جنود اللواء بلا رواتب وحتى اللحظة لم يصرف لنا التحالف ولا قائد المنطقة العسكرية الرابعة أي شيء

هناك ضغوطات دولية تحول دون الحسم العسكري بصنعاء

كل الأنظار الدولية تتجه إلى حل سلمي وهناك حسابات دولية بشكل عام على بقاء الأمور في مد وجزر

أثناء معركة التصدي لمواجهة ودحر مليشيا الحوثي والمخلوع صالح في مدينة عدن، جنوبي اليمن، برز اسم عدد من القيادات العسكرية، قادت المقاومة ووجهتها في عدن نحو التحرير..

العميد الركن/ عبد الله الصبيحي، كان أحد أبرز من لمع أسماءهم من بين تلك القيادات العسكرية التي برزت إلى الواجهة، وقادت الجبهات في معركة تحرير عدن.. وهو القائد العسكري الذي أسهم، إلى جانب آخرين، في تشكل النواة الأولى للمقاومة الشعبية الجنوبية، قبل أن يصعد إلى قيادة اللواء 39 مدرع "معسكر بدر"..

وحتى سقوط صنعاء كان العميد عبدالله الصبيحي يشغل منصب أركان حرب اللواء الثالث حماية رئاسية هناك، الذي غادره نحو عدن حين اكتشف نوايا قيادات من داخل اللواء وألوية أخرى كانت ترتب لاجتياح عدن والمحافظات الجنوبية..

في حوار خاص لـ"أخبار اليوم"، يتحدث قائد اللواء 39 مدرع- العميد الركن/ عبد الله الصبيحي- عن خروجه من صنعاء في ظل انتشار قوات الانقلابين وسقوط الوحدات العسكرية هناك، وحكاية انتقاله إلى عدن وتكوين جبهات قتالية لمواجهة المليشيات الانقلابية، وعلاقته باللواء محمود الصبيحي قبل اعتقاله في 26 مارس 2015م، وكذا أسباب ما تعرضت لها المقاومة من تهميش في عدن..

كما يتحدث العميد الصبيحي عن جبهات القتال في الجنوب، وعوامل حسم معركتي صنعاء وتعز، ويستعرض الخيارات العسكرية والسياسية في الوصول إلى توقف الحرب في اليمن وإنهاء الانقلاب، وقضايا أخرى.. نص الحوار..

مهام في صنعاء

*سمعنا أن عبد الله الصبيحي هو آخر الضباط الذين غادروا معسكر الفرقة الأولى مدرع في صنعاء.. هل بالإمكان أن تروي لنا سبب انهيار الجيش هناك خاصة وأنه استشهد وجرح عدد من مرافقيكم؟

- كنت أولاً في الفرقة الأولى مدرع، ثم انتقلت إلى اللواء الثالث حماية رئاسية، طبعا أنا من بداية الأمر كنت في اللواء 105مشاة في الملاحيض بصعدة، بعدها انتقلنا عام 2012م إلى أركان حرب اللواء الثالث حماية رئاسية، وقدنا حرب ضد العفافيش والحوثيين في صنعاء، وكلفت بمهمة تحرير الستين الشمالي المؤدي لطريق المطار.. والحمد لله قاتلنا إلى تاريخ توقيع اتفاقية السلم والشراكة، فجاءت أوامر لنا بالانسحاب حينها من الأخ وزير الدفاع/ محمد ناصر أحمد، وانسحبنا حسب التوجيهات إلى كلية الدفاع الجوي في صنعاء..

أخبرونا بعد ذلك أن المهمة انتهت، ويجب أن نعود لعملنا السابق، وأنا عدت لعملي السابق وهو أركان حرب اللواء الثالث حماية رئاسية، واستمر وجودنا هناك حتى بدأ الحوثيون بالانتشار في صنعاء، وبدأت الوحدات العسكرية بالتساقط، فاشتبكنا معهم في اللواء الثالث حماية رئاسية، وأعلن الحوثيون السلم لنا، مبررين أن قدومهم هو فقط لتطبيق اتفاقية السلم والشراكة التي أعلنها الأخ الرئيس عبد ربه منصور هادي، وجلسنا معهم سويا، حيث كان العدد حوالي 400 شخص، وتعايشنا في داخل اللواء لمدة 4 أشهر، وبعدها عينوا قائداً جديداً للواء ويدعى فؤاد العماد والذي لايزال حتى اللحظة خلفا للحليلي، بينما تم نقل الحليلي إلى المنطقة العسكرية الأولى بحضرموت..

وبعد أيام قلائل أصبح الوضع متردي جدا، واكتشفنا بعدها نواياهم من داخل اللواء وألوية أخرى كانت ترتب لاجتياح عدن والمحافظات الجنوبية، حينها خططت للسفر إلى عدن، وسافرنا طبعا بدون أي شيء، أنا وصهيري والعائلة بسيارة خاصة إلى تعز، ومن ثم انتقلنا من تعز عبر باص يتبع شركة راحة إلى عدن..

وفي ظل هذه الأحداث السابقة التي رويتها لك أستشهد 5 مرافقين لي، رحمة الله عليهم، أحدهم من أبناء دمت ويدعى فارس الدبا، عندما قتله الحوثيون بعد أن أشتبك معهم بسبب عدم تنفيذه للأوامر التي صدرت منهم بتسليم طقم كان بحوزته.

تشكل المقاومة

*كيف بدأت تقود مجموعات من المقاومة بعدن ومتى كان ذلك؟

- بعد وصولنا إلى عدن بمدة زمنية بسيطة علمنا أن الحوثيين قد وصلوا إلى مشارف العند، وكان حينها اللواء محمود الصبيحي قد أراد أن يعينني قائدا على اللواء 201 خلفا لمرزوق الصيادي، حيث تم الاتفاق بيني وبين اللواء الصبيحي على موعد للالتقاء بالقصر الجمهوري في عدن، لكن صادف أن اللواء محمود الصبيحي غادر للعند في مهمة، بعدها تم إعلان اعتقال اللواء محمود الصبيحي في تاريخ 26 مارس 2015م، وبدأنا حينها في ترتيب وتجميع المقاومة في عدن وتحديد الجبهات القتالية.

قوة اللواء 39

*ما حجم قوة اللواء الذي تقودونه وأين تنتشر قواته بالضبط؟

- إلى الآن، كما تعلمون، أنه تم تجنيد 2000 شخص من أفراد اللواء، والحمد لله، لكنهم بلا رواتب، إضافة إلى الأفراد العسكريين القدامى الذين أنظموا للواء من المحافظات الجنوبية..

وبخصوص انتشار اللواء، لدينا سريتين في منطقة الوازعية وأفرادها يقاتلون مع القائد تركي الصبيحي، وسرية ونصف مع العميد/ عبد الغني الصبيحي في باب المندب، وهناك أعداد أيضا في أغلب الجبهات، إضافة إلى المتواجدين في اللواء ومنهم أفراد عسكريين قدامى، البعضمنهم يتواجدون في اللواء وجزء أخر منهم لا يتواجد في اللواء، نظرا لعدم توفير الرواتب لهم..

وحتى القوة التي في الجبهات وتتبع اللواء يحصلون على مصروفات يومية "صرفة"،ولكن لا يمنحوهم مرتبات، عدا مرتب واحد سلم لنا من الدولة قبل 3 أشهر.. ولم يصرف لنا التحالف ولا قائد المنطقة الرابعة أي شيء، ولاحتى سيارة واحدة أو حتى تاكسي نوزع به الأغذية على الأفراد المرابطين.. وإلى هذه اللحظة أعيد وأؤكد لك لم نستلم شيء.

*هناك من خرج وقطع الطريق من الجنود المنتسبين للواء الذي تقوده يطالبون برواتبهم.. هل من تفسير لذلك؟

- فعلا خرجوا على أساس أنهم لم يستلموا مرتباتهم لشهري 8 و9، وهم من المجندين الجدد الذين تم دمجهم باللواء، فأقدموا على قطع الطريق بهدف الاستجابة لمطالبهم مقارنة بالألوية الأخرى التي يتقاضى أفرادها رواتب كل شهر من التحالف، ولكن لم يتم تسليمنا أي مبالغ، ولم يعتمدوا لنا حتى ريال واحد، بينما الدولة ترد لنا بالوعود، لكن لم ينفذ شيء حتى اللحظة.

قوام المقاومة الحقيقية

*ماهي الأعداد الحقيقية برأيك للمقاومة التي تم دمجها بالجيش؟.. وهل ترى أن هذه الأعداد كافية لاستيعابها؟

- نحن حصرنا الأعداد الحقيقية للمقاومة في حدود 14 ألف، وهم الذين قاتلوا أثناء الحرب بحكم وجودنا في الميدان ونعرف من كان يقاتل بالجبهات، ويوجد كشوفات بذلك، ولا نعلم من أين جاءت تلك الأرقام المهولة التي تم رفعها من قبل المنطقة الرابعة التي وصلت إلى 30 ألف..

وأوضح لك أننا رفدنا الأخ إبراهيم حيدان السياري- قائد اللواء الثالث حماية رئاسية بـ 600 مقاتل من المقاومة، وكذا رفدنا الأخ فضل طهشة- قائد اللواء 201 في العند بـ 1300، وأيضا رفدنا القائد علي القملي بـ1414، بينما هناك أعداد أخرى أنظمت إلى ما يعرف بالحزام الأمني..

وأضيف لك معلومة أن هناك وحدات عسكرية شكلت، وهي عبارة عن 5 ألوية معلنة ومعتمدة بقرار رسمي، وهي بدون رواتب، كاللواء 201 بقيادة فضل طهشة، واللواء 31، ولوائنا 39، وكذلك اللواء 15، واللواء 111، واللواء 105.. ولكن جميعها لم يصرف لها رواتب، مع أنها وبقياداتها معتمدة رسميا.

تنسيق تأمين عدن

*كيف يتم التنسيق مع الجهات الأمنية الموجودة في العاصمة المؤقتة عدن كجيش وطني؟.. وهل يصل هذا التنسيق للدرجة المطلوبة لتأمين عدن؟

- نحن طالبنا بخصوص هذا الأمر من الأخوة الإماراتيين والأخ قائد المنطقة الرابعة أكثر من مرة، على أساس أن يقدموا لنا الدعم والمعدات، لنخفف الضغط على إخواننا في إدارة أمن عدن، لتعود لمهامها الأصلية إلى مراكز الشرطة والمحاكم والنيابات وتتفرغ لها، ونحن نقوم بمهمة التأمين كعسكريين، ولكن لا حياة لمن تنادي..

وفعلا، للأسف، لا توجد غرفة عمليات مشتركة في عدن حتى اللحظة، وأشير لك أن مسالة إنشاء غرفة عمليات مشتركة كانت في مقدمة مهام محافظ عدن السابق رحمة الله عليه/ جعفر محمد سعد، بهدف ضبط الأمن وسرعة التواصل بين النقاط الأمنية ومركز القيادات.. وأقولها إلى هذه اللحظة لا يوجد تنسيق في غرفة عمليات مشتركة تتواصل مع جميع الوحدات.

معركة تعز والشمال الشرقي

*محافظة تعز تقع ضمن نطاق المنطقة العسكرية الرابعة.. ماذا قدم لها الجيش الوطني، خصوصا وأن هناك مطالبات من المقاومة والجيش بمدها بالسلاح الثقيل وهو موجود في عدن وغير موجود بتعز؟

- والله يا أخي هذا السؤال كان بفترض أن يقدم لقيادة المنطقة العسكرية الرابعة وليس لي، لكن رغم هذا سأقول لك ما لدي حول هذا الأمر.. كما نعلم جميعا أن اللواء/ محمود الصبيحي كان حريص كل الحرص على مسألة تحرير تعز قبل ما يعين وزيرا للدفاع، فمن داخل المخا في الاتجاه الشمالي الغربي إلى مفرق الذكرة في الاتجاه الشمالي الشرقي كان تحت قطاع حمايته ومسؤوليته حين كان قائداً للمنطقة العسكرية الرابعة..

ورؤيتي كقائد عسكري، لا أرى أن أحداً قدم لتعز دعم حقيقي.. وأنوه أن الأخوة في تعز ينقصهم جانب التنسيق.. وحقيقة أقولها: أي معركة بدون الإيمان بالقضية واليقين بالهدف لايمكن أن تحقق انتصارات.. والمفروض عليهم توحيد صفوفهم تحت قيادة موحدة.

*ما الذي يحول دون تقدم القوات في جبهات القتال في باب المندب على سبيل المثال وكرش، رغم المعلومات المتوفرة التي تقول أن هناك 70 ألف مقاتل تحت قيادة المنطقة العسكرية الرابعة.. كقائد عسكري ما تفسيرك حول ذلك؟

- الإمكانيات قد تكون متوفرة في الشمال الشرقي، لكن حقيقة لا أدري ماهي الحسابات في هذا الجانب بالضبط.

حسم الانقلاب

*هل تتوقعون أن يتم إنهاء الانقلاب بالحسم العسكري؟، أم بالحل السياسي من خلال الاتفاق مع المليشيا الانقلابية؟، وأيهما تفضل برأيك، مع العلم أن المليشيات لا تلتزم بالاتفاقيات من خلال أحداث سابقة شهدناها؟

- والله أنا اعتقد أن المشير/ عبد ربه منصور هادي يخطو خطوات تتماشى مع الأوضاع تدريجيا، لأن هذه المرحلة حساسة جداً، بسب الضغوطات الدولية على عدم دخول صنعاء عسكريا.. إلا أن الجيش هناك يحقق تقدم ليضيف ورقة للمفاوضات، وكما علمنا أن هناك تقدم في مناطق نهم.. لعله إيعاز من الشرعية والتحالف بالقدرة على حسم المعركة بأسرع وقت..

ولكننا نعرف أن هناك معركة مستمرة وتتوقف مدة زمنية للمفاوضات من حين لآخر، مثل ما كان علي عبد الله صالح يتعامل في حرب صعدة، عندما يتم التقدم والبدء بالإجهاز على الحوثي تأتي الأوامر بوقف التقدم، وتمر مدة زمنية حتى يتم استعادة الأماكن التي سيطرنا عليها نحن من قبل الحوثيين.. وهكذا يتكرر الأمر مرة أخرى..

لذلك هناك حسابات دولية بشكل عام على بقاء الأمور في مد وجزر، وإن شاء الله يتوصل السياسيين والعسكريين لحلول سريعة، علما بأن الأنظار الدولية كلها تتجه إلى حل سلمي.. لكن جميعنا نعرف أنه كلما اتفقوا على هدنة لوقف الحرب يتم خرقها من قبل عفاش والحوثيين، في رسالة واضحة منهم بعدم نيتهم الصادقة لوقف الحرب، ولذا القيادات الشرعية ترى أن الأمور إن مشت ببطيء قد تؤدي إلى انهيارات في صفوف الحوثيين والعفاشيين.

رسائل موجهة

*في ختام الحوار هل من رسالة تحب أن توجهها؟

- أولا نشكر إخواننا في دول التحالف على ما قدموه من مساعدات، سواء كانت عسكرية أو إغاثية، نشكرهم جزيل الشكر..

ونطمئن الأخوة المواطنين بأن الجيش الوطني مرابط ويضحي في كل الجبهات، لذا نوجه لهم نصيحة بوجوب لحمة الصف في ما بينهم، وأن نتوحد فيما بيننا ونضحي لأجل بعضنا، ولا نترك فرصة لخصمنا لأن يخترقنا، لأن المناكفات الإعلامية والسياسية لا تخدم إلا الطرف الآخر..

والأخوة في المقاومة الشعبية بذلوا جهود جبارة مشكورين عليها، ونوضح لهم أن سبب تأخر المرتبات هو عدم الشفافية، للأسف الشديد، من قبل قيادة المنطقة الرابعة في رفع الأسماء للأخوة في التحالف لكي يعتمدوها، حيث أنه عندما يتم حصر الأرقام الحقيقية للمقاومة منذ بداية الحرب وحتى المنظمين لها فيما بعد حوالي 14 ألف وربما أكثر ليصل إلى 30 ألف...

لكن قيادة المنطقة العسكرية الرابعة تقوم برفع كشوفات بــ 45 ألف أو 50 ألف و60 ألف، وهنا تجد الطرف الآخر يقول: أنا لا أرمي بالفلوس على الأرض وأنا هنا لمساعدتك، لكن العبثية وعدم المصداقية أدت بنا إلى هذا الحال، وإلا مقارنة، كما ترون، المنطقة الثانية تستلم مخصصات أفرادها، والمنطقة الأولى في حضرموت أيضا تستلم مرتبات أفرادها شهريا، والسبب أن الجانب الإداري أنضبط من أول لحظة..

وأحيطك علماً أن هناك مصطلح مالي يسمى بالرديات أو المرجوع أو ربما نسميه بالفائض من الاستهلاك، كل المناطق العسكرية تعمل رديات عندما يتم تسليمهم المرتبات، إلا نحن لا نعمل به بل نطالب بالمزيد..

وثانيا: نحن نحث الرئيس ورئيس الوزراء والوزراء أن لا تفوتهم الفرصة بدعم المقاومة والجيش الوطني والإسراع في صرف مرتبات الناس ومساواتهم بالمناطق العسكرية الأخرى، لأن الناس تعبت والمقاومة تعبت والجيش تعب، وتوقفت مرتبات الناس، ومنهم المتقاعدين، ولهم أكثر من ثلاثة أشهر لم يستلموا شيء.. وأقول لهم: الكرة في ملعبهم، لابد أن ينقذوا الناس، فربما تتحول الناس لأطراف أخرى إذا استمر الوضع على ماهو عليه الآن.. هناك ضباط وقيادات للأسف ضاق بهم الحال ومازالوا صابرين..

وأخيراً أحب أن أطمئن الناس أن الشباب في الجبهات جسورين مقاتلين.. ولم يعد يهمنا موضوع الجبهات، لأن علي عبد الله صالح سبق أن أرسل 12 لواء لاحتلال عدن ولحج وأبين، لكن لن يستطيعوا عمل شيء وتم دحرهم.. والآن لا هو ولا غيره بأيديهم شيء ليفعلوه، وكلها فقاعات بغرض لفت الرأي العام الدولي، وخصوصا الأمم المتحدة، ليوحي لهم أنهم يحققون أهداف على الأرض.