ضحية الظروف المعيشية والأسرية..

"سورية مطيوف".. نموذج لمعاناة المرأة في شوارع تعز

2014-08-14 14:29:39 تقرير/ فهمان الطيار

فتيات في مقتبل العمر مؤشرات الفقر جعلت السبيل الوحيد لهن التسول وسط الشوارع والجولات.. لتكن نداءاتهن تتردد للمارين والعابرين "اعطني عشرة أو خمسة ريال" تلك بيدها فاتورة علاج وأخرى طفلها الرضيع في أحضانها وسط شمس الصيف المحرقة أو في برد الشتاء القارس..

قصصً ومشاهد محزنة نجد الشارع يزخر بها.. ليست هذه القصص والحكايات سوى ضحية المماحكات والخلافات السياسية بين مختلف الأطراف التي غرست أنيابها السامة لتكون معظم الطبقات هي الفريسة المجنية عليها..

كلمات دامعة

إسمي "سورية مطيوف صالح" هكذا بدأ حديثها بهذه الكلمات الثلاث.. كلمات ذات موال حزين.. بصوت هادئ.. وهمسات تداعب شغاف القلوب..

كان القلم يتحرك بخفة ليلتقط جميع كلماتها الدامعة.. استنشقت رتيباً من الهواء بعمق واستجمعت قواها وحاولت أن تباشر بسرد القصة.. لتقول "إنني مطلقة منذ سبعة أعوام ولدي أربعة أطفال أعولهم طوال هذه الفترة"..

سبع سنين عجاف عاشتها تلك المناضلة (سورية).. التي لطالما كان لاسمها نصيب مما يحصل للدولة السورية العربية.. فهذه هي "سورية" من مديرية الحوبان محافظ تعز مع أطفالها الأربعة (عائدة , جلال , ملكة , وفاء) تعيش معهم تحت مظلة الفقر والعناء..

سورية لم تنقطع عن سرد تفاصيل حكايتها المريرة التي تتوجع القلوب عند سماعها.. استدركت قائلة "عشت مع زوجي في منزلِ متواضع على قدر حالنا كنا نعيش في وئام وهدوء.. وتقول "صحيح أن حياتنا لم تكن خالية من المتاعب والأكدر لكنها كانت سرعان ما تنتهي وتزول..

الظروف لم تأسف لحالنا

سورية وغيرها كُثر ممن حكم عليهن الزمن وشاءت بهن أقدار السماء.. كثيراً هُن ريحانات الأرض, أصبح التسول وتلقي الإهانات من البعض وسط الشوارع الحيلة والسبيل الوحيد لمثل هؤلاء للحصول على لقمة العيش بعد أن انقطعت بهن السبل..

لم تنتهي القصة مع "سورية" اغرورقت عيناها بالدموع ولفظت بكلمات تفصل بين حروفها أنفاسها المتهدجة من الداخل قائلة "طلقني زوجي بعد أن عجز عن تلبية متطلبات المنزل وخاصة عندما رأى الأطفال كبروا ومستعدين للدراسة ويحتاجون إلى الأزياء وغيرها من المتطلبات المدرسية".

تتابع" كان زوجي يشكو دوماً من الحالة التي نحن فيها لكن الوقت والظروف لم تأسف لحالنا"..

وتستدرك بالقول "في صبيحة يوم جديد خرج زوجي للبحث عن العمل وبعد عودته خالي اليدين سمع نداءات الأطفال أحدهم يريد حذاء والأخر جائع.. فبدأ صياحه وغضبه يتفجر على الأطفال ومن هنا بدأت تظهر المشاكل إلى أن طلقني لكن أطفاله لا زالوا في ذمته ويجب عليه رعايتهم"..

أخذت تتنفس وتستريح لتواصل قصتها وبحرقة في الحديث لحقت قائلة "بعد ذلك خرج زوجي ولا نعلم أين ذهب غادر من البلاد ولا نعلم أين هو منذ ذلك الوقت.. حينها لم يكن لدي خيار سوى الحفاظ على رعاية أولادي ..

حكومة هي زنزانة الموت للفقراء

هذه الحكايات التي ننسج حروفها من أرصفة الشوارع ومن أبواب المطاعم وفرزات النقل ومن الأماكن العامة والخاصة.. هل نستطيع أن نجزم قولاً أنها مجرد حديث على الأوراق.. أو مشاهداً مسرحية على القنوات.. أو نستدرك قولاً أن هناك حكومة هي الحضن الدافئ لمثل هكذا حالات..؟؟! لكن الحديث يختنق عندما نربط أملنا بحكومة أصبحت بمثابة زنزانة الموت للفقراء..

هذه المرأة المكافحة التي لطالما قست عليها الظروف وهدت أركان سنينها متاعب البحث عما يسد رمق الحياة لها ولأطفالها..

مشهد لفت انتباهنا

كان لقاؤنا بالصدفة لهذه المرأة عندما انطلقنا في مساء إحدى الأيام إلى مستشفى الثورة في تعز لإعداد تقرير عن واقع الصحة وما آلت إليه تعز.. في حوش هذا الصرح الطبي مشهد لفت انتباهنا؛ مجموعة غفيرة من النساء خارج المبنى (تحت الأشجار).. توضح لنا أن تلك المجموعة من النساء فريسة الفشل الكلوي.. كانت (سورية) بين تلك النساء.. لكنها ليست مصابة تشبثت بناء وتوسلت لنقل قصتها علها تجد قلب رحيم يشفق لحالها.. توجهنا إليها بسؤال مباشر بعد أن عرفنا القصة وماذا تفعلين هنا؟ وكان بجوارها شاب في مقتبل العمر وهو جارها توفيق.. تقرأ على محياه منذ النظرة الأولى على وجهه مدى المعاناة والتعب والإرهاق.. قالت " إنني هنا من أجل هذا وأشارت بسبابتها اليه إنه مصاب بالفشل الكلوي منذ ثلاثة أعوام ويأتي هنا ليغسل فهو جاري ولديه طفلين وحالته المادية مثل حالتي ولا يوجد أحد يساعده فأعمل جاهدة لمساعدته وإمساكه حتى ينتهي من الغسيل.. وتوفيق يلتزم الصمت.. إلا بعد ان أكملت الحديث لفظ ببعض الكلمات التي تهز الوجدان قال "نعم تساعدني جزاها الله خيراً لا يوجد أطيب منها"..

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد