تزايدت وتيرة العنف في محافظة لحج جنوبي اليمن خلال الأيام الماضية، حيث شهدت مؤخراً عدداً من الحوادث الأمنية أثارت الكثير من المخاوف، ليس للسلطات المحلية والأمنية فحسب، بل حتى للمواطن البسيط في المحافظة.
وكان ثلاثة طيارين لقوا حتفهم الأربعاء برصاص مسلحين يستقلون دراجة نارية في الخط العام بعاصمة المحافظة الحوطة، بينما كانوا على متن سيارة في طريقهم لموقع عملهم في قاعدة العند الجوية.
ورغم إعلان الأمن اعتقال سائق الدراجة التي استخدمت في تنفيذ العملية، إلا أن السائق نفى صلته بالعملية، مشيراً إلى أن منفذها استأجره لنقله إلى موقع الحادث، ثم فاجأه بما قام به قبل أن يولي هارباً.
وخلال الأشهر الماضية شهدت لحج حوادث أمنية مختلفة، منها مقتل جنديين وإصابة آخرين في هجومين منفصلين لمسلحين مجهولين على مبنى الأمن في المحافظة في أبريل/نيسان الماضي. فيما تعد ثماني مديريات بالمحافظة خارج سيطرة الدولة، وتنتشر فيها أعمال قطع الطرق والفوضى في ظل عدم قدرة السلطة المحلية على فرض الأمن فيها وإعادتها للسيطرة.
إثارة المخاوف
واعتبر مراقبون ومحللون سياسيون تزايد مثل هذه الحوادث في لحج دليلاً على ما تعانيه المحافظة من انفلات أمني على الحكومة تلافيه قبل أن يتزايد بشكل يخرج المحافظة برمتها عن سيطرة الدولة.
فانتشار الاغتيالات وغيرها من الحوادث الأمنية -بحسب الكاتب والمحلل السياسي/عبد الرقيب الهدياني- للجزيرة نت يثير المخاوف من تزايد أكبر للعنف في لحج وما جاورها، مشيراً إلى أن الانفلات الأمني ليس في لحج وحدها بل يشمل عدداً من المناطق الأخرى، وتديره منظومة فساد مقاومة للتغيير على مستوى اليمن، وذلك في إطار مخطط لإرباك الجهود الحثيثة للرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومة الوفاق الوطني.
وبرأ الهدياني تنظيم القاعدة في جزيرة العرب من التورط في اغتيال الطيارين الثلاثة بلحج، كونهم من العائدين الجدد للجيش اليمني ولم يكونوا ضمن قائمة الطيارين التي أعلنت القاعدة عن نيتها استهدافهم لمشاركتهم في شن غارت جوية على عناصرها في أبين، متهماً القوى التي تحاول عرقلة التغيير في البلاد بالوقوف وراء العملية.
وأكد الهدياني أن باستطاعة الدولة إعادة الأمن والسكينة للمحافظة من خلال تعزيز وجودها في عاصمة المحافظة ومدنها الرئيسة وبسط نفوذها على الأرض، مما سيؤدي إلى إضعاف تحرك القوى المضادة للتغيير.
بدوره يرى الصحفي/أنيس منصور للجزيرة نت أن سبب تزايد العنف في لحج ومناطق أخرى من اليمن جاء نتيجة ضعف عمل الحكومة في الجانب الأمني، في وقت تسعى فيه قوى كثيرة لإفشال عملها بتمترسها خلف مشاريع متعددة على رأسها مشروع إضعاف الجانب الأمني من خلال الاغتيالات والاعتداءات.
واعتبر منصور أن استهداف الطيارين تعد عملية تحد بين تنظيم القاعدة والسلطة اليمنية، حيث كان التنظيم قد نشر قائمة من 12 طياراً قال إنه سيستهدفهم كونهم شاركوا في معارك ضده في أبين، مؤكدا أن هذه الأحداث ليست الأولى ولن تكون الأخيرة مالم تقم الدولة بمعالجات جدية للقضية الأمنية، وتتخذ إجراءات عملية، وتصدر قرارات جريئة بهذا الشأن.
انفلات الحوطة
إلى ذلك فإن مدينة الحوطة تشهد أسوأ حالاتها الأمنية فقد أكدت مصادر أمنية أن مدير أمن المديرية لم يعد يداوم في الإدارة التي أصبح وضعها سيئا، وأكد المصدر أن مدير الأمن الذي يعاني من المرض وقد ترك الإدارة وذهب إلى تعز تاركا شقيقه المدني بديلاً عنه وهي مخالفة قانونية كبيرة حيث أن شقيقه مواطن مدني وليس موظفا في وزارة الداخلية.
ويتهم المصدر المدير وشقيقه بابتزاز العسكر الذين تم تفريغ 70% منهم مقابل أن يدفع كل واحد عشرة آلاف ريال للمدير، كما أن المدير يقوم بأخذ التموين الخاص بالعسكر إلى منزله وبحجة أن لديه قبائل تحمي الإدارة عند وقوع المشاكل . وبعد تفريغ الجنود وعدد من الإداريين لم يعد لإدارة الأمن سوى عدد من الحراس لا يصلون إلى سبعة حراس فقط إضافة إلى محقق بحث جنائي وهؤلاء يشكون بأنهم لا يحصلون على مستحقاتهم وبعضهم أكد أن مدير الأمن صادر الطقم الخاص بالإدارة وسلمه لأبنه الذي يستخدمه للعائلة فقط ، وقال أحد الضباط رفض ذكر اسمه: إن من العيب أن تبقى إدارة مديرية أمن الحوطة بهذا الضعف وبذلك الفساد، وأشار الضابط إلى أن حوادث الاغتيالات التي كان آخرها اغتيال ثلاثة طيارين الأربعاء الماضي تمت على بعد 200 متر من الإدارة دون أن تحرك ساكناً، وقال: إنه من المؤسف أن يأتي أصحاب القضايا إلى شقيق مدير الأمن الأمي ليحل لهم قضاياهم مذكرا باستشراء الفساد وضياع حقوق الأفراد ومصادرة التموين الخاص بهم بدعاوي زائفة.
كما استغرب المصدر صمت المحافظ ومدير أمن المحافظة وعدم وضعهم الحلول المناسبة والسريعة.