أحمد مساعد حسين، كان في شبابه مشروعاً للتغيير الثوري كغيره من جيل الثورة في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.
وحينما راح ذلك التغيير يأخذ مداه في الانتقال من الثورة إلى الدولة، مرورا بما عُرف يومها بمرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية، كان لا بد من الاحتفاظ بقدر من العلاقة المتبادلة التأثير بين أدوات كل من الثورة والدولة لضمان نجاح تلك العملية المعقدة، والتي كانت تتم في ظروف اتسمت ببطء تطور قوى الإنتاج.
أخذت الدولة تجسد "الوطني" في مساحة أوسع في الفعل الثوري، حتى بدأ أن الثورة أخذت تنجز مهامها الوطنية، ولكن بتحديات كبيرة وتضحيات جسيمة.
كان العامل الموضوعي، المتمثل في بطء تطور قوى الإنتاج وتخلفها عن الطموح الكبير في تغيير علاقات الإنتاج، قد حول المعركة مع الواقع المعقد إلى مسارات أربكت كل المشاريع التي جسدها الكثير من مناضلي ذلك الزمن، وكان أن توقف الزمن بالجميع مثقلين بفرز روافع الانتقال، ولم يتم التعاطي مع كل من الموضوعي والذاتي على النحو الذي قدمته النظرية يومها، وبالصورة التي تحتمها الضرورة الموضوعية للانتقال على قاعدة المعرفة بطبيعة الواقع الاجتماعي شديد التعقيد، والذي طالما انعكس بصورة مباشرة على الخارطة السياسية ليعاد تشكيلها بصورة ظلت تنتج المزيد من الفجوات والخلافات وعدم الثقة، والحسم، من ثم، بأدوات سياسية ملغومة وأحياناً بأدوات غير سياسية.
تجربة رائدة وخلاصتها مرة.. والأمَرّ أن تُحكى على غير ما يجب استخلاصه من عبر، تجربة غنية يجب أن تحكى دون انفعال ودون إهمال للجانب الموضوعي فيها حتى لا يُجر التاريخ إلى نفس المتاهة التي انتهت إليها التجربة حينما تغلب العقل المنفعل على العقل الفاعل، بتعبير الفارابي.
رحم الله أحمد مساعد حسين، وخالص تعازينا لأولاده وأسرته.
إنا لله وإنا إليه راجعون.