قانون النسب يطغى على المستشفيات.. ظروف الأمن والمُشتقات النفطية, وقانون النِسب للخدمات والأدوية.. : الصِحة في اليمن: من المهنة الإنسانية إلى التجارة ..
الموضوع: استطلاعات
اليمن بيئة جغرافية غنية بالثروات.. يعاني أهلها علاوة على التهميش السياسي الذي سلب منهم حق السُلطة والثروة, تهميش من نوع آخر يطال صحتهم وأرواحهم، حيث يأخذون من بيئتهم ما تزخر به من أمراض وأوبئة تفتك بصحتهم, لتقابلهم في الواقع خدمات حكومية محدودة, وقِطاع صحي خاص المريض في منظور القائمين عليه سلعة وتجارة لن يحصل على الخدمة تشخيص, أو عملية جراحية, أو.. أو الدواء، إلا بعد دفع ضعف القيمة الحقيقية للخدمة أو العلاج..؛ كون السائد في التعاملات الطبية فيها هو: احتساب نسبة الطبيب المحول, أو الجراح, أو مُقرر الدواء, كُل مُتدخل أو من يمثل مفردة من سلسلة الرحلة العلاجية للمريض له نِسبة مالية تصل لنفس قيمة الخِدمة أو الدواء.. وضع قائم كقانون ثابت فاق قوانين مكاتب ووزارة الصِحة قوة وشرعية وتطبيق.. ليكن المريض هو ضحية مرتين: ضحية الداء, وضحية قوانين وتعاملات الأطباء, وهي قوانين الأمر الواقع لا تشريع دولة ولا نصوص قانونية.. عن هذا الواقع: طبيعته, وأسبابه, وسلبياته, وآثاره على المريض, وعلى جودة الخدمة الصحية.. نتابع الاستطلاع التالي.. فإلى التفاصيل:


مخاطر وأضرار

عن مخاطر نظام (النُسب) المعمول بها في غالبية القِطاع الصحي في اليمن تحدث د. خالد حِزام العامري، مُدير مُستشفى الحُديدة بقوله: إن نظام النُسب بمثابة عداد تجاري يعلق بذهن الطبيب ليصرفه عن الدقة والجودة في عمله ويحوله إلى تاجر نُزعت منه إنسانية الطبيب ورسالة الطب, لم يسمح القانون بذلك ولم توجد لوائح تُشرع نظام النُسب, سوى قانون فرض الأمر الواقع.. حيث أن من أبرز الشواهد الخطرة التي تعكس تجارية أطباء النُسب: توجيه المريض لعمل فحوصات متعددة وبمبالغ مهولة.. غالبيتها لا يحتاجها المريض ولا صِلة لها بحالته ومُعاناته وإنما الطبيب يحتاجها لجني أموال أكثر كون نسبته من المُختبر لا تقل عن 50% دون عناء ولا محاليل, ولا..., وكذلك الحال مع الدواء.. حيث يرصد الطبيب قائمة طويلة من الأصناف الدوائية التي لا يحتاجها المريض ,فيرصد أكثر من 5أصناف من المُهدئات والمُسكنات, والمُضادات التي فائدة منها للمريض ولا علاقة لها بشفائه وتحسُن حالته ـ وإنما هي التجارة المُربحة للطبيب للحصول على المُرتب المُعتمد من الشركة الدوائية أو النُسبة المُغرية, وفي سبيل النُسبة أيضاً: يُقرر الطبيب رقود لمريض مُصاب بالزُكام وليس بحاجة للرقود, ويقرر عملية للمريض ليس بحاجة إليها, ويحتاج لإبرة دواء فقط.. ويشير إلى شواهد هذا الواقع بقوله: هذا واقع اصطدمنا به عند تعاملنا مع غالبية المرضى حيث نعطيهم الدواء الخاص بحالة المريض ومعاناته ليشتريه من أي صيدلية شاء فيثور المريض ويقول لنا: ليش ما عندكم علاجات أصلية في صيدليتكم؛ لأننا نتعالج دائما وفي أكثر من مُستشفى ويقرروا لنا العلاج الأصلي من صيدلية المُستشفى؟! وتكون الثورة الأكبر لدى غالبية المرض بعد أن يشتري العلاج يأتي: زعلان ومنفعل يصيح.. ليش علاجكم قليل هذا أكيد ما با ينفع؛ لأننا تعالجنا في مُستشفى فلان أو علان عام كذا أو شهر كذا وكتبوا لنا علاج اشترينا 2أو3علاقيات ليش أنتم قليل إبر أو باكتات حبوب؟!.. مُشيراً إلى أن ممارسات أطباء النُسب استغلالية ظالمة وخالية من كُل قيم الإنسانية وأخلاقيات المِهنة حيث تستغل قِلة الوعي الصحي لدى المواطنين ومحدودية الثقافة الصحية لسلب أموالهم بالباطل,.. علاوة على ذلك: أصابت المواطنين بمُعتقد أنه لن يُشفى إلا إذا روح بمجموعة علاقيات مليئة بالأدوية, وأن الأدوية الأصلية هي :في صيدلية المُستشفى فقط.. موضحاً بأن مشاكل القِطاع الصحي والتي تحول دون جعله خدمة إنسانية في متناول جميع اليمنيين عدة ولا تقتصر على النُسب المعمول بها في القِطاع الصحي, وأن أبرز تلك المشاكل التي مثلت أعباء مادية تُضاف على المريض وتربك أداء المُنشئات الصحية.. أبرزها: المُشتقات النفطية التي تعتمد عليها المُستشفيات والقِطاع الصحي ككل وما شهدته من ارتفاع وغياب ولا تصل إلا بتكاليف باهظة تُضاف على المريض, وكذا المشاكل الأمنية والتي تُمثل في الوقت الراهن التحدي الأبرز والصعوبة التي تربك وتخيف العاملين في القِطاع الصحي من الاستمرار وتكلفهم الكثير.

ظاهرة وكارثة

وعن توصيف(النُسب) في مجال الطب.. هل غدت ظاهرة حيث تسيطر على تعاملات العاملين في القِطاع الصحي أم لا؟.. تحدث د. محمد الحوباني، مُدير مُستشفى الحوباني بوصف القِطاع الصحي في اليمن بقوله: للأسف الشديد نعيش كارثة صحية في اليمن، فالمواطن أن ذهب للقِطاع الصحي الحكومي حصل على الإهمال.., وأن ذهب للقِطاع الصحي الخاص حصل على استغلال.., ولا يوجد من ينصفه ويضبط هذه الظاهرة التي أضحت واقع سائد يمثل شخصية القِطاع الصحي في اليمن.

وعن نظام(النِسب) في القِطاع الصحي يؤكد بأن هذه أحد الظواهر السلبية التي أضرت بالمريض وأساءت للطبيب ومهنة الطب, وحولت هذه المهنة إلى تجارة قذرة سلعتها (المريض), وضحيتها(المريض) أيضاً.. والذي لم تقتصر تضحيته بالمال في ظِل هذه التجارة بل تطال صحته وسلامته, حيث أن نظام النسب يؤثر سلباً على دقة وصحة التشخيص الطبي, مروراً بجودة الخدمة الطبية, وجودة الدواء,.. مؤكداً على أن الغاية من تحديد نسب للأطباء هي في الغالب تنشيط مُختبرات رديئة بأجهزة لا جودة ولا دقة لها, وكادر محدود التأهيل, أو كشافة محدودة الفوائد والجودة, أو بيع أصناف دوائية رديئة لا فائدة منها, جميعها لا تفيد المريض من التشخيص إلى الدواء.. أي أن الطابع الغالب هو تجارة مِحضة في القِطاع الصحي.. مُستشهداً بوقائع مُتعددة تؤكد جميعها: عزوف الأطباء عن التعامل مع كُل ذي جودة طبية ما لم يكن لديهم اتفاق مُسبق على نسبة يتقاضونها.. حيث أن تحويلات الأطباء للمرضى, أو قائمة العلاجات التي يقررها الطبيب، جميعها محكومة بالجهة التي تُعطيه نسبة أكبر سواءً كان مُختبرات, أو كشافة, أو شركة أدوية.., موضحاً أن المُستشفى الذي لا يدفع نسباً للأطباء يعرضون عن تحويل الأمراض إليه وأن كان مميزاً بكادر مختص ومؤهل وتجهيزات حديثة وذات جودة ـ ذلك لا يهم الأطباءـ وما يهمهم هو من يعطي نسبة أكبر وأن كان مُستشفى بتجهيزات رديئة, وكادر محدود التأهيل, وأداء كُله خطأ ولكنه يدفع نُسب فهم يحولون إليه المرضى.

ويضيف بأن غرائب ومُغريات النُسب التي يحصل عليها الأطباء تأتي من الشركات الدوائية اللهثة وراء الربح السريع, والتي تستورد أصناف دوائية رديئة جداً ولا تفيد المريض في شيء وتبيعها بـ عشرات أضعاف قيمتها الحقيقية, وذلك من خلال تحويلها لعدد من الأطباء إلى بائعين فعليين لأصنافها الدوائية الرديئة.. مُستشهداً بعدد من الحالات الواقعية حيث أن شركات دوائية ذات أصناف رديئة تعتمد مُرتبات شهرية مُغرية لعدد من الأطباء في مُستشفيات حكومية وخاصة, وكذا مراكز، مُقابل أن يقرروا في فاتورة علاج المريض الأصناف الدوائية الرديئة التي تغرق بها السوق, فيما البعض من الشركات الدوائية تتعامل مع عدد من الأطباء لبيع أصنافها الدوائية للمرضى في رشدة العلاج التي يقررها الطبيب مُقابل نُسب مُغرية تفوق في الشهر 4مرتبات.

وضع طبيعي

أما د. عبدالمجيد اليوسفي مُدير مُستشفى الأمل العربي فأكد بأن النسبة حق للطبيب كونها بمثابة مكافأة له على ما يبذله من توجيه أو إرشاد المريض إلى المُنشأة الطبية أو الخدمات التي تفيد المريض وتسهم في تحسُن صحته واستعادة عافيته مما يُعانيه, مؤكداً على أن ثقافة النسب ليست سائدة في القِطاع الصحي الخاص فقط فهي تشمل القِطاع الحكومي أيضاً, وغير مُقتصرة على مهنة الطب بل تشمل كُل المِهن والقِطاعات, ولكن تختلف تسميتها من مهنة لأخرى فقد تُسمى في المحاماة والقضاء مقاولة, وفي الإعلام مكافأة, وفي التربية حافز, و.. وهكذا في كُل القِطاعات,..

تجدر الإشارة إلى أن مُستشفى الأمل هو المُستشفى الأول في محافظة الحُديدة ويحتل المرتبة الأولى من بين مُستشفيات المحافظة(حكومية, وأهلية) في عدد الحالات التي تفد إليه بشكل يومي مرتبة يصفها البعض بأن مُحركها وسببها هو نظام النسب التي يقدمها المُستشفى للأطباء وتشجعهم على تحويل غالبية المرضى لهذا المُستشفى حيث النِسب الأكبر ـ حد تفسير البعض ـ, وهو وصف طرحناه كتساؤل على مُدير المُستشفى فكان رده بأن الجميع يتعامل بنظام النسب كبديهية,..

لكن الفروق التي تؤثر على كم الإقبال هي معايير الخدمة الصحية وجودتها؛ لأن المريض لن يحب أن يأتي إلى مُستشفى لأجل أن يتحمل فلوس أكثر ولن يطيع الطبيب حتى وأن وجهه لهذا المُستشفى, ولو حدث لمرة ولم يلمس المريض جودة في الخِدمة ونتائج جيدة وإيجابية فإنه لن يكرر الإقبال ولن ينصح غيره بالذهاب لهذا المُستشفى, وبالتالي سيكون الإقبال ظرفي مرتبط بزمن محدد وينتهي أن كانت الغايات ربحية أو تجارية مِحضة, غير أن الإقبال على المُستشفى حقيقة ثابتة وتشهد تزايُد من يوم لأخر.. وأسباب ذلك -حد خطابه- أنظروا سجل أطبائنا وتخصصاتهم, وزوروا أقسام المُستشفى وعياداته التي تبلغ 30عيادة تخصصية غالبية التخصصات دقيقة لا وجود لها في مُستشفيات المحافظة, وشاهدوا الأجهزة الموجودة بالمُستشفى, و... وستخلصون إلى حقائق واقعة تلمسونها عند المُقارنة بين مُستشفانا وباقي المُستشفيات تفيدكُم في معرفة أن أسباب التفاوت في الإقبال على المُستشفيات وبكم مهول لا تحكمها تحويلات الأطباء, وإنما معايير مهنية وخدمات فعلية, وكم التخصصات, ووعها, ونوع التجهيزات الطبية, ومؤهلات الكادر وطبيعة أداءه.. مُشيراً إلى أن المريض اليمني ذكي جداً وشديد في الجانب المادي ولن يستطيع أحد أن يستغله, ولن يعود أو قريب له إلى مرفق صحي لمس فيه استغلال بدون فائدة.

وسيلة ربح

وعن الأسباب التي تدفع بالعاملين في القِطاع الصحي للتعامُل بنظام النُسب.. يرى د. عبدالوهاب الجُماعي مُدير مُستشفى الرشيد بأن السبب الرئيس للتعامُل بالنسب في مهنة الطِب هو ضعف مُرتب الطبيب, والذي لا يُغطي المُتطلبات الضرورية والأساسية لحياة عادية مُستقرة ناهيك عن حياة كريمة, فيضطر الأطباء للتعامُل بالنسب؛ لأنها المخرج الوحيد لهم للحصول على حياة مُستقرة وكريمة,.. وليت الأمر يتوقف عند حد الحصول على نسبة فيما يحتاجه المريض من فحوصات وأدوية ضرورية ذات صِلة بمرضه,.. ولكن البعض يُصاب بالجشع ما يدفعه لطلب فحوصات, وأدوية ليس المريض في حاجة لها ولا علاقة لها بمرضه, وإنما من أجل الحصول على النسبة فقط, وهنا ينحرف معيار المهنية, وتخرج الممارسة من أخلاقيات المهنة إلى التجارة.., ويضيف: بأن الكادر اليمني عموماً يوصف بالكسل, وعدم حُب العمل, واختلاق الأسباب بشكل شبه يومي للتهرُب من العمل, وبالتالي فإن النُسب يسعى لها الجميع تقريباً ويرون فيها أداة ووسيلة كسب سريعة ومُربحة لا جُهد فيها ولا عناء ولا ساعات دوام.      

ينتهي بخطأ طبي

أما عن الأضرار والآثار المُترتبة على التعامُل بالنُسبة كقاعدة ونظام في القِطاع الصحي تحدث د. سمير الأرحبي: إن الآثار المُترتبة عن ظاهرة النُسب في القِطاع الصحي لا تقتصر على أضرارها على المريض فحسب بل تطال القِطاع الصحي والعاملين فيه.. موضحاً صحيح أن الأطباء المُتعاملين بالنُسب ـ وهُم الغالبية ـ يحققون أرباحاً سريعة ومهولة حيث يتحولون في ظرف سنوات معدودة إلى مُستثمرين يكون لكُل منهم، أما مُستشفى, أو مركز طبي, أو شركة(أدوية, أو مُستلزمات),أو مُختبرات, المُهم يحققون الغنى السريع في ظرف وجيز جداً.. وفي المُقابل يلحق الضرر بمهنة الطِب لدى المواطن فلا يثق بالأطباء في بلادنا ولا يصدقهم ومن الشواهد الدالة على عدم تلك الثقة أن غالبية اليمنيين عندما يحسون بمرض خطير سُرعان ما يتجهون للسفر إلى مِصر أو الأردُن للعلاج..

وأكد أنه رغم أن المستشفيات اليمنية(حكومية أو خاصة) تؤكد لهم أن كل التخصصات والعمليات موجودة داخل الوطن.. غير أن المواطن يُعاني أزمة ثقة نتيجة لعدم دقة التشخيص وتناقضه, ولعدم صدق الطبيب مع المريض في تحديد الاحتياجات والخدمات الطبية الفعلية التي تحتاجها حالة المريض, فالمريض لُسع وأوذي من الطبيب في رحلات علاجية عدة.. وجد فيها أنه يتم التعامُل معه كسلعة لا إنسان.

أما الأضرار التي تلحق بالمريض نتيجة لشيوع ظاهرة النُسب في تعاملات المُنشئات الطبية فيراها عدة: نفسية, ومادية, وصحية.. حيث يشعُر المريض بالإحباط واليأس منذ اللحظات الأولى لبدء رحلته العلاجية عندما يوجهه الطبيب لا تعمل الفحوصات إلا في الغرفة جوارنا أو بمختبرات معينة.. وأنواع كثيرة من الفحوصات يحس في قرارة نفسه أن لا صِلة لأغلبيتها بالمرض الذي شرح للطبيب أعراضه, مروراً بالدواء من صيدلية زعطان أو فلتان, فيحس أن بلاءه عظيم وأنه مرض وودف, ويصيبه الخوف واليأس إلى جانب ما يعانيه من عِلة مرضية.. وفي ختام الرحلة العلاجية يتعرض البعض لتقرير علاجات لمريض أخر بسبب خطأ الخلط بين نتائج تشخيص المرضى, أو لتقرير رقود وعملية جراحية وهمية لا يحتاجها المريض؟ أو...المُهم المريض يفلس ويبيع ما ورثة عن أسرته أو ما جمعه طوال حياته, والبعض تنتهي حياته بعد كُل العناء والتضحية بالمال تنتهي حياته بخطأ طبي.

إجراءات

وعن الصفة التي يوصف بها الطب عند التعامُل بنظام النُسب والإجراءات الممكن اتخاذها للحد من هذه الظاهرة تحدث د. نبيل رسام، مُدير مُستشفى سبأ: الطب مهنة إنسانية قبل أن تكون عمل تجاري وأن من يتعامل بنظام النُسب فهو لا يعمل بأخلاقيات المهنة وليس طبيبا حقيقيا وإنما تاجر؛ لأن الطب رسالة إنسانية مهمتها: معالجة والتخفيف من الآلام المرضى.. أما النسب فهي مُشكلة تُضاف إلى عِلة المريض وتنهكه وتستغله, ونحن كإدارة حريصون على الحد من التعامل بهذا النظام, ولكن مع الأسف يوجد أطباء يعتمدون على النُسب كمصدر هام في دخلهم إلى جانب ما يستلمونه من مُرتبات.., أما عن الأدوية والنسب التي تدفعها شركات الأدوية للأطباء كي يقررون أصنافها الدوائية فيؤكد أن تلافي ذلك يتم من خلال عدم تعامُل إدارة المُستشفى مع شركة دوائية بعينها أو أصناف دوائية مُحددة وأن يكون المعيار هو القُدرة الشرائية للمرضى؛ لذا يتم تزويد صيدلية المُستشفى بأدوية من شركات مُتعددة: أدوية ذات جودة عالية ولكنها مُرتفعة الثمن, وأدوية متوسطة الثمن لشركات أُخرى, وأدوية رخيصة لشركات ثالثة,.. وكُل ذلك وفقاً لقُدرات المرضى, كما يتم الالتزام بتقرير الدواء دون إيحاء أو إكراه للمريض على شراءه من صيدلية المُستشفى ـ حيث أن بعض المُستشفيات لا تقبل من المريض الدواء ولا يحدد الأطباء فيها تفاصيل استخدام الدواء للمريض إلا إذا كانت من صيدلية المُستشفى ـ وهذه من ممارسات الربحية والاستغلالية التي تعكس نظام النُسب, وتسيء للمهنة والعاملين فيها.. مؤكداً على أنه بالإمكان تحجيم ظاهرة النُسب والحد منها أن كانت إدارة المُنشأة الطبية أو المرفق الصحي إدارة طبية متخصصة وهي من تملك المُنشأة, مع أن البعض مُختص ولديه مُنشأة لكن أهدافه ربحية تجارية.. وتصير ظاهرة النُسب آفة عندما يكون مالك المُنشأة الصحية ليس مؤهلاً في مجال الطب ولا مُختص وأن ذلك هو حال عدد كبير من المُنشئات والمرافق الصحية العاملة في اليمن.

ظروف

من جهته يرى د. طه علي المجلي، مُدير مُستشفى الوطن، بأن ما يجعل القِطاع الصحي في اليمن مُنهكاً ويقترب من التجارية ويبتعد عن الخِدمة الإنسانية هي النُسب المُخيفة والتي أضحت ظاهرة فعلية ، وكذا مجموعة من العوامل والمؤثرات الاقتصادية والأمنية الناجمة عن الأوضاع التي تمر بها اليمن للعام الخامس على التوالي وأهمها شبه الغياب للتيار الكهربائي, والارتفاع الكبير في سعر المُشتقات النفطية, والتي تعتمد عليها المُستشفيات والمراكز الصحية بشكل كامل في الخدمات التي تُقدمها للمرضى, علاوة على المشاكل الأمنية والتي تُسبب أضرار مادية بعدد من المُنشئات هنا وهناك ، وتضطر غالبية المُنشئات للإنفاق بصور مُتعددة في سبيل تأمينها.. مُشيراً إلى أن كُل ذلك نُسب, أسعار المُشتقات التي تحتاجها المُنشئات الصحية, نفقات أمنية أو أضرار.. جميعها تُضاف إلى فاتورة المريض؛ لأنها تكلفة وليست أرباح وبدون إضافتها ستفشل وتنهار كُل المُستشفيات والمُنشئات الصحية.. وأن تلك الإضافات هي بحق مهولة وكبيرة جعلت الخدمة الصحية مُكلفة وتبدوا كتجارة, وأنهكت المواطن اليمني المُنهك أصلا بوضع معيشي واقتصادي يشهد تدهوراً من عام لآخر.

خطف المرضى..

أما المُستشفيات الحكومية فهي الأكثر ممارسة وتعاملاً بنظام النُسب وأول من شرع لهذا النظام حيث أن غالبية أن لم يكن كل العاملين في المُستشفيات الحكومية لديهم عيادات أو مُستشفيات, أو مراكز خاصة بهم.. ويندر تواجدهم في المستشفيات الحكومية ويحضرون لساعات معدودة في اليوم غايتهم الأبرز من الحضور ليست تقديم خدمة للمرضى الذين يعانون وينتظرون في الطوارئ وأقسام الرقود, وإنما الغاية الأولى والأهم هي: خطف المرضى من المُستشفيات الحكومية إلى عياداتهم ومُستشفياتهم الخاصة, أو تحويلهم إلى عند صديق من خلال إغراء المريض بأن ما سيقدم له خارج المُستشفى الحكومي: خدمات ذات جودة وسرعة وإبعاده عن الإهمال الذي يهدد صحته وحياته بمزيد من المُضاعفات ـ مع العلم أن الإهمال في المستشفيات الحكومية مُتعمد من الكادر العامل ليمل المريض ويوافق الطبيب على تحويله إلى عيادته الخاصة أو مُستشفاه ـ.وهذه حقيقة يلمسها اليمنيون في تفاصيل مُعاناة يومية ولدينا عشرات بل مئات الشواهد على ذلك.           
استطلاع/ ماجد البكالي
الإثنين 26 يناير-كانون الثاني 2015
أتى هذا الخبر من صحيفة أخبار اليوم:
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/news_details.php?sid=85880