إذا افترضنا جدلاً بأن لدى اليمن
واليمنيين في الظرف الراهن عملية سياسية متكاملة تجري بشكل طبيعي في ساحة العمل
الوطني لما كان الوضع العام يزداد تدهوراً ملحوظاً وفقاً لهذا النمو السلبي الذي
يعاني منه الوطن لاسيما في الجانبين الاقتصادي والأمني، لذلك فإن ما هو سائد حالياً
في الواقع العملي لا يعدو كونه خارجاً عن إطار العلاقات الطبيعية أو العلاقات
السوية التي تعارفت عليها البشرية لذا لا يوجد عملية سياسية سليمة حتى نقول أنها فشلت
لأن ما هو موجود حاضراً ليس إلا ممارسة عبثية طالما عانى منها العمل السياسي منذ
فترة طويلة أكان ذلك على الصعيد الرسمي أو على الصعيد الحزبي.
غير أن
أخطر ما في تلك الممارسة العبثية في العملية السياسية أنها بدأت تتجه بالبلاد نحو
المزيد من الانفلات وذلك أمر طبيعي مادامت والسياسة تمارس كحالة عبثية خاصة يبن
أطرافها المتمثلين بالحزب الحاكم وأحزاب اللقاء المشترك وهو ما أظهر حالياً حملة من
التداعيات السلبية لذلك العمل السياسي خاصة في ظل حكومة ليست كمصل المشاريع الصغيرة
ولكنها حكومة ضعيفة ليست بحجم الوطن.
خاصة بعد تحولها إلى أداة لتغذية النزاعات
الداخلية وتحويل العملية السياسية إلى حالة من العنف والفوضى وذلك ليس أمراً جديداً
على اليمن التي تعاني منذ 1948م من مأزق العنف السياسي والصراع على السلطة وكم من
دورات دموية ومحطات عنف شهدتها بلادنا طيلة العقود الماضية لذلك فإن المشكلة لا
تتوقف عند ما يسمى بالشخصنة فحسب، ولكن صار ذلك العبث بالعمل السياسي حالة من
الفساد الممنهج وهو ما يعني أن اليمن دخلت مرحلة من الفساد الفردي والفساد الجماعي
وكلاهما يعبران عن أرقى صور الفساد التي لم تقتصر على السلطة بأدائها السلبي وإنما
شملت المعارضة أيضاً مادام كلاهما وجهين لعملة واحدة يكتنفها إما طابور خامس غير
معلن أو ما يعرف بطابور الفتنة الذي يتمدد كخلايا سرطانية في دهاليز السلطة
والمعارضة ولا خلاف بأن ذلك الطابور كان وراء إعاقة اليمن منذ خمسة عقود ويدفع بكل
إمكانياته إلى توسيع نطاق الفتنة، ولم لا؟ وطابور الفتنة يحظى بمظلة إقليمية ودولية
ولا يهمه سلامة العملية السياسية بقد رما يرى في فشلها وتوسيع رقعة الاحتقانات
المتبادلة بين أطراف المنظومة السياسية تكريساً لحالة الإعاقة التي تعاني منها
اليمن وذلك ما كان ليحدث إلا تلبية لقوى خارجية تتربص بشعبنا اليمني وتعيق أي بوادر
لتقدمه الاجتماعي ونهضته الاجتماعية.
وينبغي على حزب المؤتمر الشعبي العام
وأحزاب اللقاء المشترك أن يتجنبا الانجرار وراء دعاة الفتنة وأن يتخليا عن الإسهام
في تزوير الواقع بكل معطياته ما دامت واليمن أهم من العملية السياسية وإن كان فيها
استقرارها.
كما ينبغي على طرفي العملية السياسية أيضاً أن يدركا أن القوى
المتربصة تستهدف وطناً وما خلاف الساسة إلا مدخل لتكريس المزيد من إعاقة اليمن ولا
نعتقد بأن هناك من اليمنيين من يريد إطالة عمر إعاقة اليمن.