نزيف الضرائب

2014-12-28 13:27:52 الاقتصادي/ عمر عبدالملك


إن الإيرادات الضريبية من يناير وحتى نوفمبر 2014، بلغت أكثر من 481 مليار ريال، بينما الخطة، والتي تعرف بـ"ربط الإيرادات" لمصلحة الضرائب كانت تتوخى تحصيل أكثر من 525 مليار ريال، ولذا بلغ مقدار العجز أكثر من 43 مليار ريال، وهو ما شكّل ضربة قاصمة للاقتصاد الوطني.

وهذا يؤكد أن هناك إخفاقاً وتآكلاً سريعاً في هذه الإيرادات الحيوية للدولة، حيث سجلت الفترة من 1 ديسمبر الجاري وحتى 17 من شهر ديسمبر 2104، عجزاً يقدر بأكثر من 18 مليار ريال، وأن العجز لم يصل إلى هذه النسبة المرتفعة في أي فترة سابقة.

ويعود هذا الانهيار في القطاع الضريبي إلى سياسات خاطئة تم اتخاذها مؤخراً، ومنها أن "مصلحة الضرائب شهدت في بداية شهر أبريل 2014تغييرات أقل ما يقال عنها إنها إقصائية وغير موفقة، طالت ديوان عام المصلحة والوحدة التنفيذية للضرائب على كبار المكلفين وبعض مكاتب الضرائب بالمحافظات، والغريب في الأمر عدم شمولية هذا التغيير لمكاتب لها نصيب فيذلك العجز!!"، كما أفاد يحيى محمد الأسطى، مستشار رئيس مصلحة الضرائب، "ليومية الأولى".

وأشار الأسطى إلى أن قوى نفوذ في مصلحة الضرائب استغلت أيضاً التغيير الذي أجراه رئيس الجمهورية في شهر يونيو المنصرم، وأظهرت نفسها أنها الأكثر خبرة والأكثر جدارة دون غيرها في الوقوف إلى جانب رئيس المصلحة الجديد، وعملت على حشر نفسها في مختلف المهام بما في ذلك التدخل في صلاحيات مختلف القطاعات والإدارات العامة الأخرى، وتولت الوصاية على فروع المصلحة في الجمهورية سواء وحدة كبار المكلفين أو المكاتب بالمحافظات.

وأفاد بأن من العوامل التي أعاقت عملية تحصيل الإيرادات الضريبية، الاهتمام بمسائل وقضايا جانبية ليس لها أثر في معالجة المشكلة القائمة، وتدني الإنجاز في الإجراءات الفنية، وضعف الإدارات الضريبية التنفيذية والقصور في متابعة سداد المديونيات الضريبية لدى الغير، وهذه المديونيات سواء لدى القطاع الخاص أو النفطي أو القطاع الاقتصادي، أو مختلف القطاعات الأخرى مبالغ كبيرة جداً تصل إلى 20 مليار ريال، منها ما يخص الوحدة التنفيذية للضرائب على كبار المكلفين بإجمالي مبلغ أكثر من 17 مليار ريال.

وحسب الأسطى لأول مرة في تاريخ مصلحة الضرائب اليمنية أظهرت النتائج أن إيرادات مصلحة الضرائب ومكاتبها بما فيها الوحدة التنفيذية للضرائب على كبار المكلفين للفترة يناير – نوفمبر 2014 مخيبة للآمال، فقد بلغت الإيرادات الضريبية الفعلية للفترة المذكورة مبلغ (481.761.447.048) ريالاً في حين أن الربط لنفس الفترة مبلغ (525.250.000.000) ريال.

 وسجل الفارق مؤشراً سلبياً بلغ (43.488.552.952) ريالاً، وهذا يمثل عجزاً كبيراً مقارناً بالربط الواجب تحقيقه خلال نفس الفترة، وهذه سابقة لم تشهدها مصلحة الضرائب من قبل وبالذات بهذا الحجم، علماً بأن حصة الوحدة التنفيذية لكبار المكلفين من هذا العجز مبلغ (30.329.648.805) ريالات، وحصة مكتب ضرائب أمانة العاصمة مبلغ (4.541.419.123) ريالاً وحصة مكتب ضرائب محافظة الحديدة مبلغ (1.399.118.652) ريالاً.

مع أن هذا المكتب يستحوذ على نسبة عالية من المبالغ المحصلة تحت الحساب، وبما يزيد عن الحصة المستحقة له كما هو الحال أيضاً جارٍ في مكتب ضرائب محافظة عدن، وتأتي أيضاً حصة مكتب ضرائب سيئون في هذا العجز المشار إليه للفترة يناير –نوفمبر مبلغ (1.218.070.968) ريالاً.

وهذه المكاتب الأربعة هي الحائزة على نصيب الأسد في ذلك العجز بإجمالي مبلغ (38.488.257.548) ريالاً من أصل مبلغ العجز الكلي المذكور وقدره (43.488.552.952) ريالاً؛ ومع أن هذا الأمر ملفت للغاية ويشكل إخفاقاً كبيراً يتطلب تداركه قبل انتهاء العام المالي 2014م، مع كل ذلك فالملاحظ أن هذا الانحدار في تزايد، فقد وصل إلى تاريخ 17/12/2014م إلى مبلغ (62.221.294.731) ريالاً، وهذ يعني أن العجز المحقق من تاريخ 1/12/2014 وحتى 17/12/2014 مبلغ وقدره (18.732.741.779) ريالاً.

وقال الأسطى: من المفيد أيضاً مراجعة بداية ظهور هذا العجز خلال هذا العام للوقوف على ذلك التطور السلبي للإيرادات الضريبية في ذات الفترة، ويفضل أن نحاول تتبع ذلك من نهاية الفترة القانونية لتقديم الإقرارات الضريبية باعتبارها الفترة التي يعوّل عليها في رفع مستوى التحصيل، وتدارك أي انحرافات.

وأضاف بلغت إجمالي الحصيلة في شهر إبريل (78.432.122.277) ريالاً في حين أن الربط لنفس الشهر بمبلغ (47.750.000.000) ريال أي بزيادة بمبلغ ( 30.682.122.277) ريالاً.. ولكن بالمقارنة على مستوى الفترة يناير- أبريل 2014، يلاحظ تآكل والتهام هذا الإنجاز الجيد حيث بلغ إجمالي الحصيلة المحققة في الوحدة التنفيذية وفروعها ومكاتب الضرائب بالجمهورية مبلغ (184.827.289.273) ريالاً في حين أن الربط لنفس الفترة مبلغ (191.000.000.000) ريال أي بفارق بالعجز بمبلغ (6.172.710.727) ريالاً.

وحسب الأسطى، هذا يعني أن الإخفاق في تحقيق الربط على مستوى الفترة، يعود إلى بداية العام، ولم يتم استدراكه بنهاية فترة الإقرارات الضريبية، والتي تعُتبر الموسم الخصب في التحصيل، مع أن حصيلة الوحدة التنفيذية لكبار المكلفين بلغت في شهر إبريل مبلغ (67.667.742.921) ريالاً والربط المحدد لنفس الشهر على هذه الوحدة وفروعها فقط بمبلغ (35.136.804.917) ريالاً أي بزيادة عن الربط بمبلغ (32.530.938.004) ريالات.

 ومع ذلك فإن النتيجة العامة على مستوى المصلحة أظهرت بتحقق عجز عن الربط بما يزيد عن 6 مليارات كما هو مبين أعلاه، وهذا يؤكد أن العجز المحقق في مكاتب الضرائب بأمانة العاصمة والمحافظات كبير وفي تزايد منذ بداية العام مما أدى إلى امتصاص تلك الزيادة المحققة في كبار المكلفين لتصبح النتيجة العامة للفترة يناير- أبريل بتحقق عجز بأكثر من 6 مليار.

ولفت إلى أن الإيرادات الضريبية المحققة خلال الفترة يناير وحتى 17/12/2014م مقارنة بالربط في الموازنة العامة للدولة اتسمت بعشوائية معالجة الإخفاق، والوقوف على هذا قد يساعدنا على فهم هذه المشكلة بشكل أفضل الوقوف على أسبابها، وبالذات ما يتعلق بالتزايد المطرد لذلك العجز خصوصاً من شهر أغسطس.

وأضاف: قبل الولوج في الأسباب، من المفيد الإشارة إلى أن مصلحة الضرائب شهدت في بداية شهر أبريل 2014 تغييرات أقل ما يقال عنها إنها إقصائية وغير موفقة، طالت ديوان عام المصلحة والوحدة التنفيذية للضرائب على كبار المكلفين، وبعض مكاتب الضرائب بالمحافظات، والغريب في الأمر عدم شمولية هذا التغيير لمكاتب لها نصيب في ذلك العجز، وفي يونيو من نفس العام صدر قرار جمهوري بتعيين رئيس جديد لمصلحة الضرائب، مشهود له في وزارة النفط بالنزاهة والخبرة في هذا المجال، إلا أنه أصبح ملزماً بالتعامل مستقبلاً مع مهامه الجديدة في العمل الضريبي.

ويقول الأسطى: لكن للأسف البالغ استغلت قوى النفوذ في المصلحة هذا التجديد، وأظهرت نفسها أنها الأكثر خبرة والأكثر جدارة دون غيرها في الوقوف إلى جانبه في قيادة المصلحة، وعملت على حشر نفسها في مختلف المهام بما في ذلك التدخل في صلاحيات مختلف القطاعات والإدارات العامة الأخرى، وتولت الوصاية على فروع المصلحة في الجمهورية سواء وحدة كبار المكلفين أو المكاتب بالمحافظات.

وحد تأكيد الأسطى، فإنه وبغض النظر عن سياسة التهميش والإقصاء للكوادر الضريبية المشهود لها بالنزاهة والكفاءة، فقد تمكنت هذه القوى وبذكاء إقناع القيادة الجديدة في المصلحة وربما في الوزارة (ولا ندري مدى صحة تأثيرها في الوزارة، لعدم القدرة في الوصول إلى الباب العالي) إلى تبني مشاريع جانبية وبعيدة كل البعد عن القضايا الأكثر إلحاحاً وأهمية للمصلحة.

وطالب بسرعة اتباع أولوية اتخاذ الإجراءات الفورية لتدارك العجز المتزايد في الإيرادات، أو على الأقل معالجة مكامن الخلل في المراكز الإيرادية الرئيسة لإيقاف الاستمرارية في التدهور؛ وبخلاف ذلك تمكنت قوى النفوذ من جر المصلحة إلى قضايا جانبية وغير ذات أهمية.

هذا ولا يترتب على إنجازها أي مردود فعلي في تنمية الإيرادات واستدراك ذلك العجز، وهذا الانحراف عن أهم المهام المنوطة بالمصلحة المتمثلة في تأمين وضمان استمرارية تد فق ونمو الإيرادات وتكثيف الرقابة على نتائج أعمال المراكز الإيرادية بالذات الرئيسة بشكل يومي وأسبوعي وشهري.

إذ ونظراً لإهمال هذه المهام الأساسية، والاهتمام بقضايا جانبية لها أهميتها لدى تلك القوى، كانت النتيجة تزايد ذلك العجز في الإيرادات، وعدم اتخاذ أي إجراء في حق المقصرين، أو تقديم خطة لتدارك ومعالجات تلك الإخفاقات المتزايدة في الإيرادات الضريبية سواء في الوحدة التنفيذية لكبار المكلفين أو مكاتب الضرائب بالمحافظات.

ومن تلك القضايا والمسائل الجانبية، الاهتمام بما يسمى بالتراكم وهي “شماعة سنوية” واستمرت المصلحة من شهر يوليو مشغولة وكذلك الوزارة بهذا الوهم حتى تم إصدار قراري وزير المالية رقم (214) ورقم (218) بشأن تبسيط إجراءات ربط وتحصيل ضرائب الدخل عن السنوات 2013، وما قبلها لكبار ومتوسطي المكلفين وصدرت هذه القرارات الأول بتاريخ 18/9/2014، والثاني بتاريخ 29/9/2014، (والأخير أثناء فترة حكومة تسيير الأعمال).. وعندما تم الاطلاع على هذين القرارين تبين أنهما لا يقدمان أية حلول صحيحة لمشكلة العجز الكبير في الإيرادات.

وأضاف: بل على العكس من ذلك، فقد شكلا انتكاسة في العمل الضريبي القائم، وتراجعاً عن الشوط، الذي سبق للمصلحة أن حققته في الفترات السابقة بالذات ما يتعلق بالربط الذاتي بموجب القانون، وتراجعاً أيضاً عن خطوات متقدمة توصلت إليها المصلحة معا لمكلفين، خصوصاً كبار المكلفين للالتزام بمسك حسابات منتظمة وتقديم إقراراتهم الضريبية وفقاً لذلك، بل إن النتائج الظاهرة في الإقرارات المقدمة من كبار المكلفين في هذا العام نفسه تؤكد وجود إقرارات مقدمة من كبار مكلفين مستندة لحسابات منتظمة بموجب القانون، مع أنهم معتادون على التحاسب عن طريق التقدير.

 وليس ذلك فحسب، بل إن هذه القرارات مخالفة وبشكل صارخ لقانون ضرائب الدخل ومعيبة على أحكام القانون، مما يقتضي سرعة إلغائها لعدم قانونيتها وعدم دستوريتها؛ وقد تم تحرير مذكرة لرئيس المصلحة بتاريخ 26/11/2014 تضمنت المخالفات وعدم جدوى هذين القرارين في تدارك أو معالجة ذلك العجز في إيرادات المصلحة ومكاتبها، وأوضحنا لرئيس المصلحة في هذه الرسالة العيوب القانونية والفنية والإجرائية في هذه القرارات، وانعدام الجدوى منها في تحصيل أي استحقاقات ضريبية من المكلفين كما تزعم تلك القوى، وطالبنا بإلغائها.

 ومما ورد في هذه الرسالة الموجهة لرئيس المصلحة، تعتبر هذه القرارات غير قانونية وغير دستورية ويمكن إبطالها عبر القضاء باعتبارها تشكل جزءًا من حالات الفساد التشريعي ويمكن الطعن بعدم دستوريتها، وأنه سوف يترتب على تطبيق هذه القرارات إهدار كبير جداً للإيرادات والمستحقات الضريبية المفروضة بموجب القانون، وعدم إمكانية المصلحة تحصيل أي ضرائب بموجب هذه القرارات، خاصة وقد تم النص في هذه القرارات على أن الضريبة تكون في حدود ما سبق تحصيله، وكذلك أوردت عدداً من الأنشطة أصبحت الضريبة نهائية بذات المبالغ المحصلة تحت الحساب.

كما أنه سيترتب على تطبيق هذا القرارات عزوف كبير جداً في الالتزام عن تقديم الإقرارات الضريبية في الأعوام القادمة وفقاً لحسابات منتظمة، حيث وان الالتزام بالقانون سوف يشكل عبئاً كبيراً على الملتزمين؛ وبالتالي فإن نسبة عالية من المكلفين سوف يحجمون عن تقديم الإقرارات مستقبلاً، انتظاراً لمثل هذه العروض السخية، والتي تمنح غير الملتزمين مزايا كبيرة جداً من حيث مبلغ الضريبة أو إجراءات التحاسب الضريبي ؛ بل إن ذلك قد يفسر أنها رسالة للملتزمين بالقانون.

أيضاً من الملاحظات التي تؤخذ على القيادة للمصلحة، وفق الأسطى، وكما نشرت "يومية الأولى" في تاريخ 31/10/2014 أصدر وزير المالية قراراً برقم (249) لسنة 2014 (في فترة حكومة تصريف الأعمال) بشأن إنشاء وحدة تنفيذية لمكافحة التهرب الضريبي، وبالنظر إلى ذلك يلاحظ أننا أمام عمل عبثي، حيث وأن من ضمن القطاعات بالمصلحة قطاع مكافحة التهرب الضريبي، ويأتي ربط هذه الوحدة مباشرة برئيس المصلحة ليشكل تضارباً وازدواجية في الاختصاص بين قطاع المكافحة في المصلحة.

 إذ أن هذه الوحدة المنشأة بموجب هذا القرار الوزاري، كما أن نصوص هذا القرار تتعارض مع اللائحة التنفيذية لمصلحة الضرائب الصادرة بقرار جمهوري، علماً أن قطاع مكافحة التهرب الضريبي في ديوان المصلحة تم إنشاؤه بموجب قرار جمهوري أيضاً، ولا يجوز إلغاؤه أو استبداله بإدارة عامة بموجب قرار وزاري، وأما أن تكون هذه الوحدة تتبع رئيس المصلحة ومهامها تنفيذية واشرافية في آن واحد، ويتم إنشاء فروع لها بمكاتب الضرائب بالجمهورية.

 وهذه الازدواجية مع المكاتب غير قانونية، ولن تكون مقبولة عملياً من المكاتب في المحافظات، لأن مسؤولية الإشراف للمصلحة، ولا يجوز أن يشرف مكتب على مكتب آخر، وسوف يترتب على إنشاء هذه الوحدة وعند مباشرته للعمل – في حال تغلب الباطل ونفذ هذا القرار- سوف تترتب عليه اختلالات خطيرة جداً من أهمها دخول مكاتب الضرائب ووحدة كبار المكلفين في نزاع مستمر مع هذه الوحدة حول ملفات المكلفين.

وأيضاً نزاع مستمر حول الاختصاص، خصوصاً وأن اللائحة التنفيذية تحدد اختصاص ربط الضريبة على الوعاء المكتشف تهربه من خلال مراجعة الإقرار، يعود لمكتب الضرائب المقدم إليه الإقرار، مع أنها من حالات التهرب، في حين أن هذا القرار غير القانوني جعل ذلك الربط من صلاحية تلك الوحدة، أضف إلى ذلك فإن عدم استقرار هذه الملفات أو بالأصح عدم استقرار الوعاء الضريبي سوف يؤدي إلى تفشي الفساد.

أضف إلى ما سبق في النصف الأخير من شهر نوفمبر تم إظهار اتفاقية بين المصلحة ومؤسسة التمويل الدولية تم التوقيع عليها من الطرفين بتاريخ 14/8/2014 أطلق عليها اتفاقية تعاون، وتم تحديد الهدف الرئيس فيها، بتبسيط السياسات والإجراءات الضريبية، على أن يبدأ العمل بها اعتباراً من شهر يونيو 2014!؟.

ولكن بالرجوع إلى علاقة هذه المؤسسة بالمصلحة تبين أنها أبرمت مع المصلحة فيشهر أكتوبر من عام 2009 اتفاقية تعاون مبدئية بشأن مشروع تبسيط الإجراءات الضريبة في اليمن، والملفت أن ذات القوى النافذة اليوم كانت آنذاك كذلك، واستمرت مع خبراء المؤسسة في التنفيذ، وغير معلومة النتائج التي تم التوصل إليها، وما جنت المصلحة، من ذلك مع أن من أهداف اتفاق عام 2009، تطوير مشروع تجريبي لنظام الضرائب على المشروعات الصغيرة.

 ولكن، حسب الأسطى، للأسف بعد خمس سنوات يُحدد في اتفاقية التعاون المبرمة مع نفس المؤسسة، بأن مشروع النظام الضريبي للمنشآت الصغيرة أهم الأهداف لهذا الاتفاق، وغير معلوم سبب هذا التكرار؟

ولنا أن نتساءل عن نتائج الاتفاق الأول حتى نعلم من أين سيبدأ تنفيذ الاتفاق الجديد؟ وللتذكير المؤكد فإن قراري وزير المالية السابق الإشارة إليهما أعلاه يتناقضان كلياً مع مختلف بنود هذه الاتفاقيات المبرمة مع المؤسسة المذكورة، سواء المبرمة عام 2007 أو 2009 أو الأخيرة في هذا العام 2014، وهذا يؤكد لكل اليمنيين أن قوى النفوذ في مختلف أجهزة الدولة تعتمد على السيطرة على سلطة القرار.

وقد ترتب على هذه الاتفاقية إظهار وتعيين تشكيلة بعدة مسميات لتنفيذ الاتفاقية يلاحظ أنها نفس المسميات في تنفيذ اتفاقية عام 2009، وما أشبه اليوم بالبارحة، تستحوذ القوى النافذة، ومن تراه يتوافق معها على كل شيء، ويتم إقصاء الكوادر الفنية المؤهلة، أو للحفاظ على ماء الوجه وضعهم في أعمال هامشية.

من جانب آخر، يبرز السؤال الأهم من كل ذلك، وهو ما دور هذه الاتفاقية والتي ينتهي العمل بها في عام 2015 ما دورها في معالجة العجز في حصيلة الإيرادات الضريبية؟ وما دورها في تدارك ذلك الإخفاق؟ الجواب ليس لها علاقة مطلقا بذلك، كما هو الحال لتلك القرارات غير القانونية.

وفي تاريخ 4/11/2014 صدور قرار وزير المالية رقم (254) بخصوص إنشاء اللجنة الفنية العليا برئاسة مصلحة الضرائب "صدر في فترة حكومة تصريف الأعمال" تم بموجب هذا القرار إسناد أهم أعمال المصلحة بصورة عامة إلى هذه اللجنة، بما في ذلك الرد على تقارير الجهاز، وتم حصر أعضائها بذات القوى النافذة ومن المرتبطين بها، وبموجب هذا القرار تم إلغاء اللجان الفنية العاملة في المصلحة منذ فترة طويلة، وحصر كل شيء بهذه اللجنة.

ووفق الأسطى، بموجب هذا القرار أوضحت هذه القوى وبصراحة إصرارها على تهميش وإقصاء كل من يتعارض معها، بالذات من يتمتعون بالنزاهة والكفاءة العالية، وقد تقدم الكثير من الكوادر الفنية الحقيقية بالتظلمات إلى رئيس المصلحة، موضحين له أنهم جزء من المصلحة ولا يجوز التعامل معهم بهذه الدونية، مع أنهم من ينطبق عليهم صفة الفنيين وليس من وردت أسماؤهم في تلك اللجنة.

ومن أسباب تحقق العجز في الحصيلة واستمرار تفاقمه، حد تأكيد الأسطى، الاهتمام بمسائل وقضايا جانبية ليس لها أثر في معالجة المشكلة القائمة، كما سبق الإيضاح أعلاه، وتدني الإنجاز في الإجراءات الفنية، ويترتب على هذا القصور فقدان مصادر الإيراد، حيث والحصيلة هي وليدة إجراءات، ولأن إخفاق الإدارة الضريبية في تحقيق إنجاز الملفات في محاسبة المكلفين بحسب ما ورد بالخطة، أو على الأقل بما تم في الفترة المقابلة من العام السابق، فإن هذا الإخفاق يعكس نفسه على مستوى الإيرادات المحصلة.

وضعف الإدارات الضريبية التنفيذية، وبالذات الأكثر أهمية منها في إدارة ومتابعة مأموري الضرائب لتقديم ملفات التحاسب الضريبي المنجزة معا لمكلفين على مستوى كل شهر بحسب المخطط لكل منهم، وهذا ما يترتب عليه عجز في تحقيق الإنجاز للإجراءات الفنية.

وكذلك القصور في متابعة سداد المديونيات الضريبية لدى الغير، سواء لدى القطاع الخاص أو النفطي أو القطاع الاقتصادي، أو مختلف القطاعات الأخرى، مع أنها أرصدة بمبالغ كبيرة جداً تصل إلى عشرين مليار ريال، منها ما يخص الوحدة التنفيذية للضرائب على كبار المكلفين بإجمالي مبلغ (17.314.516.130) ريالاً زائداً (2.946.175 ) دولارا أميركياً.

وتوزعت مديونية الضرائب بواقع 14.900.740.830مليار ريال على القطاع العام والوحدات الاقتصادية (دخل/مبيعات)، والقطاع الخدمي 1.296.025.306مليار، والقطاع التجاري 327.231.775 مليون، والقطاع الصناعي 575.985.732 مليون، والنفطي 29.172.172، وأرصدة ضريبة المبيعات 185.360.315مليون ليوكن الإجمالي17.314.516.130مليار ريال

والأرصدة الخاصة بالوحدات الاقتصادية غير القادرة على السداد، إلا أن الأرصدة لدى الوحدات القادرة على السداد وتحتاج إلى تحصيل مبلغ ( 6.625.179.757) ريالاً، ومبلغ (1.454.626 ) دولاراً أمريكياً، ضرائب دخل، ومبلغ (1.834.494.782) ريالاً، ضريبة مبيعات.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد