علماء وأكاديميون وسياسيون بالحديدة لـ" أخبار اليوم":

مشروع الحوثي قائم على إحياء النعرات الطائفية والعصيبة وعرقلة التنمية

2014-09-03 11:27:07 تقرير/ فتحي الطعامي

بات التمدد المتسارع لجماعة الحوثي المسلحة في المحافظات اليمنية يشكل هاجس خوف لدى كل اليمنيين في ربوع الوطن خاصة وان هذه الجماعة تنتهج العنف وسيلة لتحقيق أهدافها وتعمل على عرقلة الانتقال السلمي للسلطة وتقويض الدولة المدنية وتهدد مشروع الدولة المدنية التي يسعى لها اليمنيون..

ويرى مراقبون ومتخصصون أن الحوثي وجماعته يعمدون على تقويض الدولة وإسقاط هيبتها كما هو حصل في المناطق التي تخضع لسيطرتهم وزعزعة الأمن والاستقرار والتأثير سلبا على التنمية والنمو الاقتصادي وخلخلة النسيج الاجتماعي..

بيد أن الخوف الذي يعتري أبناء الوطن يتزايد في المحافظات اليمنية التي تتسم بالمدنية والسلمية والترابط الاجتماعي كـ( تعز و الحديدة وعدن..) والذين يبدون خشيتهم من أن التمدد الحوثي المشبع بالعنف قد يعمل على عرقلة وإعاقة الحركة الاقتصادية في محافظاتهم إن تم هذا التمدد..

ناهيك عن خشيتهم من ظهور عصابات مسلحة في هذه المحافظات تعمل على نقل الصراع الموجود في المناطق الجبلية في شمال الشمال اليمني إلى محافظاتهم الأمر الذي سيؤدي إلى وجود عصابات أو مجاميع أخرى لمواجهتها وهو ما يعني دخول هذه المحافظات لمسرح الصراع المسلح.. لكن هناك من يرى أن ثقافة أبناء هذه المحافظة لا يمكن أن تتقبل الفكر والثقافة الحوثية المتسمة بالعنف والفوضى..


مشروع النعرات والعصبية

المحلل السياسي وأستاذ الأزمات السياسية بجامعة صنعاء- الدكتور/ نبيل الشرجبي يقول: في البدء استطيع أن أؤكد انه لا توجد مدنية في المحافظات اليمنية وأنا وجدت بعض المظاهر المدنية التي جعلت إمكانية التواصل البسيط بين أبناء المحافظات ممكن لأي سبب.. سواء كان سبباً اقتصادياً "العيش" أو اجتماعياً "الزواج" أو سياسياً "تواصل حزبي" وقد أثبتت تجربة 11 فبراير صحة تلك المقولات فقد شهدت المدن اليمنية الكثير من أعمال العنف والرفض لأبناء المحافظات الأخرى وغيرها من الأحداث..

أما بالنسبة لمشروع الحوثي في تلك المدن التي يمكن أن نطلق عليها عواصم المدن يفيد الشرجبي أن الحوثي قد أثبت أيضاً انه لا توجد مدينة في اليمن مستثناه لديه.. فهو يعتمد في انتشاره ليس بقوة السلاح والتهديد فقط بل بإعادة إحياء كل مفردات القبيلة والعصبية والفئوية والعائلية.

وأضاف" الهاشميون يتواجدون في أكثر من مدينة يمنية وقد استطاع الحوثي أن يعيد إيقاظ ذلك المارد القديم بثقافة سلبية ويجمعهم حوله ليكونوا هم المقدمة إلى جانب باقي الشرائح المظلومة إلى مشروعه وقد نجحوا في ذلك بشكل واضح وأصبحت التجمعات الحوثية في اغلب المناطق اليمنية تتشكل من الشرائح التالية الأولي الهاشميون والثانية الشرائح التي ارتبطت بمشاريع مختلفة وانتهت مشاريعهم وخسروا في الفترة الماضية سواء تمثل تلك المشاريع المركز السياسي أو المالي أو الاجتماعي.. والثالثة أبناء الطبقة المسحوقة والمعدومة في اليمن وهذه الشرائح مثلت أيضاً غطاء لتحرك الحوثي بشكل واسع في المدن اليمنية..

وأكد الشرجبي أن هذا الأسلوب الذي ينتهجه الحوثي لإحياء النعرات والعصيبة قد يؤدي إلى إيجاد صراع بين أبناء الشعب اليمني وعرقلة مسيرة بناء الدولة المدنية الحديثة التي يسعى اليمنيين في هذه الأيام لتحقيقيها وفق مخرجات الحوار الوطني الذي توفق عليها جميع اليمنيين.. واليوم الدولة وكل كياناتها وكذا الرعاة الدوليين مشغولين عن مشروع الانتقال السلمي في اليمن بحل هذه المشاكل التي ينتجها الحوثي ويعمل إشعالها..

فكر يخالف المعتقدات

الشيخ إبراهيم علان عويدان- أحد علماء محافظة الحديدة يشير إلى أن هناك ثلاث معطيات تجعل أبناء تهامة لا يتقبلون الفكر الحوثي: المعطى الأول: ميلهم إلى السلامة والبعد عن العنف وقد عرفوا عن الفكر الحوثي وما يرافقه من عنف خصوصاً ما فعله في صعدة ودماج وعمران وما رافق ذلك من سفك للدماء وتهجير للآمنين وتفجير للمنازل وهدم للمدارس والمساجد.

أما المعطى الثاني بحسب عويدان: لا توجد لدى أبناء تهامة أفكار طائفية و ﻻ أيدولوجيات متناقضة وبالتالي لا توجد أرضية خصبة لقبول الفكر الحوثي الذي يقوم على الطائفية والتناقض المذهبي, والمعطى الثالث : أبناء هذه المنطقة لا يقبلون الطعن في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أزواجه أمهات المؤمنين والتي هي من مقومات الفكر الحوثي ونظراً لهذه المعطيات لن يكون هناك قابلية للفكر الحوثي إلا عند بعض الضعفاء والعوام الذين لا يعلمون حقيقة الفكر الحوثي أو تنطلي عليهم الدعاية التي يروج لها أتباع الحوثي

مرفوض فكر وطريقة

الناشط السياسي أحمد مانع يقول: لو نجح بعض المتنفذين من أنصار المخلوع من أبناء تهامة إلى جلب الحوثي إلى تهامة فمن المؤكد أن يصل الطرفين إلى طريق مسدود فإما أن ينحاز الحوثي إلى شعاراته وادعائه بالوقوف مع المقهورين والمظلومين وبالتالي سيجد نفسه وجها لوجه مع من سهل له الدخول إلى تهامة وهم هؤلاء المتنفذين الذين يشكوا منهم أبناء تهامة وهم من نهب وانتهك وتعسف ضد أبناء هذه المنطقة أو ينحاز إلى هؤلاء المتنفذين الذين فتحوله أبواب القلعة وهنا لا محالة سيجد الطرفين انفسهم في مواجه مباشرة مع السواد الأعظم من أبناء تهامة وتهامة اليوم في بداية القرن الواحد والعشرين تختلف تماما عن تهامة في بداية القرن العشرين

ويؤكد أن أبناء تهامة لن يقبلوا بفكر الحوثي على الإطلاق فنظام الرهائن سيئ الصيت والإقصاء والتهميش الذي عانى ومازال يعاني منه أبناء تهامة سببه هو نظام الأئمة الذي يعد فكر الحوثي هو الامتداد الطبيعي له.

ويضيف" طبعا سيترك فكر الحوثي أثرا سيئا على الطبيعة المدنية لأبناء تهامة القائم على السلمية والمدنية والقبول بالآخر نلاحظ اليوم البعض يعلن مثلا اقتناعه بالفكر الحوثي المنافي لطبيعة أبناء تهامة السلميين ليس اقتناعا حقيقيا بقدر ما هو نوع من المناكفة والكيد السياسي لبعض القوى السياسية لكن سيدركون أنهم على الطريق غير الصحيح خاصة وانهم سيجدون مجتمعا حتى من غير المتحزبين ومن غير المثقفين غير موافق لهم في تحالفهم من الحوثي الدخيل على هذه المنطقة في أفكاره وثقافته وتعامله مع الآخرين..

ويشير مانع إلى أن هناك مشكلة لدى الحوثي وفكره وهي تتناقض مع فكر وثقافة أبناء تهامة وتتمثل هذه المشكلة التعامل الفوقي مع الآخرين حتى ممن يتبعونه والقضية أو المشكلة الثانية هي فرض سياساته وأفكاره بالقوة بعيدة عن الدولة وهذا ما لا يمكن أن يقبل به أبناء الحديدة الذين اعتادوا على ثقافة الترابط والتسامح وانتهاج السلمية لحلحلة مشاكلهم.

مشروع إعاقة التنمية

يؤكد الخبير الاقتصادي/ محمود الوافي خبير أن التمدد الحوثي كجماعة عنف مسلحة في هذه المحافظات سيؤدي إلى أثار خطيرة من الناحية الاقتصادية حيث سيؤدي إلى إعاقة حركة التنمية بسبب هروب الاستثمارات الداخلية ومنع تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى أماكن تمددهم نظرا لإمكانية تدمير المنشآت الاقتصادية وتدمير البنية الأساسية اللازمة لتطوير العمليات الاقتصادية داخل هذه المحافظات كما حدث في صعدة وعمران.

وقال: بالإضافة إلى ما سبق سيؤدي التمدد الحوثي إلى خلق أعباء جديدة تتمثل في عمليات الإغاثة اللازمة لضحايا هذا التمدد, وتدمير المنشآت الاقتصادية وتستنزف موارد الدولة في صورة إنفاق عسكري بدلا من تخصيصه لبناء المؤسسات التعليمية المنهارة.

وأضاف" من الملاحظ أن هذه المحافظات تعاني من مشاكل اجتماعية واقتصادية جمة، ومن شان زيادة الإنفاق العسكري زيادة الديون وتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية من بين الآثار الاجتماعية لهذا التمدد ما يصاب الأسرة من عمليات التهجير وتدمير للبنى التحتية وما تتركه من آثار على الظروف المعيشية وخاصة آثارها على دخل الأسرة والبطالة وعلى الظروف الصحية والتعليمية للأسرة وما يطرأ على الأسرة من تغيير في الأدوار وخاصة دور المرأة اذ تصبح هي المعيلة نتيجة مقتل الأب بسبب هذا التمدد، وكذلك ما تعانيه الأسرة من آثار وخاصة تراجع مستوى الدخل وتقطع سبل المعيشة وارتفاع معدلات البطالة وتراجع المستويات الصحية والتعليمية للأسرة وآثارها على المجتمع بشكل عام من خلال مؤشر التنمية البشرية وغيرها من المقاييس وكذلك استخدام الأطفال جنودا ومقاتلين إضافة إلى التشريد ألقسري والاحتجاز التعسفي والتعذيب وإساءة المعاملة للمدنيين وسيسهم في خلق العداء والكراهية بين ابناء هذه المحافظات وخلخلة النسيج الاجتماعي بسبب فرض الفكر الحوثي بقوة السلاح".

رفض تأريخي

الناشط السياسي عبد السلام وهان قال بأن من يظن أن قبولا يمكن أن يلاقيه الفكر الحوثي في محافظة الحديدة ( تهامة ) واهم وذلك لأسباب عديدة منها ما هو تأريخي فتهامة عانت بسبب هذا الفكر في بدايات القرن الماضي من تعسف وعنف وتدمير وترويع للأهالي وسلب للأموال على خلفية الفتاوي التي كانت تصدر فيما سبق بأخذ أموال أبناء تهامة مثل الفتوى الدينية التي أصدرها المتوكل على الله إسماعيل والتي أطلق عليها ( إرشاد السامع إلى جواز نهب أموال الشوافع ) والتي استحل بها وبغير التعدي على أموال المواطنين في هذه المنطقة ونهب الممتلكات والأراضي والتعدي على من رفض .. وما يزال أبناء هذه المنطقة يتذكرون كيف عمد مؤسسي هذا المذهب في الماضي على سلب وقتل الناس الرافضين للظلم وكيف تم اقتياد الناس مقيدين بالسلاسل بسبب رفضهم لهذا الظلم..

ويضيف" إن فكر يبرر لمعتنقيه سلب وقتل الناس واستحلال دمائهم وأموالهم ضاربا بالحائط بكل قيم الإنسانية ومقومات الشراكة والمواطنة لا يمكن أن يقبله عاقل وحر..

ويعتبر وهان أن ما يفعله الحوثي اليوم من تصرفات وأعمال يشاهدها كل أبناء اليمن هو تكرار لما فعله أجداده في تهامة وفي العديد من بقاع اليمن فتفجير دور العلم وتدمير المدارس وتهجير الناس هو صورة تعكس حقيقة هذا الفكر القائم على العنف والمتشبع بالكراهية..

مؤكداً أن محاولة تمرير هذا الفكر في تهامة عبر شراء البعض بالأموال أو إرهابهم بالسلاح عبر شخصيات محسوبة على المشائخ قد يؤدي إلى تهشم النسيج الاجتماعي إن حصل.. لكن العقود التي مضت من عمر الثورة قد أكسبت الناس خاصة في تهامة ثقافة لا يمكن أن تقبل بالعودة الى ثقافة السيد والعبد أو فرض الإتاوات والجبايات لصالح أشخاص معدودين.

وقال: ان الحديدة عاشت طوال الفترة الماضية في إطار ثقافة المدنية والسلمية وعمل أبناء تهامة على إذكاء ثقافة التلاحم متناسين الفوارق الطبقية الموجودة لدى جماعة الحوثي اليوم واليوم والتي تقول على أساس ثقافة السيد والعبد .. هذه الثقافة غير موجودة لدينا في تهامة..

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد