مواطنون ومختصون: المماحكات السياسية يجب ألا تكون على حساب الاستقرار المعيشي للمواطنين

2010-04-26 03:59:43

تحقيق


د. الظاهري: الانتخابات تحولت إلى
آلية للتحايل السياسي والممارسون للسياسة مخادعون والضحية المواطن *هناك علاقة
وثيقة بين الحياة الكريمة للمواطن والاستقرار السياسي في البلد وكلاهما يتأثر
بالآخرالإنسان
وسط المتغيرات التي تموج بها الحياة السياسية في اليمن في الآونة
الأخيرة. .
والتي تزداد سخونة كلما اقتربت الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها
العام القادم ومن بعدها الانتخابات الرئاسية. .
إلا أن أغلب المواطنين على الجانب
الآخر شغلتهم "لقمة العيش" والبحث عن حلول عملية لمشاكلهم اليومية والحصول على
خدمات أفضل علي أرض الواقع من "الكلام في السياسة" وهو ما تمارسه "النخبة" مؤخراً
ويراه البسطاء مجرد "رفاهية" لا صلة لها بحالهم ومعاناتهم.

وبينما ربط
البعض بين تلبية الحكومة لمطالب الناس في إيجاد فرص عمل إضافية للشباب الخريجين
وتوفير ثمن الخبز والارتقاء بالمرافق العامة والخدمات الصحية والتعليمية وغيرها
وبين المشاركة الإيجابية للمواطنين في الناحية السياسية لإحداث تغيير فعلي يكفل
تحسين مستوي المعيشة.
أكد البعض الآخر أن الاستقرار أهم ما تحتاجه اليمن في
الفترة المقبلة خوفاً من "المجهول" في ظل تغير الخريطة السياسية على المستوي
الإقليمي والعالمي مشددين علي ضرورة نزول المسئولين إلى الشارع ورصد مشاكله عن
قرب.
في البداية أوضح محمد أحمد علي - صاحب بوفية- أنه لا يحب الحديث في السياسة
ولا يهمه سوى ضمان حياة كريمة ومستقبل أفضل لأبنائه ورعايتهم في الدراسة حتي يحصلوا
علي أعلي الشهادات التي لم يتحصل عليها هو.
بينما يرى عبدالواحد غالب مرشد -
معلم - أن المواطن هو الرهان الذي يحاول الجميع أن يكسبه إلي صفه وبالتالي ففرصة
حصوله علي حقوقه ترتبط بالأمور السياسية وتحقيق مستوى معيشي متميز له يتوقف علي مدى
الوعي السياسي لديه.
وهو ما يؤيده وليد حمود سعيد - عامل - والذي يرى أن الناس
لم يعد يهمهم من سيتولى الحكم أو من سيتم إنتخابه للبرلمان القادم بقدر ما أصبحوا
يفكرون في لقمة العيش وتوابعها التي صار الحصول عليها أمراً شاقا خصوصا لدى من
لديهم عائلات وأسر تتكون من أفراد كثيرين،.
أما محمد محمد فرحان - معلم- فيؤكد
أن معظم المواطنين الآن وإن تحدثوا في السياسة لكنهم لا يمارسونها فالفضائيات
والصحافة صنعت طفرة كبيرة في حياة المواطن من حيث الوعي السياسي لكن تبقي اهتماماته
بلقمة العيش وضمان مستقبل الأبناء هي الشغل الشاغل له. .
فالغلاء يعانيه أغلب
الناس ورغيف الخبز لا يجدونه واسطوانات الغاز أزمة متكررة والطرق كل يوم تزداد
تدهوراً ،والصرف الصحي وأسعار الكهرباء والمواصلات كلها أمور يحسب لها ألف
حساب.
أما السياسة فهي- للأسف- كلام لا تتم ترجمته على أرض الواقع الذي يعكس
عادة عدم اهتمام الكثيرين بممارسة حقوقهم الانتخابية.
يتفق معه عبدالعزيز
المخلافي - عاطل عن العمل - حيث يرى أن مناخ الحرية والديمقراطية التي يعيشها
اليمنيون لا تعدو كونها حبراً على ورق ومن باب كسب الحصول على مزيد من العد الخارجي
، أما الأوضاع الإقتصادية والمعيشية لدى غالبية الناس فإنها تشهد تدهورا يوما إثر
يوم وباتت الأمور تنذر بمستقبل سيء للغاية، فالغلاء يزداد توحشا والعملة تزداد
تدهورا وأنحدارا والبطالة في إزدياد والمعاناة أصبحت تطال قطاعات عريضة من أبناء
الشعب اليمني فعن أي سياسية يتحدث البعض في ظل جدل لامتناهي بين الأحزاب السياسية
التي فقدت المصداقية ولم يعد يثق فيها أحد طالما وقد انكشف للجميع أهدافها وأن
مصالحا فوق كل إعتبار وأنها تغرد خارج السرب وخصوصا الحزب الحاكم الذي أصبح يستمتع
بمعاناة الجماهير ويطرب لتلك المعاناة بل إنه يتحفهم بمزيد من الجرع التي تحولت من
وسيلة إلى غاية لدى هذا الحزب وحكوماته المتعاقبة.
أزمات بدون داع!! ويؤكد
عبدالرحيم الشريحي أن الأولى من الاكتفاء بالكلام أن يعمل كل واحد منا من أجل اليمن
فقط.
هو ما نفتقده في الواقع.
للأسف فالكل يتحدث عن السياسة ومصلحة البلد
ويتعنت لوجهة نظره بينما الواقع يتطلب الاستقرار وهو لسان حال الناس.
مشيراً إلي
أن هناك أزمات بدون داع فالغلاء لم تصنعه الحكومة فحسب بل صنعه الناس.
ويبقي
توفير لقمة العيش للبسطاء والاستقرار والخدمات الجيدة هي الأولى في المرحلة
الراهنة.
فيؤكد على ضرورة المشاركة الايجابية من جانب المواطنين في الإنتخابات
القادمة لاختيار من يمثلونهم تحت قبة البرلمان وبالتالي يمكن الحصول على كافة
الحقوق والخدمات التي يحتاجها الناس بالاضافة إلي تعديل وتشريع القوانين وفقاً
للصالح العام.
- إنها تفضل أن تحصل على خدمات تفيدها دون التدخل في أي شئون
سياسية.
فالمشاكل التي يعاني منها المواطن من إنعدام الغاز وإرتفاع الإيجارات
ومشاكل والصرف الصحي وغيرها هي أبرز ما يشغل اهتمامه في المرحلة الراهنة.
علي
الجانب الآخر يوضح الدكتور/ محمد الظاهري أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء - أن
المواطن في أي مجتمع يبحث عن خدمات حقيقية تقدمها له الحكومة التي يجب عليها أن
تبذل كل ما في وسعها لتوفير وتحسين مستوي الخدمات المختلفة، حيث أننا لو نظرنا
لوجدنا أن أغلب هذه الخدمات متردية ومنعدمة.
وأضاف: يجب أن نعترف أيضاً أن هناك
مشكلات تتطلب الإسراع في التصدي لها مثل تدهور العملة ، إرتفاع الأسعار ، إنعدام
بعض السلع الأساسية بشكل مفاجئ وغيرها.
وقال الظاهري :إننا عندما نعرف العلوم
السياسية بمعناها الشامل والعام نجد أنه علم هندسة المجتمع وهو العلم الذي يهتم
بالشأن العام بدءاً من رغيف الخبز وحتى رئاسة الدولة، ويرفض الظاهري اقتصار السياسة
بعلمها الشامل وتفرعاتها على المفهوم الضيق والمختزل لكنه يؤكد أن الحرمان
الاقتصادي يؤثر على الأوضاع بشكل عام ويؤدي إلى عدم الاستقرار السياسي.
وعليه
فلا تناقض بين الاهتمام بالسياسة والحوار بين فرقاء العمل السياسي الذي يؤدي إلى
تحقيق الاستقرار السياسي وإن كان الحوار - بحسب الظاهري ليس هدفاً لذاته وإنما هو
وسيلة لتحقيق العزة والكرامة للمجتمع اليمني.
وأضاف الظاهري : إن السياسة
والحوار السياسي والإئتلافات السياسية هي في النهاية توفر للمواطن اليمني الحياة
الشريفة والكريمة وبدءاً من رغيف الخبز والخدمات الصحية وغيره وكل هذا داخل ضمن
اهتمام العلوم السياسية بل من صميم من اهتماماتها.
وبحسب الظاهري - فإنه ليس
هناك تعارض أن يهتم الإنسان بلقمة عيشه وأن يمارس السياسة كون المشاركة السياسية
للمواطنين تؤدي في النهاية إلى أن يعيش هؤلاء المواطنون حياة خالية من الفقر
والعوز.
ومتى ما افتقد المواطن اليمني حياة العزة والكرامة أصبح من الواجب على
فرقاء العمل السياسي أن يتحاوروا لكي يوفروا للمواطن الرفاه الاقتصادي والعيش
الكريم وما يتطلبه من الاحتياجات الأساسية والضرورية.
السياسة واختيار
النواب.
وحول عدم الجدوى من ممارسة المواطن العادي للسياسة التي تقوده إلى أن
يحسن اختيار من يمثله في البرلمان يوضح الدكتور الظاهري أن الانتخابات في اليمن لم
تعد آلية ذات فعالية للمشاركة السياسية كي يشارك اليمنيون في صنع القرار السياسي،
بل تحولت الانتخابات إلى آلية للتحايل السياسي، ولذا يؤكد الظاهري أن علم السياسة
جاء مهتما بالإنسان منذ مولده حتى وفاته وعليه فالإشكالية هنا ليست في السياسة
وإنما في الممارسين لها الذين أصبحوا يعلنون عن مبادئ ديمقراطية والاعتراف بالآخر
وغيرها من المبادئ التي تؤكد عليها العلوم السياسية لكنهم لا يمارسون ذلك فعلاً على
أرض الواقع بل هناك تحايلاً سياسياً يمارس على العقل السياسي اليمني الأمر الذي بات
معه العقل السياسي اليمني مشبعاً بالديمقراطية في خطاباته وشعاراته وفي الوقت ذاته
استبدادي وغير ديمقراطي في الممارسة والحركة والفعل وهنا تصبح السياسة مظلومة ويجب
ألا تحمل أخطاء السياسيين للسياسة وإنما يدل ذلك على قصور لدى هؤلاء السياسيين
الذين باتوا غير قادرين على أن يؤطروا خلافاتهم سياسياً فيلجئون إلى العنف وأشار
الظاهري إلى أن الممارسين للسياسة في اليمن مخادعون وليسوا أوفياء لبرامجهم
السياسية مع أن من وظائف علم السياسة تحقيق العيش الكريم والتوزيع العادل للثروة
وموارد الدولة على كل اليمنيين واليمنيات.
واعتبر الظاهري تحميل السياسة أخطاء
السياسيين وممارساتهم أمر يدل على أن هناك فهماً مغلوطاً أو خاطئاً للسياسة
وللتحليل السياسي.
وتحدث الظاهري عن إشكالية أخرى تتعلق بهذا الأمر وهي التحام
السياسي بالاقتصادي والاجتماعي، وبات السياسي يطغى على كافة المجالات
الأخرى.
وثمة إشكالية أخرى يشير إليها الظاهري ألا وهي التعالي من قبل فرقاء
العمل السياسي على المواطن واحتياجاته الحقيقية فالحزب الحاكم لديه برامج لكنه لم
ينفذها كما أنه يرفع شعارات لكنه لم يطبقها على أرض الواقع وكذلك المعارضة لم تعر
هموم المواطن الاهتمام المطلوب في برامجها ولذا يرى الظاهري أنه وبناء على هذا
التعالي الذي تمارسه النخب السياسية تكون هذه النخب قد اهتمت بالقشور السياسية ورفع
الشعارات دون ا لتركيز على تأدية وظائف الدولة اليمنية التي يجب أن توفر للمواطن
اليمني كافة احتياجاته وأن ينال كافة حقوقه السياسية والاقتصادية والاجتماعية
والثقافية وهذا يؤكد وبما لا يدع مجالاَ للشك أن الممارسين السياسيين غير صادقين
ويمارسون تحايلاً واضحاً.
واختتم الظاهري حديثة ل "أخبار اليوم" بقوله لاشك في
أن هناك تأثير وتأثر بين الاستقرار السياسي والحرمان الاقتصادي فكلما ازدادت معاناة
المواطن اليمني جراء الحرمان الاقتصادي وعدم حصوله على حياة كريمة وشريفة والحصول
على لقمة العيش بصعوبة يقود ذلك إلى عدم الاستقرار السياسي والعكس صحيح وكلما نجحت
الدولة في توفير حياة كريمة للمواطنين خالية من المعاناة والمنغصات قاد ذلك إلى
مزيد من الاستقرار السياسي والرخاء الاقتصادي وبحسب الظاهري فإننا اليوم نعيش حالة
من عدم الاستقرار السياسي، وعليه وما لم يؤدي الحوار السياسي بين فرقاء العمل
السياسي إلى حصول المواطن على حقوقه الاقتصادية والاجتماعية يصبح الحوار عبارة عن
هرطقة لا فائدة منها غير الاستهلاك الإعلامي فقط وهروباً من مواجهة المشاكل
الحقيقية التي يجب على الدولة معالجتها والقيام بوظائفها تجاه المواطن
اليمني.
والحل يكمن في تكامل الصناعات الصغيرة وهو ما اعتمدت عليه دول مثل الصين
والهند موضحاً أن التكامل هنا يعني أنه إذا أقام شاب ما مشروعاً صغيراً فيجب أن
يقام مشروع آخر مكملاً له وليس مثله بالضبط لنقضي على عشوائية الصناعات
الصغيرة.
وطالب بضرورة مراعاة سياسات الحكومة التقليل من مظاهر الطبقية في
المجتمع لتخفيف حدة الاحتقان لدى الفئات الأقل حظاً من الناحية الاقتصادية.
وعن
دور الأحزاب في الشارع السياسي لفت إلى أن الأحزاب لها مطلق الحرية للمشاركة مع
الحكومة والوصول إلى القرارات التي تقدم خدمات حقيقية للمواطن ولا يمنعها عن ذلك
شيء.
وفيما يتعلق بشعور المواطن في الشارع اليمني بأن الخدمات غير جيدة يشدد علي
أنه من حق المواطن الحصول علي خدمات حقيقية في الصحة والتعليم وتوفير السلع
الضرورية وغيرها.
ذلك أن المواطنين البسطاء لا يحصلون على ما يحتاجونه من خدمات
إلا بصعوبة شديدة خصوصاً في مجالات الصحة والتعليم وتوفير فرص العمل مما أفقد
المواطن الثقة في الحكومة التي يتوجه إليها طالباً منها الخدمة التي تتوجب لإنهاء
إجراءاتها كما يري وجود "واسطة" بدونها تتعقد الأمور ويكون "الروتين" هو سيد
الموقف!! ويشدد الظاهري على ضرورة أن تراعي السياسات الحكومية المتطلبات الضرورية
للمواطنين البسطاء لأنهم القاعدة الانتخابية الأساسية. . وبالتالي لا ينبغي أن يشعروا
أن حقهم مهضوم حتى يقبلوا على الانتخابات البرلمانية المقبلة.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد