من حكايا واقع مرير لسكان "بئر أحمد" بعدن..

"وائل" و "وهبي".. عريسان في زنزانة الفقر

2014-09-03 11:19:50 عدن- تقرير/ فهمان الطيار

كانت الزيارة إلى منطقة "بئر أحمد" لتلمس هموم المواطنين ونقل واقعهم الذي يعيشوه.. الوقت على ما يبدو كان ليس مناسباً انتصف النهار وأصبحت الشمس في بطن السماء.. تجمع القليل من الشباب والنساء والأطفال؛ كلاً يريد أن يقدم شكواه ومعاناته, وعدسة الكاميرا لم تتوقف عن التقاط تلك صورهم البريئة؛ والشمس من هناك من حيث هي من أفق السماء ترسل ويلاتها أضعافاً لعلها تريد أن نعرف حجم معاناة هؤلاء الناس ..

نسوا معاناتهم

تشبث بنا أولئك الصغار والشباب ونسوا معاناتهم المريرة التي لطالما تسابقوا في البوح بها.. ليكون حديثهم حينها عن شابين في قفص الفرح لم تمر يومان على زفافهم يريدون أن نتلمس معاناتهم هكذا قالوا.. لكننا قاطعناهم الحديث بسؤال الاستغراب والدهشة ما الخطب؟! وماذا بهم؟! .. تلخص جوابهم أن هؤلاء الشباب ليس لديهم منزل يأويهم وأن ظروفهم اشد أهل المنطقة سوءاً .. أوقفنا السيارة جانباً ولحقنا بهم مشياً على الأقدام لنعرف تفاصيل القصة..

أربعة جدران صغيرة من الطين وسط صحراء جدبة ليست مكتملة لا تستطيع الدخول إليها منتصب القامة كما يبدو, مسطوحة من الأشجار وبعض من الألواح التالفة, منظر يدمي القلب ويقطع الفؤاد.. توجهنا إليهم بسؤال قبل أن ندخل أهذا هو منزل العريسان؟!, فكان الجواب نعم.. تبدو كعريشة للأنعام لا تحمل بكل المقاييس والاعتبارات أنها منزل لشخص أو لأحد ما.. ولا يبدو عليها في اقل الاعتبارات ثكنة حراسة .. لم نرَ باباً نطرقه لنستأذن الدخول .. فقط كل ما وجدناه زرائب "أشجار مقطعة تحمل الشوك" حول تلك العريشة "منزل الأحلام"..

القصة لم تنتهِ

سبقنا بأصواتنا قبل أن ندس على تلك الزرائب .. من في الداخل ؟ خرج إلينا من تلك العريشة المركومة التي توضحها الصورة رجل اسمه "محمد شوعي" ضعيفاً يستند عكازاً ستيني العمر قد هدته ظروف الزمن وشاخ به الفقر المدقع هذا ليس رجلاً تقدم به العمر وحسب، بل هو رجل تقادمت فيه الهموم والأحزان والفجائع وتخمرت في أعماقه الدموع الحبيسة، وتعتقت في روحه الآهات التي لم يسمعها أحد لكنه صبوراً راضياً بما قسمه الله له هكذا تحدث لنا وملامح الإرهاق مرسومة على وجهه .. لم نلتقِ العريسين .. وبعد أن سألناه عن " العريسين " ؟

رد: بنبرات حزينة وكلمات محترقة انهم يعملون ولم يمضِ يومان على زفافهم .. وأين منزلهم؟ ذاك هو منزلهم وأشار بسبابته إلى تلك العريشة فرتمت أبصارنا إلى حيث أشار فكان هناك طفلة صغيرة بريئة تلهو وتلعب ولا تعرف من الهم الذي لحق بعائلتها شيئاً سوى ذاك الصراخ عندما تفتقد فتات الخبز..

لم نرغب في إنهاء الحديث ونحن نرى الحالة الظاهرة لهذه العائلة التي تعيش وسط كثبان الرمال.. لحقنا بسؤالنا.. ماذا يعملون "العرسان" وما أسماؤهم وهل هم أولداك الاثنان؟.. واحد ولدي أسمه "وائل" والثاني صهري اسمه "وهبي" وليس لديهم عمل محدد واليوم خرجوا على باب الله يبحثون عن أي عمل من أجل يوفرون بعض احتياجات المنزل ..

يبيع العلب البلاستيكية

لم يكتفِ "شوعي" بهذه الإجابة فأعطى تفاصيل حياته باختصار وقام من تلقاء نفسه بالسرد ونحن ندس على زر التسجيل لنرصد لكم تلك العبارات المحترقة التي نختتم بها القصة يقول" أصلي من محافظة المحويت وزوجتي من "عدن" شاءت أقدار السماء واجتمعنا ونحن هنا منذ فترة طويلة في هذا المنزل المتواضع والآن أصبح لدينا سبعة أولاد والحمد الله على كل حال .. ويتابع "شوعي" رغم كل الظروف لم تدخل الصراعات بيني أنا وزوجتي حتى تكونت هذه الأسرة كما ترى ! وبالنسبة لعملي أعمل في أي مهنة حيث تواجدت فرصة لي للعمل ولكني غالباً ما أعمل في بيع العلب البلاستيكية المرمية أو النحاس في الشوارع نستر به الحال ونسد بها رمق الحياة .. أكتفينا بطرح الأسئلة عليه لأن ما هو ظاهر يكشف عن ما هو خافِ وما يختلج في قلبه من هموم ومتاعب ..

غادرنا والحزن يخيم علينا عليهم لننقل هذه القصة لعل هناك من أصحاب الأيادي البيضاء تؤثر عليه هذه القصة وتغزو الشفقة فؤاده فيكون له بصمة خير وصدقة جارية في تقديم العون والمساعدة لهذه الأسرة الشريفة المتسترة على حالها.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد