الاقتصاد كعامل محوري للإنقاذ, يترتب عليه الكثير من النتائج المُرضية للمجتمع بما يساهم في دفعه موفقة و حافز للاستقرار السياسي, والعكس صحيح من توافر مناخات سياسة آمنه يوفر ثبات اقتصادي متكامل, العلاقة الطردية والنفعية المتبادلة توأمان لا يمكن أن ينفصلا بأي حال من الأحوال..

أولويات المرحلة الاقتصادية المتزامنة مع الثبات الأمني في بلد يعيش اكثر من نصف سكانه تحت خط الفقر و متوسط معدل دخل أفراده بأقل من دولارين في اليوم , مع انهيار اقتصادي رافق الانهيار السياسي للدولة أدى إلى الانهيار العام, نتيجة حتمية لفساد الدولة , يجب النظر اليه بجدية تامة في المرحلة القادمة و وضعه في رأس الأولويات الملحة لكونه بحاجة لثورة اقتصادية كبرى تتناغم مع الثورة الصناعية وعصر النهضة لإبراهام لنكولن.

وحسب منظمة الشفافية الدولية (مؤشر الفساد)تتصدر اليمن قائمة الدول الأكثر فساداً..

فكما أثبتت الدراسات والإحصائيات الكارثية الأخيرة عن تزايد معدلات حالات الفقر والبطالة وخطر المجاعة الزاحفة نحو اليمن , وفي شهر مارس الماضي أصدر برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة تقريرا مطولاً ذكر فيه أن نسبة انعدام الأمن الغذائي في اليمن تضاعفت منذ عام 2009 , فهناك اليوم خمسة مليون مواطن يمني يعانون من المجاعة التي تؤثر على صحتهم على المدى البعيد , وتطرقت الدراسة إلى وضعية الأطفال في محافظة الحديدة مثلاً وذكرت أن ثلث أطفال المحافظة يعانون من سوء تغذية حاد مهددون بتوقف النمو وضعف الإدراك , ويمثل المعدل 30% ضعف المؤشر المستخدم لقياس حجم الأزمة من قبل الأمم المتحدة , حسب ما ذكرته ليديا تينكا، الخبيرة في معالجة عدة أزمات أفريقية، و التي تعمل لدى منظمة أوكسفام الخيرية البريطانية في الحديدة.

الدراسات والأرقام تعتبر مؤشراً هاماً وخطيراً لمدى التأثير والتزاحم الالقائي في عملية تفجير بؤر ثورية مجتمعة و ’’ ثورة جياع ’’ التي كتب لها النصر أخيرا, تحاصر إقطاعيات الدولة و تقتلع رؤوس الأموال وتبعثر العملية السياسية وموازين القوى وتفرض واقعا سياسيا جديدا , وتعيد هيكلة رؤى وتصورات وطنية جديدة ..

مستوحاة من المعاناة الدائمة والجوع وارتفاع غلاء الأسعار والبطالة التي وصلت نسبتها مؤخرا إلى اكثر من50% , انتشار المجاعة في اليمن متزامنا ومتوازيا مع انتشار الفقر 75%وازدياد معدلات البطالة , التي تزيد من تفاقم المشكلة ومضاعفاتها على الواقع اليمني , في ظل تردي الأوضاع السياسية والأمنية وانتشار الفساد وعدم توفر الخدمات الأساسية من كهرباء وماء وخدمات صحية و تأمين غذائي.

فكما تم تأكيده سلفا حسب إحدى الدراسات أن 2% من اليمنيين يملكون 80% من دخل البلاد , تقودنا المجاعة المتفشية في اليمن وبشدة إلى الثورة اليمنية – حديثة العهد والنصر –مماثلة للثورة الفرنسية التي قامت عام 1789 بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي تسبب فيها الملك لويس السادس عشر ,و أدّت إلى انتفاضة شعبية كبرى ضد الحكم الملكي وكانت نهاية النظام الملكي في فرنسا , وحينها حاول لويس السادس عشر الفرار من فرنسا برفقة زوجته ماري انطوانيت، ولكن أُلقي القبض عليهما وتم إعدامهما عبر المقصلة في باريس, ولعل أحداث الفيلم الدرامي الشهير ’’ لاشين’’ الذي تنبأ بثورة 23 يوليو 1952قبل قيامها بأربعة عشرا عاما وتدور أحداثه عن ’’لاشين’’ قائد الجيش الحكيم الناصح للحاكم الضعيف عن عبث وفساد رئيس الوزراء الظالم و استغلال المجاعة للاستيلاء على السلطة ومع تجاهل الملك ثار الشعب ضد نظام الحكم فسقط كليا لتعم العدالة والرخاء في عموم البلاد.

اليمن ليست ببعيدة عن باكورة تلك الدول وأمثال البرازيل وماليزيا وتركيا خاصة مع توافر عوامل النهضة والبناء, ومع وجود الثروات النفطية المعدنية و الزراعية والموقع الاستراتيجي بحاجة لتوجيه في عملية البناء الاقتصادي بعيد المدى واستيعاب القوة العاملة والحد من البطالة, وأحداث ثورة صناعية تجعل من المجتمع منتجا لا مستهلكا, تستند على’’ بناء الإنسان’’ و تستمد مسيرتها عبر عجلة التنمية المستدامة، وتوفر الأمن الاقتصادي والاجتماعي كركائز أساسية للأمن الشامل... المصدر التغيير نت.