اليمن.. مصالح ونفوذ تعرقل الانتقال السياسي

2015-03-11 16:48:29 تقرير/ خاص

لا تزال عملية الانتقال السياسي معطلة إلى حد بعيد بسبب ضعف سيادة القانون، وانتشار عدم احترام حقوق الإنسان، وعدم وجود مساءلة عن انتهاكات حقوق الإنسان في الماضي والحاضر.

ما سبق ذكره تقرير فريق أممي أكد أن إنشاء آلية للعدالة الانتقالية على النحو المتوخى في نتائج مؤتمر الحوار الوطني قد باء بالفشل بسبب المقاومة الفعلية التي يبديها أعضاء سابقون في النظام السابق وفي النظام الحالي ممن لا يجدون، لأسباب شخصية، مصلحة لهم في قول الحقيقة وفي إقامة العدالة.


وقال التقرير إن التهديدات وانتهاكات الحق في الحياة مازالت الوسيلة المستخدمة حاليا لتحقيق أهداف سياسية. وبحسب تقرير فريق الخبراء المعني باليمن المقدم إلى رئيس مجلس الأمن والمنشأ عملا بقرار مجلي الأمن 2140 (2014). كان من شأن اندلاع حوادث العنف المسلح الجديدة في شمال البلد، في آذار/ مارس 2014، التي زحفت بسرعة نحو صنعاء، وما زال يزعزع استقرار المحافظات الوسطى والجنوبية، أن أضاف إلى سجل انتهاكات الأطراف الضالعة فيه للقانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان.

ويشير التقرير المؤرخ بـ 20 شباط/ فبراير 2015 إلى أنه نظراً لشدة العنف المسلح ولمستوى تنظيم الجماعات المسلحة المتورطة فيه وللمدة الزمنية التي استغرقها هذا العنف، فقد بلغت هذه الحوادث حد النزاعات الداخلية المسلحة وفقا للتعريف الدولي.

وقد طلب مجلس الأمن في القرار 2140 (2014) من الفريق أن يقدم معلومات عن الأفراد والكيانات الذين يستوفون معايير الإدراج في القائمة، ومنها انتهاكات القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان.

إلزامية البروتوكولات

وقد صادق اليمن على اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 والبروتوكولين الإضافيين الملحقين بها, وعلى القوانين الإنسانية الدولية الرئيسية الأخرى. ولا يتوقف سريان قانون حقوق الإنسان في أوقات النزاع المسلح.

كما صدق اليمن على سبعة صكوك دولية أساسية لحقوق الإنسان..

 وأخيرا، فعلى الرغم من أن مؤتمر الحوار الوطني قد توخت التصديق على النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، فإن البلد لم يصدق عليه بعد.

وفي النزاعات الداخلية المسلحة، تنطبق على الأطراف جميع الحقوق والواجبات الدنيا المنصوص عليها في المادة 3 المشتركة في اتفاقيات جنيف.

علاوة على ذلك، تنطبق في هذا السياق القواعد العرفية للقانون الإنساني الدولي، ويتعين مراعاتها من جانب جميع الأطراف، بما فيها الجهات الفاعلة المسلحة من غير الدول.

وبالنظر أيضاً إلى مستوى تنظيم قوات الحوثيين، والمدى الذي وصلت إليه في سيطرتها على الأراضي بعد استيلائها على عمران في تموز/يوليه 2014، فقد وصلت الأمور إلى عتبة تطبيق البروتوكول الثاني لاتفاقيات جنيف في ضوء النزاع المسلح الجاري بين قوات الحوثيين والجيش اليمني.

قدرة التنفيذ

وعن البيئة التشريعية والتنظيمية المالية يقول التقرير: لما كان اليمن هو الجهة الرئيسية المعنية بتنفيذ التدابير الجزائية بموجب القرار 2140 (2014)، فقد أجريت بحوث في البيئة التشريعية والتنظيمية المالية لليمن، وفي قدرته على تنفيذ أي تدابير لتجميد الأصول.

ويتألف القطاع المالي في اليمن من قطاع الأعمال المصرفية، ومن أنشطة التحويلات المالية وأنشطة التأمين. ولا يوجد في اليمن سوق للأوراق المالية؛ إنما يتولى البنك المركزي اليمني إدارة سندات الخزانة بتوليه إدارة الدين العام والإقراض.

ويشرف مصرف اليمن المركزي على قطاع الأعمال المصرفية، ووفقا لآخر استعراض أجرته فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في عام 2008، كان هناك 16 مصرفاً و 200 فرعٍ لها في أنحاء البلد، بما في ذلك أربعة مصارف إسلامية، ومصرفان متخصصان، بدأ أحدهما مؤخراً بتوسيع نطاق خدماته ليصبح بمثابة مصرف عالمي، و 10 مصارف (تجارية) تقليدية: ستة منها محلية وأربعة منها فروع لمصارف أجنبية.

ويوجد في الوقت الراهن أيضا 551 صيرفيا وشركات لصرف العملات يعملون رسميا في اليمن. ومن هؤلاء هناك 38 شركة لصرف العملات لها 299 فرعاً موجودة في جميع أنحاء المحافظات اليمنية، و 513 شركة لصرف العملات يديرها أفراد.

وتخضع كلها لرقابة المصرف المركزي. ويحوز بعض الصيارفة تراخيص تسمح لهم بشراء وبيع العملات الأجنبية وأيضاً بممارسة أنشطة ”الحوالة“، حتى لو لم يحصلوا على تراخيص بذلك من المصرف المركزي.

وينص قرار محافظ المصرف المركزي رقم 1 لعام 2011 على إصدار أذون بممارسة معاملات الحوالات الأجنبية، وعلى أن يتم، بناء على ذلك، تنظيم هذا النشاط. ويسمح القرار ذاته لأفراد الصيارفة بالاضطلاع بأنشطة ”الحوالة“ إذا كانت لديهم عقود تخولهم العمل بمثابة وكلاء للمصارف أو لشركات الصرافة.

ومن أجل تيسير أعمال الصيارفة، وإغلاق شركات الصرافة التي تجاوزها الزمن، وتشجيع استخدام القنوات الرسمية، اعتمد المصرف المركزي نهجا مرنا يجعل الإجراءات المتصلة بالحصول على تراخيص تحويل الأموال وتجنب الممارسات المعقدة والمكلفة أسهل مما كانت عليه سابقا.

تحديات مالية

ويؤكد التقرير أن الاستفادة على نطاق واسع من خدمات الصيارفة، الرسميين منهم وغير الرسميين، تشكل تحدياً للسلطات في ما يتعلق بالتحقيقات. ففي المقام الأول، هناك حاجة إلى مجموعة كبيرة بالقدر الكافي من المحققين الماليين المدربين المطلوب أن يكونوا متوافرين لإجراء تحريات في عدد كبير من المواقع التي يوجد بعضها في مناطق تكون فيها الحالة الأمنية صعبة.

وثانياً، تتحمل المكاتب المرسلة والمستقبلة بطبيعة الحال واجب إجراء استفسارات تقتضي العناية الواجبة بشأن الزبائن لتحديد هوياتهم الحقيقية. ولكن ذلك يقتصر في الوقت الراهن على تقديم معلومة تعريفية رسمية واحدة.

ولهذا فإن اقتصاد اليمن يتسم باستخدام واسع النطاق للمعاملات المالية ذات الأساس النقدي، وهذا الاستخدام يؤثر على جدوى التحقيقات المالية، نظراً لوجود عدد قليل جدا من عمليات تعقب الأموال المتاحة لمتابعة حركة النقد أو الأصول الأخرى الموجودة داخل اليمن.

والمعاملات المالية والمصرفية في اليمن محدودة جدا، فقد أُفيد بأن عدد المعاملات التي أُجريت بواسطة النظام المصرفي لا يتجاوز نسبة تتراوح بين 3 و 5 في المائة من مجموع المعاملات.

تعهد سياسي

يقول التقرير: في شباط/فبراير 2010، تعهد اليمن بالتزام سياسي رفيع المستوى يقضي بالعمل مع فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية ومجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من أجل معالجة أوجه القصور الإستراتيجية التي يعاني منها في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وقد أحرز اليمن، منذ ذلك الحين، تقدماً في تحسين نظامه لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

ويضيف" وفي حزيران/يونيه 2014، قررت فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية أن اليمن قد نفذ إلى حد بعيد خطة عمله على المستوى التقني، بطرق منها تجريمه كما ينبغي كلا من غسل الأموال وتمويل الإرهاب؛ واتخاذه إجراءات لتحديد أصول الإرهابيين وتجميدها".

وجدير بالذكر أن البند 15 من نتائج (مخرجات) الحوار التي توصل إليها الفريق العامل الحكومي الانتقالي لمؤتمر الحوار الوطني ينص على ما يلي: ”تلتزم الدولة باستعادة أصول جميع الأموال والأراضي العامة والخاصة المنهوبة داخل البلد وخارجه نتيجة إساءة استعمال السلطة أو استغلالها، والسرقة أو الاحتيال أو أية وسيلة أخرى غير مشروعة لضمان حق الضحايا والمجتمع من خلال مساءلة اللصوص إدارياً وقضائياً وفق المعايير الوطنية والدولية، وعلى نحو يكفل سن قوانين تمنع التصرف غير القانوني بالممتلكات والأراضي والأموال“.

قوانين معطلة

علاوة على ذلك، يعتبر التقرير إن قانون الإقرار بالذمة المالية، رقم 30 لعام 2006 هو جزء من تشريع يلزم جميع الموظفين العموميين بأن يقدموا للهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد، في بيانات خطية نظامية، إقرارا بممتلكاتهم وبما إذا كانت هذه الممتلكات نقدا أو عينا.

وتنص المادة (14) من القانون على أن تظل جميع الإقرارات المقدمة من أشخاص يسري عليهم القانون في سرية مطلقة، ويحظر تعميمها أو إتاحتها للقراء إلا عندما يسمح القانون بذلك.

ويقول: إذا كان هناك شرط يقضي بإمكانية إتاحة هذه الإقرارات للجمهور في ظروف معينة، فمن شأن ذلك أن يجعل الإجراءات التي يتخذها جميع المسؤولين العموميين شفافة وتكون بمثابة عوامل مثبطة للإثراء الشخصي غير المشروع.

وقد وضعت وزارة الشؤون القانونية مشروع قانون بشأن استرداد الأصول لليمن، وقد شهد هذا المشروع فترة من المشاورات العامة. ورغم وجود آمال بالتوصل إلى اتفاق بشأن المشروع وإقراره في شكل تشريع محلي في أوائل صيف عام 2014، فقد توقفت الإجراءات المتعلقة به في البرلمان نظرا لعدم كفاية الأصوات المؤيدة لسنّه.

إلا أن هذا الأمر- وفق التقرير- ما زال يؤجج المشاعر إلى حد بعيد، وما زال هناك رأي عام واسع النطاق في اليمن يطالب بإصدار هذا القانون. ويعمل عدد من المنظمات غير الحكومية داخل اليمن من أجل استرداد تلك الأموال بالعمل في إطار اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.

مهددو السلام

ويورد التقرير عدد من الأفراد أو الكيانات المتورطة في أعمال تهدد السلام أو الأمن أو الاستقرار في اليمن أو التي تقدم الدعم لتلك الأعمال. ويقول أنه خلال الفترة المشمولة بالتقرير، تورط عدد من الأفراد والكيانات في أعمال تهدد السلام أو الأمن أو الاستقرار في اليمن أو قدموا الدعم لتلك الأعمال.

ويفيد أن من تلك الأعمال القيام بمناورات سياسية تشتمل على أفعال مزعزعة للاستقرار، ووضع عوائق تعترض عملية الانتقال السياسي، وتحول أيضا دون تنفيذ نتائج مؤتمر الحوار الوطني، والقيام بأعمال عنف شملت اختطاف أجانب لطلب فدية، والقيام باغتيالات لدوافع سياسية، وتفجيرات لأجهزة مرتجلة في مناطق عديدة من البلد، وكذلك تخريب أنابيب النفط وشبكات الكهرباء.

مؤكداً أن السلام والأمن والاستقرار في البلد يتعرض لمزيد من المخاطر بسبب النزاعات القبلية المستمرة، وتحولات التحالفات القبلية التي نتج عنها اقتتال متواصل في محافظة الجوف، وبسبب استيلاء الحوثيين على عمران وصنعاء، وتوسعهم المستمر إلى محافظة الحديدة غربا، ومحافظتي مأرب، وحضرموت شرقا، ومحافظات البيضاء، وإب، وتعز جنوبا.

وأن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية يستغل الوضع السائد لتشجيع الانقسام الطائفي الشيعي- السني (أو الزيدي - الشافعي). ونجح التنظيم في إقامة تحالفات طائفية مع أفراد القبائل المعادية للحوثيين في وسط وجنوب اليمن، وقاموا بمهاجمة المركبات والمرافق العسكرية.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد