبيب ميداني وأكاديمي؟


- تعدد نقابة أطباء الأسنان إلى نقابتين ذلك مؤسف وهذه من الأسئلة التي تحرجني وتحزنني كطبيب أسنان يمني, مرجعاً انقسام نقابة أطباء الأسنان إلى نقابتين إلى التجاذب السياسي الذي أصاب كل النقابات المهنية تقريباً سواءً نقابة المعلمين, أو غيرها.

هذا الواقع مؤسف أن تغلب التجاذب والانتماءات السياسية والشخصية على مصلحة المهنة... هذا التجاذب الذي عانته النقابات المهنية وأضر بأدائها هو ما دفعه منذ سنوات للعزوف عن المشاركة في النقابات أو إدارتها رغم أن عدد كبير من الأعضاء في هذه النقابة أو تلك هم من طلابه وأصروا عليه لأكثر من مرة للترشح لمنصب رئيس النقابة كون من تخرجوا وكانوا طلاباً درّستهم أكثر من 6000طالب وطالبة من جامعات حكومية وخاصة في صنعاء والحديدة. إن تقسيم النقابة حال مؤسف ولا يخدم , لكنه يتمنى أن تتوحد نقابة أطباء الأسنان مُستقبلاً.

*كثرة الإقبال على طب الأسنان أكثر من غيره من التخصصات الطبية ظاهرة يلمسها الجميع ويعكسها الكم المهول لعيادات ومراكز ومجمعات طب الأسنان المنتشرة في كل مكان وحي في المُدن هل لأن هذا القِطاع مُربح للغاية ويحقق العاملين فيه ربح سريع, أم أن ثمة أسباباً أخرى؟


- تفسيري الشخصي من خلال خبرتي وتدريسي وعلمي فإن الأسباب عدة أبرزها: أن هذه المهنة مُربحة بالفعل ولكنها مُكلفة عند التأسيس إلى حد ما, فمثل هذا السبب دافع لدى الدارسين للتوجه إلى هذا التخصص؛ كون الدخل في هذه المهنة جيد يوفر لصاحبها حياة مستقرة وكريمة.. والسبب الثاني هو: عدد سنوات الدراسة في طب الأسنان أقل منها في الطب البشري حيث تصل إلى 6سنوات مع سنة الامتياز, بينما عددها في الطب البشري 7سنوات,كذلك ممارسة طب الأسنان لا تحتاج إلى تخصص فقد تمارس بالبكالوريوس مُعظم أعمال طب الأسنان: تقويم أو تجميل, أو علاج, ووو.. إلخ.

فظل الاعتقاد حتى الآن أن هذه مهنة مربحة وعندما زاد العدد ليصل عدد أطباء الأسنان إلى أكثر من 7000طبيب في الجمهورية مكدسين في العاصمة والمُدن الرئيسة دون توزيع سليم على المحافظات ومناطق الجمهورية فمثلا: في محافظة مأرب لا يزيد عدد أطباء الأسنان عن طبيبين, وبالمحافظات النائية والناشئة كذلك, هذا التكدس في المُدن فقط يؤثر على هامش الربحية بمؤشرات تنازلية, وما لم يكن هناك تلافي لهذا التكدس من قِبل وزارة الصحة ونقابة أطباء الأسنان سيجد أطباء الأسنان أنفسهم مُستقبلاً أشبه بمحلات الاتصالات, ولا عملاء لهم ولا دخل جيد, وأن الأفضل لهم وللمواطن أن ينتشروا في كل الوطن ليقدموا خدمات للمواطنين دون اضطرارهم للسفر للمُدن الرئيسة, وليحافظوا على الربحية التي يكسبونها من هذه المهنة وتوفر لهم حياة مُستقرة وكريمة.

*د.عبد الوهاب بصفتك من أقدم الأطباء في هذا المجال منذ1984م,وأستاذ بكلية طب الأسنان في جامعة صنعاء منذ 17عام,في الجانب الأكاديمي, هل لديكم تحديث وتطوير للمناهج الجامعية يواكب التطورات العلمية الحاصلة لاسيما أن الطب يشهد تطوراً متسارعاً؟ وماذا عن المجال التطبيقي للتعليم الطبي؟

- سؤال ممتاز جداً وتدهشني بأسئلتك وكأنك عضو معنا في مجلس الكُلية.. فهذا الموضوع مهم جداً وأنا هنا سأتكلم بالنسبة لجامعة صنعاء فبشأن المنهج وتطويره عملنا ورش عمل عدة لتطوير المناهج وليست لدينا مُشكلة في تطوير المناهج النظرية.. ولكن المشكلة الفعلية والمستمرة هي: التطبيق العملي.. حيث أن لدينا عدداً مهولاً كل سنة من الطُلاب والطالبات الملتحقين بكُلية طب الأسنان, بينما التجهيزات محدودة جداً ولا تتناسب مُطلقاً مع العدد الكبير من الطُلاب والطالبات الدارسين بالكُلية.. حيث يلتحق بالكلية في العام الواحد قرابة 200طالب وطالبة وتجهيزات الكُلية محدودة ولا تساوي شيء أمام هذا العدد ولا يتمكن الطلاب من التطبيق العملي اللازم الذي يؤهلهم ويمكنهم من إجادة المهنة بعد تخرجهم ولا تناسب إلا إذا كان عدد الطُلاب الملتحقين بالكلية 30طالباً؛ لذا نتمنى أن ينتبه الإخوة المسئولين وأصحاب القرار لتزويد الكُلية بما تحتاجه من تجهيزات عملية وبما يتناسب مع أعداد الطُلاب الدارسين بالكُلية وبما ينعكس إيجاباً في تأهيل عملي لمُخرجات الكُلية تكون له فوائده في حياتهم المهنية وخدمتهم للمواطن.

*عودة إلى الممارسة العملية لطب الأسنان.. برزت وخلال فترة وجيزة جداً مُجمعات طب الأسنان وتحول عشرات العيادات إلى مُجمعات, وحسب معلوماتنا أنكم من أنشاء أول مُجمع لطب الأسنان.., ما هي فكرة مجمعات طب الأسنان, وبما تختلف عن العيادات, والغاية منها, ولماذا تم تقليدها بشكل سريع وواسع؟

- نعم أنا أنشأت أول مُجمع لطب الأسنان في اليمن وهذا مشروع اعتز به وتحقق له النجاح وما يزال حتى اليوم أكبر مُجمع يضم أكبر عدد من العيادات والتجهيزات.. فكرة المجمع في ذهني عندما أنشأت المجمع هي: أن أجمع كل تخصصات طب الأسنان(زراعة الأسنان, التقويم, التجميل, علاج اللثة, و..) في مجمع واحد وذلك في 2001م حيث كان من طلابي الذين بعثتهم لدراسة الماجستير عادوا بتخصصات في طب الأسنان وليسوا أطباء أسنان عام, وعند عودتهم كانوا يبحثون عن عمل خاص؛ كون مرتب الدولة لا يكفي فأنشئت مُجمع واستقطبتهم للعمل فيه بتخصصاتهم الدقيقة: التقويم ,أمراض اللثة, حشوات العصب, و...وكان أول مجمع واستمروا لفترة وبعدها أنشأ كل واحد منهم أما مجمع أو عيادة خاصة به..

ففكرة المجمع لدي وما زالت هي: أن نقدم طيفاً واسعاً من الخدمات تشمل كل خدمات طب الأسنان تغني المريض اليمني عن السفر للخارج, ونحن نفخر أن كثيراً من اليمنيين عندما يأتي من الخارج ويتعالج لدينا يشيد بخدماتنا ومستواها وأنها تضاهي الخدمات في الخارج وبجودة.. أما باقي المجمعات التي أُنشئت كتقليد لا أعرف ما فكرتهم ودافعهم الأساس غير أن عدداً منها مُجمعات جيدة.

*ما أبرز أمراض الفم التي يعانيها اليمنيون, وما الأسباب لشيوع وانتشار هذه الأمراض؟

- الأمراض الأكثر خطورة والتي تصيب الفم ولا يقتصر تأثيرها على الفم بل يهدد حياة المريض ككل يأتي في مُقدمتها: سرطان الفم وهو الأخطر وشهد هذا المرض انتشاراً وتزايداً في عدد الحالات المُصابة من عام لآخر بشكل مُخيف, علاوة على أمراض اللثة والتي تصيب غالبية- إنْ لم يكن كل- "المخزنين" حيث يتسبب تآكلها في فقدان الأسنان لغطائها وتعريتها وهو ما يتسبب في أمراض وآلام للمرضى يضطر بعضهم لاستخدام حبوب مسكنة للألم يدمنون عليها قبل أو أثناء جلسات القات وتتسبب في إصابة القلب بالجلطة والتي قد تكون مميتة وقاتلة, فيما البعض يفقد أسنانه وتتساقط في وقت مُبكر.

أما أسباب تلك الأمراض فيعرفها الجميع وأبرزها: القات نتيجة لما يحتويه من مواد كيمائية وسرطانية بسبب السموم القاتلة التي تُرش بها شجرة القات, علاوة على تناول ما يسمى (الشمة)..,تلك هي الأمراض الخطيرة التي تتسع بشكل مُخيف وبمؤشرات تصاعدية.

*ما أبرز مشاريعكم المُستقبلية لتطوير والارتقاء بمهنة طب الأسنان؟


- المشروع المُستقبلي والخاص الذي أعمل من أجلها: إنشاء أول وأكبر مركز خاص وبمبنى مِلك وميزة المركز الجديد عن المُجمع الحالي هي: أنه أكبر وأكثر سعة, فيه قاعات محاضرات تُقدم فيها التوعية, فيه مكتبة, وبرنامج تدريب مستمر "التعليم المستمر" أي يكون بمثابة مرجعية علمية وتطبيقية إلى جانب كونه مشروعاً خدمياً يقدم كافة خدمات طب الأسنان التي يحتاجها المرضى

*ختاماً ما الذي تودون التأكيد عليه أو رسالة فاتتكم؟


- ما أود التأكيد عليه هو: أهمية دور وسائل الإعلام في التوعية بالخدمات وتصحيح كثير من مسارات العمل وإجراءاته في مُختلف القِطاعات الطبية وغيرها الحكومية أو الخاصة, متمنين لكم وصحيفتكم مزيداً من التوفيق والنجاح..

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد