كثيرة هي المفاسد والتجاوزات والانتهاكات التي تدل دلالة واضحة على عدم احترام النيابة العامة لسيادة الدستور والقانون ونحن اليوم نتطرق إلى اهم تلك الخروقات والتي تمارسها النيابة

العامة بصورة مستمرة على خلاف مقتضى الشرع والقانون غير آبهة بما ينتج عن ذلك الخرق من أضرار جسيمه ونتائج وخيمة لا يتجرع ألمها سوى ذلك المواطن المسكين الذي تسببت النيابة العامة بعدم التزامها بواجباتها بضياع حقه أو إهدار دمه لا سيما في الجرائم الجسيمة .

فمن المعلوم وفق القانون رقم ١٣ لسنة ١٩٩٤م بشأن الإجراءات الجزائية النافذ المادة ٩٩ أنه يجب على النيابة العامة بمجرد إخطارها بجريمة مشهوده ذات طابع جسيم الانتقال فوراً إلى محل الواقعة . وقد حرص المشرع في النص السالف على إضفاء الأهمية القصوى لذلك الإلزام فجعله واجباً لا يجوز مخالفته

حيث يجب على النيابة العامة في الجرائم المشهودة ذات الطابع الجسيم الانتقال الفوري إلى محل الواقعة لإثبات حالة الأماكن والأشياء والأشخاص ووجود الجريمة مادياً وآثارها وكل ما يلزم إثبات حالته ولها استدعاء الخبراء لإجراء المعاينة وقد كان المشرع حريصاً على عدم ضياع الدليل وحفظ الواقعة بكل تفاصيلها بكل دقة وعناية الأمر الذي لا يستطيع القيام به سوى عضوا نيابة بما يتمتع به من سلطات كامله وقدرات تمكنه من أداء تلك المهمة على الوجه الذي يمنع من ضياع الدليل وبالتالي ضياع الحقوق والقضايا تبعاً لذلك .

الأمر الذي لم تلتزم به النيابة العامة وأوكلت ذلك الأمر لأقسام الشرطة الذين وللأسف لا يفقه أكثرهم معنى الجاني والمجني عليه بل إننا وجدنا في بعض القضايا الجسيمة والتي يكون فيها الجرم قتل نفس مؤمنه أن تقرير المعاينة فيها من جندي وبكل استهتار واضح لحرمة الدم المسلم . إلا إذا كان المجني عليه شخصية اعتباريه وذو حظ عظيم لدى أحد أعضاء النيابة العامة, فإننا نجد النيابة هي السباقة لعمل ما يجب فعله وفقاً للقانون.

"وإنما أُهلك الأمم الذين من قبلكم أنه كان إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد".

كما أننا وللأسف لم نجد من القضاة من يتعامل مع ذلك الخرق بحزم بعد انتقال الملف إلى مرحلة المحاكمة مع أن ذلك الإجراء يترتب على مخالفته البطلان المطلق.

 وإذا كانت سيادة القانون تنتهك ممن يجب أن يكون المثل الأعلى والقدوة وهو رقيب على تنفيذه وضمان احترامه في المجتمع, فكيف ستكون النتيجة وهل يستشعر من حملوا تلك الأمانة مسؤولياتهم أمام الله عز وجل تجاه هذا الشعب؟.

*المستشار القانوني لمؤسسة بيت الحرية