أُسر حوثية توافدت إلى المدينة واستقطاب حاد للشباب..

الحوثي يتجه غرباً

2014-08-03 15:12:22 تقرير / مصطفى حسًّــان

تسعى جماعة الحوثي ومن ورائها رغبة دولية لإحكام القبضة وفرض حزام أمني على العاصمة صنعاء، وكلما أسقطت محافظة ارتفعت شهية التوسع في علاقة طردية مع ارتفاع حاد لصمت الدولة وتجاوزها لخطر يهدد حدود وجغرافيا الجمهورية اليمنية.

 فبعد أن أصبحت محافظة صعدة مملكة خاصة تنطلق منها الجماعة في رحلة التمدد وفرض السيطرة ضمت مؤخراً محافظة عمران إلى حدودها الجغرافية, دون أن تُقدم الدولة على أي تحرك, لا سيما وهي التي حركت الجيش لاستعادة محافظة أبين بعد سيطرة تنظيم القاعدة عليها إبان 2012م.

بعد إسقاط عمران فتحت الجماعة بشكل مباشر جبهة جديدة في محافظة الجوف واندلعت اشتباكات عنيفة بين رجال القبائل وقوات الجيش من جهة ومليشيات الحوثي من جهة أخرى، واستعاد الجيش موقع الصفراء بعد أن كانت جماعة الحوثي تسيطر عليه.

 ادركت الجماعة صعوبة المواجهة، واتخاذ قرار بجعل الجوف المحطة القادمة بعد عمران، واكتفت بجعلها بؤرة تشعلها متى ما أرادت أن تشغل الرأي العام، بينما يممت وجهها إلى محافظة تعتبر من أهم المحافظات اليمنية - محافظة الحديدة - لموقها الاستراتيجي والاقتصادي واعتبارات أخرى سنذكرها في سياق التقرير.

الحديدة بُعد اقتصادي وملاحي

محافظة الحديدة تقع غرب العاصمة صنعاء، وتبعد عنها بمسافة 226 كم، ويقع فيها ثاني ميناء رئيسي في الجمهورية للتصدير والاستيراد، كما أنها تمثل أهم المواقع الاستراتيجية لتواجد عدد من الجزر فيها، ابرزها جزيرة كمران، لذلك فهي ليست غائبة عن أطماع جماعة تسعى لتشكيل دولة وإعادة أحقية الحكم إلى زعيم يعتقد أن الحكم حق إلاهي يختص بهم!

وتمثل مدينة تهامة ووديانها رافد اقتصادي تتواجد فيها مختلف المزارع، كما تعرف المدينة ببساطة العيش، وتشكل الحديدة ككل اكثر المحافظات تأييداً للرئيس السابق صالح، وترى في الثورة سبباً في ارتفاع المشتقات النفطية، وتردي الأوضاع، مما يعني أن هذا دافع قوي لجماعة الحوثي، التي جعلت من نفسها الخصم القادر على كسر العظم لحزب تتوحد بكراهيته والحقد عليه مع حزب المؤتمر الذي يحمله السبب الأول لاندلاع الثورة.

كما أن الأوضاع الإنسانية وارتفاع نسبة الجهل في المحافظة تمثل أرضية خصبة تبحث عنها جماعة تملك قوة المال واستغلال مثل هذه الظروف لنشر أفكارها، واستقطاب الشباب فكرياً قبل تجنيدهم عسكرياً.

وعن الأهمية التي يتمحور عليها تركيز جماعة الحوثي على محافظة الحديدة، تحدث الخبير العسكري علي الذهب " لأخبار اليوم" بقوله " تركيز الحوثيون على محافظة الحديدة، لا ينبع من زاوية السيطرة عليها على نحو السيطرة التي يمارسونها على محافظة صعدة، وإن كان ذلك غاية مستقبلية كبرى، ذلك أنهم يخططون لحضور سياسي مستقبلي قوي في المناطق السنية الخالصة، إذا جاز لنا التعبير بهذا التوصيف، بما يجعل من ذلك الحضور قوة ناعمة في المنافسة السياسية التي قد تجد نفسها مجبرة لخوضها في الأيام القادمة على مستوى البلاد وبما يعطيها ذات الحضور للكيانات السياسية الأخرى على نحو أبلغ من حضور الكيانات السياسية الأخرى في صعدة تحديدا وفي غيرها.

أما تواجد العاصمة في خطط الحوثي، وفيما اذا كانت ستسعى للسيطرة عليها بدلاً من وضع جهدها في محافظة الحديدة، فقد أضاف الخبير العسكري أن العاصمة تمثل هدفا رئيسا للحوثيين، ولا يمنع أن يكون هذا الهدف قيد التنفيذ متى ما أتيحت الظروف الملائمة للسيطرة الكاملة والأكيدة عليها، لكن هذه السيطرة لن تكون بالصورة التي يخيل للبعض، ولذلك تجد جماعة الحوثي من هذا التوجس فرصة لها في مد نفوذها في المحافظات الأخرى وفق المفهوم العسكري: "تظاهر في الشرق واضرب في الغرب" ولذلك فإنها تشيع التكهن بأنها تريد العاصمة في حين تتحرك عمليا في محافظات أخرى لتسقط مدناً أو تكون خلايا مسلحة تدعم مشاريعها المستقبلية في اي محافظة ومن ذلك محافظة الحديدة التي ليس لها حضور سياسي ملموس قياسا على ما لدى الأحزاب الأخرى، هذا في حالة انتهاجها العملية السياسية.

تحرك خفي واستقطاب للشباب

بعد إسقاط عمران ظهر القائد الميداني لجماعة الحوثي أبو علي الحاكم في زيارة مفاجئة إلى الحديدة، ونشرت صفحات في مواقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" تابعة لجماعة الحوثي صوراً لأبي علي الحاكم، فيما قالت إنه في زيارة تفقدية لأهالي وأسر تهامة!.

هذه الزيارة والتوقيت جاءت لتؤكد ما أدلى به الزعيم الاشتراكي اللبناني وليد جنبلاط خلال حلقة على قناة الجزيرة، حيث قال: إن جماعة الحوثي تبحث عن منفذ بحري، وإنها سوف تتوجه بعد سقوط عمران إلى الحديدة لما تتميز به من موقع استراتيجي هام، وأكد أن الجماعة لن تفكر في دخول العاصمة في الوقت الحالي، فهي ترى أن مغامرة مثل هذه تعتبر انتحار!

التكتيك الذي تعتمد عليه الجماعة متشابه تماماً مع ما تقوم به في أي منطقه تسعى للسيطرة عليها، متمثل في إيجاد نفسها كمنقذ للمدينة، أو قدرتها في إرساء الأمن، فتقوم بمهام الدولة بمنعها التقطعات أو القبض على اللصوص، الذي يكونوا في الغالب من نفس الجماعة بعد إعداد مسرحية تلفت من خلالها المواطنين إلى أنها خير بديل لأدوات الدولة.

كما حصل تماماً من قبل مدير عام شرطة محافظة الحديدة العميد ركن محمد المقالح حين بعث رسالة شكر وعرفان إلى رمزي العماد "حوثي" عاقل حارة العيش والملح بمدينة الحديدة وذلك لجهودهم المبذولة في مكافحة الجريمة وضبط مرتكبيها و لدورهم في كشف ملابسات جرائم سرقة أغطية غرف المجاري والصرف الصحي و ضبط من يقومون بتنفيذ تلك الجرائم.

عن الانتشار والاستقطاب يتحدث حسام الحبيلي- وهو ناشط من مدينة الحديدة- بقوله: في مدينة الحديدة بدأ الحوثي بالانتشار شيئاً فشيئاً، شراء ذمم بعض من ضعفاء النفوس وغسيل مخ للبعض الآخر هذه هي الطرق الوحيدة التي ساعدتهم على الانتشار، بالإضافة إلى أسر كاملة تنتمي لهذه الجماعة انتقلت لمدينة الحديدة وأريافها.

وعن عدد الأسر الحوثية التي انتقلت مؤخراً إلى المدينة يضيف حسام أن عددها ما يقارب المائة أسرة يسكن أغلبهم شارع الخمسين الرئيسي، لهم في هذا الشارع عقارات ومحلات تجارية كانت هي بداية دخولهم إلى المدينة، بالإضافة إلى شوارع سكن فيها بعض تلك الأسر مثل شارع الحي التجاري وشارع زايد وشوارع أخرى.

أما بالنسبة لجذور تلك الأسر فبعض العائلات المعروفة والتي لها نشاط واضح يخدم الجماعة ،مثل عائلة الحسني التي يعود أصلها إلى المحويت وعائلة "الأرياني" من ذمار وعائلة الانسي من صنعاء وأسرة عبدالعظيم التي تنتمي أيضاً لصنعاء، وعائلة الحسين من محافظة صعدة، وغيرها من الأسر، غير أن أغلب هذه الأسر يتحركون بخفاء أو تحت الستار.

بالنسبة للمركز الرئيسي لهم في الحديدة فيقع في شارع الحي التجاري وحوله يسكن مجموعة من الأسر المنتمين للجماعة.

لا يوجد إلى الآن جوامع أو مساجد تتبع الجماعة بشكل رسمي ولم يحدث أن مورست الصرخات في أحد المساجد من قبل، هذا بالنسبة لمركز المدينة، أما أريافها فتوجد بعض المساجد التي تقام فيها الصرخات ونشاط الجماعة أوسع وأكبر هناك.

يوجد أيضاً من المنتمين للجماعة أفراد من أصل تهامي ويعيشون في المدينة تم استقطابهم بإغراءات مادية أو غسيل مخ، ومن هؤلاء الأفراد من فئات الشباب أو بعض قياديين في أحزاب وجماعات، وجدت اهتمام من قبل الجماعة في حين كانت مهمشة في أحزابها، كما بدأ بعض شيوخ القبائل في الأرياف بالتعاطف معهم والبعض اصبح من المنتمين لهم وهذا هو الخطر؛ إذ أن الشيخ قادر على استقطاب بقية القرية أو الناحية بشكل أيسر وأسرع.

أما في المدينة يتم استقطاب عدد 1 إلى 4 من الشباب وكبار السن في كل حارة ليشكلوا مندوبي أو مسؤولي دعوة واستقطاب في الحارة نفسها، وإلى الآن لا يوجد استجابة سوى بنسبة ضئيلة جداً ولا يتعدى أن يكون تعاطفاً.

لجماعة الحوثي نفوذ ذوي مناصب سيادية مدنية أو عسكرية في المدينة، منهم ضباط ومدراء أمن ومنهم قضاة، ومنهم مدراء مكاتب وعمداء كليات ودكاترة ومدرسين، غير أنهم في مرحلة البداية، ويشكلون بنسبة صغيرة لا تكاد تتعدى الاثنين فرد من كل فئة.

يضيف حسام أن نشاطات الجماعة لازالت سرية بعض الشيء، ولا زالت تحت اطار الدعوة والترغيب بالانتماء إلى الجماعة، مثلا لديهم بعض الطلاب ذوي النزول الميداني تجد فرد أو أكثر في كل قسم وكلية في الجامعة، يقوم باستقطاب عدد من الطلاب وقد شاهدت بنفسي استقطاب عدد لا يقل عن 12 طالب من قبل أحد أفرادهم الذي يعمل كمندوب في الدفعة لدى الكلية ولدى الجماعة أيضاً.

ومن النشاطات أنها تقوم في الحديدة ببعض المسيرات الجماهيرية في الفترة الأخيرة قبل شهر رمضان كانت تقام كل جمعة مسيرة في شارع صنعاء يصل عدد المشاركين فيها من 100 إلى 300 مشارك كذلك بعض الندوات الخاصة بهم والمقايل والمبارز والاحتفالات في المناسبات التي يتم فيها دعوة أفراد ونخب خارج اطار الجماعة ومن هنا يبدأ الاستقطاب.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد