«أخبار اليوم» تنبش ماضي من خذلان الحكومة للقبائل في مواجهة المليشيات الحوثي: هل ينتهي مسلسل خذلان الشرعية والتحالف للشعب وتشكل حجور نقطة ضوء؟
الموضوع: استطلاعات


لماذا يُترَك أبناء حجور بدون مساندة ليلتهم الحوثيون بلادهم ويسقطوا آخر قلاع الجمهورية؟
هل يتحرك التحالف والشرعية لرفع الحصار عن قبائل حجور وفك حصار تعز؟
هل يطوي قادة التحالف والشرعية تاريخ طويل من الخذلان للشعب وثوراته؟
هل ينتظر ابناء حجور مصيراً مشابه لما حدث للمقاومة في عتمة؟
تقف الحكومة والرئاسة اليمنية، صامته إزاء ما يتعرض له أبناء قبائل حجور بمديرية كشر محافظة حجة، من عدوان إرهابي من قبل المليشيات الحوثية التي تشن منذ أيام هجمات متواصلة على مناطق القبائل، وتقصف سكانها بالمئات من المقذوفات الصاروخية والدبابات والمدفعية الثقيلة.
وكما كانت تتعامل الحكومات السابقة مع إرهاب المليشيات وجرائمها بحق المواطنين والقبائل، قبل انقلابها الأخير على الشرعية وحكومة الوفاق الوطني، تعيد الحكومة والرئاسة الشرعية، انهاج سياسة الماضي في التعامل مع جرائم المليشيات واعتداءاتها، تاركة الشعب والقبائل يواجهون مصير الإبادة والتهجير، بحجج ومبررات وشعارات جوفاء.
كانت في السابق حجج الحكومة، الحفاظ على الوفاق، ومواجهة مخططات الثورة المضادة وبقايا النظام السابق بسيف السلم، وها هي اليوم تتجدد الأعذار، إلا أنها حملت منحى آخر، برمي المسؤولية على التحالف العربي، وأنه من يقف خلف خذلان الحكومة والجيش لأبناء حجور.
«أخبار اليوم» تنبش في ماضي الخذلان الحكومي للشعب، عسى أن يكون له نهاية بنصرة حجور وفك حصار تعز.
البداية مبكرة
منذ زمن طويل قبل الانقلاب المسلح، والمليشيات تنتهج سياسة الانتقام مع القبائل التي وقفت ضدها وناصرت الدولة، فتهجير وقتل رجال القبائل ومشايخها الذين ناصروا حكومة صالح في الحروب الست، لينتهي بهم المطاف مهجرين نازحين ومنازلهم ومزارعهم مغتصبة.
«يهود آل سالم» بصعدة كانوا مثلاً لخذلان الدولة، هرجتهم المليشيات عام 2007من ساكنهم وأجبرتهم على النزوح إلى صنعاء.
وصلت عدد الحروب التي شنها الحوثي ضد المواطنين الأبرياء إلى 11 حرباً في محافظة صعدة، وكانت كالتالي:
(حرب آل الحماطي، باقم، بني عوير، حرب دماج وحصارها، رحبان وبيت مجلي، مديرية غمر منطقة علي ظافر، حرب ضد عياش في مديرية منبه، حرب مجز، حرب ضد ابن الأصنج، وفي رازح حروب خاضوها ضد قبائل بني معين والنظير، والحرب على يحيى قروش وأصحابه).
خذلان الحكومة وصمتها، الصفة المشتركة في جميع تلك الحروب التي خاضها الحوثي ضد قبائل صعده ذاتها.
التوسع إلى ميدي
في الوقت الذي كان شباب الثورة وقوة السياسية يخوضون نضالا سلميا لإسقاط صالح ونظام حكمه، كانت المليشيات الحوثية تشارك ظاهراً في الاحتجاج ضد صالح، لكنها في الوقت ذاته، خاضت عدة حروب في سبيل توسعها وتمددها للوصول إلى منفذ بحري يربطها بإيران داعمها الرئيسي بالسلاح والمقاتلين والخبراء.
وفيما كانت المليشيات تتقدم بسلاسة باتجاه ميدي وميناءها الاستراتيجي، وقفت قبائل حجور شامخة صامدة في وجه المليشيات وخاضت مع الحوثيين حروباً دامية أواخر عام 2011 وبداية 2012.
رفعت القبائل في ذلك الحين شعارها الجمهوري وولاءها للدولة، ولعبدربه منصور هادي، قبل أن يصبح رئيساً إبان تسلمه صلاحيات صالح وإشرافه على إدارة الدولة كنائب للرئيس، كما رفعت صور هادي والولاء له وللدولة، بعد أن أصبح رئيساً توافقياً في 21فبراير 2012م.
شن الحوثيون عدواناً شرساً على القبائل التي وقفت أمام مشروعهم الانقلابي، وما زالت شواهد تلك الحرب قائمة وشاهدة حتى اليوم، فسوق عاهم، أطلال تروي خذلان الحكومة لأنباء اليمن، وصمتها إزاء اعتداءات المليشيات الحوثية.
واصلت القبائل- على مدى 8 سنوات- حروبها ضد اعتداء الحوثي ومشروعه الانقلابي، في حين كانت الحكومة تتشارك مع قيادة المليشيات حفلات الغداء واللقاءات التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني.
ومن تلك الحروب التي وقعت، معارك حصلت في (عاهم والقرى المجاورة، مزرعة سودين، المندلة من الجهة الشرقية، وادي غامس، مستبأ، وشحة).
الصفة الوحيدة في تلك الحروب غياب الحكومة وجيشها عن المعرقة، وحضور المليشيات بمشروعها الطائفي الانقلابي.
حروب الجوف
شارك الحوثيون في مؤتمر الحوار الوطني كطرف سياسي، لكن مسلحي الجماعة كانوا يخوضون معارك توسعية في الجوف، التي اضطر أبناؤها للوقوف أمامهم في معارك صحراوية، سقط فيها أكثر من 3 آلاف شهيد من أبناء القبائل ومثلهم وأكثر من الحوثيين، فيما كان موقف الحكومة كالمعتاد خذلان وصمت مطبق.
حروب عمران
خاضت المليشيات قبل انقلابها ثلاثة حروب ضد أبناء عمران، في مديرية حرف سفيان والثانية في مدينة ريدة، والثالثة في المدان بمديرية الأهنوم.
دماج كشفت المتخاذلين
في أواخر عام 2013م، شنت المليشيات الحوثية حصاراً على منطقة دماج بصعدة، وحاولت المليشيات اقتحام المنطقة في عدة هجمات إرهابية، سقط فيها عشرات القتلى والجرحى من أبناء المنطقة والطلاب الوافدين للدراسة فيها.
صمد أبناء دماج وواجهوا عدوان الحوثيين بسلاح شخصي يملكه كل اليمنيين. ومع تزايد الضغط الشعبي والدولي والانتقادات للحكومة الشرعية والقيادة اليمنية، تدخل الأخير بإرسال لجنة وساطة رئاسية بين الحوثيين وأهالي دماج.
وقامت اللجنة بجولات مكوكية للتوسط، قبل أن ترضخ اللجنة لإملاءات الحوثي وتضغط على أهالي دماج للقبول بالهجرة من مناطقهم.
رفض أهالي دماج المقترحات متمسكين بأرضهم ومنازلهم، وفي مواجهتهم الضغوط، فوضوا الرئيس ليحكم بما يرى، وكان رؤيته الخذلان والهجران الذي شرعه في مواجهة الحوثيين.
قررت الحكومة تهجير أبناء دماج من مساكنهم، إرضاءً للحوثيين، قال حينها الناطق باسم أهالي دماج الشيخ/ سرور الوادعي, بأن رئيس الجمهورية/ عبدربه منصور هادي, اختار لهم التهجير الجماعي، مضيفاً إن الرئيس هادي قال لسلفيي دماج بصعدة أمامكم خياران: (إما القبول بالتهجير القسري أو "فإن مصيركم القتل ولا أستطيع حمايتكم"، مشيراً إلى أنه- وبعد تفويضهم له باتخاذ ما يراه مناسباً لحل قضيتهم مع الحوثيين- اختار لهم التهجير الجماعي!!!
هكذا خذلت الشرعية ورئيسها أهالي دماج، وكانت تشارك الحوثيين مناقشة قضايا المظلومية وحروب صعدة الست في أروقة موفمبيك.
حوث –خمر
لم تكتف جماعة الحوثي بما سبق من وسائل للسيطرة على محافظة عمران, بل قامت بتكديس أسلحتها وهاجمت مدينة حوث وأسقطتها في معارك سريعة، كانت الجماعة ترفع فيها شعارات مختلفة، فيما كانت الحكومة رافعة شعار "الحوثيون مكون يمني أساسي".
سيطر الحوثيون على ما جوار حوث من مناطق واقتحموا مساكن قبائل حاشد، داهموا منزل الشيخ/ عبدالله بن حسن الأحمر، وكانت الحكومة في كوكب آخر، لا تعنيها الحرب والتقدم المستمر للحوثي نحو منازلهم.
عمران فضيحة الحكومة
خلال لقائه بالصحفيين، اعترف العميد/حميد القشيبي، بتقصير الدولة التي هو قائد في قواتها، في الدفاع عن أبناء عمران. أكد أن واجبهم كقوات عسكرية حماية المواطن، حماية المواطنين «الأبرياء الذين سُفكت دماؤهم ونُهبت ممتلكاتهم وشُرّدوا من منازلهم التي تستولي عليها "مليشيات الحوثي" في مناطق مختلفة من المحافظة».
قال القشيبي حينها: إن من واجب الدولة حماية المواطن وإرساء الأمن والاستقرار وفرض هيبة ونفوذ الدولة والدفاع عن كل أراضي الوطن من أي عدوان خارجياً كان أم داخلياً، مضيفاً «ونحن كجزء من هذا الجيش في محافظة عمران متقيدين بأوامر وتوجيهات القيادة العليا ونعمل فقط على تنفيذها».
كانت أشهر قليلة فقط حتى اقتحم الحوثيون مدينة عمران ومعسكر اللواء 310 مدرع، وقتلوا العميد القشيبي بشكل انتقامي، والحكومة مستمرة على انتهاج الخذلان وسيلة للتضحية بقيادة الجيش والجنود والمدن إرضاء للحوثيين.
كانت عبارة الرئيس وخطابه في عمران بعد أيام كرصاصة تقتل كل اليمنيين «عادت عمران للشرعية وحضن الدولة».
تعز والخذلان المستمر
لتعز قصص مستمرة مع خذلان الحكومة والشرعية، فالمدينة يعيش سكانها حصار مستمر منذ سنوات، ويتعرض أبناؤها للقصف اليومي والقنص من الحوثيين وقوات صالح قبل الانقلاب. فيما الحكومة خذلت المدينة وسكانها في مناسبات عدة ليس آخرها ما حدث في مشاورات السويد من خذلان لقضيتها وفك الحصار عنها.
عتمة ومقاومتها
قبل أشهر قليلة خذل التحالف العربي والشرعية، المقاومة التي انطلقت ضد المليشيات الحوثية في مديرية عتمة بمحافظة ذمار.
صمد رجال القبائل بعتمة في وجه المليشيات الحوثية عدة أشهر، وزعم التحالف العربي أنه ساندهم بإنزال جوي للأسلحة والمعدات العسكرية والغذائية.
لكن كل ما قيل ونشر في ذلك الحين مجرد شائعات، فالمليشيات الحوثية وبعد حصارها للمنطقة تمكنت من اقتحامها والسيطرة عليها، وفجرت عشرات المنازل وهرجت المئات من الأسر.
إلى متى تخذل الدولة والجيش أبناء اليمن؟
في الحديدة قصص أخرى لخذلان الشرعية التي ارتضت بتسوية سياسية، لم تقدم للمدينة سوى المزيد من الدماء والخراب منذ ثلاثة اشهر.
أبناء حجور اليوم محاصرون ويخوضون حرباً مع المليشيات الحوثية، والجيش على بعد كيلو مترات منهم، لكن الحكومة لم تصدر أي أمر أو حتى تصارح الشعب بأن الأمر ليس بيدها.
تخذل الحكومة والجيش والتحالف العربي بقيادة السعودية، اليمنيين كل يوم، بتوقيفهم عمليات التحرير الفعلية في الجبهات المختلفة، يخذلون الشعب بالتحاور مع المليشيات، يخذلون أبناء اليمن بالغارات الجوية التي تصيب معظمها قوات الجيش وطلائعه المتقدمة.
خلاصة
هل ستغير الشرعية صورتها القاتمة التي باتت تتضح كل يوم في عيون اليمنيين كمتخاذلة، وتنتصر لأبناء حجور وتحرك المياه الراكدة في جبهات التحرير؟
هل سيتحرك التحالف العربي بقيادة السعودية، لفك الحصار عن أبناء حجور وأبناء تعز، ويقدم الدعم الكامل لأنباء تلك المناطق وقوات الجيش لتحريرها، هل سيغير التحالف الصورة القاتمة التي باتت تتكشف عن أغراض أخرى للتحالف في اليمن، ويضع حداً لها بنصرة أبناء حجور وتعز؟.

  
أخبار اليوم/معاذ راجح
الثلاثاء 19 فبراير-شباط 2019
أتى هذا الخبر من صحيفة أخبار اليوم:
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/news_details.php?sid=109204