هل أتاك حديث الثورات وتقرير الشعوب مصيرها من بدايات لا تنتهي إلى نهايات لم تبدأ؟!!

الحزب الحاكم ما زال يمتلك طريق المستقبل إذا ما أرهف السمع لمتطلبات الجماهير وتوافق مع المشترك من أجل الوطن.

2011-02-11 19:47:44 الشموع /تحليلات


.هل كانت السلطة في حاجةٍ إلى أن يبقى الحوار مفتوحاً وبلا حدود حتى يظهر من يقسو بقوةٍ عليها، ويكسر حاجز الخوف أمام الجماهير؟!
هل كانت السلطة تعي ما معنى رفض الحوار سابقاً أو المماطلة في الوصول إلى اتفاق مع أحزاب المعارضة لتحدث كل هذه الاحتقانات؟!
.وهل استوعبت السلطة المحيط الاقليمي وتحولاته لتفهم معنى الحوار وضرورته، أم أنها ما تزال على ذات القطيعة والوعود بإقامته؟!
ولماذا السلطة تتأخر على الدوام في تحقيق الم طالب، ولا تدرك أن الزمن ليس في صالحها وأن القادم أكثر مفاجأة؟!
.وما هو فهم السلطة للحوار مع الفعاليات السياسية، وهي تدفع بالأمور نحو القطيعة، وأول من يخرق المُتفق عليه وتحميل الآخر مسؤوليته؟!
.وهل تبقى هذه الممارسة مفتوحة، أم أنها ستبدأ من جديد؟ ما هو هذا الجديد؟ هل يؤكد على الشفافية والمصداقية؟ أم أنه مراوغة وبحث عن فرص انقلاب لحوارٍ إضافي؟!
.وما الذي تنظر إليه السلطة اليوم وهي ترى أنظمة تتهالك وأخرى سقطت والبعض في الطريق؟!
كيف عليها أن تتعامل مع الأزمات السياسية والاقتصادية والثقافية وفق رؤية وطنية؟
.ومن أين يمكن أن تقيم السلطة علاقة أكثر قوة مع الجماهير؟ هل من خلال الإصغاء إليها؟! وماذا تريد؟!
.أم من خلال الإصغاء إلى أحزاب المعارضة، وفهم طبيعة علاقتها اليوم من خلال المسيرات مع الجماهير؟!
.وهل ثمّة قراءة دقيقة للخارطة السياسية بعيداً عن التشنج والمراوغة والبحث عن حلول وقتية وترحيل أزمة؟
.أم أننا أمام سلطة تهتم بالخاص دون العام، تنأى بنفسها من أن تكون صاحبة مبادرة لتترك التحرك للشباب والمعارضة؟!
أسئلة عديدة يفرضها واقع الحال والمتغير في المنطقة حيث كل شيءٍ قابل للانهيار ولم يعد بمقدور أحد أن يقف أمام طوفان الحرية الذي يريد أن يغمر كل الأرض العربية لينبت جديداً طال غيابه، ويؤكد واقعاً طالما كان حلماً عملت على شطبه من الذاكرة الوطنية ممارسة السلطات العربية على شعوبها حينما ركنت إلى الاعتداد بالنفس وغابت عن الجماهير ومتطلباتها الحياتية، وحاولت أن تتجه إلى الاستفراد بالقرار السياسي، وأن تنظر بدونية إلى الشعوب في مقابل الاستعلاء والأنانية والإفراط في القسوة واحتكار وسائل الإعلام وتمجيد الفرد البطل والقائد الضرورة والرمز السيادي...إلخ الألقاب التي قد تتجاوز في بعض الأنظمة «99» اسماً بما يعني أن تكريس العبودية وتنشيط الحالة الاستبدادية وإبقاء الشعوب في حالة تخلف وفوضى وبحث عن مصادر تعب بدلاً من الترفيه عنها ورفع مستواها المعيشي واستكمال البُنى التحتية من المشاريع التنموية.. كل ذلك قد دفع بالشعوب إلى أن تجد في الثورة ضرورة لا بد منها لاستعادة الذات وإخراجها من راهن المأساة وتجديد الدماء لحياة أفضل، وهو الأمر الذي وجد صدىً شعبياً منقطع النظير ليتجاوز في محصلته كل توقعات الاستخبارات الأوروأمريكية وتوقعات السلطات ذاتها في الوطن العربي، تجاوزت كافة التوقعات لأن غياب العلاقة بين السلطة والشعب هو الذي أدى إلى فقدان الوعي، ومتابعة ما الذي يجري وإلى أين يسير، لتتحول سلطات القمع في الوطن العربي إلى مجرد أشباح قابلةٍ لأن تطرد في لحظة انفجار قادم «مصر، تونس» أنموذجان لا يمكن القفز عليهما باعتبار هذين النموذجين هما الأبرز في كل الأنظمة العربية فهي ذات تشابه كبير في الضرورة والحاجة، في التسلط واستلاب الجماهير حقها في الحرية، وحقها في الشراكة الوطنية، وحقها في أن تكون صانعة مستقبلها، وحقها في ان تكون الأكثرية المعبرة عن الأكثرية واحتياجاتها وليس الأقلية التي تتوارث البشر والحجر والشجر.. وهذا أمر مخالف لطبيعة الحياة وسنن الكون ولا يمكن أن يبقى مفتوحاً.. ذلك لأن إرادة الشعوب هي التي تكشف عن المستقبل، هي من يصنع الحياة وتجعل الظلام يجفل وإن طال بفعل حالة الطيش والغرور الذي يتملك السلطات وقد رأت أنها قابلة لأن تمتلك كل شيء في الحياة وأنها المانع والمانح فبرزت لغة مكرمة سيادة الرئيس وتوجيهات المهيب.. وصاحب الفخامة الأعظم والقائد الفذ المبجل، هو الذي ينشئ ويفتتح ويبارك، ويقدم ويمنع ويمنح ويقرر في الشأن الداخلي والخارجي، وهو الواحد الأحد الفرد الذي لا قبله ولا بعده، هذا التوحد الأوحد براياته المزورة وشهوده الوصوليين هو الذي خلق الثورات على امتداد التاريخ البشري وإلا لماذا تقوم الثورات إن لم تكن ضد الظلم والقهر والطغيان والاستبداد؟! ولماذا تسمى ثورات لو لم تكن انعتاقاً من عبودية؟! والمؤسف حقاً ان لا أحد من السلطات العربية يقرأ التاريخ ويدونه في الذاكرة ويستحضره في مهام عمله ليقطع دابر الثورة حينما يكون الشعب مصدر السلطات بحق وليس شعارات ترفع وأقوال تردد في مذياع، وكلمات يشيد بها الأفاكون وشهود الزور من القوى الانتهازية، والمؤسف أيضاً ان هذه السلطات تنوب الشعوب في التفكير وتجد من يرفع ويعلي من شأنها ويمجدها ولا يقدم لها أي نقد إن لم يكرس فيها الطغيان ويدفع بها لأن تكون في كثير من البلدان العربية والمتخلفة نصف آلهة..
وهنا فقط يحدث للشعوب ان تقاوم، ان ترفض، ان تنجز أحلامها كما تريد، ان تقتلع الاستبداد من عروقه.. ولم نجد في تاريخ الإنسانية أن حاكماً مستبداً تواصل حكمه باعتبار ان الطغيان يحمل بذور الموت المفاجئ ويتشكل في اتجاه النهاية المؤلمة التي ما كان ليتوقعها حين كان كرسيه هو الحاكم بأمره، وحين تطاول على الخلق البشري فلم يعد يرى سوى ذاته «النرسيسية» وهي الذات التي تعبد ذاتها ولا ترى في المرآة غير نفسها ولا ترغب في أن أحداً يقاويها أو يقاومها.. لتبقى ذواتاً ضيقة متكلسة غير واعية بالثابت والمتحول، وغير مدركة لما يريده الشعب من كرامة وحرية إذ ان حريتها كسلطات وكرامتها أيضاً هي في استلاب الشعوب حقوقها وذلك وحده مؤذن بخراب العمران وزوال السلطات كما برهن التاريخ.. ولعل الحاكم المستبد المعاصر «هتلر» ونازيته خير مثال حيث كانت سطوته وقوته وجبروته تجتاح العالم قاطبة ومع ذلك كانت نهايته غير متوقعة، ومثله «موسيليني» في ايطاليا وتشادثيثكو في رومانيا، «موغابي»زامبيا وقبله – «جنكيز خان» «وتيمورلنك» ونيرون ورما.. وما أكثر طغاة العالم الذين رأوا في استبدادهم قوة دولهم فكانت النهايات الوخيمة، هكذا هي الحياة لا تقبل أبداً الاستبداد ومنذ فجر البشرية والإنسان يناضل ضد القهر والعبودية وكل الديانات السماوية جميعها نضال ضد العبودية ومن أجل تحرير البشرية من رِق الكائنات.. هذا أمر لا يحتاج إلى تدليل.. لكن المؤسف له حقاً أن كل ذلك لم تعِه السلطات المعاصرة وذهبت إلى أبعد من حدود الطغيان لتقيم ممالكها على الأرض لها وحدها دون الناس قاطبة، وهذا ما لم يتم ولن يتم لأنه امتلاك حلم وتأميم حياة وبقاء ظلم، هذا هو الذي أدى إلى ثورة تونس اليوم وما يجري في مصر من ثورة إضافية قابلة للانتقال كمشروع ضروري إلى العديد من البلدان لانجاز ما تخلت عنه شعوب هذه المنطقة بفعل الاستبداد ونهب الثروات وامتلاك الدولة الوطنية بمقدراتها وإمكانياتها وجعلها رهن مجموعة هي التي تنوب الشعوب عن العمل والفعل والقرار، وكل ذلك اليوم لا مجال له مطلقاً لأن يظل ولا بد من أن يكون للجماهير دورها وقيادتها وسطوتها عبر الدستور والقانون الكفيلين بالمواطنة المتساوية وبجعل كل مشاريع التخلف والمشاريع الصغيرة تتلاشى وتنعدم.. وذلك ما يجب ان يدركه الحزب الحاكم وقيادته في اليمن وتعيه كدرس ضروري لتجاوز ما هو قادم من السلبي، والوعي هنا بالتمثل لمتطلبات الشعب، بخلق أجواء من الثقة القوية مع أحزاب المشترك، بالابتعاد عن الأنانية والاستعلاء والبحث عن الضربة القوية والأخيرة ضد الآخر.. لا بد للحزب الحاكم الشعبي العام ان يقدم كل التنازلات الوطنية دفعة واحدة وذلك ليس عيباً أبداً قدر ما هو الوطنية كلها التي سيقف التاريخ منحازاً لها وقد أدرك الحاكم ان الشعب مصدر السلطات وأنه من يقرر ولا أحد يمكنه أن يتفرد أو يدعي الوصاية عليه فالجماهير اليوم تضيف زخماً جديداً نراه في المسيرات وفي فضاء الإعلام المفتوح، وفي أن الحقائق اليوم في متناول الكل ولم تعد رهن الفرد وأجهزة إعلامه، لا بد للحزب الحاكم ان يدرك بأن أي تأخير في حل المسألة الوطنية إنما يعمل ضد ذاته أولاً وصيغة تحويله إلى مدان عبر الجماهير التواقة للتغيير، وقد أصبح في متناولها عبر الأثير من خلال رؤية الشعوب وهي تقرر مصيرها وتؤمن بقدرتها في ان تنجز تاريخها دون الفرد البطل الذي كان ينظر إليه بأنه قائد المسيرة المظفرة.. ولقد رأينا بأعيننا تلك الأصنام وهي تتداعى بسرعة لا تصدق فلم تعد تجدي أيه تنازلات ولم يعد للحوار موطئ قدم وبات الشعب يطرح اشترطاته ويقرر ويذهب إلى حد المحاكمة، وكل الشعوب هي هكذا حين تثور ونحن نريد الأمن والاستقرار والسيادة الوطنية والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وحرياته وشراكة وطنية، وكل ذلك قابل لأن يتموضع وعلى السلطة والحزب الحاكم ان يدركا أهمية ان تؤسس نهضة الوطن على شراكة واسعة يكون الإنسان فيها صاحب السيادة.. ومن أجل كل ذلك يغدو الحوار هنا أكثر من ضرورة لم يمثله من خلاص ضروري للوطن من حالات تعبئة قوية قابلة للانفجار، ولأنه ردم الهوة بين الجماهير و الحاكم هذه الهوة التي ازدادت اتساعاً ولم تعد قابلة لأن تظل دونما ردم ولن يكون ردمها إلا من خلال أن يكون الكل شركاء وطن وصانعي انتصارات.. هذا كفيل بأن ينتقل بالجماهير من حالات احتقان كبيرة إلى حالة انصهار وطني الكل فيه يحاول ان يعبر عن إرادته ويصوغ موقفه ويفتح نافذة زمنٍ جديد لا مجال فيه لحرمان أحد من حقوقه وحرياته، وذلك هو الضامن الكبير لإحداث تحولٍ حقيقي وتغيير شامل تطالب به الجماهير وطالت مطالبتها حتى باتت اليوم تقبل بالنزول إلى الشارع وربما تفاجئ الحاكم بما لم يكن في الحسبان لأن الجماهير اليوم غيرها بالأمس والشعوب اليوم تؤازر بعضها بعضاً، وما يحدث في مصر له تداعياته في اليمن والجزائر وسوريا وليبيا ... الخ
وهنا فقط لا بد من القول ان الحزب الحاكم لابد ان يبادر في اسرع وقت ممكن بأجندة وطنية لا تدع للمشترك فرصة واحدة لأي اختراق يؤجل الاتفاق.. ان مصلحة الوطن والحاكم في آن معاً هي التوافق أولاً قبل مصلحة المشترك الذي يجد اليوم في المتغير ما يمنحه قوة التمترس ويذهب به إلى أبعد من الاتفاق، إلى مرحلة أخرى يستند فيها إلى هدير الجماهير وخروجها وهناك ما يدفعها إلى ذلك من حياة تعب واقتصاد هش وخدمات فاشلة وبنية تحتية بائسة.. وليس من سيبل للخروج من مأزقه الواقع غير الحوار الكامل والتنازل المطلوب وإيجاد آلية عمل سريعة وسهلة ودونما تعقيد وأجندة زمنية لخلق حالة سلم اجتماعي تعم أرجاء الوطن بحيث تتلاشى وتنعدم دعوات التخريب والإرهاب والبحث من خلال الفعاليات السياسية عن إدانة للآخر من خلال هذا الإرهاب الذي يحمل كل طرف المسؤولية الطرف الآخر في حين ينتصر أعداء الوطن بفعل حالة الشتات التي نرجو ان تنتهي...



المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد