لا سياسات ولا رؤى محددة واضحة للحد من البطالة والتخفيف من الفقر..

البطالة في اليمن تهدد العملية الانتقالية

2014-04-21 09:46:24 هموم الناس/ خاص


يعاني شباب اليمن من التهميش وغياب فرص التشغيل، رغم أنهم قادوا ثورة كان الهدف منها ضمان مستقبل أفضل بعيدا عن الفساد والمحسوبية والفقر.

كشفت دراسة ميدانية لحيّين فقيرين, قام بها الدكتور/ صالح عبيد- من كلية الاقتصاد والتجارة بجامعة صنعاء- كشفت أن 91.49% من المتخرجين من التعليم العام والجامعي عاطلون عن العمل.

أرقام مخيفة شملتها تقديرات غير رسمية عن حي "عصر"، الواقع غرب العاصمة اليمنية صنعاء، والتي أظهرت أن نحو 60% من الشباب يعانون البطالة, في المقابل، أعلنت وزارة الخدمة المدنية طلبات التوظيف من مختلف التخصصات العلمية، والتي قام أصحابهم بتجديد قيد أسمائهم عبر موقع الوزارة الالكتروني لعام 2013 انخفض إلى (141,597) بعد أن بلغ 200 ألف العام الذي سبقه.

الأرقام الرسمية لا تتحدث سوى عن 40% كنسبة بطالة إجمالية للقوى العاملة في البلاد، في حين تقول التقارير الدولية إن أكثر من نصف سكان اليمن يعيشون تحت مستوى خط الفقر.

ومهما اختلفت الأرقام، إلا أنه ومن المؤكد أن نسبة البطالة بين أوساط الشباب منتشرة بشكل يثير قلق اليمنيين..

يوضح أحمد حمود حاتم - المسؤول في سوق العمل في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل- أنه يتم سنويا توظيف نحو "170 إلى 215 ألف شخص", لكن المفارقة تكمن في أن الحكومة والقطاع الخاص مجتمعين لا يوفرون- حسب المصدر ذاته- سوى 30 ألف فرصة عمل سنويا، علما أن القطاع الخاص قام ما بين ديسمبر/ كانون الأول 2010 ويونيو/ حزيران 2012، بتقليص العمالة لديه بنسبة 40%، بسبب الثورات التي اجتاحت البلاد عام 2011.

خطة وطنية

ويقول حاتم، إن "الحكومة شرعت بتنفيذ إصلاحات اقتصادية واسعة في إطار المسؤوليات المتبادلة مع المانحين، تضمنت وضع خطة وطنية لتشغيل مائتين وخمسين ألف شاب وشابة خلال الفترة 2014-2016، مع ضمان نسبة 40% من هذه الفرص للفتيات".

 وأضاف: "تشمل الخطة ثلاثة محاور، أولها توفير فرص عمل فورية للشباب بواسطة برامج كثيفة العمالة، ثم تنمية قدراتهم وتعزيز دور القطاعات الاقتصادية الواعدة لتشغيلهم.. وأخيرا تسهيل آليات انتقالهم داخل سوق العمل المحلي والخارجي".

أحلام ومرارة

وبعيدا عن معادلة العرض والطلب، يبقى الشباب الضحية الأكبر بعد سنوات من التحصيل العلمي، كما يقول عمر عبد العزيز- الحاصل على ماجستير في نظم المعلومات من الهند- "منذ عودتي إلى الوطن، تقدمت لأكثر من جهة حكومية وشركات وبنوك خاصة ومنظمات دولية عاملة باليمن, لكن دون جدوى لكوني لا أملك الوساطة"..

حاله، لا يختلف كثيرا عن حال الشقيقتين سحر وشروق سعيد، اللتين تخرجتا من الجامعة قبل عامين تخصص لغات فرنسية وإنجليزية... "كنا نعتقد أننا سنحصل على فرص عمل بسهولة بعد ثورة الشباب السلمية، والحديث الذي لا يتوقف عن تمكين المرأة، غير أننا اكتشفنا أن الوضع ليس كما كنا نتوقع"، تقول الشابتان.

بدوره، يقول بسام جسار- المتخرج من جامعة صنعاء عام 2006، لغة فرنسية- "عملت مرشدا سياحيا لكن استهداف السياح الأجانب بالاختطاف جعلني أفقد العمل قبل أن تغلق الوكالات السياحية مكاتبها بسب أحداث2011 ..الآن أعمل مع شركة اتصالات بالأجر اليومي بدون إجازات مدفوعة ولا أجور مرضية".

 أما أحمد عبد محمد من أبناء الطبقة المهمشة، والحاصل على الماجستير من الجامعة الأمريكية في بيروت، فهو متأكد أن "فرص الشباب في اليمن مغلقة ما داموا ليسوا من أبناء القبائل أو منحدرين من أسر نافذة".

تأثير على العملية الانتقالية

ويحذر عبد الله الدهمشي- الباحث في مركز الدراسات والبحوث اليمني- من أن "غياب فرص الشباب ينذر بعودة أزمة 2011"، ما دام هناك إصرار على "تدمير طاقات الشباب وتدوير المواقع بين القوى التي أدارت البلاد قبل ذلك التاريخ".

ويعتقد الباحث الدهمشي أن تجاهل الشباب سيدفع بهم إلى السقوط بيد قوى الفساد والتطرف، أو فريسة لليأس والإحباط، ما قد يدفعهم للقيام بأعمال تقوض الأمن والاستقرار، ما يعني فشل العملية الانتقالية ".

 ويدعو الدهمشي كافة الأطراف لفتح أبوابها أمام الشباب، بما فيها الحكومة والأحزاب ومنظمات المجتمع اليمني والقطاع الخاص أيضا.

من جهة ثانية شكك تقرير برلماني حديث من المؤشرات والأرقام الواردة في بيان الحكومة المالي لموازنات الدولة للعام الحالي 2014م.. ولا سيما في ما يتعلق بمعدلات تراجع الفقر والبطالة والأمن الغذائي.. لافتاً إلى أن أكثر من نصف سكان اليمن يعانون من الفقر فضلاً عن تواضع مخصصات شبكات الأمان الاجتماعي المتعلقة بمكافحة الفقر والمساهمة في خلق فرص عمل جديدة والتخفيف من الفقر.. الأمر الذي يشير إلى انعدام الواقعية والرؤية الواضحة لدى بيان الحكومة في رسم إستراتيجية واضحة حول مكافحة الفقر والحد من معدلات البطالة..

ويلاحظ تقرير اللجنة البرلمانية الخاصة بدراسة موازنات الدولة للعام المالي 2014م وفي ما خص سياسات تعزيز واستدامة النمو الاقتصادي التي تضمنها البيان المالي 2014م للحكومة بأن بعضها اتسم بغير الواقعية ومنها تبني سياسات محفزة لتوجيه فوائض المؤسسات والتأمينات والصناديق الخاصة نحو استثمارات ذات إنتاجية عالية.. وهو ما لا يتأتى بحسب التقرير في ظل الصعوبات والتحديات والمخاطر التي تواجه البيئة الاستثمارية وعلى رأسها الجوانب الأمنية والقضائية.

عشوائية

في جانب البطالة توقع البيان المالي للحكومة تراجع معدل البطالة من 34% في عام 2013م إلى 32% في عام 2014م.. حيث يرى التقرير أن المعدلات المشار إليها غير واقعية ولا تستند إلى أساس علمي في ظل تراجع الطلب على قوة العمل نتيجة تواضع وتباطؤ معدلات النمو الاقتصادي في الأعوام الماضية.. وعدم وجود مؤشرات حقيقية لحدوث انتعاش اقتصادية في الأجل المنظور.. نتيجة لعدم استقرار الأوضاع السياسية والأمنية.. والتي تشكل في مجملها بحسب تقرير اللجنة البرلمانية بيئة طاردة للاستثمار.. يضاف إلى ذلك تزايد أعداد الداخلين سنوياً لسوق العمل والعودة الإجبارية والمفاجئة لنحو «135» ألف مغترب بنهاية العام الماضي.. ونوه التقرير بأن البرلمان طلب من الحكومة موافاتها بمؤشرات عرض فرص العمل التي يتوقع أن يوفرها الاقتصاد الوطني خلال العام 2014م لكن يبدو أن ذلك غير متوفر لدى الحكومة.

فقر مدقع

وعلى الرغم من اتساع دائرة الفقر وارتفاع نسبة السكان الفقراء وتنامي ظاهرة انعدام الأمن الغذائي.. فقد لاحظ التقرير تجاهل البيان المالي للحكومة وخلوه من أية مؤشرات وأرقام حول ظاهرة الفقر سواءً في ما يتعلق بعام 2013م أو المعدلات والنسب المتوقعة خلال العام 2014م.. حيث يبين الجدول التالي خطورة وحجم الظاهرة من خلال عرضه لمؤشرات الفقر وانعدام الأمن الغذائي للفترة «2009م - 2014م»..

مؤشرات خطيرة

ويتابع التقرير أنه وعلى الرغم من خطورة تلك المؤشرات التي تضمنها الجدول السابق والذي يبين أن أكثر من نصف سكان اليمن يعانون من الفقر، كما يعاني نحو 43% من السكان من انعدام الأمن الغذائي وتركزه في الريف بنسبة أكبر.. إلا أن التقرير لاحظ تواضع مخصصات شبكة الأمان الاجتماعي «صندوق الرعاية الاجتماعية والصندوق الاجتماعي للتنمية وبرنامج الأشغال العامة» من «112.4» مليار ريال في موازنة العام 2013م إلى «109.5» مليار ريال في مشروع موازنة العام 2014م.

ويظهر الجدول التالي اعتمادات برامج شبكة الأمان الاجتماعي خلال الفترة «2012م - 2014م» مع العلم أن صندوق الرعاية الاجتماعية يقدم مساعدات نقدية مباشرة للفئات الفقيرة في حين يتولى الصندوق الاجتماعي للتنمية وبرنامج الأشغال العامة تنفيذ مشروعات عامة تستهدف إيجاد خدمات أساسية وبني تحتية وفي نفس الوقت يساهم في خلق فرص عمل جديدة والتخفيف من الفقر.

وعليه فقد ألزم تقرير اللجنة البرلمانية الحكومة بتوجيه المخصصات المعتمدة لبرنامج الضمان الاجتماعي للمستحقين من الفئات الفقيرة المعدمة في المجتمع وزيادة مخصصات الحماية الاجتماعية في الموازنات القادمة بهدف التخفيف من الفقر وكذا دعم وتشجيع المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر التي تساعد على توفير فرص العمل والحد من البطالة..

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد