مشرفو الحوثي في المحافظات..

سلطة المليشيا بشرعية القوة

2015-03-16 09:36:52 تقرير/ خاص

بمجرد سيطرة جماعة الحوثي على محافظة بعينها, حتى تفرض عليها سلطة الأمر الواقع -متجاوزة كل السلطات الشرعية القائمة في المحافظة- لتغدو كل الصلاحيات بيدها، ويصبح ما يسمى "مشرف المحافظة" بديلاً عن محافظ المحافظة ودونه من السلطات.

مشرف المحافظة هو المسؤول الأول فيها، ويمتلك صلاحيات واسعة يمارسها كما يحلو له ولجماعته دون اعتراض من أحد، ويتحول محافظ المحافظة أداة بيد المشرف إذا ما سمح له بالبقاء أصلاً وإلا عيّن بديلاً عنه "كما هو الحال في عمران والحديد" مقرباً يطيع وينفذ.


مشرفو الحوثي يحلّون محل السلطة المحلية, حيث أنهم يحددون مهام وصلاحيات جديدة وغريبة ما أنزل الله بها من سلطان، بل ويقومون بدور الأجهزة الرقابية والتشريعية والتنفيذية والقضائية والدينية، ولا يستطع المحافظ أن يفعل شيئا دون موافقة المشرف الحوثي، وإذا ما حدث وتجاوزهم فسرعان ما يتم اقتحام المحافظة وطرد المحافظ وتغييره بكل سهولة ويسر ولا يعجزون بعد ذلك عن خلق شرعية وهمية بغطاء ما يدعون بالشرعية الثورية.

استباحة

 تصبح المحافظة في قبضة المشرفين ويستبيحون كل مؤسساتها فيقتحمون المباني والمكاتب التنفيذية والهيئات والمؤسسات والشركات الاستثمارية العاملة والجامعات والمدارس والمساجد ويقومون بإعادة قولبة وهيكلة المؤسسات حسب هواهم، وتمكين المقربين لهم، ويمارسون قبضة أمنية شديدة يستنزفون معها موارد المحافظة في توظيف كوادرهم وتوفير نفقات ما تسمى باللجان الشعبية مما يتيح لهم إخضاع المحافظة للقبضة الأمنية وإسكات أي أصوات ترتفع ضدهم، ويعمدون إلى خلق التهم لمعارضيهم كما حدث للصحفي/ سام الغباري في ذمار, رغم أمر النيابة الإفراج عنه بكفالة أبطله مشرف الحوثيين في المحافظة.

وبالنسبة للمحافظات- التي لا تخضع لهم ولم تدخلها لجانهم الشعبية- فإن صلاحيات المشرف تكون محدودة جداً ويتم إشراكهم في القرار السياسي وتنحصر صلاحيات المشرف بين أتباعه ومناصريه وتتصف بالتربوية السياسية.

معايير الاختيار

يحتفظ عبدالملك الحوثي وحده بحق تعيين المشرفين باعتبارهم ممثلين له شخصياً ويمنحهم بذلك كافة الصلاحيات المباركة، ولذلك لا يستطيع أي شخص الوصول لهذه المرتبة إلا إذا امتلك مؤهلات خاصة ومعايير أساسية.. فلابد أن يكون معروفاً لدى السيد ويفضل أن يكون من أقربائه والمقربين له كمعيار أولي ثم يأتي بعده معيار الدور القتالي في الجبهات في الحروب الكثيرة التي خاضتها الجماعة مع الدولة والقبائل، وبقدر عدد الجبهات والبلاء فيها تكون المشرف ومرتبته، ليأتي معيار المخزون التربوي والعقدي وإلمامه بملازم "السيد" ويكون الأولوية لمن سافروا إلى إيران. 

ويعتبر المشرف محصناً لا يمكن المساس به ويستحال تغييره وإن كان بمطالبة من قبل الحوثيين أنفسهم وفي الحافظة نفسها، وهذا ما حدث عندما برزت خلافات بين مشرف ذمار القادم من صعدة وبين الحوثيين من أبناء المحافظة وطالبوا بتغييره فلم يلتفت لمطلبهم واستدعى الأمر للذهاب إلى صعدة ومقابلة السيد وطرح الأمر عليه ليرد بالرفض ويوبخهم بقوله "إن الأولوية لمن خاضوا المعارك القتالية وبذلوا الغالي والنفيس وتشاطروا الأفراح والأحزان، وليست الأولوية في التمكين لمن كانوا يسكنوا الطيرمانات ".

سلطات مطلقة 

رغم صعوبة الحصول على المعلومات الكافية حول مشرفي الحوثي في المحافظات نتيجة التكتم الشديد إلا أننا حصلنا على عدد من الأسماء التي تنتمي في معظمها إلى محافظة صعدة وما جاورها وبعضهم أقرباء لزعيم الجماعة ومنهم أخوه عبدالخالق الحوثي- مشرف أمانة العاصمة- والذي تم تعيينه قبل إسقاط صنعاء.

وكذلك مشرف محافظة الحديدة/ نايف أبو خرفشة- ابن أخت عبدالملك الحوثي- بالإضافة إلى مشرف المحويت فاضل الشرفي الذي قيل إنه خال لعبد الملك الحوثي ومشرف محافظة إب (ابو محمد) عبدالغني الطاووس المتزوج أخت عبدالملك الحوثي ومشرف محافظة الجوف أبو احمد العزي الذي ينحدر من أسرة بيت العزي المقربة من الجماعة والتي منها حسين العزي- مسؤول العلاقات الخارجية في جماعة الحوثي وجميعهم من محافظة صعدة.

حقائق

أما بقية المحافظات فقد تم تعيين مشرفين لها من الأسر الهاشمية أو من محافظة صعدة سواء انتماء أو سكناً، حيث تم تعيين ( ابو أحمد ) مشرف محافظة البيضاء وهو من أبناء صعدة و(أبو عادل) عبدالمحسن المروني مشرفاً لمحافظة ذمار- سجين سابق في الأمن السياسي غادر إلى إيران في منحة دراسية، ضابط في الحرس الجمهوري سابقاً لا نعلم بأي رتبة- ظهرت خلافات شديدة بينه وبين حوثيي ذمار وطالبوا بتغييره بأبي تراب لكن عبدالملك الحوثي رفض، و(ابو أحمد) عبدالغني الطاووس مشرف لمحافظة إب مقرب من عبدالملك الحوثي أصيب بالحرب الرابعة وبترت رجله على إثرها ويمشي برجل صناعية الآن، وأبو يحيى الديلمي مشرفاً لمحافظة ريمة خلفاً لصادق الأهدل الذي تم قتله عندما اقتحم مسلحو الجماعة محافظة ريمة.

كما تم تعيين (ابو يحيى) إبراهيم الحملي مشرفاً لمحافظة حجة ضابط في الحرس الجمهوري قاد معركة مستبأ في كشر العام 2010م عينه المحافظ القيسي مساعداً له لشؤون الأمن، والتربوي منصور اللكمي مشرفاً لمحافظة تعز.

(ابو حمزة ) فهد العزي مشرفاً لمحافظة عمران، الذي عين المحافظ فيصل جمعان بعدما قاد معركة إسقاط عمران والمتزوج ابنة عم فهد العزي, حيث وهم ينحدرون من قرية واحدة، لكن الأخير مهدد بتغييره بـ (ابو علامة) فؤاد العزي أخو فهد العزي وأول من تم تعيينه مشرفاً كان (ابو مالك ) يوسف الفيشي. ومن خلال استعراض هذه الأسماء يتضح اعتماد (الكنية ) بدلاً من الاسم الحقيقي، وهذه طبيعة التنظيمات السرية أو المليشيات والعصابات.

آثار وتداعيات

ثمة من ينظر إلى طبيعة الدور الذي يقوم به مشرفو المحافظات لا يعدو كونه عملية استحواذ لسلطة الدولة واستبدالها بسلطة المليشيات القادمة بقوة السلاح، وهذا من شأنه أن ينسف ما تبقى من بنية الدولة القائمة على أسس وقوانين تم إعدادها بطريقة نمثل ابنا الشعب اليمني وبرلمانه المنتخب وسلطاته المحلية المنتخبة أيضاً.

وبالتالي إدخال المحافظات قسراً تحت سلطة المليشيات ينمّ عن رغبة استبدادية وأحادية من طرف واحد يسعى لابتلاع وإخضاع الجميع لسلطته، والاستفراد بالمشهد الإداري بل وإعادة رسم الخارطة السياسية والمجتمعية بما يتوافق وأهدافهم ومصالحهم الخاصة وأجنداتهم الفئوية الضيقة، ما ينذر بمزيد من الاضطراب السياسي والاختلال الأمني والتدهور الاقتصادي.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد