قطع للشوارع وإشعال الحرائق ومواجهات وعشرات الجرحى..

اليمنيون ينتفضون رفضاً للجرعة

2014-07-31 12:47:13 تقرير/ علي الصبيحي

لم يكمل اليمنيون فرحتهم بعيد الفطر المبارك, بل جاء مزدحماً بكثير من الأزمات الاقتصادية التي تكالبت عليه وضيقت الخناق على حياته, لتحل الفاجعة الكبرى في الأيام الأولى من العيد المبارك, وذلك من خلال إقرار الحكومة رفع الدعم عن المشتقات النفطية ورفع سعر البترول والديزل بعد أزمة طالت شهور، لكن المواطن اليمني واجه هذه القرارات بالخروج إلى الشارع وقطع الطرقات في المدن الرئيسية في معظم محافظات الجمهورية رداً على ما أسموه إنهاك المواطن والقضاء عليه من خلال تحميله ما لا يطيق, فنشبت أحداث نتج عنها ضحايا نتيجة إقرار الجرعة على المواطن.. تفاصيل أكثر في التقرير التالي:

 

شهور كثيرة منذ بداية أزمة المشتقات النفطية عاشها المواطن اليمني, لاسيما مادة الديزل والتي أنهكت حياته الاقتصادية في مختلف مناحي حياته, فتأثرت المستشفيات ومازالت جراء أزمة المشتقات النفطية وتعرضت المزارع إلى التلف نتيجة احتكار مادة الديزل وبيعه في السوق السوداء التي كما عانى المواطن اليمني أزمة أخرى وهي الانقطاعات المتتالية للتيار الكهرباء ولا زالت تواصل انقطاعاتها دون أن تعمل الدولة حلاً لذلك..

فعمدت الحكومة في قرارها الأخير بعد تدارس فكرة رفع الدعم عن المشتقات النفطية منذ شهور, فتبلورت فكرة تنفيذ رفع الدعم عن المشتقات النفطية في ليالي العيد, ليكون خبراً يقتل فرحة المواطن يوم عيده, فلجأت السلطات إلى إقرار الجرعة ورفع المشتقات النفطية برفع السعر بنسبة تتراوح بين 65 إلى 100% كخطوة تقول الحكومة إنها ضرورية لدعم الاقتصاد الذي يواجه مشاكل كبيرة يمكن أن تطيح باقتصاد البلد, فلجأت إلى استباق الكارثة, فعمدت إلى إقرار الجرعة وتركت المواطن يتحمل عاقبتها, غير أبهة بمعاناته.

ما بعد الفاجعة

لم يصمت اليمنيون على قرار الفاجعة المتمثل برفع سعر المشتقات, حيث شهدت عدد من محافظات الجمهورية أعمال عنف وشغب حسب نظرة السلطات, غير أن الأمر يختلف كثيراً, فهذا العنف والشغب جاء نتيجة القرار المجحف الذي يراه المواطن فاجعة في حقه وفي حياته اليومية, فقد لجأ المواطنون المحتجون لإحراق إطارات السيارات وقطع الشوارع الرئيسية في المحافظات, الأمر الذي ساهم في إعاقة حركة السير التي بدورها عانى منها المواطن خاصة في اليوم الثالث من أيام العيد, يوم التنزه وزيارة الأقارب.

صنعاء ونتائج الجرعة

أغلقت كل شوارع العاصمة بعد ساعات من وصولهم نبأ إقرار الجرعة, فنزلوا إلى الشوارع الرئيسية, فقطعوا الطرق أمام السيارات من خلال إحراق الإطارات ومنع السيارات من المرور, مما أدى ذلك إلى شلل تام في الحركة المرورية, وقدمت قوات الأمن على تفريق المتظاهرين من خلال إطلاق الرصاص الحي في الهواء.

استغلال

نتيجة لرفع الدعم عن المشتقات النفطية أسرع أصحاب الباصات والسيارات الأجرة لرفع أجرتها على المواطن بنسبة أكبر من المتوقعة, فارتفع سعر أجرة الباص من 50 ريالاً إلى 100 ريال, رغم أن أصحاب الباصات لم يقوموا بشراء البترول بسعرها الجديد وهو 4000ريال.

يتحدث المواطن/عبدالكريم الشوافي لــ "أخبار اليوم" قائلاً: اضطررنا أن ندفع ضعفين لنتنقل في العاصمة لقضاء فترة العيد دون أن يكون هناك رقيب على أصحاب وملاك الباصات والتكسي الأجرة.

ونتيجة ذلك يعارض بعض المواطنين سلوك الباصات في رفع الأجرة على الراكب من خلال نشوب خلافات وعراك بين الركاب وأصحاب الباصات الذين يستغلون هذا الأزمة دون رقيب من قبل السلطات بعد إقرار الجرعة، وآخرون أكدوا بأن السيارات التي تعمل على الغاز هي الأخرى تلجأ إلى رفع سعر الأجرة, رغم أن الجرعة لم تقر رفع سعر الغاز المنزلي, متسائلين: هل تكتفي الدولة برفع المشتقات دون أن يكون هناك رقابة على هؤلاء؟.. فيما عبر أصحاب المنازل عن استياءهم جراء إقرار الجرعة من خلال استغلال بعض المحلات التجارية والمطاعم في رفع منتجاتها, رغم مرور ساعات قليلة على الجرعة, حيث أكدوا أن سعر بعض المنتجات تضاعفت بعد الجرعة وكذا المطاعم التي لجأ أصحابها إلى رفع السعر في كل وجباتهم.

قرابين الجرعة

بعد ساعات قليلة على خروج المحتجين رفضاً لقرار الحكومة في إقرار الجرعة لقيت امرأة مصرعها أمام منزلها بصنعاء شارع كلية الشرطة, جراء محاولة أجهزة الأمن تفريق المحتجين, كما تعرض عشرات المحتجين إلى إصابات, تنوعت ما بين الخطيرة والطفيفة.

في ذات الاتجاه تعرض أطفال في أكثر من حارة من حارات العاصمة لصنعاء إلى أحداث مرورية نقلت بعضها إلى المستشفى, ففي منطقة شعوب بالعاصمة صنعاء أصيبت طفلتان من عائلة واحدة نتيجة صدمة من قبل سيارات أثناء محاولتها تجاوز الإطارات الحارقة, الأمر الذي تفاجأ أمامه مجموعة من الأطفال كانوا يلعبون في ذات الشارع التي تعرضت فيه الطفلتان إلى صدمات نقلتا على إثرها إلى المستشفى, لكنها لم تودِ إلى وفاة الطفلتين- حسب أهالي.

وخلال الشهور السابقة على مدار أزمة المشتقات النفطية توفي عدد من الأشخاص أثناء انتظارهم لتعبئة مادة الديزل في بعض المحافظات.

وقد شهدت العاصمة صنعاء احتجاجات واسعة قطع فيها متظاهرون عدداً من الشوارع الرئيسية بعد أن أصدرت شركة النفط اليمينة تعميماً بالأسعار الجديدة, ليرتفع سعر دبة البترل20 لتراً من 2500 ريال إلى 4000 ريال, والديزل إلى 3900 ريال بدءً من يوم أمس.

عذر أقبح من ذنب

وزير الدفاع علق على قرار الحكومة في رفع الدعم عن المشتقات النفطية, مبرراً أن الجرعة تأتي مناهضة وتضييق الخناق أمام المهربين والمتنفذين والجماعات والشركات الأجنبية, مضيفاً بأن الجرعة هي خطوات ضرورية لدعم الاقتصاد.. موضحاً: كان الدعم يذهب لمهربي المشتقات النفطية وجيوب المتنفذين والجماعات والشركات الأجنبية, في حين لا يستفيد منه المواطن العادي سوى الفتات.. فيما يرى مسؤولون أخرون أن رفع الدعم عن المشتقات النفطية جاء بعد اتفاق كل القوى السياسية, وذلك لتجنيب الوطن من كارثة اقتصادية لا يحمد عقباها.

محافظة تعز والجرعة

محافظة تعز هي الأخرى شهدت أعمال عنف وشغب واحتجاجات واسعة دفعت الدولة إلى إنزال قوات أمنية لمكافحتها وتفريقها, حيث قام المحتجون في تعز بقطع أغلب شوارع مدينة تعز رداً على إقرار الجرعة التي زادت من سعر البترول والديزل.

شراسة المحتجين في تعز زادت من قوات الأمن, حتى إنهم كلما فرقوا مجموعة محتجة ظهرت أخرى وحتى وقت متأخر من الليل ظل المحتجون في شوارع المدينة قاطعين الطرق ورجوعهم تارة أخرى بعد ذهاب القوات الأمنية.

وفي سياق متصل قام أصحاب وملاك الباصات والسيارات بإغلاق شوارع المدنية وإحراق الإطارات احتجاجاً على زيادة سعر البترول والديزل, مما تسبب في شلل تام في المواصلات وغياب حركة المرور.

مواطنو محافظة تعز تذمروا كثيراً من الحكومة جراء هذا القرار الذي اعتبروه جريمة ترتكبها الدولة في حق المواطن المسكين, بينما العابثون من المسؤولين والفاسدين مستفيدون من هذا القرار.. وطالبوا الحكومة بمراعاة الأحوال السيئة التي يمر بها المواطن وإعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل الجرعة والتراجع عن قرار الحكومة في رفع الدعم عن المشتقات النفطية، مؤكدين في ذات الوقت استمرار الاحتجاجات حتى تتحقق مطالبهم.. فيما طالب أخرون في مدينة تعز, وخاصة المواطنين والطلاب والموظفين, بوضع حد لوسائل النقل التي تحاول رفع الأجرة عليهم بشكل جنوني.

ما حدث في الحديدة

لم يتأخر المواطن في الخروج إلى الشارع بعد إقرار الجرعة, فخرج المئات إلى شوارع الحديدة وقاموا بأعمال شغب وعنف كانت واضحة من خلال كسر بعض اعمدة الكهرباء أمام بعض المحطات البترولية ،أضف إلى محاولتهم إحراق بعض المحطات تنديدا بقرار الحكومة في إقرار الجرعة.

الجاهزية في المحويت

اللجنة الأمنية في محافظة المحويت توجهت بسرعة إلى عقد لقاء أمني موسع لمواجهة تحديات ما بعد الجرعة, حيث أكد وكيل المحافظة المساعد حمود شملان أن اللجنة الأمنية أقرت في اجتماعها رفع اليقظة والجاهزية لمختلف الأجهزة والوحدات الأمنية لضبط الحالة الأمنية وتحقيق الاستتباب الأمني اللازم على مستوى المحافظة وعموم المديريات ومنع أي أعمال شغب أو أعمال تخريبية من شأنها الإخلال بالأمن والاستقرار واستهداف الممتلكات العامة أو الخاصة- حسب قوله.

جاهزية ذمار ولحج

محافظة ذمار هي الأخرى أقرت لجنتها الأمنية في اجتماعها برئاسة المحافظ/ يحيى العمري تعزيز الإجراءات الأمنية الاحترازية ورفع درجة الجاهزية الأمنية تحقيقاً للأمن والاستقرار ومواجهة أعمال الشغب التي قد يلجأ إليها المواطن بسبب الجرعة ومن أجل منع استهداف المؤسسات الحكومية والعامة, مبررة أن أعمال الشغب التي يقوم بها المواطن تعد عملاً ينتمي إلى دعوات مشبوهة مهمتها النيل من البلد والإضرار بمصالحها.

 محافظ لحج احمد المجيدي شدد في اجتماع اللجنة الأمنية على الوحدات الأمنية والعسكرية بالمحافظة تأمين شوارع المدن الرئيسية ومحطات الوقود والناقلات المحملة به والعابرة فيها تفادياً لأية فوضى أو أعمال شغب .

تصريحات اقتصادية

اقتصاديون أكدوا أن إن قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية سبق أن اتخذته الحكومة ووعدت المانحين بذلك قبل شهور من الجرعة, منوهين بأن هذا القرار ينبغي أن تتبعه إصلاحات حقيقية تعود فائدتها على المواطن مع محاربة الفساد, مبدين خشيتهم من ذهاب هذا الدعم إلى المتنفذين والفاسدين, خاصة وأن البلد تعاني عجزاً كبيراً في الميزانية والدين العام وتراجع احتياط النقد الأجنبي, ناهيك عن انخفاض الإيرادات العامة.

وحذر الاقتصادي "مصطفى نصر", رئيس مركز الدراسات والاعلام الاقتصادي, من عدم معالجة الإصلاحات والمشاكل الاقتصادية وتحسن الإنفاق على التعليم والصحة والطرق، ومعالجة مشكلة الطاقة, وإلا فإن شريحة الفقراء ستتكبد كل هذا الفشل وتبعات هذه الجرعة, وبالتالي لن يقف الناس مكتوفي وسيحل غضب الناس على الحكومة.

ما بعد الجرعة؟!

من جانبهم تساءل اقتصاديون وخبراء ومواطنون عن النتائج المتوقعة لما وراء الجرعة, وما هي الخطوات القادمة لتفادي تفاقم الوضع على المواطنين, كما تساءلوا: هل ستنتهي لعنة الأزمات المتتالية على المواطن وننتقل إلى وضع اقتصادي يحقق الأمان والاستقرار للمواطن ما بعد رفع الدعم, أم أن الوضع سينتقل إلى أسوأ في ذهاب هذا الدعم إلى المتنفذين والفاسدين وليس للمواطن؟.

فيما طرح اقتصاديون تساؤلاً آخر: ما هي الخارطة الناجحة التي ستفرضها الدولة لمعالجة الصعوبات والتحديات أمام الاعتداءات المتواصلة على أنابيب النفط والتي أوصلت الدولة إلى إقرار الجرعة لتعويض الميزانية الضخمة التي هدرت نتيجة هذه الاعتداءات التي لم تستطع الدولة وضح حد للمخربين, إضافة إلى الاعتداءات المستمرة على التيار الكهربائي الذي بدوره يرتبط ارتباطاً كاملاً باقتصاد البلد وحياة المواطن؟.. مع العلم أن اليمن تعتمد على ميزانيته السنوية على النفط بنسبة 70 %, الأمر الذي يحتاج من الدولة تأمين هذا القطاع, لأن اقتصاد البلد يعتمد عليه مع غياب الخطط والاستراتيجيات للانتقال إلى موارد أخرى تقف قوية بجانب القطاع النفطي الذي يرى الاقتصاديون أن البلد يمكن رفده بالكثير من الموارد المتاحة الموجودة في حال وجدت الارادة القوية والخالية من الفساد والمتنفذين.

صعوبات

ومن الصعوبات التي تواجه عملية الإصلاح ما بعد الجرعة تواصل الاعتداءات على أنابيب النفط , فقد تعرض أنبوب نقل النفط الخام في منطقة العرق بوادي عبيدة بمحافظة مأرب للتفجير, حيث أشارت مصادر أمنية إلى أن مسلحين قبليين، قاموا يوم أمس بتفجير أنبوب نقل النفط الخام في منطقة العرق بمأرب.. وتؤكد المصادر نفسها أن هذا الاعتداء يأتي رفضاً لرفع الحكومة الدعم عن المشتقات النفطية.

 


اليمن في حضرة المستحيلات "العنقاء والخل الوفي"..

حكومة تقتل شعبها


يقولون(الغول- والعنقاءـ والخل الوفي) هم الثلاثي العجيب وغير المتجانس وهي من المستحيلات إذا يستحيل وجودهم مجتمعين مع بعضهم البعض) وهذا هو حال اليمن اليوم وهي تخوض نضالا يوميا عسيرا يهمش حياة الآلاف من اليمنيين ويضعهم على الهامش المنسي لتزداد مرارة الحياة التي تعصف بالجيل الجديد أطفالا وشبابا وشيوخا بالتهميش والإلغاء وضياع الفرص والوعود والآمال وها هي الجرعة الأخيرة تبدد كل أمل مواطن تطلع إلى تغيير حياته نحو الأفضل وظن أنه سيودع الغربة المريرة والهوان وسيلغي فصلاً من ماضيه الذي كان مسورا بالفقر والحرمان والمعاناة إلا أنه اكتشف بأن ماضيه ذاك كأسطورة طائر العنقاء الوحيد الذي لا ينقرض ولا يموت بل يجدد نفسه بنفسه حين يحترق ومن رماده ينبثق عنقاء جديد.


لم يتم اليمنيون فرحتهم بعيد الفطر المبارك لهذا العام حتى باغتتهم الحكومة بفاجعة مدوية, حيث أصدرت شركة النفط اليمنية مساء الثلاثاء تعميماً لمحطات الوقود الحكومية والخاصة، في محافظات الجمهورية، يقضي ببيع الوقود بأسعاره الجديدة.

وكانت مصادر متعددة كشفت عن إقرار شركة النفط اليمنية زيادة على أسعار المشتقات النفطية، من المقرر أن يبدأ سريانها أمس الأربعاء.

وحصلت "أخبار اليوم" على نسخة من تعميم شركة النفط، الذي يتبين من خلاله أن الأسعار الجديدة هي كالتالي: 4000 ريال (الدولار 214 ريالاً) لغالون البنزين سعة 20 ليتراً، بزيادة 1500 ريال عن السعر السابق، و3900 ريال لغالون الديزل (السولار) بزيادة 2400 ريال، أي بمعدل زيادة يتجاوز 150 في المائة عن السعر السابق للديزل.

ويأتي قرار الحكومة اليمنية بعد أزمة خانقة في المشتقات استمرت لأشهر، وتسببت في مقتل العديد من المواطنين جراء مشاجرات أمام محطات الوقود.

ونقل عن مسئولين في وزارة التخطيط قولهم إن الزيادة تأتي استجابة لضغوطات المانحين الدوليين الذين اشترطوا تنفيذها مقابل إطلاق المساعدات.

وكان الرئيس اليمني/ عبد ربه منصور هادي، أكد- في خطاب عشية عيد الفطر- عزم الدولة “المضي بالإصلاحات الاقتصادية، وزيادة واردات الحكومة النفطية وغير النفطية.

مراقبون أفادوا- في تصريحات لهم- بأن رفع الدعم عن المشتقات النفطية وإقرار الحكومة جرعة سعرية جديدة كانت قد ظهرت بوادرها مع بداية حلول شهر رمضان بعد أن قامت الحكومة بطبع 10 مليارات ريال بدون غطاء بالدولار أو الذهب واحتمال رفع سعر الدبة البترول إلى 3500 ورفع مادة الديزل 2500, موضحين بأن الحكومة إنما أقرت الجرعة في أول يوم في رمضان وذلك لكي تتجنب رده فعل الشارع اليمني الذي سيكون منهكا بسبب الصيام حسب تعبير المراقبين .

أسباب الجرعة

من جانبها أكدت مصادر اقتصادية أن الحكومة أقرت جرعة سعرية جديد بعد أن انتهت من المباحثات التي أجرتها مع صندوق النقد الدولي في رفع سقف التمويل الذي يقدمه الصندوق لليمن من 460 مليون دولار إلى 560 مليون دولار مع تحفظ الصندوق على تقديم أي دعم خلال الفترة الحالية حتى تتبنّى حكومة الوفاق إصلاحات اقتصادية (سعرية) جديدة.

ولفتت المصادر إلى أن الحكومة اليمنية كانت قد قامت بطبع 10 مليارات ريال يمني دون غطاء نقدي بالدولار أو الذهب, الأمر الذي أفقد العملة اليمنية قيمتها, سيجبر الحكومة على رفع الأسعار, مشيرة إلى أن حكومة الوفاق قد قامت بالاستعانة بحكومة الولايات المتحدة لإقناع الصندوق لسحب 50 % من إجمالي المبلغ المخصص لبرنامج دعم اليمن الذي يتبناه الصندوق من أجل تمويل العجز في الموازنة, حيث وأن الضغوطات لازالت مستمرة على حكومة الوفاق الوطني من قبل صندوق النقد الدولي لتنفيذ إصلاحات اقتصادية ومالية كان آخرها ما صرح به سابقا الممثل المقيم لصندوق النقد الدولي في بلادنا الدكتور غازي شبيكات, حيث قال إن خفض مديونية الحكومة للبنك المركزي يتطلب تنفيذ إصلاحات اقتصادية ومالية.

وطبقا لما أوردته وكالة سبأ للإنباء فقد توقع أن تقوم الحكومة اليمنية بتخفيض مديونيتها للبنك المركزي بما يتلاءم مع المستوى الذي يحدده قانون البنك، خاصة مع قيام الحكومة عام 2011م بالاقتراض متجاوزة الحد المسموح به وأن ذلك كان اضطراريا على خلفية الأوضاع المالية الصعبة التي مرت بها موازنة الدولة بفعل الأوضاع الأمنية والسياسية غير المستقرة والتي أثرت على قدرة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها المالية جراء التدهور الكبير الذي تعرضت له الإيرادات العامة.

 وأشار إلى استمرار النقاش مع الحكومة لخفض مديونيتها للبنك المركزي وأنها لم تبد رفضها في هذا الجانب.

وشدد شبيكات على أهمية أن تقوم الحكومة بخفض عجز الموازنة من خلال زيادة الإيرادات المحلية وترشيد الإنفاق العام والحصول على تمويل اجتبي ميسر لتغطية أي فجوة تمويلية وبما يمكن الحكومة من تجنب الاقتراض من البنك وتسديد مديونيتها.

ونوه إلى أنه لا توجد مؤشرات حالية تبعث على القلق من أداء الاقتصاد اليمني وإن كان يمر بحالة تعافي بطيئة، كما أن الحكومة لم تطلب أي قروض جديدة من البنك المركزي منذ نهاية 2011م, لكن مديونيتها للبنك ظلت عام 2012م كما هي عليه في عام 2011م وان كانت قد شهدت انخفاضا بسيطا لكن الرصيد الباقي ما يزال مرتفعا، حيث حقق معدل نمو وصل الى6ر2 %العام الماضي بعد انخفاضه 11 % عام 2011م فضلا عن انخفاض معدل التضخم بشكل واضح إلى نحو 6 % ونمو احتياطيات البنك المركزي من النقد الأجنبي.

 في ظل التخريب

وفي سياق متصل ما زالت الاعتداءات المتكررة على أنابيب النفط والغاز وخطوط نقل الطاقة الكهربائية, تحديا كبيرا أمام الحكومة في مقدرتها على الإيفاء بالتزاماتها المالية، حيث تقدر خسائر الحكومة جراء هذه الاعتداءات خلال الفترة الماضية من العام الحالي بحوالي 480 مليون دولار، أي ما يعادل 101 مليار ريال يمني.

ليبقى الأمر محل رهان في مقدرة الحكومة على تنفيذ هذه الإصلاحات في الفترة الراهنة خاصة في ضل الأوضاع الاقتصادية والمالية والمعيشية للمواطنين، حيث يعيش أكثر من نصف السكان تحت خط الفقر .

جعالة العيد جرعة

 يبدو أن المواطن اليمني- الذي أصبح متخما بالجرع التي تزيد حياته اليومية سوءا و ضيقا في ظل فقر متزايد وبطالة متصاعدة لتأتي الحكومة اليمنية بهديتها وجعالتها العيدية للشعب اليمني بتنفيذ جرعة جديدة في المشتقات النفطية قد تنعكس على مختلف السوق اليمنية وأسعار المواد الغذائية في ظل الفساد الإداري وعدم الرقابة والضبط.. وقررت الحكومة اليمنية تنفيذ زيادة سعرية على المشتقات النفطية الاستهلاكية بمقدار 4000 ريال (الدولار 214 ريالاً) لغالون البنزين سعة 20 ليتراً، بزيادة 1500 ريال عن السعر السابق، و3900 ريال لغالون الديزل (السولار) بزيادة 2400 ريال، أي بمعدل زيادة يتجاوز 150 في المائة عن السعر السابق للديزل.. وهو ما جعل من مواطنين يرددون (ملعون في دين الرحمة من يسجن شعباً.. من يخنق فكراً؛ ملعونة هي حكومة الوفاق ومن وافق على تنفيذ الجرعة ) .


البرفسور العسلي لأخبار اليوم:

أموال رفع الدعم ستذهب لتمويل الفساد في اليمن مشروع عصابة وليس مشروع دولة

 

أكد وزير المالية الأسبق والخبير الاقتصادي البارز البروفيسور/ سيف العسلي أن الحكومة والنظام لم يكونا موفقين في القرار الصادر أمس بتحرير أسعار المشتقات النفطية، مشيراً إلى أن ذلك سينعكس عليهما سلباً وأن القرار قد صاحبته أخطاء عديدة فنية وسياسية.

وقال العسلي:" للأسف الشديد أن النظام أطلق رصاصة العذاب على الشعب متوقعاً أن يرد عليه شعبه برصاصة الرحمة وأن هذا لن يؤدي إلى التناسق"، مشيراً إلى أن هنالك مشروع عصابة وليس مشروع دولة وأن ساعة محاسبة النظام قد اقتربت وأن اليمن أول دولة في العالم تتحول إلى مصاص دماء.. مضيفاً:" إن أموال رفع الدعم عن المشتقات النفطية ستذهب لتمويل الفساد ولن تذهب إلى التنمية"، مقدماً في السياق ذاته نصيحة للدولة والحكومة.

وفي اتصال هاتفي أجرته "أخبار اليوم" مع البروفيسور العسلي مساء أمس لقراءة القرار الحكومي الجديد برفع الدعم عن المشتقات النفطية من حيث المصوغات والأهداف والأبعاد والدلالات والنتائج؛ قال العسلي:" للأسف الشديد وجدنا أن هذا النظام قد أطلق رصاصة العذاب على شعبه متوقعاً أن شعبه سيرد عليه برصاصة الرحمة، هذا لا يؤدي إلى التناسق بين فعلين، فقد تم هنا اتخاذ القرار ولازمه ارتكاب أخطاء عديدة وسلبيات أهمها أخطاء فنية والمتمثلة في عدم إيجاد جهة واحدة تشرف على عمليات المشتقات النفطية استيراداً وتصريفاً وبيعاً في الآلية الحالية هناك تشارك بين ثلاث جهات على الأقل مرتبطة بالمشتقات النفطية وهي وزارة المالية وشركة مصافي عدن وشركة النفط، وفي ظل عدم وجود آلية تضمن توفير الكميات المطلوبة للأسواق لتناقض اختصاصات هذه الجهات، وهناك عملية حساب بين نفقات النفط من المناطق القريبة من الموانئ والمناطق البعيدة، ووجدت آلية لتغيير السعر وبالتالي التغير بالأسعار الدولية, وبالتالي فإن هذا سوف يؤدي إلى بؤر فساد جديدة، وتحميل المواطن أعباء مادية أكبر من السعر الدولي، كذلك لازم توقيت القرار خطأ سياسي والمتمثل في عدم مراعاة أوضاع الناس الحالية وخصوصاً بعد شهر رمضان وعدم وجود تصور لدى صانعي القرار إلى أين ستذهب هذه الموارد والعائدات؟!".

وأشار العسلي إلى أن المواطن هو من سيتحمل عبء الزيادة السعرية وأنها ستصل إلى أيدي الفساد، وبذلك فإني أعتقد أن الحكومة والنظام لم يكونا موفقين في هذا الأمر, وبالتالي فإنه سينعكس عليهم سلباً وسوف يؤدي إلى إسقاطهم عاجلاً أو آجلاً, والشعب يصبر ويصبر ولكنه لا يوهن وربما أن ساعة محاسبة هذا النظام قد قربت ولكنا لا نتمنى له هذا المصير, ولكن النظام والحكومة هم من اختاروا لأنفسهم ذلك.

وأكد العسلي أنه لا يوجد سعر دولي موحد للمشتقات النفطية في العالم, لأن هذا السعر يعتمد على عوامل كثيرة منها منابع خام المشتقات وبعدها أو قربها من المصافي وبعد مناطق الاستيراد أو قربها من الموانئ، ولا يوجد هناك سعر دولي محدد والأسعار الدولية متفاوتة، هناك سعر دولي للمشتقات في ميناء التصدير وسعر دولي للمشتقات في ميناء الاستيراد، لكن الأسعار تختلف في ظل وجود منافسة وسوق وعرض وطلب, وبذلك لن يكون هناك تحرير واحتكار للسعر من الدولة, فهذا ضد الاقتصاد وضد المنطق وضد الإدارة.

وأشار العسلي إلى أن الحكومة هذه ستفاجأ بخطأ قرارها وأنها واهمة و لن تجني الشيء الكثير من هذه الزيادة, لأنها فقط حاولت أن تعاقب مواطنيها ومعظم هذه الموارد ستذهب إلى أيدي الفساد المتمثل في هذه الشركات وشركات القطاع الخاص الناقلة والمحطات وإلى خزينة الدولة التي لا تريد استخدام هذه الأموال في التنمية وعمليات الضمان الاجتماعي؛ بل إن هذه الأموال ستذهب من أجل تمويل الفساد والمواطن المسكين سيتحملها والوطن سيحصد.

ولفت العسلي :"أنصح الحكومة أولاً أن يصدروا قانوناً منظماً وشروطاً لعمليات استيراد وبيع وتوزيع المشتقات النفطية, بما في ذلك دخول القطاع الخاص, وبما يراعي ضمان المنافسة ووجود مخزون استراتيجي, وأن لا يكون هناك غش في الكميات، ثم بعد ذلك يمكن تحويله إلى القطاع الخاص لفترة، فإن نجح فانه يمكن أن يكون التحرير وفقاً للنتائج, فإن تم رفعه بمقدار ولمس المواطن عائدات ذلك انعكست عليه.. معتبراً أن القرار متسرع وقال:" أن يكون هذا بهذه السرعة القياسية ويتم تحريره بهذه السرعة وبأكثر من الأسعار الدولية, خاصة في ظل مجتمع فقير ولا يوجد ضمان اجتماعي ولا يوجد دعم لأي سلعة".. مضيفاً أن أميركا تدعم مواطنيها وكل الدول تدعم مواطنيها وهنا ستكون اليمن أول دولة في العالم لا تدعم مواطنيها أبداً وتبتزهم وبالتالي تتخلى عن مسئوليتها في معالجات الفقر والمعوزين وتتحول إلى مصاصة دماء في العالم، أول دولة تتحول إلى مصاصة دماء في العالم.. هذا مشروع العصابة وليس مشروع دولة.

وأردف العسلي:" الشعب سيد نفسه وأنا لست وصياً عليه ولا أحرضه ولا أحدد له ما يريد, وأنا أقول كلامي هذا كخبير للشعب وإن قبل هذا خياره وإن رفض فهذا خياره".

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد