شُرفة قصر الجزيرة بعدن..

ذاكرة مكان عمرها أكثر من ستين عاماً

2014-04-02 10:24:27 تقرير/ فهمان الطيار

عدن.. حورية البحر, عروسة كل المدن... فاتنة تقف على خليجها شجية آسرة.. قدماها في البحر وهامة شمسانها في دفء السماء ..سواحلها الذهبية ليس لها مثيل في الكون.. هي حضن دافئ لتكاثر الحُب.. أرض البقاء.. من يهبط فيها يتعدّن ويرق طبعه، وينصهر زرقة وطيبة.. فيها ينتصب فندق قصر الجزيرة الشهير، أضحى صرحاً شامخاً بمقياس ذلك الزمان حيث غدا معلماً سياحياً متميزاً لمدينة عدن وكانت صُوَره تُنشَر في البطاقات البريدية السياحية.. يرتاده السائحون الأجانب وكبار القوم القادمون من المحميات الجنوبية.. ولازال هذا المبنى يشكّل بصمة فارقة في وجدان وهندسة مدينة عدن حتى الآن.. يختزن في جنباته كماً هائلاً من أضواء الذكريات الأزلية، فقد بناه المبدع الشاعر رجل الأعمال السيد/ "عبدالعزيز محمد السقاف" القادم من قرية الحضارم في محافظة تعز ..التي أسسها أحد أحفاد أحمد بن عيسى المهاجر القادم للدعوة من تريم حضرموت..
ارتادها- عبد الفتاح وأبو بكر والمشاهير.. ومازالت بعض ملحقاتها مؤممّة


كان ولابد لـ" أخبار اليوم" النظر إلى معالم عدن الأثرية المؤثرة على الروح برونق جمالها وذاك سحر تصميمها القديم الجذاب والتعريف بهذه المعالم التي جعلت محافظة عدن قبلة السائحين والزوار إلى اليمن .. شد انتباهنا "فندق قصر الجزيرة" لنفك أجنحة الشوق مسرعين إلى شرفة هذا المعلم التاريخي الأصيل لمعرفة كل تفاصيله الخالدة في ذاكرة من شيدوا إعماره فأول ما التقينا الكاتب والشاعر الأستاذ/ عدنان عبد العزيز محمد السقاف - رئيس منتدى المعرفة - صنعاء - الوارث لهاجس الشاعرية من والده المتوفي .. وهو القائم على هذا الفندق.. انسابت أبجدياته المموسقة ليبدأ بسرد ما يعرف..
بصمة فارقة

يشير عنان إلى أن هجرة والده السقاف الأولى إلى أفريقيا ليعود ثرياً إلى أرض البقاء عدن .. وعندما كان في زيارة لمصر في نهاية الأربعينيات من القرن الماضي، حل في فندق قصر الجزيرة في منطقة الجزيرة القاهرية، فدغدغ وجدانه هذا الاسم فقرر أن يقيم معلماً سياحياً وبصمة فارقة في مدينة عدن ويسميه بهذا الاسم الرائع..

ويقول: كان في كريتر عدن في تلك الفترة من الخمسينيات في نقطة "زيرو بوينت" في الميدان حالياً، بركة بائسة تشرب منها الجمال المواشي تدعى "البيسمنت" عندما قررت الإدارة البريطانية تطوير مركز المدينة ووضعت هذا الموقع للمزاد العلني وكان من نصيب والدي السيد عبد العزيز السقاف أن يفوز بهذا المزاد بتقدمه بأعلى سعر لبقعة أرض في تاريخ عدن في ذلك الزمن..
تفاصيل مشروع الحلم

وعن تحقيق الهدف يقول: شرع والدي في تحقيق هدفه في إقامة مشروع حلمه واستعان بكبار المهندسين والحرفيين.. كان ذللك في العام 1951م ليفتتح في نهايات العام 1952م كأول مركز تجاري في مدينة عدن البحر..

وفيما يخص تصميم الفندق وتقسيمه يوضح أن المبنى أقيم من ثلاثة طوابق على شكل باخرة محاطاً بشوارع من ثلاثة اتجاهات.. طابقاً أرضياً يضم محال تجارية عديدة.. ومركزاً للعديد من الوكالات العالمية والإلكترونيات الفخمة وعطور الماركات الباريسية الفاخرة لنخبة من تجار ذلك الزمن المزدهر.. أما الطابقين العلويين فكانا فندقاً  ذي " بلكونات" شرفات لأول مرة في تاريخ البناء في عدن..

مشيراً إلى أن البناء في تلك الأزمنة كان على الطراز الهندي ... حيث جاء الطراز المعماري للفندق الذي تكون من شرفة في الطابق الأول وفوقها شرفة في الطابق الثاني. وفيما شرفة الطابق الأول كانت امتداداً لكافتيريا متفردة تطل على الميدان يتسابق إليها المثقفون والسياسيون مثل أبو بكر سالم بلفقيه ومحمد مرشد ناجي و أحمد قاسم وعلي الدحان وسعيد الجناحي ومحمد سعد عبدالله وعبد الفتاح إسماعيل وحسين أبوبكر المحضار وكانت هذه الكافتيريا منتدى ثقافياً ارتادها معظم المشاهير والمبدعين.

 كانت الشرفة العلوية امتداداً لمطعم راق تعلم فيه الكثيرين الأكل بالشوكة والسكين وأسلوب الأكل الراقي...وفي الخلف الغرف الفندقية وشقتين لازالت مؤممة.
ذكريات خالدة

وعن ذكريات هذا الفندق الخالدة يقول: ومن مفارقات الروعة أن شدا الفنان العظيم أبو بكر سالم بلفقيه في العام 1960م أغنية من كلمات والدي رحمة الله عليه السيد/ عبدالعزيز السقاف ،وكانا يتدارسان كلماتها في شرفات هذا الفندق .. تقول كلماتها..

تسلمي يا عدن يا أعز الوطنِ

يابنة العرب لا لا تجافي الشجنِ

أنتِ تاج الجنوب فوق طرف الوطنِ

أنتِ لحن شجي شق سمع الزمنِ

عدت في كل عيد وصباح جديد

تسلمي يا عدن يا أعز الوطنِ...

أنتِ ثغر الجنوب فابسمي كالصباح

عن نضيد الدرر واللآلئ الملاح

أشرقي كالصباح بهجة وانشراح

لك عرش البحار والربى والبطاح

عدت في كل عيد وصباح جديد

تسلمي يا عدن يا أعز الوطنِ

يابنة العرب لا تجافي الشجنِ

قد أطل الصباح وانحنى للأشم

حيو شمسان في صوت عالي القمم

 عدت في كل عيد وصباح جديد

تسلمي يا عدن يا أعز الوطنِ

ويضيف "كانت هذه الأغنية من أوائل الأغنيات التي سجلها بلفقيه لإذاعة عدن".. مؤكداً أن عدن لازالت مليحة لم يمت في حشاها العشق والطرب وستظل عدن بطيبة أبنائها حضناً لكل أبناء اليمن ومهوى أفئدة الإنسانية كلها.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد