في ظل الاضطرابات السياسية والجرعة الأخيرة..

التربية والتعليم.. هل ستقتل الأجيال في عامهم هذا؟

2014-09-09 14:33:06 تقرير/ علي الصبيحي

"هناك في وزارة التربية والتعليم، الفشل سيد الموقف.. لم يحدث أي جديد بعد, فالوزارة ترقب هلاك الأجيال جيلاً بعد جيل"..

هكذا يصف تربويون حقيقة التعليم في اليمن، والجميع يسأل: هل ستغرق الأجيال أيضاً في وحل التخلف والأمية في أعوامهم القادمة ؟, أم أن ذلك التساؤل لا يتطابق مع الحقيقة في الوزارة والتي سجلت لطلابها نجاحات وانتصارات وهمية في شهادتي المرحلة الأساسية والثانوية بنسب مرتفعة ومعدلات عالية على هيئة شكل ذات مضمون فارغ بعد أن ثبتت حالة الغش وتسريب أسئلة الامتحانات وفتح باب التحقيقات فيها والتي لم تعلن بعد نتائجها للرأي العام؟!..


لم يسلك قرار منح الطلاب الشهادات الرسمية " الأساسية والثانوية" العام الماضي طريقه إلى الصواب, فكل ما جرى لا يتجاوز الشكل وذلك من أجل تسيير العملية التعليمية لينقضي معها عام دراسي ويبدأ بعده آخر, تظل جميعها لا معنى ولا قيمة لها في سجل المفاهيم والقيم التعليمية والتربوية الضائعة في بلادنا.
انتاج الضياع

أجيال تغدو وأجيال تروح يتخرجون تباعاً بمعدلات عالية وتحصيل علمي متدنٍ لا يتيح لهم أدنى الفرص المستقبلية لبناء قدراتهم وتقويم كفاءاتهم لتنتج لنا التربية والتعليم في كل عام أجيالاً ضائعة؛ هم نتاج انعكاس الأوضاع السياسية والاقتصادية, اشتدت سوءاً هذا العام أكثر مما كانت عليه وهو ما سيقلل من نسبة إصلاح العملية التعليمية في ضوء الزيادات الجديدة في أسعار المشتقات النفطية وغلاء المعيشة .

وهكذا تبدو التربية والتعليم تسير بسرعة المستميت نحو الهلاك بعدما سدت كل المنافذ أمامها وغابت إلى الأبد عملية الإصلاح الجذري للمنظومة التعليمية.

وقال تربويون: إن التعليم في بلادنا كغيره من القضايا الشائكة والأكثر تعقيداً مع ماله من أهمية وتأثير في كل قضايا المجتمع ومشكلاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية والأمنية والتنموية, باعتبار التعليم البوابة لحل كل تلك المشاكل والذي بدونه تبقى المشاكل عالقة لأنها في الأذهان, مشيرين إلى أنه يجب أن تصفى العقول والأذهان من تلك الشوائب التي تعيق اليمن من السير نحو المستقبل والنهوض والتطوير وإحداث نهضة حقيقية لليمن, كما هو لدى الدول الأخرى, التي عملت على تنمية البشر قبل الحجر, باعتباره الهدف الرئيسي للتنمية الحقيقية, مشددين على ضرورة النأي بالتعليم عن المكايدات السياسية.
اختلالات

شهدت العملية التعليمية في بلادنا اختلالات كبيرة منذ بداية العام الدراسي 2013م وفي كل المراحل والمستويات الدراسية؛ تمثلت في ضعف الإمكانات المتوفرة لدى الحكومة والوزارة والأداء التعليمي للبنى التحتية وضعف التأهيل للمعلم مع غياب الكوادر القيادية والإدارية في مكاتب التربية وفي المدارس التي أكد تربويون أنها أضحت تفتقر للبيئة التعليمية الملائمة ابتداءً من المنهج وانتهاءً بالمعلم والفصل الدراسي.

يأتي ذلك في ظل غياب الرقابة- حسب تعبير التربويين الذين لفتوا إلى أن كل المؤشرات والدلائل باتت تؤكد انهيار المنظومة التربوية والتعليمية- التي تجلت بوضوح خلال العام الماضي الذي اختتمته التربية والتعليم بواقعة تسريب أسئلة الاختبارات للشهادة الثانوية.

وهو ما وصفه مستشار وزارة التربية والتعليم ورئيس النقابة الوطنية للتعليم العام د/ عبد الرحمن الصباري بأن واقعة تسريب أسئلة الامتحانات جريمة مؤلمة وخيانة وطنية في حق التعليم والوطن, مشنعاً من جرمها وخطورتها والذي قال إنها أخطر من الإرهاب المسلح بل هو إرهاب فكري وثقافي وعلمي ضد مستقبل الوطن وأنها أكبر جرم من قطع الطرقات وضرب أبراج الكهرباء وتفجير أنابيب النفط, باعتبارها تقضي على آمال وطموحات جيل بأكمله أقدم عليها من أطلق عليهم ضعفاء النفوس.

وحمّل مستشار وزارة التربية والتعليم حمّل الوزارة المسؤولية الكاملة إزاء ما حدث, مطالباً إياها إعلان نتائج التحقيقات للرأي العام, لافتاً إلى أنه ليس من مصلحة القيادة في الوزارة إخفاء نتائج التحقيقات والتستر عن المخلين بالعملية التعليمية.

يقول الصباري: إن وضع التعليم في اليمن بحاجة إلى ثورة حقيقة في البنى التحتية الشاملة وفي المفاهيم والسياسات لانتشال التعليم من واقعه الحالي, لافتاً إلى أن مشاكل التعليم في بلادنا هي عبارة عن تراكمات أثرت في مجملها سلباً على التعليم لتصبح دولة متأخرة مقارنة مع الدول المجاورة في المجال العلمي, مشدداً على ضرورة أن يتضمن الدستور الجديد نص التحريم والتجريم للممارسة الحزبية في المؤسسات التعليمية والتربوية والتي لا يجب أن تخضع للتقاسم الحزبي و يجب أن تكون بمنأى عن التدخلات السياسية- حسب تعبيره.
تخبط

من جهتهم حذر تربويون من استمرار تخبط المنظومة التعليمية وغياب الخطط والاستراتيجيات العصرية الحديثة المرتبطة بعملية التنمية الشاملة وبناء الإنسان, لافتين إلى أن مرتكز ذلك هو التعليم الذي يعد بمثابة العمود الفقري لأي نهضة حقيقة لإحداث التطور والنماء في الأوطان.

وشدد تربويون على ضرورة تغيير النظرة السلبية لدى الأجيال تجاه التعليم ومخرجاته وتفعيل دور الرقابة على العملية التربوية والتعليمية ووضع آلية آنية لوقف ما أسموها بالمهزلة التعليمية والتي قالوا إنها أطاحت بعرش التعليم وأفقدته قيمته ومكانته في المجتمع الذي أصبح اليوم متفككاً خالياً من المفاهيم والقيم بسبب مخرجات التعليم.

ولفتوا إلى أن الكل شريك في العملية التربوية والتعليمية, باعتبارها عملية تكاملية, محملين وزارة التربية والتعليم ومكاتبها في المحافظات والمديريات المسؤولية الكبرى لما يحدث للتعليم اليوم, مطالبين بضرورة اتخاذ تدابير جديدة وطرق بديلة لتلافي أوجه القصور ووقف الاختلالات التي شهدتها العملية التعليمية والتربوية العام الماضي وكان لها الأثر السلبي على مستقبل الأجيال وعلى الوطن والمجتمع.
تحذيرات ومناشدات

ودعوا إلى تضافر الجهود ابتداءً من الأسرة والمجتمع مروراً بالمدرسة والمعلم وانتهاءً بمكاتب الوزارة في عموم المحافظات والمديريات للعمل على انتشال التعليم من وضعه الحالي, محذرين من خطورة تجاهل الأمر لما له من مخاطر جمة تنعكس سلباً على الحياة العامة والمجتمع الذي أكدوا بأن تساقط القيم وانهيارها في نفوس الأجيال يجعل من مصيرهم هدفاً سهلاً أمام الإرهاب والفكر التطرفي الذي بات يهدد المجتمعات بأبنائها مستغلاً البطالة والفراغ و تفشي الجهل والأمية ليجعل منها وسائل مضادة لانحراف السلوك وتنامي الإجرام بشتى أشكاله.

ونوهوا إلى أن ذلك يسير في خط متواز مع انتشار وسائل التكنولوجيا وتطروها والتي باتت أدوات في أيادي الأجيال تسيء استخدامها, مما يجعل منها أدوات هدامة تؤثر وبشكل كبير ومتسارع في هدم القيم والمبادئ وتساهم في نشر الرذيلة وتفشي الظواهر المخلة بسلامة وأمن المجتمع.

ويناشد تربويون منظمات المجتمع المدني وخطباء وأئمة المساجد والنخب المثقفة والقيادة وكافة الأحزاب والتنظيمات السياسية ووسائل الإعلام, سرعة تدارك الأمر واستشعار خطورته والمساهمة في وقف المد الجارف للمنظومة التربوية والتعليمية.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد