مواجهات دامية في الجامعات اليمنية تعطل الدراسة وتلغي الامتحانات

2013-04-18 16:19:16 كتب/ علي سالم


«قبل الثورة كان عمداء الكليات يستخدمون العنف لقمع الطلاب بالاستعانة بالأمن, وبعد الثورة أصبحوا يقمعون منتقديهم باتهامهم بأنهم من أعداء الثورة».. هذا ما يقوله إبراهيم سليم - طالب السنة الثالثة في كلية الهندسة في جامعة صنعاء والمسؤول الثقافي لفرع اتحاد الطلاب في كليته التي شهدت أخيراً احتجاجات طلابية تحولت مواجهات عنيفة ما استدعى تدخل قوة مكافحة الشغب - وأُفيد بأن طالباً أصيب بكسور جراء قفزه من الدور الثاني للمبنى.
وتشهد الجامعات الحكومية اليمنية أحداثاً عنفية تراوح بين مفهومي الثورة والفوضى وتمزج بينهما, ويتبادل كل من الطلاب والادارة الاتهامات بشأن أسباب الأحداث التي يتخللها عنف وتؤدي إلى تعطيل الدراسة على غرار ما حدث في جامعة تعز التي تعطلت الدراسة فيها نحو 3 شهور, وغداة أحداث كلية الهندسة علقت جامعة صنعاء الدراسة في مختلف الكليات لنحو أسبوع قبل أن تترك لمجالس الكليات حرية اتخاذ القرار بشأن تأجيل الاختبارات أو الاستمرار فيها. ووفق مصادر جامعية فإن جميع الكليات قررت تأجيل الامتحانات في الوقت الراهن.
وتتهم الجامعات الحكومية اليمنية بالفساد والبيروقراطية والانحراف عن وظيفتها العلمية والتربوية, وغالباً ما تكون الاحتجاجات نتيجة سلبيات طارئة أو متراكمة تقترفها الادارة. ويطالب طلاب كلية الهندسة بتأجيل الامتحانات النهائية إلى حين استكمال الامتحانات النصفية وإعلان نتائج اختبارات العام الماضي وتسليم البطاقات الجامعية للطلاب.
وكانت الانتفاضة الشعبية التي أجبرت الرئيس السابق/ علي عبدالله صالح على التنحي عن الحكم، امتدت إلى الجامعات في ما عرف بثورة المؤسسات, وتمكنت احتجاجات طالبية من إجبار الحكومة على إقالة رئيس جامعة تعز المتهمة إدارته بالفساد, فيما يواصل القضاء النظر في قضية رئيس جامعة ذمار و14 آخرين من موظفيه متهمين بقضايا فساد إضافة الى تزوير شهادات وفق ما بينت وثائق مسربة.
وينظر كثير من اليمنيين إلى المؤسسات الاكاديمية باعتبارها جزءاً من السلطة وتجل من تجليات فسادها, وينتشر التعيين السياسي والأمني في الجامعات اليمنية, وتفيد معلومات عن تعيين معيدين رسبوا في سنوات دراستهم وابتعاث إداريين للدراسات العليا ليعودوا للعمل ضمن الهيئة التدريسية.
وخلال العقدين الاخيرين ارتفع عدد الجامعات في شكل لافت وانتشرت في أنحاء البلاد في شكل يفتقر إلى التخطيط والجدوى, وتقول طرفة إن الرئيس السابق كان يشتري زعماء القبائل الكبيرة بمبلغ من المال وتخصيص سيارة وجامعة لكل منهم.
ووفق ورقة بحثية أعدها استاذ علم الاجتماع في كلية التربية في جامعة عدن الدكتور/ سمير عبدالرحمن الشميري, تعاني الجامعات اليمنية من مشاكل مزمنة أبرزها التسييس الحاد وغياب الاستقلالية وانتشار البيروقراطية والفساد وضعف القاعدة المادية للتعليم وقلة استخدام التكنولوجيا واضطراب سياسات القبول وانتشار الأمية الثقافية وتدني المستوى المعرفي للمدرس والطالب.
وما انفكت المصالح السياسية تحكم مواقف القوى السياسية وتعاطيها مع مشاكل الجامعة, وبعض الاحزاب تغض الطرف عن قضايا فساد طالما صبت في مصلحتها.
وينظر الى معظم الاحتجاجات بأنها مدفوعة بأغراض سياسية, وتتهكم الخريجة الجامعية فاطمة سفيان على انتقائية الأحزاب قائلة إن ضمائر السياسيين اليمنيين لا تستيقظ سوى عند الخصومة.
وعلى رغم أن عميد كلية الهندسة ورئيس جامعة صنعاء هو أحد الذين جاءت بهم الثورة الشبابية إلا أن الاساليب لم تتغير وفق ما يقول الطالب إبراهيم سليم.
ولا يستبعد أكاديميون وجود دوافع سياسية وراء الاحتجاجات الا أنهم يؤكدون أن هذه الاحتجاجات تنهض وتتغذى على مطالب عادلة سببها سوء الادارة وفسادها, وذكر أحمد الجبزي أنه ومنذ تخرجه قبل عام ما زال يراجع الجامعة للحصول على سجله الاكاديمي الذي قال إن إدارة كلية الآداب جامعة صنعاء أضاعته.
وتفتقر الجامعة اليمنية لأبسط الوسائل التكنولوجية في رصد الدرجات واستخراج الشهادات. وعلى رغم ضعف التمويل الحكومي للتعليم العالي إلا أن معظم موازنات الجامعة عادة ما تذهب في نفقات غير مبررة, وذكرت مصادر أكاديمية أن قيادياً في جامعة يمنية أنشأ جمعية تعنى بتطوير التعليم وتمول من تبرعات المجتمع استولى على موازنة الجمعية وصرف بعضها لمواليه, ومن بين الاتهامات التي وجهتها النيابة إلى قيادة جامعة ذمار «توريد أجهزة معملية ليحصلوا على فائدة مادية لهم ولغيرهم بطرق غير مشروعة».
ومن الأسباب التي عادة ما تؤدي إلى تفجر العنف داخل الحرم الجامعي ضعف العلاقة بين الطالب والمدرس من جهة وبينه وبين الادارة من جهة ثانية، خصوصاً في ضوء غياب الحرية وروح التسامح عن البيئة الاكاديمية, وعادة ما يتحول الاختلاف بين المدرس والطالب إلى خلاف وخصومة, واشتكى طلاب وطالبات من تطبيق عقوبات عليهم بسبب آرائهم. ومن بين المطالب التي رفعها طلاب جامعة صنعاء تصحيح كراسات الاختبار بأرقام سرية.
والحاصل أن مشكلة العنف التي تشهدها الجامعات اليمنية لا تخرج في نهاية المطاف عن كونها نتاج أخطاء متراكمة يتشارك فيها المدرس والادارة والـطالـب والأمـن. وقدم كل من طلاب كلية الهندسة وادارة الجامعة روايات متباينة عما حصل، يتهم فيها كل طرف الآخر باستخدام العنف والسلاح.
////////////

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد