144 ساعة خطف واعتقال لدى مليشيات الحوثي في إب..

الناشط البيضاني: صمود وتحدي في وجه همجية المليشيات وانتهاك الحقوق والحريات

2015-03-24 17:06:12 لقاء/ خاص

في صباح يوم السبت 2015/2/28 الساعة التاسعة والنصف كان محمد البيضاني مع يوم مختلف ومغاير بالنسبة له ولرفاقه فارس وعزوز وعمار وهشام، كان ضمن أربعة أصدقاء خطفتهم مليشيا الحوثي من نقطة السحول شمال مدينة إب عقب مشاركة بعضهم بمسيرة حاشدة مناهضة للانقلاب وقمع التظاهرات وانتهاكات الحوثيين للحقوق والحريات..

تحدث للصحيفة عقب خروجه من منتجع بن لادن السياحي الذي اعتقل فيه مع أصدقائه، قال: بينما عزمنا السفر نحو القرية عقب مسيرة حاشدة شهدتها إب، وصلنا نقطة السحول, فإذا بأحد مليشيات الحوثي المتواجدة بنقطة الأميرة يوقفنا, مشيراً إلى أن هناك بلاغاً على السيارة، تنحينا جانب الطريق ونزلنا نستفسر عن نوع البلاغ ومن جهة من، فقال إن البلاغ يقول بأننا نوزع أموالا في المسيرات المناوئة للحوثيين وطلب منا ركوب السيارة ثم ركب معنا اثنان من مسلحي الحوثي وطُلب منا الانطلاق نحو المدينة وتحركنا وتحرك خلفنا طقم يحمل عدداً من مليشيا الحوثي، وسألناه عن تصرفاتهم آنذاك, فرد قائلاً كان فارس يتصل -لا أدري بمن- ويخبره أننا في قبضة العصابة كذلك عزوز السامعي يتصل بطارق أخيه ويخبره بما يجري، بينما عمار الحماطي يرسل رسالة لـ "سليمان" شقيقه يعلمه بما نتعرض له، وفي ذات الوقت كان عبدالكريم يتصل بي فأخبرته بالحدث فجأة أخذ أحد المسلحين الحوثيين هواتفنا.

قاطعته بالقول إلى أين تم أخذكم أخي محمد؟

رد قائلاً- وملامحه تبدو أكثر صمودا وإيمانا بثوريتيه في وجه المليشيات- رد بالقول: وصلنا منتجع إب السياحي - المدينة السكنية المزمع فتحها منتجعا سياحيا كبيرا والمحتل من قِبل الحوثيين حاليا، قال: أدخلونا بعد أن قاموا بتفتيشنا وأخذوا كل ما كان بحوزتنا وأدخلونا أحد أقبية الامتهان والإذلال التي تمارسها المليشيات بحق شباب إب وأبنائها الأطهار.

ما الذي جرى بعد ذلك؟

جلسنا حتى العصر وجاء أحدهم إلينا بالغداء فتغدينا وجلسنا بجوار بعض وكنت انظر لـ فارس وعزوز ـ كانوا ضيوف لديه مع عمار وهم قادمون من محافظة تعز ـ كنت أنظر إليهم, فأشعر بحجم الذنب الذي ارتكبته بحقهم بكونهم كانوا ضيوف إلى البيت وليس إلى القبو.

لا عليك, فهؤلاء يا محمد لا يعرفون مثل هذه الأخلاق التي تتحدث عنها في زمن الغرائب والعجائب؟

صحيح وهذه أخلاقهم التي عرفناها وعرفها الشعب ولا يمتلكون أدني وأبسط القيم فضلا عن أخلاقيات الحرب وغيرها.

هل جلس معكم أحد من المليشيات أو أتى إليكم؟

نعم.. فقد أتى أحد المليشيات وجلس بجانبنا وباشر حديثه بالقول "شوفوا عز الله أن عدونا الوحيد أميركا وإسرائيل غير أنتم توقفوا في نحورنا" ثم بدأ يردد مجموعة من الزوامل بينما كل منا ينظر أمامه والصمت سيد الموقف يرفع صوته أكثر فيزداد الغليان في صدري، كنت أشعر كما لو أنه يصفعني مع كل بيت يردده، تلك طريقة تعذيب مُبتكرة وكنت ألحظ أن فارس وعزوز يحاولان ألا ينظرا إلينا حتى لا نشعر بالذنب وأكمل ذلك المسخ زوامله وبدأت نعرته تسيطر عليه ليردد "الموت لأميركا" أخذ القلم وبدأ يحدثنا قائلاً "هذا القلم ما بيوصلنا لأميركا وإسرائيل هذا القلم ما نحتاجه لأنه أكثر من يقف في طريقنا للوصول لأميركا هذا القلم من ثقافة أميركا اللي تشتي تخلينا نجلس نكتب ونتفاخر بالقلم لوما ما ندري الا واميركا فوق رؤوسنا" ثم مسك بندقيته قائلاً "هذه اللي بتوصلنا لاميركا" وأنا لم استوعب أنه كان طبيعيا عندما كان يقول ذلك ولكن ذلك زادني يقيناً أنهم لا يؤمنون بالحياة أصلا ويخافون من القلم, من الشعار, فقلت في نفسي إذن من يخاف من قلم وشعار لا يمكن أن يصمد أمام سيول هادرة من النبلاء الرافضين له وكان يواصل ذلك الرجل حديثه رافعاً المصحف قائلاً "بهذا سنجتاح أميركا وإسرائيل والقضاء على أميركا لا يحتاج إلى الجغرافيا أو التأريخ أو التربية الوطنية أو الأحياء واسترعت انتباهي تلك الكلمات فكما لو أنه يقول بأن القرآن ما اُنزل إلا للقضاء على أميركا وإسرائيل.

كيف كنت تشعر وهو يحدثك عن القرآن وفتوحاته والقضاء على أميركا؟

كنت أشعر بشعور مختلف وقلت في نفسي هؤلاء القوم يوظفون القرآن لتحقيق رغباتهم, هؤلاء القوم لا يحتاجون الجغرافيا, فهم يعلمون أنهم لم يتركوا مساحة من الأرض إلا وارتكبوا فيها هواياتهم المتمثلة في الامتهان، يعلمون أن الجغرافيا ألد خصومهم, هؤلاء القوم لا يحتاجون إلى التأريخ لأنهم يعرفون أن التأريخ سيلعنهم ويقذف بهم إلى مزبلته.. هؤلاء القوم لا يحتاجون إلى الوطنية لأنهم لم يتركوا أحداً من الوطنيين الشرفاء إلا وقتلوه أو اغتالوه, هؤلاء القوم لا يحتاجون إلى الأحياء لأنه لا يقبل بهم سوى الأموات.

كم ظل معكم ذلك الرجل؟

ظل عندنا قرابة ساعتين وكانت كأنها أياماً من ثقل دمه وأفكاره الخربة، وبعدها ذهب وبقينا الخمسة وبجانبنا مُختطف آخر.

كيف أمضيتم ليلتكم الأولى في الاعتقال؟

في الليل كل منا كان يحاول النوم دون جدوى وكل منا يفترش بطانية خفيفة لا تسمن ولا تغني من جوع, فالبرد شديد ومضى ثلثا الليل ونحن نترقب مصيرنا، الساعة الثانية إلا ربع دخل 2 من مليشيات الحوثي يناديان عمار الحماطي، قام عمار فَوُضِع الرباط على عينيه وأخذوه بعيداً ساعة كاملة للتحقيق معه يتحدث عمار (الحديث عن عمار الحماطي بلسان رفيقه الناشط محمد البيضاني) قال عن عمار بأنه أخذ وتعرض للتحقيق وعدد من الأسئلة قائلاً: سألني بداية من تعرف من القاعدة قلت لا أحد، قال طيب من اللي أعطاكم فلوس توزعوها للمتظاهرين, قلت لا أحد، هددني إن لم أعترف سيعاملني بطريقة ثانية تجبرني على الاعتراف حول الداعم لنا وللمتظاهرين أجبته بنفس الإجابة الأولى لا أحد, سألني كم مرات دخلت مكتب حسين الأحمر, أجبته لا أعرف مكتب حسين قال كيف لا تعرف مكتب حسين الأحمر وأنت صهره, فضحكت وقلت له غلطان, أنا صهر هشام الفقيه مش حسين الأحمر قال عندنا إثبات ذلك وسألني عن بعض الشخصيات داخل المحافظة, سألني أنت تخرج مظاهرات قلت له نعم خرجت في مظاهرة واحدة فقط من بعد الانقلاب قال يعني أنت مخرب قلت له لا أنا ثائر وخرجت ضدكم لسبب واحد هو أننا خرجنا سويا في ٢٠١١ ضد صالح ونظامه والآن أنتم حلفاء مع عفاش لإسقاط الشرعية متى ما قبضتم على عفاش وحاكمتوه والله سأترك الإصلاح وأردد الصرخة من هذا المكان, قال لي سيكون ذلك قريبا وعاد يسألني عن الداعم لنا قلت لا أحد فبدأ يهدد وقال يبدو أنك مش راضي تحترم نفسك بس أنا أدحي ـ أرسل ـ لك واحد يتعامل معك وخرج وجاء آخر وبدأ معي التحقيق قائلاً شوف أنا أعطيك سؤالا واحدا فقط إذا لم تجاوبني سأتعامل معك بطريقة أخرى من الداعم الرسمي لكم قلت له إجابتي واحدة ولن تتغير لا أحد يدعمنا.. قال شكلك حقير والله لأخليك تجلس بالسجن لما تدود ـ أي تأكله الدود ـ وأخذ بيدي بقوة وأعادني وأنا معصوب العينين إلى القبو واستدعوا بعد ذلك الأخ هشام الفقيه وربطوا على عيونه وأخذوه ليبدأ يحقق معه يسأله عن حزبه فيجيبه بأنه لا ينتمي لأي حزب وأن حزبه اليمن, يسأله عن منبع أموال والده، من أين له تلك السيارة وتلك الفلة وهو مجرد مُدرس هشام يجيب بأن والده (رعوي) لديه مساحة جيدة من الأرض وليس بغريب أن يمتلك السيارة, أما بالنسبة للبيت فهو عبارة عن بيت مكون من طابقين وليس كما قيل بأنها فلة، بعدها كان المحقق يهدد هشام قائلاً "الا تخاف على أطفالك من الاختطاف, يجيب هشام بأنه لا يخاف عليهم مادام الله معهم يسأل هشام ما هي صلتك بحسين الأحمر وكم مرة دخلت مكتبه يجيب هشام لا علاقة لي بذلك ولا أعرفه إلا من خلال الإعلام، ويكرر المحقق سؤاله بمنبع أموال والد هشام يسأل لماذا يقومون بالمشاركة بالمسيرات واستمرار التحريض ضدهم, يسأل هل تدخن فيجيب هشام بالنفي فيقول له إذن أنت تشرب الخمر يقول لـ هشام تريد أن نعاملك معاملة الكلاب ويستخدم ذلك الرجل ألفاظاً نابية لا تصدر الا من مسخ شارع يسأله عن علاقته بعدد من الرموز الوطنية وعلاقته بحركة رفض ويسأله عن علاقته بالشيخ محسن الحماطي فيجيب هشام بأنهم أنساب لا غير.. ويسأل هشام عن رأيه بتنظيم القاعدة فيجيب هشام بأنهم قتلة وأعمالهم لا ترضي الله ولا رسوله يقدح بحق هشام فـ لأنهم مليشيات وعملهم تحت إطار الهمجية فيربطون على عيونهم وفي اليوم الثاني بعد العشاء أتى أحدهم وطلب من فارس وعزوز الخروج معه, مشيراً إلى أنه سيتم الإفراج عنهم بينما نحن يتبقى معنا القليل من الإجراءات.

كيف كان شعورك بعد الإفراج عن عزوز وفارس؟

حينها نسينا أنفسنا وكنا سعيدين كما لو أنهم أفرجوا عنا وكذبوا عليهم بأنهم سيفرجون عنا بنفس الليلة وخرج عزوز وفارس آملين خروجنا في تلك الليلة، ذهب عنا جزء كبير من الغصة، قضينا تلك الليلة في سُهاد وأرق بانتظار أن يأتي أحد مليشياتهم ليفي بوعده عندما توعد عمار في الليلة السابقة، لم يأت أحد.. نمنا وعند الصباح أتى كبير المليشيات, فطلبنا منه أن ينظر في قضيتنا, فلم نعد نحتمل هذا التهميش والامتهان المقصود.

بماذا كان رده عليكم؟

رد علينا ببرود وسألنا عن الشعار الذي وضعه أحد مسلحيهم داخل السيارة ليفتري أنه وجده بحوزتنا كان يكرر ذلك كما لو وجد بحوزتنا مادة "تي إن تي".. ذهب وجلسنا مقسمين أن لا نتحدث إليه مرة أخرى.

هل تواصلتم مع أحد وأنتم في السجن؟

لم يسمحوا لنا حتى بمحادثة أمهاتنا التي لم يستطع أحد كفكفة دموعهن، قضينا اليوم الثالث والرابع دون أن ينظر إلينا أحد.. في اليوم الخامس دخل أحد المسلحين وجلس بجانبنا محاولاً استفزازنا بشيء ما, فكان يتحدث بأنه متزوج على ملة عيسى منذ سبع سنين، ثم يأخذ الهاتف ويتصل بإحدى عشيقاته يرفع الصوت يطلب منها أن تُسمعه صوت قبلة فتفعل ذلك ويقهقهان قهقهة الشقي وحتى مل وخرج من جوارنا.

بعد الظهر أتى حوثي آخر ليجلس معنا, مشيراً بأنه لم يهنأ له الجلوس بعيداً عنا وجلس بجوارنا وأمضى ساعتين ونصف وهو يحدثنا عن الصلاة والزكاة، وحان وقت العصر, فقمنا للصلاة بينما هو نظر إلينا مُستغرباً قائلاً "انتوا بتصلوا؟؟ محنا مجاهدين قد أحنا بنجمع"..

كيف شعرت بهؤلاء وهم يدعون أنهم مجاهدون؟

هههه ـ يضحك ـ نظرت إليه رافعاً حاجبيّ فطأطأ رأسه وبدأ يهمهم وكانت تلك الليلة من أتعس أيام التأريخ كما بدا لنا.

لماذا ليلة تعيسة؟

لأنها هي ليلة عرس ابن خالي إبراهيم الفقيه أخ هشام الفقيه القابع في الزاوية الأخرى من القبو بجوارنا وها نحن في اليوم السادس إذ بنا في ضيق لم تتسع له الأرض، فجأة ودون سابق إنذار دخل أحد المليشيات ينادينا بأسمائنا قائلاً "تشتوا تخرجوا" نهضنا بدهشة غير مُصدقين، أخذنا إلى كبير المليشيات فطلب منا التعهد بعدم الخروج بأي مسيرة مناوئة للحوثيين.

هل تعهدتم على ما طلب منكم؟

طبيعي كي نخرج تعهدنا وبصمنا على ذلك وهي أصلاً ليست شرعية ولا قانونية حتى نلتزم بها وأعطونا هواتفنا ومفتاح السيارة ورافقونا حتى خرجنا من بوابة المنتجع وانطلقنا نحو القرية وإرادتنا أقوى مما كانت عليه وثوريتنا أقوى كما كانت، وقناعتنا بأن الخروج بمسيرات ضد المليشيا فرض واجب على كل يمني ويمنية.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد